Take a fresh look at your lifestyle.

زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) دراسة وتحليل

0 2٬044
             من الملاحظ ان الكثير من الكتاب والباحثين قد الفوا وحققوا العديد من الكتب التي تناولت ثورة الامام الحسين(عليه السلام) وعلاقتها بأرض الطف المقدسة وكيف احتوى ذلك الثرى المقدس على الاجساد الطاهرة التي ما ان امسى مساء عاشوراء الخالدة حتى باتت قرابين لله عز وجل انتصارا للحق على الباطل، وبأسمى ايات الجهاد والتضحية والفداء،
             فقد عرف التاريخُ كربلاءَ، لانها دخَلَته مِن أوسع أبوابه، وخلَّدَتها أعظمَ ملحمةٍ بطوليّة بين الخير والشرّ، فإذا حقّق أهلُ الشرّ نصراً مزعوماً موهوماً فقد تَلاشى بعد فترةٍ قصيرة، فإنّ الدماء الزكيّة التي سالت على ذلكم الثرى المعطاء ظلّت مناراً للحق هادياً يؤتي ثمرَه كلّ حين..
            وما انقراض دولة الامويين (دولة الظلم والفجور) إلاّ أثر من آثارها. وهكذا يبقى سيد الشهداء(عليه السلام) منارا يهتدي به أصحاب الفضيلة وسالكو العدل والحريّة، وقوة تقضّ مضاجع المجرمين والطغاة وتنغّض حياتهم في كل زمان ومكان، فتارةً يهرعون إلى قبره الشريف بالهدم والتخريب، واخرى يضيّقون على زائريه بالإرعاب والتنكيل، لكنّ تلك المواقف كلَّها ذهبت أدراجَ الرياح، فلم يجن أصحابها إلاّ الخيبة والخسران والذل والهوان،.
            بيد ان الروايات المستفيضة والتي ذكرتها كتب الخاصة والعامة اشارت وبقوة الى الاستحباب الاكيد في زيارة قبور الائمة المعصومين بأجمعهم(عليهم السلام) وخاصة قبر سيد الشهدء وأبي الاحرار الحسين بن علي(عليهما السلام) في كربلاء المقدسة والثواب المنقطع النظير الذي يتلقاه الزائر لقبره الشريف، اذ لاريب ان تلك الروايات تناولت زيارة مرقد أبي عبد الله(عليه السلام)، اذ تتعدد المناسبات التي حددها الشارع المقدس لزيارته(عليه السلام) على مدار السنة،
              فقد ورد استحباب الزيارة في يوم عاشوراء والاربعين والاول من رجب والنصف منه والنصف من شعبان وليالي القدر وليالي الجمعة وغيرها، كما افرد العلماء الاعلام لكل منها مقاما خاصا وفق ما روي عن اهل بيت العصمة(عليه السلام)، وبذلك فان عددها يفوق عدد الزيارات الاخرى للائمة المعصومين(عليهم السلام)، كما ان الاثر المترتب على ذلك امتاز عن الأثر المترتب على الزيارات الاخرى للمعصومين(عليهم السلام).
               ومن الطاقات التي وظفها أئمة آل البيت(عليهم السلام) في تأبين وتخليد واقعة الطف هي طاقة التجمع أو الحشد الجمعي كون تلك الواقعة غير عادية وليست مأساة مرت وذهبت بل هي نزاع وصراع دائمين ودائبين بين الحق والباطل ومعسكر الخير والشر، ومن هنا فقد جرى قلم القضاء ان تبقى هذه الجذوة العاشورائية حية ومتحركة في قلوب المؤمنين.
               كما ان من عوامل بقائها وخلودها هو الاهتمام المستمر لأهل البيت بالتكثير في زيارات الإمام الحسين(عليه السلام) كما اسلفنا ولعل هذا الحشد الجماهيري الذي وضع أسسه الأئمة(عليهم السلام) هو بلا شك يعطي للفرد الزائر طاقة إيمانية وتعبئة ثورية تستثمر في احياء النهج الذي اختطه سيد الشهداء(عليه السلام)،
              فالسلوك الجمعي كفيل باعطاء زخم لعجلة المسيرة الحسينية، وهذه التظاهرة الحاشدة في كل زيارة هي تحدي وشجب للظلم والظالمين.
             ولما كان للزيارات المتكررة للإمام الحسين(عليه السلام) في المناسبات المتعددة دور في تخليد واقعة الطف وديمومتها وفق المبدأ القائل: (كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء) نرى الأئمة(عليهم السلام) قد أولوا اهتمامهم الكبير في تشجيع وتحشيد اتباعهم لزيارة الحسين(عليه السلام)، لأن فيها نشر لظلامتهم.
              كما ان أول من استخدم هذا الأسلوب الإمام السجاد(عليه السلام) في الثالث عشر ن المحرم حينما دفن تلك الأجساد الطاهرة، وتجدد الامر مع عمته زينب(عليها السلام) وعيالات آل الرسول(صلى الله عليه وآله) حينما أقاموا العزاء في أول زيارة لهم للحسين بعد 40 يوماً من المجزرة الكبرى والواقعة الدموية العظمى،
           ولقد وظف أئمة الهدى(عليهم السلام) اتباعهم لزيارة الحسين بشكل عجيب ومثير للغاية، وما عمل المتوكل العباسي حينما كان يقطع الرؤوس ويقلع النفوس نرى في المقابل ان الإمام الهادي(عليه السلام) كان يشجع على زيارة جده الحسين(عليه السلام)، واذا مرض(عليه السلام) كان يرسل أحدا ليدعو له عند قبر الحسين(عليه السلام) فيساله أحدهم:
          يابن رسول الله إنك إمام معصوم وكلكم نور واحد، فكان جوابه(عليه السلام): (إن الدعاء تحت قبته أسرع بالإجابة) وما هذا التركيز الا توظيف هائل من الأئمة لإبقاء جذوة كربلاء مشتعلة الى الابد تتحدى كل اشكال الظلم وتنير طريق الحرية والعز والكرامة.
           وإن شئت عزيزي القارئ فما عليك إلا أن تراجع كتب الحديث والسير ليتسنى لك أهمية هذا الموضوع وأسراره وأبعاده التي أحببت أن أتناولها بشيء من الإسهاب وعلى عدة مستويات، وذلك لأن الثورة الحسينية شملت ميادين الحياة كافة.

 

    الأول: المستوى الفقهي

              لقد حدد الفقهاء موارد للحكم الشرعي، اذ يدور الاخير حول مدارات خمسة هي « الواجب والندب والحلال والحرام والمباح «كما علمنا الشارع المقدس بان لا نقوم بأي عمل من الأعمال دون الاستناد إلى دليل شرعي ناهض. فليس من الحقيقة بمكان أن تكون زيارتنا نتيجة للحالة العاطفية فحسب، بل لا بد أن نستند إلى دليل شرعي علاوة على تفعيل الجانب العاطفي، ضرورة أن العمل المفتقد للدليل الشرعي سيكون فاقدا للشرعية بالنتيجة.

 

    الدليل على شرعية الزيارة

  القسم الأول: الأدلة العامة، وهي التي تفيد باستحباب زيارة القبور بشكل عام، فمنها قوله(صلى الله عليه وآله): (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تزهد في الدنيا وتذكر في الآخرة) ومنها ما قاله ابن أبي مليكة: أقبلت عائشة يوما ما من المقبرة فقلت: يا أم المؤمنين من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن، فقلت: أليس كان رسول الله نهى عنها؟ قالت: نعم ثم أمر بها، ومنها ما روته أم سلمة(رضي الله عنها) قالت قال رسول الله : (نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإن لكم فيها عبرة‏)…
     إذن: هذه نماذج من الأدلة العامة التي تحث على زيارة القبور، والكتب الحديثية عند الفريقين مليئة بأشباه ما رويناه ولكننا نكتفي بما ذكرنا مراعاة للاختصار ولانني ارتايت ان البحث في القسم الثاني لا الاول لتعلق العنوان به .
   القسم الثاني: الأدلة الخاصة، وهي التي أكدت على استحباب زيارة الائمة المعصومين(عليهم السلام) عامة والإمام الحسين بشكل خاص وحثت على ذلك وهي كثيرة جدا وسنذكر منها ما يسع المقام حيث اوردت الكتب المهتمة في هذا الشأن فصولا في آداب الزيارة وكيفيتها والنتائج والآثار المترتبة عليها.
             كل ذلك يؤكد من الناحية الفقهية والعقائدية على مشروعية الزيارة وكونها ممارسة تدخل في ظل العبادة إذ تشير الى الجزاء المعنوي (الثواب) وهو بحد ذاته يجعل الفرد المؤمن يقبل عليها وإن حصل له أي مكروه.
             ولا يخفى من الناحية السياسية فأن من وراء هذا التكريس الهائل والكم الكبير من الأحاديث أهداف أراد أهل البيت(عليهم السلام) أن يبلغوها للمجتمع بأعتبارهم قادة ومتصدين، وهي عدم الرضوخ والركون للظلمة من خلال إستلهام العبر والدروس من روح الحسين(عليه السلام) حين الوقوف امام قبره الشريف،
             ولذلك فليس من الغريب حقاً أن نلاحظ إصرار أتباع أهل البيت(عليهم السلام) على المخاطرة بأنفسهم من أجل إحياء وممارسة هذه الثقافة، وقد سجلوا أروع ملاحم البطولة والفداء ولم يبخلوا وحتى يومنا المعاصر من إرواء الأرض بدمائهم الطاهرة وكأن من مفردات ثقافة الزيارة هي دماء أتباع أهل البيت، وهذه هي الملامح التي تستحق الدراسة والتأمل، كما ان في الزيارة معاني عظيمة وقيم لا يفهمها إلا من يمارسها ممارسة عملية على أرض الواقع.
              ومن يتصفح ويقرأ الزيارات للإمام الحسين(عليه السلام) سيقف على فلسفة سياسية مهمة وهي البراءة من القتلة والارهابيين ورفض لكل أنواع الظلم والظالمين وتتسع عملية الرفض لتشمل المتخاذلين والساكتين عن الحق والمداهنين للظلمة والمستبدين. فنص الزيارة يؤكد هذا المعنى (فلعن الله أمةً قتلتك ولعن الله أمة ً ظلمتك، ولعن لله أمةً سمعت بذلك فرضيت به).
              فالنص هنا لا يفرق بين المباشرة في القتل والمحرض عليه أو حتى السلبيون في المواقف العادلة، فالحسين صرخة حرية وعدل ومساواة صرخة قيم و مبادئ.
           كما إنّ الزيارة تعني حضور الزائر عند المزور لإعلان الولاء والمحبّة، وكسب الفيض والبركة، وديموميّة الإطاعة والاتّباع، والتحلّي بسيرتهم وأخلاقهم، فضلا عن الأجر والثواب،
            كما ان زيارة قبر سيد الشهداء زادت الموضوع أهمية فقد أخذت طابعاً مميَّزاً وعلى ضوء ذلك أصبحت أوَّل زيارة لقبره عليه السلام مصيريَّة، ولأهمِّيتها صار هذا الأمر على عهدةِ شخصيَّةٍ متميِّزة ألا وهو جابر بن عبدالله الأنصاري وصاحبه عطية العوفي رضوان الله تعالى عليهما وهما أوَّل من طبَّقا هذه السنَّة المباركة، ألا وهي زيارة قبر الإمام الحسين(عليه السلام).

    فمن جملة ما ورد في هذا الخصوص ما يلي:

 * إن زيارته(عليه السلام) (فرض على كل مؤمن)، (واجبة على الرجال والنساء)، (من تركها ترك حق الله تعالى ورسوله)، (تركها عقوق رسول الله)، (انتقاص في الإيمان والدين)، (فإن حقا على الغني زيارته في السنة مرتين والفقير في السنة مرة)، (إن من أتى عليه حول ولم يأت قبره نقص من عمره حول)… إلى غير ذلك من الروايات الواردة في هذا المجال فما ذكرناه غيض من فيض، والفقيه الكبير صاحب الحدائق الشيخ يوسف البحراني(قد) يقول:
             (والأخبار في فضل زيارته مستفيضة والظاهر في كثير منها الوجوب وإليه يميل كلام بعض أصحابنا رضوان الله عليهم وليس ذلك بالبعيد) ويسرد بعد ذلك جملة من الروايات ثم يقول:
             (وزيارته في العشرين من صفر من علامات المؤمن)… ولعل ورود كلمة فرض في الروايات اعلاه هو من باب التعظيم كما هو معلوم، ولو ان بعض الفقهاء أوجب زيارة الحسين(عليه السلام) ولو مرة واحدة في العمر، الا ان الكثير منهم قد وضعها في باب الاستحباب.
           كما أود أن أبين للقارئ بعض العناوين التي ذكرها ابن قولويه في كتابه كامل الزيارات والذي يصف الفقهاء أسانيده من أن جلها أسانيد معتبرة وتتضمن تلك الروايات أن زيارة الحسين(عليه السلام) تعدل زيارة قبرالرسول محمد(صلى الله عليه وآله) وأنها تزيد في العمر والرزق، وتركها ينقصهما، وأنها تحط الذنوب، وأنها تعدل حجة وعمرة، وأنها تعدل عتق الرقاب، وأنها تنفِّس الكرب وتُقضى بها الحوائج، وأن زوار الحسين مشفعون وما الى ذلك من الثواب الجزيل الذي لا يحصيه ذاكر.
*روى ابن قولويه في كامل الزيارات، ص 275 عن زيد بن علي(رضي الله عنه) قال: (من زار قبر الحسين بن علي(عليهما السلام) لا يريد به إلا الله تعالى غفر له جميع ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر، فاستكثروا من زيارته يغفر الله لكم ذنوبكم). ولهذا تفانى الشيعة في زيارة الحسين(عليه السلام) عبر العصور رغم الخوف الشديد وما كان يلم بهم من الاضطهاد والقتل والتشريد بسبب ذلك.
             كما حدث في زمن المتوكل العباسي حيث أمر بهدم قبر الحسين بن علي(عليهما السلام)، وهدم ما حوله من المنازل والدور، وأن يُبْذَر ويُسقى موضع قبره، وأن يُمنع الناس من إتيانه، فنادى عامل الشرطة بالناس في تلك الناحية: (مَن وجدناه عند قبره بعد ثلاثة حبسناه في المُطْبِق). كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير 7/55.
* وفي البداية والنهاية لابن كثير 8/205، وسير أعلام النبلاء للذهبي 3/317: أنه لما أجري الماء على قبر الحسين ليمحي أثره، حار ودار وروى أرباب السير قصة الموالي الذي قدم لزيارة القبر الشريف فجعل يأخذ قبضة قبضة ويشمها، حتى وقع على قبر الحسين، فبكى وقال: بأبي أنت وأمي، ما كان أطيبك وأطيب تربتك، ثم أنشأ يقول:
      أرادوا ليخفوا قبرَه عن محبيه             فطِيْبُ تراب القبر دلَّ على القبرِ
قال الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد ص771: روى محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن أبيه (عقبة بن قيس بن سمعان)، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: (مَن زار الحسين بن علي(عليهما السلام) في يوم عاشوراء من محرم الحرام حتّى يظلّ عنده باكياً لقي اللّه عزّ وجلّ يوم يلقاه بثواب ألفي حجّة وألفي عمرة وألفي غزوة، ثواب كلّ غزوة وحجّة وعمرة كثواب من حجّ واعتمر وغزا مع رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ومع الأئمة الراشدين.
قال: قلت: جعلت فداك فما لمن كان في بعيد البلاد وأقاصيه ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم؟، قال: إذا كان كذلك ابرز إلى الصحراء أو اصعد سطحاً مرتفعاً في داره، وأومأ إليه بالسلام واجتهد في الدعاء على قاتله وصلّى من بعدُ ركعتين، وليكن ذلك في صدر النهار قبل أن تزول الشمس، ثمّ ليندب الحسين(عليه السلام) ويبكيه، ويأمر مَن في داره ممّن لا يتّقيه بالبكاء عليه، ويقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه، وليعزِّ بعضهم بعضاً بمصابهم بالحسين(عليه السلام)، وأنا الضامن لهم إذا فعلوا ذلك على اللّه تعالى جميع ذلك.
قلت: جعلت فداك أنت الضامن ذلك لهم والزعيم؟! قال: أنا الضامن وأنا الزعيم لمن فعل ذلك.
قلت: فكيف يُعزّي بعضنا بعضاً؟، قال: تقولون: أعظم اللّه أُجورنا بمصابنا بالحسين(عليه السلام) وجعلنا وإيّاكم من الطالبين بثاره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد (عليهم السلام)، وإن استطعت أن لا تَنْتَشِر يومك في حاجة فافعل فإنّه يوم نحس لا يُقضى فيه حاجة مؤمن، فإن قضيت لم يبارك له فيها ولم ير فيها رشداً، ولا يدَّخرن أحدكم لمنزله فيه شيئاً فمن ادّخر في ذلك اليوم شيئاً لم يبارك له فيما ادّخره، ولم يبارك له في أهله، فإذا فعلوا ذلك كتب اللّه تعالى لهم أجر ثواب ألف حجّة وألف عمرة وألف غزوة كلّها مع رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)، وكان له أجر وثواب مصيبة كلّ نبي ورسول ووصي وصدّيق وشهيد مات أو قتل منذ خلق اللّه الدنيا إلى أن تقوم الساعة).
 كذلك روى الشيخ في المصباح عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة، قال: (خرجت مع صفوان بن مهران الجمّال وعندنا جماعة من أصحابنا إلى الغري بعد ما خرج أبو عبد اللّه(عليه السلام) فسرنا من الحيرة إلى المدينة.
            فلمّا فرغنا من الزيارة صرف صفوان وجهه إلى ناحية أبي عبد اللّه الحسين(عليه السلام)، فقال لنا: تزورون الحسين(عليه السلام) من هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه من هاهنا، وأومى إليه أبو عبد اللّه الصادق(عليه السلام) وأنا معه.قال: فدعا صفوان بالزيارة التي رواها علقمة بن محمد الحضرمي عن أبي جعفر(عليه السلام) في يوم عاشوراء ثمّ صلّى ركعتين عند رأس أمير المؤمنين(عليه السلام) وودّع في دبرهما أميرالمؤمنين(عليه السلام) وأومى إلى الحسين بالسلام منصرفاً بوجهه نحوه).
  وروِي عنْ أبِي مُحمّدٍ الْحسنِ الْعسْكرِيِّ(عليه السلام) أنّهُ قال: (علاماتُ الْمُؤْمِنِ خمْسٌ: صلاةُ الْخمْسِين، وزِيارةُ الْأرْبعِين، والتّختُّمُ فِي الْيمِينِ، وتعْفِيرُ الْجبِينِ، والْجهْرُ بِبِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ).
* ومن الصفات الخاصة والحاصلة لزائري قبر الحسين(عليه السلام) ماذكرها الشيخ جعفر الشوشتري في خصائصه، منها ان دليل المحبة للحسين(عليه السلام) هو كون الشخص زوارا له أي كثير الزيارة ومنها انه ممن نظر الله إليه بالرحمة، ومنها ان يكون ممن يحدثه الله فوق عرشه، ومنها في عشر روايات من انه يكتب في عليين،
                ومنها ان يكون في الجنة في جوار النبي(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته(عليهم السلام) يأكل معهم على موائدهم ومنها ان كان شقيا كتب سعيدا، ومنها انه يحسب من الكروبيين ومن سادة الملائكة، ومنها انه مساعد للزهراء(عليها السلام) فإنها تزور الحسين كل يوم، ومنها انه زائر الله وزائر رسول الله ومنها ان كل من له درجة يوم القيامة يتمنى أيضا ان يكون من زوار الحسين(عليه السلام) مما يرى من كرامتهم الخاصة بهم، كما في الروايات.

 

                ومن هذا المنطلق فجر الأئمة(عليهم السلام) صوت الرفض والجهاد على لسان زوار الحسين(عليه السلام) وحولوا واقعة كربلاء عبرا وعبرات وعظة وعظات تلعب دورها في استمرار الثورة والا ذهبت وماتت فقضية الحسين ليست قصة عابرة لتموت في قرن أو قرنين بل هي صراع دام ودائمي تخوضه الإنسانية.
 ورد عنهم(عليهم السلام): (ولو قلت أن أحدكم يموت قبل أجله بثلاثين سنة لكنت صادقا وذلك أنكم تتركون زيارته فلا تدعوها يمد الله في أعماركم ويزيد في أرزاقكم)، (إنها تطيل الأعمار)، (تفرّج الغم)، (تمحص الذنوب ولكل خطوة حجة مبرورة)، (له بزيارته عشرين حجة)(1)،
               ومن الآثار الأخروية لزيارة الإمام الحسين(عليه السلام) قول الإمام الصادق(عليه السلام) لمعاوية بن وهب: (أما تحب أن تكون غدا ممن تصافحه الملائكة أما تحب أن تكون غدا فيمن يأتي وليس عليه ذنب فيتبع به أما تحب أن تكون ممن يصافح رسول الله؟!)(2).
 عن الإمام الحسن بن عليّ(عليهما السلام) قال :(كنّا مع أمير المؤمنين(عليه السلام) أنا وحارث الأعور قال : سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول : يأتي قوم في آخر الزمان يزورون قبر ابني الحسين، فمن زاره فكأ نّما زارني، ومن زارني فكأنّما زار الله سبحانه، ألا ومن زار الحسين فكأ نّما زار الله في عرشه)(3).
 عن بشير الدهّان عن أبي عبد الله الإمام الصادق(عليه السلام) في حديث له، قال : (يا بشير، من زار قبر الحسين(عليه السلام) عارفاً بحقّه، كان كمن زار الله في عرشه)(4).
 عن أبي عبد الله(عليه السلام): (من زار قبر الحسين بن عليّ(عليه السلام) يوم عاشوراء عارفاً بحقّه، كان كمن زار الله في عرشه)(5).
 * عن زيد الشحّام قال: (قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): ما لِمن زار قبر الحسين(عليه السلام)؟ قال: كان كمن زار الله في عرشه)(6).
 * عن الإمام الرضا(عليه السلام)، قال: (من زار قبر أبي عبد الله(عليه السلام) بشطّ فرات كان كمن زار الله فوق عرشه)(7).
وعنه (عليه السلام): (من زار قبر أبي ببغداد كان كمن زار رسول الله وأمير المؤمنين(عليهما السلام)، ألا إنّ لرسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما فضلهما، قال: ثمّ قال لي: من زار قبر أبي عبد الله(عليه السلام) بشطّ فرات، كان كمن زار الله فوق كرسيّه)(8).

 

    رد على شبهة

             الظاهر أنّ المراد من زيارة الله في العرش وفوق الكرسي كناية عن شدّة القرب ونهايته إلى الله سبحانه.
           وقيل : إنّه قد تحقّق عند أهل المعرفة أنّ للإنسان في سيره وسلوكه إلى الله سبحانه منازل، تنتهي من طاعة الله إلى حالة رفيعة، ومرتبة راقية، وقرب خاصّ، يعبّرون عنه بالفناء في الله تعالى، وهو نهاية مقام كمال العبد في عبوديّته، وغاية مقام قربه، فيصل إلى جوهر العبوديّة التي كنهها الربوبيّة، وهو عبارة عن كون علم العبد مستهلكاً في علمه تعالى، وقدرته مضمحلّة في قدرته عزّ سلطانه، وإرادته ذائبة في إرادته علا شأنه وجلّ جلاله،
            بحيث لا يكون له رأي أو حكم إلاّ ما رآه وحكم به المولى عزّ وجلّ، ولا يرى لنفسه قدرة على شيء إلاّ بحوله وقوّته، ولا يريد شيئاً غير ما أراد الله تعالى، فإذا دام العبد على هذه الحالة العرفانيّة، واستمرّ عليها بحيث صارت ملكة راسخة في كلّ وجوده، وصار العبد متجوهراً بها، ومتجسّداً فيها، وقد فنا في ربّه عن نفسه، ولا حكم له إلاّ حكمه سبحانه، فيكون مظهراً لربّه في أسمائه الحسنى وصفاته العليا، ويكون إكرامه إكرام الله، وزيارته زيارة الله، ومن أهانه أهان الله.
               ولو لم يكن في زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) إلا دعاء الإمام الصادق(عليه السلام) لزواره لكفى.
             فعن معاوية بن وهب قال: (استأذنت على أبي عبد الله(عليه السلام) فقيل لي: ادخل، فدخلت. فوجدته في مصلاه في بيته، فجلست حتى قضى صلاته وسمعته وهو يناجي ربه وهو يقول: اللهم يا من خصنا بالكرامة ووعدنا الشفاعة وحملنا الرسالة وجعلنا ورثة الأنبياء وختم بنا الأمم السالفة وخصنا بالوصية وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقى وجعل أفئدة الناس تهوي ألينا اغفر لي ولأخواني وزوار قبر أبي الحسين بن علي الذين أنفقوا أموالهم واشخصوا أبدانهم رغبة في برنا ورجاء لما عندك في وصلتنا وسرورا ادخلوه على نبيك محمد، وإجابة منهم لأمرنا وغيظا ادخلوه على عدونا أرادوا بذلك رضوانك فكافئهم عنا بالرضوان وأكلأهم بالليل والنهار واخلف على أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف واصحبهم واكفهم شر كل جبار عنيد وكل ضعيف من خلقك وشديد، وشر شياطين الإنس والجن وأعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم وما آثرونا به على أبنائهم وأهاليهم وقرابتهم. اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم بخروجهم فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص ألينا خلافا عليهم فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس وارحم تلك الخدود التي تقلب على قبر أبي عبد الله وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا. اللهم أنى استودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتى ترويهم من الحوض يوم العطش)(9).
             إذن: بعد ما تقدم تبين أن هناك بُعد فقهي ودليل شرعي لهذه الممارسة التي نقوم بها ويقوم بها الشيعة في جميع مناطق العالم.
           عندما نراجع مصادر الحديث الشريف نلاحظ بوضوح ان الاحاديث الشريفة الواردة في فضل زيارة الحرم الحسيني المبارك اكثر عدداً واشد تأكيداً مقارنة بالاحاديث الشريفة الواردة بشأن فضيلة زيارة سائر مشاهد اهل بيت النبوة الأخرى، ولعل استفاضة الاحاديث جعلت الفقهاء بفتون ارجحية زيارة الامام الحسين(عليه السلام).

 

    الثاني: المستوى العقائدي

              وهو المستوى الثاني الذي تعطينا إياه زيارة الإمام الحسين وهذا ما يتضح بصورة جلية من خلال بعض فقرات الزيارة، فمثلا عندما نقول: (إني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم) نعني بذلك سنسالم ونسلّم لمن سالم الإمام الحسين(عليه السلام) وسلّم له وسنقف ضد من يقف ضد الإمام الحسين ويعلن الحرب عليه،
             وهذا موقف عقائدي تعطينا إياه بعض فقرات الزيارة المباركة فينبغي للزائر الذي يزور الإمام الحسين(عليه السلام) سواء كانت الزيارة من قريب أدنى أو من بعيد أقصى أن يلتفت لما يقول في زيارته له ويتدبر جيدا. كذلك يوجد موقف عقائدي آخر نستفيده من بعض فقرات الزيارات وهو قولنا: (قلبي لقلبكم سلم) وهذا يعني أن التسليم للمزور ينقسم إلى قسمين:
   الأول: تسليم خارجي أو ظاهري وهو ما أشرنا إليه في التعليق على فقرة (إني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم).
   الثاني: تسليم داخلي أو باطني ومعنى ذلك أن قلبي مسلّم بما يأمر به الإمام الحسين وبما يقوله فيكون لازم هذا التسليم الإتباع (وأمري لأمركم متبع، ونصرتي لكم معدة حتى يأذن الله لكم، فمعكم معكم لا مع عدوكم) فالتبعية المطلقة والانقياد التام من أهم المواقف العقائدية التي نستقيها من خلال زيارة أبي الأحرار الإمام الحسين.
              والأمر الآخر الذي يصب في الحقيقة في البعد العقائدي هو الشهادة من الزائر للإمام الحسين بالطهارة من كل دنس وعيب ونقص وذلك بقوله: (أشهد أنك طهر طاهر مطهر، من طهر طاهر مطهر طهرت وطهرت بك البلاد وطهرت أرض أنت بها وطهر حرمك)، كذلك قوله: (لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسك من مدلهمَات ثيابها) فهذه الفقرات وأمثالها تدلل على عصمة الإمام الحسين(عليه السلام)
ونزاهته كما أشرنا عن كل ما لا يليق بمقام العصمة التامة المطلقة الذي ناله وهكذا بالنسبة للشهادة له بالولاية والإمامة والطاعة فكل ذلك يدخل في البعد العقائدي لزيارة.

 

   الثالث: المستوى النفسي والعاطفي

             ولعل هذا المستوى ناتج عن المستويين السابقين (الفقهي والعقائدي) فبعد أن يتحقق البعدان السابقان ينتج هذا البعد النفسي والعاطفي كنتيجة طبيعية لهما، ومعنى هذا البعد هو الشعور بالمحبة والارتباط الوثيق بيننا وبين الإمام الحسين، وفي الحقيقة هذا الشعور الناتج إنما هو من معطيات الزيارة المتكررة وهو أمر فطري إذ أن الإنسان عندما يقوم بزيارة أخيه المؤمن ويكرر هذه الزيارة من الطبيعي أن يتولد بينهما الارتباط الشديد والمحبة..
           إذن: عندما ترد روايات كثيرة تؤكد وتحث على كثرة زيارة الإمام الحسين فإنها تهدف إلى إيجاد هذه الحالة من الارتباط الوثيق والمحبة الشديدة للإمام الحسين، بحيث تعتبر هذه الزيارة بمثابة المشاركة للإمام الحسين فيما حصل في واقعة الطف الأليمة من قتل وتشريد وحصار وغير ذلك فحينئذ يحصل الزائر على الثواب الذي حصلت عليه تلك الصفوة الطاهرة التي انتخبها الله سبحانه وتعالى لنصرة سيد الشهداء الإمام الحسين(عليه السلام).
              فهذا الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري رضوان الله تعالى عليه يحدث عطية العوفي عندما زار قبر الإمام الحسين(عليه السلام) في أربعينيته وقبور أهل بيته وأصحابه قال: (والذي بعث محمداً بالحق نبياً لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه، قال له عطية: فقلت له: يا جابر فكيف ولم تهبط واديا ولم تعل جبلا ولم تضرب بسيف والقوم قد فرق بين رؤوسهم وأبدانهم وأوتمت أولادهم وأرملت أزواجهم فقال لي: يا عطية سمعت حبيبي رسول الله يقول: (من أحب قوما حشر معهم ومن أحب عمل قوم أشرك في عملهم) والذي بعث محمدا بالحق نبياً أن نيتي ونية أصحابي على ما مضى عليه الحسين وأصحابه)(10).
             كما أن هذا الارتباط والمحبة وهذا التسليم المطلق بقسميه الذين أشرنا إليهما في الحقيقة مشاركة في الأجر والثواب الذي حصل عليه أصحاب الحسين(عليه السلام) الذين بذلوا مهجهم دونه.

 

   الرابع: المستوى الاجتماعي

               حيث أن توجه واجتماع هذه الملايين من الناس في مكان واحد يعطي تعزيزاً لأواصر المحبة فيما بينهم، وترسيخاً لمفهوم إكرام الضيف والبذل والعطاء، وكذلك الشعور بالهم المشترك، والشعور بوحدة الهدف، وفي الحقيقة كل هذه المفاهيم التي تنتج من خلال الزيارة ولها المردود الإيجابي على أبناء المجتمعات الإسلامية سواء من داخل العراق أو من خارجه أراد الإمام الحسين(عليه السلام) من خلال نهضته المباركة ترسيخها في الواقع الاجتماعي وقوله:
              (إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر) شامل يشمل تفعيل هذه المفاهيم المذكورة وغيرها في واقع المجتمعات الإسلامية فعلى الزائر أن يستشعر هذه الأمور أثناء زيارته.

 

   الخامس: المستوى السياسي

                تقدم فيما سبق أن الشخص الذي يكرر زيارته لشخص من الأشخاص ويسأل عنه باستمرار ويلهج باسمه يحصل بين الشخص الأول والشخص الثاني نوع من المحبة والألفة والارتباط وكلما زاد ذلك الحب واشتد ذلك الارتباط بينهما أخذ كل منهما يتصف بمواصفات الآخر ويتطبع بطباعه وهذا أمر ملحوظ في المجتمع، وكذلك الحال بالنسبة للزائر الذي يزور الإمام سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) باستمرار من القرب أو من البعد كما أشرنا فإنه يأخذ الشيء الكثير منه فيما يعود على ذاته وتصرفاته وسلوكه العام بالخيرات والبركات والتهذيب، كما أن الزائر يعطي الآخرين انطباعا بأنه يحمل تلك الأفكار والمبادئ التي يحملها ذلك المزور.
                تبين لنا أن الإمام الحسين(عليه السلام) يحمل أهدافا إلهية سعى جاهدا لتطبيقها على أرض الواقع كالارتباط المطلق بالله سبحانه وتعالى وإحقاق الحق ورفض الباطل بكل صوره ورفض الظلم ومحاربة الطواغيت ونبذ الفساد، كذلك سعى لأن يكون الإنسان حرا في حياته لا يقبل الذل والمهانة وهذا ما أكد عليه الإمام في صرخته الخالدة (هيهات منا الذلة)، وأردا زرع مفهوم الشهادة في سبيل الله تبارك وتعالى في الأمة،
              فهذه المفاهيم وغيرها من الإيجابيات التي حملها الحسين هي السر في شن طغاة كل عصر الحرب على قبره وعلى زائريه فالطواغيت والمفسدون في الأرض لا تروق لهم هذه المفاهيم وهذه المبادئ وما فعله المتوكل (لعنة الله عليه) وأضرابه فيه من الدلائل الواضحة التي تدل على خوف الطواغيت والمفسدين من اسم الإمام الحسين(عليه السلام)، فهذا بعد سياسي لزيارة أبي الأحرار الإمام الحسين(عليه السلام).

 

   فصل في اداب الزيارة

            لزيارة الإمام المعصوم(عليه السلام) سواء في حياته أم بعد استشهاده، آداب تميّزها عن غيرها من اللقاءات والزيارات، ومن جملتها:مراعاة الطهارة، والأدب، والوقار، والانتباه، وحضور القلب، (بحار الأنوار124:97)
           ولزيارة ضريح الإمام الحسين(عليه السلام) آداب خاصة من قبيل: الصلاة، وطلب الحاجة، والحزن والغبرة والبساطة، وطي طريق الزيارة، والسير على الأقدام، وغسل الزيارة، والتكبير، والتوديع. (بحار الأنوار140:98وما بعدها).
            أورد الشهيد الثاني في كتاب (الدروس) أربع عشرة نقطة في آداب زيارته(عليه السلام)، وخلاصتها ما يلي:
   الأولى: الغسل قبل دخول الحرم، والدخول على طهارة وبثياب نظيفة وأن يدخل بخشوع.
   الثانية: الوقوف على باب الضريح والدعاء والاستئذان بالدخول.
   الثالثة: الوقوف إلى جانب الضريح والاقتراب من القبر.
   الرابعة: الوقوف مستقبلا الحرم مستدبرا القبلة عند الزيارة، ثم وضع الوجه على القبر، ثم الوقوف عند الرأس.
   الخامسة: قراءة الزيارات الواردة والتسليم.
   السادسة: صلاة ركعتين بعد الزيارة.
   السابعة: الدعاء وطلب الحاجة من بعد الصلاة.
   الثامنة: قراءة القرآن عند الضريح وإهداء ثوابه إلى الإمام.
   التاسعة: حضور القلب على كل حال، والاستغفار من الذنب.
   العاشرة: احترام السدنة وخدمة الحرم والإحسان إليهم.
   الحادية عشرة: بعد الرجوع إلى البيت، التوجّه إلى الحرم والزيارة مرة أخرى، وقراءة دعاء الوداع.
   الثانية عشرة: أن تكون أعمال الزائر بعد الصلاة أفضل مما قبلها.
   الثالثة عشرة: تعجيل الخروج عند قضاء الوتر من الزيارة، لتزداد الرغبة، وعند الخروج تمشي القهقري.
   الرابعة عشرة: إعطاء الصدقة للمحتاجين في تلك البقعة، ولا سيما الفقراء من ذرية الرسول(صلى الله عليه وآله) (الدروس 23:2).

 

   مسك الختام

                  لقد أثرى الشعراء المكتبة الادبية عبر التاريخ بقصائدهم الشعرية حول ملحمة عاشوراء وقد تناولت قائدهم الخالدة ثقافة الزيارة وكيف ان شد الرحيل لقبر سيد الشهداء يعد جهادا ذا محورين (الجهاد الأصغر والأكبر، وجهاد النفس) متحدين الطغاة بذلك حتى أن الكثيرين منهم قد لاقى حتفه لانه نطق بالحق وهذا هو الشاعر الكبير الجواهري قد سلط الضوء على بعض ملامح ثقافة الزيارة في قصيدته الرائعة ذائعة الصيت (آمنت بالحسين) حيث يقول:
      فداءٌ لمثـواك من مضجع               تنور بالابــــــلج الأروع
      بأعبق من نسمـات الجنان             رَوحاً ومن مسكها أضوع
      شممت ثراك فهب النسيم              نسيم الكرامة من بـلقع
                ويؤكد الجواهري من خلال رؤيته للزيارة أن الواقف على قبر الحسين تتقلب بين حنايا أضلعه ثورة ضد كلما هو فاسد وسيئ حيث يقول:
      تعاليت من مفزع ٍ للحتوف                وبـورك قـبرك من مفـزَع
      وطفت بقبرك طوف الخيال               بصومعة الملـهم المبـدع
      كـأن يداً مـن وراء الضـريح              حمراء مبتــورة الأصبــع
      تمد الـى عـالــم ٍ بالخنوع                  والضيم ذي شُرق ٍ متـــرع
      لتبدل منه جديـب الضمير                 بآخر معشوشب ٍ ممـــــرع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جواهر الكلام، الشيخ الجواهري 20/ 96.
(2) ثواب الأعمال، الشيخ الصدوق ص96.
(3) فضل زيارة الحسين(عليه السلام)، محمد بن علي الشجري ص39.
(4) بحار الأنوار، المجلسي 101/76.
(5) تهذيب الأحكام، الشيخ الطوسي 6/51.
(6) كامل الزيارات، ابن قولويه ص278.
(7) ثواب الأعمال، الشيخ الصدوق ص85.
(8) كامل الزيارات، ابن قولويه ص280.
(9) المصدر السابق ص229.
(10) بحار الأنوار، المجلسي 98/196.
(11) المصدر السابق 44/329.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.