مركز آل البيت العالمي للمعلومات
الشيخ جعفر كاشف الغطاء(قدس سره)
(1156ﻫ ـ 1227ﻫ)
اسمه ونسبه
الشيخ جعفر ابن الشيخ خضر بن يحيى المالكي الجناجي المعروف بكاشف الغطاء.
ولادته
ولد عام 1156ﻫ بمدينة النجف الأشرف.
من أساتذته
الشيخ محمّد باقر الإصفهاني المعروف بالوحيد البهبهاني، السيّد محمّد مهدي بحر العلوم، الشيخ محمّد مهدي الفتوني العاملي، أبوه الشيخ خضر، الشيخ محمّد تقي الدورقي، السيّد صادق الفحّام.
من تلامذته
الشيخ محمّد حسن النجفي المعروف بالشيخ الجواهري، السيّد صدر الدين محمّد الموسوي العاملي، أنجاله الشيخ موسى والشيخ علي والشيخ حسن، الشيخ قاسم محي الدين العاملي، الشيخ محمّد صالح البرغاني، السيّد جواد الحسيني العاملي، الشيخ عبد الحسين الأعسم، الشيخ محمّد تقي الرازي، الشيخ أسد الله التستري، السيّد باقر القزويني، الشيخ أحمد النراقي.
من صفاته وأخلاقه
كان(قدس سره) شديد التواضع والخفض واللين، فاقد التجبّر والكِبَر على المؤمنين، مع ما فيه من الصورة والوقار والهيبة والاقتدار، رفيع الهمّة، سمحاً شجاعاً، قوياً في دينه، يرى استيفاء حقوق الله من أموال الخلائق على سبيل الخرق والقهر، ويباشر أيضاً صرف ذلك حال القبض إلى مستحقّيه الحاضرين من أهل الفاقة والفقر.
ونُقل أنّه مرّ في بداية أيّام تحصيله الدراسي بضيق معاشي، فرأى أن يُؤجر نفسه من بعضهم لإتمام ثلاثين سنة من العبادة، يستغني بأجرتها عن مؤونات زمان التحصيل والدراسة، وله حكايات طريفة في محاسن النفس والمواعظ، منها: أنّه كان يحاسب نفسه ليلاً فيقول: كنت في الصِغر تُسمّى جُعَيْـفراً، ثمّ صرت جَعْـفَراً، ثمّ سُمّيت الشيخ جعفر، ثمّ الشيخ على الإطلاق، فإلى متى تعصي الله ولا تشكر هذه النعمة!.
من أقوال العلماء فيه
1ـ قال السيّد محمّد باقر الخونساري(قدس سره) في روضات الجنّات: «كان من أساتذة الفقه والكلام، وجهابذة المعرفة بالأحكام، معروفاً بالنبالة والإحكام، منقّحاً لدروس شرائع الإسلام، مفرّعاً لرؤوس مسائل الحلال والحرام، مروّجاً للمذهب الحقّ الاثني عشري كما هو حقّه، ومفرّجاً عن كلّ ما أشكل في الإدراك البشري، وبيده رتقه وفتقه، مقدّماً عند الخاصّ والعام، معظّماً في عيون الأعاظم والحكّام، غيوراً في باب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وقوراً عند هزاهز الدهر وهجوم أنحاء الغير، مطاعاً عند العرب والعجم في زمانه، مفوّقاً في الدنيا والدين على سائر أمثاله وأقرانه».
2ـ قال الشيخ النوري الطبرسي(قدس سره) في مستدرك الوسائل: «علم الأعلام وسيف الإسلام، خرّيت طريق التحقيق والتدقيق، مالك أزمّة الفضل بالنظر الدقيق… وهو من آيات الله العجيبة التي تقصر عن دركها العقول، وعن وصفها الألسن، فإن نظرت إلى علمه فكتابه كشف الغطاء ـ الذي ألّفه في سفره ـ يُنبئك عن أمرٍ عظيم، ومقامٍ عليّ في مراتب العلوم الدينية أُصولاً وفروعاً».
3ـ قال السيّد محمّد الهندي(قدس سره) في نظم اللآل في علم الرجال: «شيخ الطائفة في زمانه، وحاله في الثقة والجلالة والعلم أشهر من أن يُذكر».
من مواقفه
1ـ موقفه تجاه الفرقتين الطائفتين الزكرت (الزقرت) والشمرت لا ينسى، إذ حدث في عصره انشقاق بينهما، وأُزهقت أرواح كثير من الأبرياء، ونُهبت الأموال، فبحزمه وشِدّة صولته كان يذبّ عن الضعفاء ويحرس الفقراء، فكان لهم حِرزاً منيعاً، وسُوراً رفيعاً.
2ـ نُقل أنّ الحكومة العثمانية المسيطرة على العراق جعلت في عصره ضريبة على أهالي النجف الأشرف، وهي أن تدفع ثمانين طنّاً من الطعام، وهذا المبلغ كثير جدّاً في ذلك اليوم، فلم تطق أهالي النجف الأشرف حمله، حيث عجزوا عن أدائه، فقام الشيخ بدفعه نيابة عنهم، فمدحه الشيخ محمّد علي الأعسم بقصيدة، منها الأبيات الآتية:
هِمَمٌ لأبي موسى جعفر ** لَيســتْ مَقدورة لِبَشَـر
حِمل عَجزت عَنه ناس ** مِن عشـرة آلافٍ أكثـر
ويقوم الواحِدُ فيه وهم ** أُمِروا بالحمل، ولم يؤمر
شعره
كان(قدس سره) شاعراً أديباً، وله أشعار ومطارحات مشهودة مع أدباء عصره وعلمائه، ومن شعره مادحاً أُستاذه السيّد محمّد مهدي بحر العلوم:
إليك إذا وجّهت مدحي وجدته ** معيباً وإن كان السليم من العيب
إذا المدح لا يحلو إذا كان صادقاً ** ومدحك حاشاه من الكذب والريب
وله في رثاء الشيخ أحمد النحوي ومدح ابنه الشيخ:
مات الكمال بموت أحمد واغتدى ** حيا بأبلج من بنيه زاهر
فأعجب لميّتٍ كيف يحيا ظاهراً ** بين الورى من قبل يوم الآخر
من مؤلّفاته
كشف الغطاء عن خفيات مبهمات الشريعة الغرّاء
كاشف الغطاء عن معايب ميرزا محمّد عدوّ العلماء
الحقّ المبين في تصويب المجتهدين وتخطئة الأخباريين
مشكاة المصابيح في شرح منثورة الدرّة
العقائد الجعفرية في أُصول الدين
غاية المأمول في علم الأُصول
منهج الرشاد لمن أراد السداد
شرح الهداية للطباطبائي
مختصر كشف الغطاء
شرح قواعد العلّامة
مناسك الحج
بُغية الطالب.
وفاته
تُوفّي(قدس سره) في الثاني والعشرين من رجب 1227ﻫ بالنجف الأشرف، ودُفن بمقبرته الخاصّة في النجف الأشرف.
معارف الرجال/محمد حرز الدين
1154ـ1227
الشيخ الأكبر الشيخ جعفر بن الشيخ خضر بن الشيخ يحيى الجناجي النجفي ولد في النجف سنة (1154) الفقيه المشهور شيخ الطائفة في عصره عند الإمامية في الأقطار الإسلامية عامة والعراق وإيران خاصة، العلم الذي استظل به المسلمون في أمر الدين والدنيا والفتاوى، له المآثر الحميدة التي لا تحصى والأخلاق الفاضلة التي لا تليق إلاّ بمثله، وكثيراً ما حدثنا العلماء المعاصرون عنه الخصال الطيبة مع أهل الفضل وطلبة العلوم الدينية عن مواقفه المشرفة في الدفاع عن أهل النجف والمجاورين من غارات أعراب البوادي مثل الغارات التي شنها سعود الوهابي.
وكان قده من العلم والتقوى والصلاح والزهد والعبادة والورع بمكان عظيم، وله مع ملوك عصره من المسلمين في العراق وإيران مواقف مشهودة وقد تشفع في إسراء الترك عند السلطان (فتح علي شاه) حينما وقعت الحرب بينه وبين العثمانيين في العراق، فشفعه فيهم وأطلق سراحهم، وصار ملوك آل عثمان وولاتهم ينظرون إليه نظر الإكبار والعظمة والخشية من قولته إذا قالها فيهم، وشفاعته بالقائد التركي (سليمان باشا كهيا) الكرجي عند السلطان المذكور أمر عظيم جداً، وما ذاك إلاّ لجلالة الشيخ الأكبر ورفعة شأنه ومنزلته عند السلطان، وكان قده شديد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي سفره إلى إيران كانت له مواقف مشهورة في إنكار المنكرات ومنع بيع الخمور وعمله، وقصته في شيراز مع أرباب المعامل التي تصنع الخمور غنت بها الركبان، حيث أنه لا تأخذه في الله لومة لائم، وإحصاء ما قام به من أعمال جبارة يستدعي رسالة مستقلة غير هذا، وكان عصره فيه العشرات من العلماء العظام وله الرئاسة العامة والتقليد.
أساتيذه:
قرأ المقدمات على والده المقدس الشيخ خضر، وبعدها حضر أبحاث المدرسين والعلماء وكانت تلمذته على أساطين عصره منهم الشيخ محمّد مهدي الفتوني العاملي، والشيخ محمّد تقي الدورقي، والسيد صادق الفحام والمحقق الأوحدي محمّد باقر بن محمّد أكمل المعروف بالوحيد البهبهاني وكان أكثر تلمذته عند هؤلاء الأعلام قدس الله أرواحهم وحضر عند السيد مهدي الطباطبائي النجفي أخيراً بعد أن رحل من كربلاء إلى النجف وكان الشيخ جعفر مكتفياً عن الحضور لما حضر بحث السيد لكن ترجح عنده الحضور لأمور سامية جليلة، وكان مجازاً من أساتيذه أن يروي عنهم.
تلامذته:
تتلمذ عليه الكثير من العلماء حتى أنه مضى زمن في إيران أن من عاصره ولم يحضر عليه لا يقلد في إيران بل لا يكون مرجعاً عاماً حدثنا الأستاذ قده بذلك، وممن حضر عليه صهره العلامة الشيخ أسد الله الدزفولي الكاظمي المتوفى سنة (1234) وصهره الشيخ محمّد علي الهزارجريبي المتوفى سنة (1245) والشيخ محمّد تقي الأصفهاني (صاحب الحاشية) المتوفى سنة (1248) صهره الثالث، والشيخ محسن الأعسم صاحب (كشف الظلام) المتوفى سنة (1238)، والشيخ خضر بن شلال العفكاوي المتوفى سنة (1255)، والسيد محمّد بن الأمير معصوم الرضوي صاحب (أعلام الورى) المتوفى سنة (1255)، والسيد محسن الأعرجي صاحب (المحصول) المتوفى سنة (1277) والسيد محمّد باقر الأصفهاني صاحب (مطالع الأنوار) المتوفى سنة (1260) والشيخ إبراهيم الكلباسي (صاحب الإشارات) المتوفى سنة (1261) وصهره الرابع السيد صدر الدين العاملي المتوفى سنة (1263) وأولاده المشايخ الأربعة، والشيخ محمدب بن أخيه الشيخ محسن صهره، والسيد جواد صاحب (مفتاح الكرامة) والشيخ محمّد حسن (صاحب الجواهر) ـ وكثير من هذه النظائر مثل السيد علي الأمين العاملي).
من يروون عنه:
يروي عنه بالإجازة الشيخ أحمد زين الدين الأحسائي المتوفى سنة (1241)، والشيخ علي عبد علي بن أميد علي الجيلاني النجفي صاحب (منهاج الكلام) في شرح شرايع الإسلام، الذي هو شيخ رواية العالم الزاهد الشيخ ملا علي الخليلي الرازي النجفي، وصهره الشيخ أسد الله، والشيخ خضر بن شلال، والسيد عبد الله بن السيد محمّد رضا شبر الكاظمي المتوفى سنة (1242).
مؤلفاته:
ألف كتاب (كشف الغطاء) وحيد في بابه وبه اشتهر أخيراً، ألفه في سفره إلى إيران وأهداه إلى السلطان (فتح علي) شاه القاجاري، وكتاباً كبيراً في الطهارة شرحاً على طهارة الشرايع، ورسالة عملية في الطهارة والصلاة سماها (بغية الطالب) في معرفة المفروض والواجب، ورسالة في مناسك الحج و(القواعد الجعفرية) و(الحق المبين في الرد على الإخباريين) وشرحاً على بعض أبواب المكاسب من قواعد العلامة، وإثبات الفرقة الناجية، وأحكام الأموات، ومشكاة المصابيح، و(غاية المأمول) في علم الأصول، و(كاشف الغطاء) في مطاعن الميرزا محمّد الإخباري، و(منهج الرشاد لمن أراد السداد) رداً على الوهابيين بعد ما كتب إليه كتاباً هبل الوهابية سعود النجدي العنزي.
وله مناضلة مع الميرزا محمّد الأخباري الاسترابادي قتيل الكرخ سنة (1232) وفيه نسب إلى المترجم له أموراً افترى عليه بها فالتزم المترجم له برده حتى ألف كتباً والتجأ المفترى أن يتحصن بسلطان الوقت في إيران فتح علي شاه فأجاره وستأتي ترجمة الإخباري، ومن إنكاره المنكر وإرشاداته الثمينة كتابه إلى أهل خوي في إيران لما توسعت دعوة الصوفية فيهم، وكان فيه توبيخ وتهديد وتحذير واستعطاف.
حج مكة المكرمة مرتين الأولى سنة (1186) ولما قدم هنأه الشعراء ومنهم أستاذه السيد صادق الفحام بقصيدة وحج ثانياً سنة 1199 ومعه الركب من علماء الإمامية منهم السيد محسن الأعرجي والسيد محمّد جواد العاملي، والشيخ محمّد علي الأعسم، وهنأه السيد أحمد العطار في النجف بقصيدة.
وفاته:
توفي في النجف يوم الأربعاء 22 من شهر رجب سنة 1227 ودفن في مقبرته الخاصة التي أعدها لنفسه في حياته وهي مشهورة جنب المدرسة والمسجد في محلة العمارة، ورثته الشعراء والأدباء ورثاه تلميذه السيد علي الأمين بقصيدة مطلعها:
أتطلب دنيا بعد فقدك جعفراً |
|
وتطمع فيها أن تكون معمرا |
وتركن للدهر الخؤن سفاهة |
|
وتغفل عما كنت تسمع أو ترى |
وترغب في الدنيا وتعلم حالها |
|
وتزهد في أخراك سراً ومجهرا |
إلى أن قال:
ولما مضى للخلد جعفر قاضياً |
|
أفاض من العلم الإلهي أبحرا |
وموسى هو البحر المحيط بعلمه |
|
فيالك بحراً في العلوم وجعفرا |
سقى الله قبراً ضم أعظم جعفر |
|
وأهداه كافوراً ومسكا وعنبرا |
* * *
ورثاه والي بغداد (داود باشا) العثماني بهذين البيتين رواهما بعض فضلائنا المعاصرين فقال:
فقل للدهر أنت أصبت فالبس |
|
برغمك دوننا ثوب الحداد |
إذا قدمت خاتمة الرزايا |
|
فقد عرضت سوقك للكساد |