الخميس , 21 نوفمبر 2024
الرئيسية » حرم أمير المؤمنين » السيرة العطرة » الامام علي صوت العدالة

الامام علي صوت العدالة

مستل من كتاب الامام علي صوت العدالة الانسانية للاستاذ جورج جرداق

 

 

 

– هل أعرت دنياك أذنا صاغية فتخبرك بما كان من أمر عظيم ما اعتادت الدنيا أن تحدثك عن مثله إلا قليلا بين جيل وجيل

 

 

– هل عرفت العقل الجبار يقرر منذ بضعة عشر قرنا الحقيقة الاجتماعية الكبرى التي تضع حدا لأوهام لها الف مصدر ومصدر فيعلن أنه “ما جاع فقير إلا بما متع به غني ” ثم يردف قائلا لتقييم هذه الحقيقه “ما رأيت نعمة موفورة إلا والى جانبها حق مضيع “

 

 

– هل عرفت عظيما دله عقله الجبار منذ بضعة عشر قرنا على اكتشاف سر الانسانية الصحيح فإذا سرها متصل اتصالا عمقيا بالشعب الذي لم يكن حكام زمانه وملوكه ليقيموا له وزنا أو ليشعروا له بوجود إلا في نطاق ما يكون لهم سلما ومطية . فإذا كان رافاييل قد اتخذ من إحدى فلاحات الريف الايطالي نموذجا للعذراء أم المسيح ليضع في هذا النموذج كل ما يحبه ويريده من معاني الكرم الانساني ؛ واذا كان تولستوي وفولتير وغيتي قد عملوا في صنيعهم الفكري والاجتماعي ما هو من روح رافاييل في صنيعه هذا ، فإن ذاك العظيم قد سبقهم إليه بمئات السنين مع الفارق بين ظرفه الصعب وظروفهم المؤاتية ، وبين مجتمعه الضيق ومجتمعاتهم الواسعة ، فإذا هو يحارب الملوك والامراء والولاة والاثرياء ، يحارب عبثهم وسخف تفكيرهم في سبيل الشعب المظلوم المهان فيقسم قائلا: “وأيم الله لأنصفن المظلوم من ظالمه ولأقودن الظالم بخزامته حتى أورده منهل الحق وإن كان كارها “.

 

 

ثم يطلق في آذان أمراء زمانه العابثين هذه الصيحة المدوية التي يكمن ورائها من المعرفة لحقيقة أهل الارستقراطية التافهين، المتعالين على تفاهتهم، ولحقيقة الشعب البائس الشقي ، ما لا مزيد عليه : فيقول بإيجاز كأنه صوت القدر :” أسفلكم أعلاكم ، وأعلاكم أسفلكم “.

 

 

 

– هل سألت عن حاكم يحذر نفسه أن يأكل خبزا فيشبع في مواطن يكثر فيها من لا عهد لهم بالشبع ،.وأن يلبس ثوبا ناعما وفي أبناء الشعب من يرتدي خشن اللباس ، وأن يقتني درهما وفي الناس فقر وحاجة .

 

 

 

– هل عرفت من الخلق أميرا على زمانه ومكانه يطحن لنفسه فيأكل ما يطحن خبزا يابسا يكسره على ركبتيه ، ويرقع خفه بيديه ، ولا يكتنز من دنياه كثيرا أو قليلا على ما مر ، لأن همه ليس إلا أن يكون للمستضعف والمظلوم والفقير ينصفهم من المستغلين والمحتكرين ويمسك عليهم الحياة وكريم العيش ، فما يعنيه أن يشبع ويرتوي وينام هانئا وفي الارض “من لا طمع له بالقرص” وفيها “بطون غرثى وأكباد حرى” قائلا ، ويا لشرف القول : “أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم مكاره الدهر ؟”

 

 

– هل سألت التاريخ عن محارب شجاع ، يبلغ بحبه لصفة الانسان في مقاتليه ، ويبلغ عطفه عليهم أن يوصي أصحابه ، وهو المصلح الصالح الكريم المغدور به ، فيقول : “لا تقاتلوهم حتى يبدؤوكم ، فإذا كانت الهزيمة بإذن الله فلا تقتلوا مدبرا ، ولا تصيبوا معورا ولا تجهزوا على جريح”

 

 

– هل عرفت من الخلق أميرا توافرت لديه أسباب السلطان والثروة كما لم تتوافر لسواه فإذا هو منها جميعا في شقاء وحسرة دائمين . وتوافرت لديه محاسن الحسب الشريف فقال “لا حسب كالتواضع” وأحبه محبوه فقال: “من أحبني فليستعد للفقر جلبابا” وغالوا في حبه فقال : “هلك في محب غال” بعد أن خاطب نفسه يقول “اللهم اغفر لنا ما لا يعلمون ” فالهوه ، فعاقبهم أشد العقاب ، وكرهه آخرون فوقف منهم موقف الناصح لأخوانه في الخلق . وسبوه واستاء صحبه وأجابوهم بالسباب فقال لهم “أكره لكم أن تكونوا سبابين”

 

 

 

– هل عرفت إماما لدين يوصي ولاته بمثل هذا القول في الناس : ” فإنهم إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق . أعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه”

 

– وسواء لدى الحقيقة والتاريخ أعرفت هذا العظيم م لم تعرفه، فالتاريخ والحقيقة يشهدان أنه الضمير العملاق الشهيد أبو الشهداء علي بن أبي طالب صوت العدالة الإنسانية وشخصية الشرق الخالدة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.