الثلاثاء , 19 مارس 2024
الرئيسية » حرم أمير المؤمنين » تاريخ المرقد المطهر » ملامح من تاريخ قبة المرقد العلوي المطهّر

ملامح من تاريخ قبة المرقد العلوي المطهّر

20-3-2012-1

 

(القسم الأول)

الأستاذ رسول كاظم عبد السادة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأزكى التسليم على محمد النبي الأمي الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين وبعد:

فإن دراسة رموز الحضارة الإسلامية وآثار قادتها العظام مما يعين الأجيال الحاضرة في ضمان المستقبل المزدهر وذلك بشد الأواصر وتقوية الروابط بالأيام المشرقة التي مرت بها الأمة، ويجعل حلقات الماضي متصلة بالمستقبل عبر الحاضر، من خلال بيان كل ما هو جلي ونيّر من الماضي الذي تفتخر به الإنسانية.

ومن ألمع رجال الإسلام بل العلم عموماً هو الإمام أمير المؤمنين عليه السلام الذي ما زالت البشرية في كل يوم تقتبس من سيرته صلوات الله عليه ومن كلماته نوراً تهتدي في ظلمات الجهل والانحراف وما زلنا نسمع ما بين الفينة والأخرى اقتباساً من أحكامه وتسجيلاً لوصيةٍ من وصاياه كوثيقة دولية.

فهو الرجل الإنساني الذي ما زلنا نجهل الكثير عنه مع أننا بأمس الحاجة في مثل هذه الظروف لأن نعيد قراءته بحقيقة القراءة وننتفع من علومه عملياً لا نظرياً لنصل إلى مشارف  الأمان في فتن التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية.

وحيث النجف تشرفت بأن تكون مثوى جثمانه الطاهر، وحيث المرقد العلوي يتوسط النجف، تتضاعف المسؤولية وتعظم محنة المعرفة والعمل في النجف حيث القبة العلوية السامية التي تشع بركة القرب وثمرته على أنفسنا وعلى رعيتنا، إذ أن كلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته.

إذن فنحن اليوم في رحاب القبة العلوية منذ نشأتها الأولى وحتى يومنا هذا مع ذكر النوادر الأدبية فيما يتعلق لها وما نظمه الشعراء فيها لنطلع على واحدة من أبرز آثار العلم الإسلامي شموخاً ولمعاناً، وسوف نطلع من خلال هذا البحث على المراحل التاريخية التي مرت بها عمارة القبة العلوية وكيف تسابق ملوك الإسلامية من جميع الفرق والمذاهب على إعمارها وإصلاحها وتذهيبها كل حسب نيته وهدفه من ذلك، وكذلك سوف نطلع على الاعتداءات على تلك القبة الشريفة والتي هي امتداد للاعتداءات على صاحبها صلوات الله عليه.

وأملي أن أكون قد وقفت في هذا البحث من الناحية التاريخية على الأقل ولا أدعي أني قد وفيت البحث حقه إذ أن هذا مبلغ علمي وغاية جهدي، وفوق كل ذي علم عليم، والحمد لله رب العالمين أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً.

                              *    *    *    *

المدخل

لمحة تاريخية عن قباب المساجد الإسلامية

عندما بنى النبي صلى الله عليه وآله مسجده في المدينة المنورة كان سقفه من السعف المحمول على جذوع النخل وظل الحال على ذلك فيما بني من مساجد ولم تكن القبة قد دخلت بناء المساجد.

(لا يمكن تحديد تاريخ دخولها في العمران الديني بدقة حيث أنها دخلت رويدا كما هو الحال في مبدأ فكرة القبة وذلك لأن بناء السقف على شكلين لا ثالث لهما، السقوف السطحية التي كانت تصنع عادة من جذوع النخل والأشجار أو السقوف المسطحة التي كانت تصنع عادة من جذوع النخل والأشجار أو السقوف المحدبة التي أنشئت بالطابوق.

أما أول قبة بنيت في الإسلام فهي قبة مسجد الصخرة المشرفة في القدس التي بناها الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان عام 72هجرية.

ظاهرة إنشاء القباب في المساجد:

أن القباب باتت جزءاً أساسياً في معظم المعابد الغير إسلامية وكذلك هي في مساجد المسلمين مع إعطائها لمسات عربية إسلامية جعلتها تختلف بشكل واضح عن القباب المستخدمة في المعابد غير الإسلامية وفي القصور والدور الكبيرة في البلاد غير الإسلامية.

وقد تفنن المعماريون المسلمون في بناء القباب بأشكال هندسية تلفت الانتباه وتعبر عن روح فنية مرهفة.

فهناك القباب المستديرة والمضلعة والمؤلفة من دور واحد أو دورين أو أكثر وهناك القباب ذات الزخارف الدقيقة والأخرى المغطاة بصفائح الذهب أو الرصاص.

وبلغ بناء القباب وزخرفها قمة إبداعه في عهود الفاطميين والمماليك في مصر ومازال معظمها باقياً إلى يومنا هذا.

كما اعتبرت القباب كأسلوب مميز في العمارة العثمانية التي اتسمت ببناء قبة كبيرة في المسجد الواحد ومعها قباب صغيرة كثيرة وهو ما نراه بوضوح في معظم المساجد العثمانية الكبيرة داخل تركيا وخارجها وبشكل خاص في القطاع العثماني من عمارة المسجد الحرام المبارك في مكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة.

فائدة القباب:

نشأت القبة في المسجد لغرض تغطية المباني المستديرة وهي من أجمل العناصر المتعاونة على إبراز مظهر الجوامع وإظهار تكوينها المتناسق المتزن مع المآذن بحيث أصبح شكل هذين العنصرين المعمارين من أهم عناصر تكوين الجامع بالرغم من أنهما لم يكونا من العناصر التي ظهرت مع المسجد الأول، وكان البناء الأول البسيط للقبة يقوم على هيكل دائري الشكل من الخشب يوضع فوق الجدران لتبنى فوقه من الخشب بالشكل المطلوب ثم تكسى من الخارج بصفائح من الرصاص ومن الداخل بطبقة من بلاط الجبس وهذا هو الأسلوب الذي أتبع في بناء أول قبة تاريخ العمارة في العصر الإسلامي وهي قبة الصخرة المشرفة.

أول قبة للمسجد في الإسلام:

أما عن إنشاء القبة فهي مصنوعة من الخشب وتكسوها من الخارج طبقة من صفائح الرصاص للحماية من العوامل الجوية ومن الداخل تغطيها طبقة من الجبس كبياض داخلي عليه زخارف عربية ملونة بالألوان الجميلة الزاهية, وقد تلي ذلك انتشار استعمال عنصر القبة في المساجد لما في ذلك من جمال معماري وما توفره للمكان من تهوية لازمة للمصلين فعندما تغطي القبة بيت الصلاة بالمسجد تسحب الهواء الساخن الذي يرتفع إلى أعلى فيخرج من النوافذ المطلة على الناحية المشمسة أما النوافذ التي في الناحية الظليلة فيدخل منها الهواء الرطب البارد وتستمر دورة التيارات الهوائية تماماً كما يحدث في مدخنة المدفأة التي تسحب الهواء الساخن المحمل بثاني أكسيد الكربون وتأتي بالهواء الجديد وبه الأكسجين النظيف ليساعد على التنفس في جو صحي.

وقد ظهر شكل القبة حسب التسلسل التاريخي بعد ذلك في مسجد الجامع الأموي بدمشق وقد أمر ببنائه الأموي الوليد بن عبد الملك سنة 89هـ الموافق 706م.

 تعتبر قبة جامع ابن طولون في مصر مثلاً للقباب الإسلامية التي أخذت طابع العمارة الإسلامية التي اتجهت إلى أسلوب القباب التي اتبعت لتحاشي طول المدة المطلوبة لعمل القباب بالطريقة نصف الكروية التي كان يتحتم فيها الانتظار لجفاف المؤونة وهكذا نرى انتشار القباب وثبوت بنائها في معظم مباني المساجد بالأمصار الإسلامية وقد زادت أحجامها وخاصة في عمارة المساجد التركية حتى نرى أنها غطت محراب القبلة بكاملها تقريباً في محاولة لإخلاء ممر القبلة من الأعمدة حتى لا يعوق صفوف المصلين أي عائق.

قباب المراقد:

أما المرقد فإن لجميع المراقد المقدسة قباباً ذات أشكال متشابهة بين بيضوية وبصلية ونصف إهليجية ترتكز على جزء اسطواني غير عريض.

وعادة تكون القبة من جزأين من البناء بينهما سلم للصعود إلى أعلى القبة كما يوجد في كل قبة باب أو أكثر، وفي الجزء الأعلى المدبب توجد (رمانة) ذات كؤوس وهي إما من الذهب أو غيره من المعادن الثمينة.

وفي بعض المراقد تكون على شكل كف, وبقرب الرمانة يوجد علم أخضر يبدل بالأسود في محرم وصفر والمناسبات المحزنة. والقبة إما أن تكون مطلية بمادة معينة كالإسمنت أو الجص في المراقد الضخمة العمارة, والطلاء يبدل كل عدة سنوات بسبب تعرضه الدائم للأحوال الجوية.

أما الجزء الأسطواني من القباب فقد جرت العادة أن يكون فيه حزام من الخط الجميل المنقوش على حجارة القاشاني ولا يوجد مثل هذا الحزام في القباب المطلية بالذهب أو القباب ذات العمارة البسيطة، وذلك لأن القاشاني مادة زخرفية جيدة ومن أكثر قباب العراق ورعة في الزخرفة القاشانية قبة المهدي عليه السلام في سامراء وقبة جامع الشهداء في بغداد وقبة مرقد أبي حنيفة.

إن أغلب قباب المراقد بنيت على الطراز الصفوي عدا ما يذكر عن بعض الأضرحة البغدادية مثل قبة الشيخ عبد القادر الكيلاني ويبدو أنها من الطراز التركي وقبة ضريح الشيخ عمر السهروردي كطراز العمارة السلجوقية وقبة جامع أم الطبول من الطراز الفاطمي.

ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن في العراق أكبر قبة ذهبية في العالم وذلك في المرقد المقدس والحرم الشريف للإمامين علي الهادي والحسن العسكري عليهما السلام بسامراء والتي فجرها الإرهابيون حيث يبلغ محيطها 68 قدم وقطرها 22.43م وعدد طابوقها الذهبي 7200طابوقة.

وفي بعض القباب زخرفة داخلية كما في قبة الإمام علي عليه السلام حيث نقشت بالفسيفساء الرائعة ونقوش أسماء المعصومين عليهم السلام وبعض آي الذكر الحكيم ومقطوعات من الشعر العربي.

الفصل الأول

القباب الأولى للمرقد المطهر

المعلوم أن المرقد العلوي مر بمراحل عديدة من الأعمار والتجديد بكل عمارة منذ أن أظهر من قبل العباسيين.

وقد اختلفت العمارات فيه من القبة إلى المساجد المحيطة به ونحن سوف نقتصر في بحثنا على تناول تاريخ إعمار القبة العلوية المطهرة بحسب مراحل الإنشاء.

القبة الأولى قبة: هارون العباسي:

تعد القبة التي بناها هارون الرشيد (170- 193) أول قبة بنيت على مرقد أمير المؤمنين عليه السلام وكان من الطين الأحمر وقد عمل على القبر الشريف صندوقاً وجعل للقبة أربعة أبواب وطرح على رأسها حبرة خضراء، وأما نفس الضريح الطاهر فإنه بناه بحجارة بيضاء ووضع عليه قنديلاً من الفيروز المرصع بالجواهر اليتيمة.

قال ابن طاووس أخبرني الشيخ المقتدي نجيب الدين يحيى بن سعيد (أبقاه الله)، عن محمد بن عبد الله بن زهرة، عن محمد بن علي بن شهر آشوب، عن جده، عن الطوسي، عن محمد بن محمد بن النعمان المفيد، قال: وروى محمد بن زكريا، قال: حدثنا عبد الله بن عائشة، قال: حدثني عبد بن حازم، قال: خرجنا يوما مع الرشيد من الكوفة نتصيد فصرنا إلى ناحية الغريين والثوية، فرأينا ظباء فأرسلنا عليها صقورنا والكلاب، فحاولتها ساعة، ثم لجأت الظباء إلى أكمة فسقطت عليها، فسقطت الصقور ناحية ورجعت الكلاب! فتعجب الرشيد من ذلك، ثم إن الظباء هبطت من الأكمة فسقطت الصقور والكلاب، فرجعت الظباء إلى الأكمة فتراجعت عنها الكلاب والصقور، ففعلت ذلك ثلاثاً، فقال هارون: اركضوا فمن لقيتموه فأتوني به، فأتينا بشيخ من بني أسد، فقال هارون: ما هذه الأكمة؟ قال: إن جعلت لي الأمان أخبرتك. قال: لك عهد الله وميثاقه لا أهيجك ولا أؤذيك، قال: حدثني أبي عن أبيه، أنهم كانوا يقولون هذه الأكمة قبر علي بن أبي طالب (عليه السلام)، جعله الله حرماً لا يأوي إليه أحد إلا أمن. فنزل هارون ودعا بماء فتوضأ فصلى عند الأكمة، وتمرغ عليها وجعل يبكي ثم انصرفنا. قال محمد بن عائشة: فكان قلبي لا يقبل ذلك، فلما كان بعد ذلك حججت إلى مكة فرأيت بها ياسراً رحال الرشيد، وكان يجلس معنا إذ طفنا، فجرى الحديث إلى أن قال: قال لي الرشيد ليلة من الليالي وقد قدمنا من مكة فنزلنا الكوفة: يا ياسر قل لعيسى بن جعفر فليركب، فركبا جميعاً فركبت معهما، حتى إذا صرنا إلى الغريين، فأما عيسى فطرح نفسه فنام، وأما الرشيد فجاء إلى الأكمة فصلى عندها، فلما صلى ركعتين دعا وبكى وتمرغ على الأكمة، ثم جعل يقول: يا بن عم أنا والله أعرف فضلك وسابقتك، وبك والله جلست مجلسي الذي أنا فيه، وأنت أنت، ولكن ولدك يؤذونني ويخرجون علي، ثم يقوم فيصلي، ويعيد هذا الكلام ويدعو ويبكي، حتى إذا كان وقت السحر قال: يا ياسر أقم عيسى، فأقمته. فقال يا عيسى قم صل عند قبر ابن عمك، قال: أي عمومتي هذا؟ قال: هذا قبر علي بن أبي طالب (عليه السلام). فتوضأ وقام يصلي، فلم يزل كذلك حتى الفجر فقلت: يا أمير المؤمنين قد أدركك الصبح، فركبا ورجعا إلى الكوفة.

وقد نظم العلامة السماوي ذلك في الوشي قائلاً:

وقال أيضاً خرج الرشيد                     يصطاد في الغري ما يريـــد

وعن لسرب فاقتفى لجؤذر                  وأرسل الفهد وراءه ينبري

فلاذ بين الربوات البيض                      وما انبرى الفهد مع التحريض

بل انثنى من دونهن واقفا                   فظنه من قد رآه خائفا

ثم عدا الجؤذر والفهد عطف               فعاود الجؤذر والفهد وقف

وهكذا فاستغرب الرشيد                     من صنع فهد لم يزل يصيد

ثم دعا شيوخ تلك الناحية                   فقال: هذه الربوات ما هي

فقال شيخ منهم إن أؤمن                    أقل بعلم الربوات البين

فقال قد أمنت من كل البشر             فلا تكن في خيفة ولا حذر

فقال هذا جدث ابن عمك                    من لحمه مختلط بلحمك

قبر أمير المؤمنين المرتضى               قد زاره جل بنيه ومضى

وافيتهم أنا ووافاهم أبي                     وجملة من قدماء العرب

فاعتقد الرشيد في كلامه                     وزاد ما شاء في إكرامه

ثم بنى فيه قبة ابتداء                        وضم فيها حبرة خضراء

وعرف الناس بتلك التربة                   وربما صلى هناك قربه

وانثالت المعاجز البوادي                    لساكني البلدان والبوادي

القبة الثانية: قبة الداعي العلوي

بنى الداعي العلوي محمد بن زيد الحسني (صاحب طبرستان) المتوفى عام 278 للهجرة قبة على مرقد جده أمير المؤمنين عليه السلام وذلك سنة 280 للهجرة.

وهو محمد بن زيد بن الحسن بن محمد بن إسماعيل جالب الحجارة بن الحسن دفين الحاجز بن زيد بن الجواد بن الحسن بن السبط بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، الملقب بالداعي الصغير، وقد ملك طبرستان بعد أخيه الحسن الملقب بالداعي الكبير مدة عشرين سنة، وقد قام بتشييد البناء للمشهدين الغروي والحائري، وقد ذكر محمد بن أبي طالب بعد إعادة تعمير القبر في عهد المنتصر بالله فقال: إلى أن خرج الداعيان الحسن ومحمد ابنا زيد بن الحسن، فأمر محمد بعمارة المشهدين، مشهد أمير المؤمنين ومشهد أبي عبد الله الحسين، وأمر بالبناء عليهما. وقد شيد الداعي العلوي قبة على القبر لها بابان وبنى وأحاطها بسور، وكان ذلك سنة 280هـ. وقد بالغ محمد بن زيد في فخامة البناء وحسن الريازة، ودقة الصنعة في عمارة الحائر بما يتناسب ومنزله.

وعند زيارته لقبر أمير المؤمنين (عليه السلام) وإظهاره وعمارته، ذكر ذلك ابن طاووس في رواية عن أبي الغنائم البرسي، قال: جاء جعفر بن محمد ومحمد بن علي بن الحسين فزار هذا الموضع من قبر أمير المؤمنين علي عليه السلام ولم يكن إذ ذاك القبر، ولم يكن إلا الأرض، حتى جاء محمد بن زيد الداعي فأظهر القبر، وقد امتدحه أبو المقاتل الضرير بالأبيات المشهورة النونية التي آخرها:

حسنات ليس فيها سيئات                    مدحه الداعي أكتاباً يا كاتبان

وقد قتل بظاهر جرجان وقبره هناك عند قبر الديباج محمد بن الصادق (عليه السلام)، وكان فاضلاً متديناً.

وقد ذكر عمارة ابن الداعي الإمام الصادق عليه السلام قبل وقوعها إذا قال زار الإمام الصادق جده أمير المؤمنين في النجف فقال عليه السلام لا تذهب الليالي والأيام حتى يبعث الله رجلاً ممتحناً في نفسه في القتل يبني عليه حصناً فيه سبعون طاقاً.

وقد أشار السماوي في أرجوزته إلى هذه القبة بقوله:

ثم بنى الداعي ابن زيد الحسني                        قبته بالشيد والطرز السني

وقد أدار حائطاً تضمنا                                  سبعين طاقاً مسكنا ومامنا

تكون للزائر حيدراً محل                                ويامن السور بها من الخلل

وكان ذا في التسع والسبعينا                         والمئتين فالحظ السنينــــــــــــــــــا

كما أتت رواية عن جده                            يذكر فيها سوره عن حده

الا أن السيد الأمين العاملي يقول: إن أول من بنى على القبر الشريف حائطاً بعد بناية هارون الرشيد هو الحسن بن زيد (الداعي الكبير).

ولعل هذا البناء ليس متعلق بالقبة إنما توسعة إلى جهة الخارج

                           *    *    *    *

القبة الثالثة: قبة أبي الهجاء الحمداني

بنى أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان المتوفى عام 317 للهجرة قبة على مرقد أمير المؤمنين عليه السلام وقد وصفها ابن حوقل بقوله:

وابتنى على القبر قبة عظيمة مرتفعة الأركان من كل جانب لها أبواب وسترها بفاخر الستور وفرشها بثمين الحصر الساماني.

القبة الرابعة: قبة عمر بن يحيى العلوي

ذكر هذه القبة العلامة الميرزا حسين النوري وقد وصفها بالقبة البيضاء.

وربما لم تكن قبة وإنما عمارة للمرقد قد طرأت على عمارة محمد بن زيد

وعمر هذا هو: الرئيس الجليل عمر بن يحيى القائم بالكوفة فإنه عمّر مرقد جدّه من خالص ماله. وكان يحيى هذا من أصحاب الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام) قتل سنة 250 هـ وحمل رأسه في قوصرة إلى المستعين العباسي.

القبة الخامسة: قبة عضد الدولة البويهي

 وهي القبة التي بناها أبو شجاع فنا خسروا المتوفى عام 372 للهجرة وهي تعد من أعظم القباب على مرقد أمير المؤمنين عليه السلام.

ولد عضد الدولة بأصفهان يوم الأحد خامس ذي القعدة سنة 324هـ وتوفي في بغداد يوم الاثنين 8 شوال سنة 372هـ، وهو أول من لقب بشهنشاه، كانت ولايته على العراق خمس سنين ونصف وكان من العلماء المعدودين في الفقه والحديث والشعر والنحو وهو من السلاطين الدهاة. وأوصى أن يدفن في النجف الأشرف في الروضة المباركة، فدفن وكتب على قبره: (هذا قبر عضد الدولة وتاج الملة أبي شجاع ابن ركن الدولة، أحب مجاورة هذا الإمام المعصوم، لطمعه في الخلاص يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها، وصلوات على محمد وآله الطاهرين). ولما توفي عضد الدولة وجلس ابنه صمصام على الأرض عليه ثياب السواد جاءه الخليفة الطائع معزياً، وناحت النساء عليه في الأسواق حاسرات عن وجوههن أياماً كثيرة.

قال الصنعاني: أمر بعمارة مشهد أمير المؤمنين علي عليه السلام بالنجف وعمل عليه قبة مزخرفة، ووقف عليه الأوقاف الواسعة وأوصى أن يقر جواره فنفذت وصيته.

وكانت عمارته تعد من أجمل العمارات ومن أحسن ما توصل إليه الفن المعماري في ذلك الوقت وأنها أنشئت سنة 338هـ وقد بقيت قائمة إلى سنة 753هـ وقد صرف عضد الدولة البويهي على هذه العمارة أموالاً كثيرة وستر حيطانها بخشب الصاج المنقوش وعين لها أوقافا لإداراتها، وقد واصل إصلاح هذه العمارة سائر الملوك والوزراء من البويهيين والحمدانيين وبعض العباسيين الذين تشيعوا كالمستنصر العباسي وأولاد وأحفاد جنكيز خان وغيرهم، وجميع هؤلاء قد تبرعوا بسخاء مفرط للعمارة نفسها سواء كان بجلب الأحجار الكريمة أو الأثاث النفيسة أو إجراء إصلاحات فنية في الروضة الحيدرية المطهرة مما يجعل العمارة آية في الإبداع ومعجزة ذلك القرن كما أنبأتنا الكتب  التاريخية القديمة، وقد شاهد عمارة عضد الدولة الرحالة ابن بطوطة سنة 727هـ وذكر وصفها.

وأشار السماوي إلى هذه القبة في أرجوزته بقوله:

ثم بنى المقام عضد الدولة                  ابن بويه وبنى ما حوله

وشيد الضريح في صندوق                 مرخى عليه الستر لا مرموق

ووسع القبة ثم أفضى                       بها إلى العلو طولا عرضا

وازر الجدر لها بساج                        مرتفع مرصع بعاج

وعمّر البلدة والأسواقا                       وحصن السور على ما راقا

وخصص الأوقاف للقوام                   وساكني البلدة والمقام

وكان ذا في سنة الستينا                     من رابع القرون في المئينا

وقد بقيت هذه القبة إلى القرن الثامن الهجري، وتعرضت للإحراق عام 753 للهجرة وهذه القبة هي التي رأى إبراهيم بن علي بن بكروس الدينوري ظهور النور من السماء عليها وتلاشيه.

فقد ذكر في كتاب (نهاية الطلب وغاية السؤول في مناقب آل الرسول): وقد اختلفت الروايات في قبر أمير المؤمنين(عليه السلام)، والصحيح أنه مدفون في الموضع الشريف الذي على النجف الآن، ويقصد ويزار، وما ظهر لذلك من الآيات والآثار والكرامات، فأكثر من أن تحصى، وقد أجمع الناس عليه على اختلاف مذاهبهم وتباين أقوالهم.

ولقد كنت في النجف ليلة الأربعاء (ثلاث عشرة) ذي الحجة سنة سبع وتسعين وخمسمائة، ونحن متوجهون بالكوفة بعد أن فارقنا الحاج بأرض النجف، وكانت ليلة مضحية كالنهار، وكان مضى من الوقت ثلث الليل، فظهر نور ودخل القمر في ضمنه ولم يبق له أثر، وكان يسير إلى جانبي بعض الأجناد، وشاهد ذلك أيضاً، فتأملت سبب ذلك وإذا على قبر (أمير المؤمنين) علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) عمود من نور يكون عرضه في رأي العين نحو الذراع، وطوله حدود عشرين ذراعاً، وقد نزل من السماء وبقي على حدود ساعتين، ثم ما زال يتلاشا على القبة حتى اختفى عني، وعاد نور القمر (كما كان) عليه، وكلمت الجندي الذي إلى جانبي فوجدته قد ثقل لسانه فارتعش، فلم أزل به حتى عاد لما كان عليه، وأخبرني أنه شاهد مثل ذلك.

وهي القبة التي أشار لها الشاعر الحسين بن الحجاج المتوفي سنة 391 للهجرة بقوله:

يا صاحب القبة البيضاء في النجف                    من زار قبرك واستشفى لديك شفي

ولهذه القصيدة حكاية تتعلق بالمقام ناسب ذكرها هنا.

ذكروا إن السلطان مسعود بن بابويه لما بنى سور المشهد الشريف ودخل الحضرة الشريفة وقبل أعتابها وأحسن الأدب فوقف أبو عبد الله بين يديه وأنشد قصيدته فلما وصل منها إلى الهجاء أغلظ له الشريف سيدنا المرتضى ونهاه أن ينشد ذلك في باب حضرة الإمام عليه السلام فقطع عليه فانقطع، فما جن عليه الليل رأى ابن الحجاج الإمام علياً عليه السلام في المنام وهو يقول: لا ينكسر خاطرك فقد بعثنا المرتضى علم الهدى يعتذر إليك فلا تخرج إليه حتى يأتيك، ثم رأى الشريف المرتضى في تلك الليلة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة صلوات الله عليهم حوله جلوس فوقف بين أيديهم وسلم عليهم فحس منهم عدم إقبالهم عليه فعظم ذلك عنده وكبر لديه فقال: يا موالي أنا عبدكم وولدكم ومواليكم فبم استحققت هذا منكم؟ فقالوا: بما كسرت خاطر شاعرنا أبي عبد الله ابن الحجاج فعليك أن تمضي إليه وتدخل عليه وتعتذر إليه وتأخذه إلى مسعود بن بابويه وتعرفه عنايتنا فيه وشفقتنا عليه، فقام السيد من ساعته ومضى إلى أبي عبد الله فقرع عليه الباب فقال ابن الحجاج: سيدي الذي بعثك إلي أمرني أن لا أخرج إليك، وقال: إنه سيأتيك، فقال: نعم سمعاً وطاعة لهم، ودخل عليه واعتذر إليه ومضى به إلى السلطان وقصا القصة عليه كما رأياه فأكرمه وأنعم عليه وخصه بالرتب الجليلة وأمر بإنشاده قصيدته الآتية:

يا صاحب القبة البيضاء في النجف                  من زار قبرك واستشفى لديك شفي

زوروا أبا الحسن الهادي لعلكم                         تحظون بالأجر والإقبال والزلف

زوروا لمن تسمع النجوى لديه فمن                يزره بالقبر ملهوفاً لديه كفي

إذا وصلت فاحرم قبل تدخله                             ملبياً واسع سعياً حوله وطف

حتى إذا طفت سبعاً حول قبته                       تأمل الباب تلقا وجهه فقف

وقل: سلام من الله السلام على                         أهل السلام وأهل العلم والشرف

إني أتيتك يا مولاي من بلدي                      مستمسكاً من حبال الحق بالطرف

راج بأنك يا مولاي تشفع لي                      وتسقني من رحيق شاني اللهف

لأنك العروة الوثقى فمن علقت                          بها يداه فلن يشقى ولم يخف

وإن أسماءك الحسنى إذا تليت              على مريض شفى من سقمه الدنف

لأن شأنك شأن غير منتقص                وإن نورك نور غير منكسف

وإنك الآية الكبرى التي ظهرت                        للعارفين بأنواع من الطرف

هذي ملائكة الرحمن دائمة                 يهبطن نحوك بالألطاف والتحف

والجام والمنديل جاء به                     جبريل لا أحد فيه بمختلف

كان النبي إذا استكفاك معضلة              من الأمور وقد أعيت لديه كفي

وقصة الطائر المشوي عن أنس           تخبر بما نصه المختار من شرف

والحب والقضب والزيتون حين أتوا      تكرما من إله العرش ذي اللطف

والخيل راكعة في النقع ساجدة             والمشرقيات قد ضجت على الحجف

بعثت أغصان بان في جموعهم                        فأصبحوا كرماد غير منتسف

لو شئت مسخهم في دورهم مسخوا        أو شئت قلت لهم: يا أرض انخسفي

والموت طوعك والأرواح تملكها          وقد حكمت فلم تظلم ولم تجف

خلاف من زهقت في الفر مهجته          وظل مدمعه جار بمنذرف

لا قدس الله قوماً قال قائلهم                  بخ بخ لك من فضل ومن شرف

وبايعوك (بخم) ثم أكدها                    (محمد) بمقال منه غير خفي

عافوك واطرحوا قول النبي ولم           يمنعهم قوله: هذا أخي خلفي

هذا وليكم بعدي فمن علقت                 به يداه فلن يخشى ولم يخف

فقلدوها أخا تيم فقال لهم                     يا ويلكم اقبلوا قولي فلست افي

لي مارد يعتريني لا أطيق له               ردا فيخدعني بالقول والعنف

حتى إذا ما أتاه الموت نص على           شيطانه يا له من مارد خلف

فصير الأمر شورى خدعة ودهى         وحيلة وهو وهو أمر منه غير خفي

فالشافعي يرى الشطرنج من أدب          وابن حنبل فيما قال لم يخف

يقول إن إله العرش ينزل في               زي الأنام بقد اللين والههيف

على حمار يصلي في المساجد قد          أرخى ذؤابه منه على الكتف              

يمشي بنعلين من تبر شراكهما             در ويخطر فيثوب من السلف 

هذا ولا يبتدي بالصلاة ببسم                الله وهي أتت في مبدأ الصحف

وقول نعمان في شرب المدام بان          لاحد فيه ولا أثم لمغترف

وعنده القول في أخذ الحريرة أو           وطئ الأجيرة رأي غير مختلف

أهكذا كان في عهد النبي جرى                         فانبئنا يا عمران كنت ذا نصف

ومالك قال لوطا بالغلام ولا                 تحنثوا مقالة من جاء بالسخف

موارد الحتف إن أمكن سوف ترى        توسلي بالإمام الحجة الخلف

القائم العلم المهدي ناصرنا                  وجاعل الشرك في ذل من التلف

من يملأ الأرض عدلا بعد ما ملأت       جورا ويقمع أهل الزيغ والحنف

سقى البقيع وطوساً والطفوف وسامرا    وبغداد والمدفون بالنجف

من مهرق مغرق صب غدا سحماً         مغدودق هاطل مستهطف وكف

خذها إليك أمير المؤمنين بلا               عيب يشين قوافيها ولا سخف

من القوافي التي لو دامها خلف             صنعت بالمئع الجاري قفا خلف

فاستحلها من فتى الحجاج بيت ثنا          ليشق كل فؤاد كافر دنف

بحب حيدر فالكرار مفتخري               به شرفت وهذا منتهى شرفي

ومن المؤكد أن هذه القبة قد رممت بعد حادث الاحتراق.

تخريب هذه القبة ثانية

ولكنها تعرضت للتخريب عام 875 للهجرة عندما قام علي بن فلاح المشعشعي بإحراق الحجر الدائرة على قبة الإمام علي عليه السلام وجعل القبة مطبخاً للطعام مدة ستة أشهر.

فقد تعرض المرقد العلوي المطهر والحائر المقدس للنهب على يد المشعشعين في سنة 858هـ أي في النصف الأخير من القرن التاسع، وكان رئيسهم محمد بن فلاح الذي استطاع أن يبسط نفوذه على جميع الأهواز وأحرق الحجر الدائر على قبة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وجعل القبة مطبخاً للطعام وكان يقول: إنه رب والرب لا يموت. ثم استولى على الأمور ابنه علي الذي ادعى بأنه قد حلت فيه روح أمير المؤمنين (عليه السلام) وأن علياً حي، فأغار بجيشه على العراق ونهب المشاهد المشرفة، وأساء الأدب إلى العتبات المقدسة، وقد عجز الأب عن إصلاحه وتأديبه، وكلما احتج الأمراء والملوك على أعمال ولده كان يظهر لهم العجز في الرسائل التي تبودلت بينهم، ولم يكتف بهذا الحد على ما يروى فقد ادعى الألوهية، وكان ذلك في سنة 858هـ، وقد عاش علي بن محمد بن فلاح على هذه السيرة إلى أن قتل بسهم أصابه في حصاره لقلعة بهبهان في سنة 861هـ، فنال ذلك بعد ثلاث سنوات جزاء ما ارتكبه نحو الحائر المقدس.

القبة السادسة: قبة الشاه صفي

أمر الشاه صفي بن الشاه عباس الصفوي عام 1042 بتجديد القبة العلوية الشريفة وعين لهذه المهمة وزيره الميرزا تقي المازندراني فأرسله مدينة النجف الأشرف لهذه الغاية العظيمة، فبقي الوزير المذكور في النجف ثلاث سنين وكانت القبة في هذه الفترة قد أصيبت بالتخلخل.

بدأ الشاه صفي حفيد الشاه عباس الأول في عام 1047هـ ـ 1637م بناء العمارة بعد أن شاهد تضعضع في القبة المنورة وضيق ساحة الصحن الشريف، فأمر الشاه المذكور بهدم بعض جوانب الصحن الشريف وتوسيعه وتوسيع ساحة الحرم العلوي المطهر. والذي تصدى لهذه الخدمة وزيره ميرزا تقي المازندراني بأمر من الشاه واستمر العمل ثلاث سنين وصرف لها أموالاً طائلة وجلب أمهر المعماريين والمهندسين مما جعلها بديعة الشكل متقنة الصنع وأوجد فيها معرفة أوقات الزوال وعدم اختلافه صيفاً وشتاء وما تقف عنده أساتذة الفن من تحكيم بزوغ الشمس  المذكور في النجف في الضريح المقدس وما التزم بها من المقابلة والمجانسات الفنية.

جاء في كتاب ملحق روضة الصفا ج1 لرضا قلي صدر الأمر اللازم بتجديد عمارة الفنية والمرقد لحضرة سلطان الأولياء والأوصياء سلطان السلاطين مسند الإمامة والولاية والهادي إلى طريق السعادة والهداية أسد الله الغالب سلام الله عليه وعلى أبنائه أجمعين بعد مرور الدهور وتعاقب الأعوام والشهور حصل تكسر وأراد توسعة ذلك الحرم الذي هو توأم مع الجنة وكان الذي تصدى لهذه الخدمة وزيره ميرزا تقي المازندراني وأقام في هذا العمل ثلاث سنين جمع المعمارين والمهندسين في النجف ووجدوا حولي النجف معدن الصخور في غاية الصفاء وبهاء اللون فعملوا منه ما يحتاجون إليه أهـ.

وجاء في المنتظم الناصري ج2 ص182ذكر في حوادث سنة 1042هـ: جيء بماء الفرات إلى أرض النجف بحكم الشاه صفي فإنه حين ما جاء زائراً القبة المنورة وذكر المرقد الطاهر رأى بعض النقصان في بناء المرقد أمر وزيره ميرزا تقي المازندراني بإصلاح تلك الأماكن المشرفة فجاء بالمعمارين والمهندسين إلى النجف ومكث فيها ثلاث سنين مشغولاً بهذا العمل ووجد معدن صخر في غاية الصفاء والجودة حوالي النجف فنقل منه ما يحتاجونه إليه أهـ.

ولدينا وصفاً للقبة التي كانت قبل قبة نادر شاه المذهبة ذكره الشيخ حرز الدين وهل هو مختص بقبة الشاه صفي أم بقبة الوالي حسن باشا يقول الشيخ حرز الدين:

إن القبة قبل التذهيب كانت مبلطة بالكاشي الأزرق المطرز ومطعمة بالفسيفساء وفي أعلاها جرة خضراء بعد التذهيب في الخزانة مع النفائس.

وقد أشار الشيخ محمد السماوي في أرجوزته الوشي إلى هذه القبة بقوله:

ثم بنا الشاه الصفي الصفوي                حفيده أبهى بناء علوي

قبرا رخاما دونه شباك                      لا الشمس تحكيه ولا الأفلاك

وقبة بين منارتين                            كالشمس قد حفت بكوكبين

تعلوا على الروضة في دعائم              إلى بناء للدعاو قائم

فمن رواق دار كالنطاق                     له ومن بهو لدى الرواق

طاف به الصحن ثلاثين قدم                إلا محل الرأس فهو محترم

فيه قباب توازي وغرف                    من فوقها فهي بصف فوق صف

وزين القبة بالكاشني                         تزيينا يفقا عين الشاني

وصير المدخل للمقام                        ستة أبواب له سوام

اثنين للرأس وللرجلين                       مثلهما واثنين للجنبين

وللرواق خمسة فواحد                       من جهة البهو وهذا السائد

ولليمين واليسار مثنى                       والرأس لم يرق له ويدني

ونظم الصحن على أبواب                  ثلاثة للجيء والذهاب

في الشرق والجنوب والشمال              فأرخو دان لذي المعالي

وافتحوا في الشرق باب السوق                        وآخر في الغرب للطروق

ويبدو أن القبة المشاهدة الآن هي قبة الشاه صفي وإنما أجرى عليها نادر شاه التذهيب وبعض التغيرات التي لا تؤثر بالهيكل العام يقول الشيخ الكاظمي.

إن القبة الموجودة اليوم هي من أبنية الشاه عباس الصفوي الأول والمباشر له شيخنا بهاء الدين العاملي.

واحتمل الدكتور حسن الحكيم: إن مشروع القبة هذا قد استغرق زمناً طويلاً حيث بدأه الشاه عباس الأول وأكمله ولده الشاه صفي ثم قام نادر شاه بالتذهيب وفق تخطيط الشيخ البهائي وهندسة للصحن الشريف والقبة والمئذنتين.

وهنا يذكر الخليلي نقلاً عن لونكريك في أثناء وصفه للوالي خاصكي محمد باشا الذي انتهت مدة ولايته ببغداد صيف 1659م/1070للهجرة: وكان الخاصكي محمد وهو المتدين من الطراز القديم قد بعث بالذهب إلى المدينة لتزيين القبة ثم أضاف منارة إلى مشهد النجف.

القبة السابعة قبة الوالي حسن باشا

قام الوالي حسن باشا عام 1129ه/ 1717م بتحديد قبة أمير المؤمنين عليه السلام وقد أحدث فيها مسقفاً لطيفاً ومرتفعاً منيعاً.

والظاهر أن هذه القبة لم تقم على أنقاض قبة الشاه صفي وإنما هي عينها إلا أنه أضاف إليها بعض الأبنية التي أكسبتها صفة أخرى من البهاء والروعة.

2 تعليقان

  1. ممنون وبارك الله فيكم موضوع جيد ولكن فيه بعض الاخطاء منها المطبعية والذي لا يحتاج هذا الموضع الا ان يراجع من قبل شخص دقيق ليكون اكمل واجمل مما هو عليه الان
    ولكم كثير الشكر استفدنا منه وبارك الله فيكم

  2. شكرا لك اخي الفاضل على المتابعة وقد عملنا بنصيحتك وفعلا وجدنا أخطاء , لكم الفضل في اكتشافها , نرجو منك التواصل حياكم الله .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.