الميرزا أبو القاسم بن المولى محمد حسن الرشتي صاحب القوانين المعروف بالميرزا القمي
اعيان الشيعة/ج2
الميرزا أبو القاسم ابن المولى محمد حسن ويقال ابن الحسن الجيلاني الشفتي الرشتي أصلا الجابلاقي مولدا ومنشأ القمي جوارا ومدفنا صاحب القوانين المعروف بالميرزا القمي واسمه كنيته ولد سنة 1150 أو 1151 أو 1153 وتوفي سنة 1231 أو 1233 بقم وقبره مزرور متبرك به.
الجيلاني بكسر الجيم وسكون الياء نسبة إلى جيلان ويقال كيلان بكاف فارسية قطر من بلاد إيران قاعدته رشت والشفتي بفتح الشين وسكون الفاء نسبة إلى شفت قرية من قرى رشت والجابلاقي نسبة إلى جابلاق بجيم فارسية وباء فارسية مضمومة وقاف آخر الحروف ناحية مشتملة على ثلثمائة قريبا وهي من توابع دار السرور التابعة بروجرد.
أقوال العلماء فيه كان مجتهدا محققا مدققا فقيها أصوليا علامة رئيسا مبرزا من علماء دولة السلطان فتح علي شاة القاجاري واشتهر بين العلماء بالمحقق القمي وفي عباراته شئ من الإغلاق وانفرد بعدة أقوال في الأصول والفقه عن المشهور كقوله بحجية الظن المطلق واجتماع الأمر والنهي في شئ واحد شخصي وجواز القضاء للمقلد برأي المجتهد وغير ذلك وقد قيل في حقه: هو أحد أركان الدين والعلماء الربانيين والأفاضل المحققين وكبار المؤسسين وخلف السلف الصالحين كان من بحور العلم وأعلام الفقهاء المتبحرين طويل الباع
كثير الاطلاع حسن الطريقة معتدل السليقة له غور في الفقه والأصول مع حقيقات رائقة وله تبحر في الحديث والرجال والتاريخ والحكمة والكلام كما يظهر كل ذلك من مصنفاته الجليلة هذا مع ورع واجتهاد وزهد وسداد وتقوى واحتياط ولا شك في كونه من علماء آل محمد وفقهائهم المقتفين آثارهم والمهتدين بهداهم اه وفي روضات الجنات: كان محققا في الأصول مدققا في المسائل النظرية شانه أجل من أن يوصف ورعا جليلا كثير الخشوع غزير الدموع طيب المعاشرة جيد الخط بقسميه المشهورين اه وفي قصص العلماء: عيلم تدقيق وعلم تحقيق علامة فهامة مقنن القوانين وناهج مناهج الصدق واليقين قدوة العلماء العاملين وأسوة الفقهاء الراسخين ورئيس الدنيا والدين أزهد أهل زمانه وأورع المتورعين وأعلم وافقه المعاصرين اه. وقال تلميذه الشيخ أسد الله صاحب المقابيس: الشيخ المعظم العالم العلم المقدم مسهل سبيل التدقيق والتحقيق مبين قوانين الأصول ومناهج الفروع كما هو به خقيق المتسنم ذروة المعالي بفضائله الباهرة الممتطي صهوة المجد بفواضله الزاهرة بحر العلوم الخائض بالفوائد والفرائد الكاشف بفكره الثاقب عن غوالي الخرائد شمس النجوم المشرقة بأنوار العوائد على الأوائل والأماجد والأداني والأباعد الأجل الأمجد الأعبد الأزهد الأورع الأتقى الأسعد الأوحد شيخنا ومولانا ومقتدانا الذي لم يعلم له في الفقهاء سمي الميرزا أبو القاسم بن الحسن الجيلاني القمي أدام الله عليه عوائد لطفه الأبدي وفيضه السرمدي وهو صاحب القوانين في الأصول والمناهج والغنائم
ومرشد العوام الفارسي في الفقه وغيرها من الرسائل والمسائل والفوائد العظيمة المنافع العميمة العوائد اه ونقلناه مع ما فيه من ضعف العبارة لأنه كلام عالم جليل يتضمن أعلى المدح لصاحب الترجمة. وذكره السيد عبد الله ابن السيد محمد رضا الحسيني في اجازته للشيخ أحمد الأحسائي فقال: الشيخ المعظم والعلم المقدم مسهل سبيل التدقيق والتحقيق مبين قوانين الأصول ومناهج الفروع كما هو به حقيق الميرزا أبو القاسم الجيلاني القمي قدس الله روحه ونور ضريحه اه. وفي الروضات: ذكره خصمه الألد ميرزا محمد عبد النبي النيسابوري الشهير بالاخباري الذي يعبر عنه وعن اتباعه بالقاسمة وعن صاحب الرياض وأصحابه بالأزارقة وعن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء واقرانه بالأموية في كتاب رجاله الكبير فقال: فقيه أصولي مجتهد مصوب معاصر يروي عن شيخنا محمد باقر البهبهاني مع اه ولفظه مع عنده رمز إلى معتبر الحديث كما أن صح رمز لصحيحه و ح لحسنه ومن لموثقه وض لضعيفه وقوله مصوب افتراء منه فليس في الامامية من يقول بالتصويب الباطل الذي هو بمعنى ان ما أدى إليه نظر المجتهد فهو حكم الله الواقعي لا هو ولا غيره ولعله يريد به التصويب في الحكم الظاهري الذي هو بمعنى المعذورية.
أحواله
أصل أبيه من شفت من قرى رشت وجيلان ثم سكن جابلاق من أعمال دار السرور فولد ابنه أبو القاسم هناك واشتغل أولا على أبيه في العلوم الأدبية ولما بلغ مبلغ الرجال انتقل إلى بليدة خوانسار واشتغل على السيد حسين الخوانساري جد صاحب روضات الجنات عدة سنين في الفقه والأصول وتزوج بأخته ثم توجه إلى العراق فقرأ على الآقا محمد باقر
البهبهاني في كربلا. وفي قصص العلماء انه كان في أول أمره فقيرا للغاية وكان الآقا البهبهاني يتعبد بالاجرة وينفق عليه وهذا ما لا يكاد يصح فالآقا البهبهاني كان رئيس زمانه والأموال تجبى إليه فلا يحتاج إلى أن يتعبد بالاجرة وينفق على الميرزا القمي وإن كان ذلك في أول امره فلم يكن معروفا ليقصده الميرزا ويقرأ عليه قال ثم عاد إلى بلاد العجم مجازا من شيخه البهبهاني فجاء أولا إلى وطن أبيه دره باع من قرى جابلاق ولما كانت هذه القرية صغيرة وأسباب معاشه فيها ضيقة انتقل منها إلى قرية قلعة بابو من قرى جابلاق وصار المتكفل بأموره الحاج محمد سلطان من أعيان جابلاق وأرباب الثروة والتدين وأحب الميرزا وأعانه وقرأ عليه هناك رجلان أحدهما ميرزا هداية أخو الحاج محمد سلطان والآخر علي دوستخان ابن الحاج طاهر خان فقرأ عليه في النحو والمنطق في شرح الجامي وحاشية ملا عبد الله ولم يكن أهل تلك القرية يعرفون قدره بل إنهم استخفوا به فانتقل إلى أصفهان وأخذ يدرس في مدرسة كاسه گران مدة من الزمان فالحق به أحد علماء الدنيا بعض الأذى حسدا لما رأى فيه من آثار الرشد فسافر إلى شيراز وكان ذلك في أيام سلطنة كريم خان الزندي فبقي هناك سنتين أو ثلاثا وأعانه الشيخ عبد المحسن أو ابنه الشيخ مفيد بمبلغ سبعين تومانا أو مائتي تومان على اختلاف الحكايتين فرجع إلى أصفهان ولم يكن عنده كتب فاشترى بعض كتب الاستدلال واللغة والحديث ويقال ان الكتب كانت يومئذ تباع بالوزن ثم رجع من هناك إلى قرية بابو واشتغل عليه بعض الطلاب في الفقه والأصول ولكن لما كان البلد خاليا من العلماء والفضلاء والطلبة وأمر معاشه فيها ضيقا انتقل إلى قم اه ويقال ان أهل قم هم الذين طلبوا منه الإقامة في بلدهم فأجابهم وتوطن قما ودرس بها وألف أكثر كتبه فيها وطار ذكره في إيران وقلده الناس وبقي فيها إلى أن توفي وكان مدة اقامته فيها مشغولا بالتأليف والتصنيف والمقابلة والتدريس وأجوبة الاستفتاء وصلاة الجمعة والجماعة وإرشاد الخلق. وكان له مع الملا علي النوري الأصفهاني الحكيم الإلهي المعروف وداد صميم وبينهما مكاتبات في المسائل العلمية وجملة منها بطريق السؤال والجواب مدرجة ضمن المسائل المتفرقة في آخر جامع الشتات.
وفي الروضات انه كانت بينه وبين السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض مخالفات ومنافرات كثيرة في المسائل العلمية قال وذكر لي شيخنا الفقيه المتبحر السيد صدر الدين الموسوي العاملي انه كان في تلك الأيام بكربلا فكان صاحب الرياض يناظره في كثير من مسائل الفقه والأصول حيثما اجتمع به ويضيق عليه في المناظرة ويقول لي تكلم معه فيما تريده من المسائل لتعلم انه ليس بشئ قال ولا يبعد كون صاحب الرياض يعتقد فيه ذلك لأنه كان قليل الحافظة ولذا حكي عنهما انه في بعض المجالس جعل السيد يستطيل عليه في المناظرة ويقول له برفيع صوته قل حتى أقول والميرزا يجيبه بصوت منخفض اكتب حتى اكتب وكان الميرزا يرى حرمة الزبيب المطبوخ في المرق حتى يغلي قبل ذهاب ثلثيه ونجاسته كالعصير العنبي وصاحب الرياض يرى حل العصير الزبيبي وطهارته فاتفق ان السيد دعا الميرزا إلى ضيافته في كربلا حين جاءها الميرزا زائرا وكان على المائدة مرق
فيه الزبيب فلما أكل منه الميرزا وأحس بطعم الزبيب قام ليغسل فمه وقال للسيد نعم الضيافة ضيافتك آذيتنا وأطعمتنا النجس ولم يقرب الطعام.ومما يحكى عن الميرزا القمي في أيام تحصيله واشتغاله بالمطالعة انه كان إذا غلبه النوم وضع على السراج طاسة ووضع يده عليها ونام بمقدار ما تسخن الطاسة فلا يطيق وضع يده عليها فينتبه.قال وكان يرجع عند شكه في مسائل الفقه في وجود مخالف في المسألة إلى سيدنا الفقيه المتتبع السيد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة أيام مقامه عنده ونزوله عليه في قم المباركة اه.أقول ويحكى انه لما زار العتبات الشريفة بعد مجاورته بقم وأراد علماء النجف الأشرف مناظرته في مسالة حجية الظن المطلق اختاروا لذلك السيد حسين ابن السيد أبي الحسن موسى الحسيني العاملي أخا جد والد المؤلف وكان مبرزا في علم الأصول فاورد عليه ايرادات كثيرة لم يجب الميرزا عن جميعها في المجلس ثم ذكرها في قوانينه في ذلك المبحث بصورة فان قلت
قلت فالأسئلة الكثيرة في ذلك المبحث هي للسيد حسين المذكور.
مشايخه
قرأ أولا على والده ثم على السيد حسين الخوانساري ثم على الآقا البهبهاني كما مر ويروي بالإجازة عن شيخه البهبهاني المذكور وعن الشيخ محمد مهدي الفتوني العاملي والآقا محمد باقر الهزارجريبي النجفي. وفي المقابيس: وقد روى عن الأستاذ الأعظم الآقا البهبهاني والشيخ الفتوني وغيرهما اه.
تلاميذه
يروي عنه صاحب المقابيس الشيخ أسد الله التستري صرح بذلك في مقدمة المقابيس والسيد محسن الأعرجي صاحب المحصول والكرباسي صاحب الإشارات وتلميذ المترجم صاحب مطالع الأنوار والسيد عبد الله شبر ويروي عنه أيضا تلميذاه السيد محمد مهدي الخوانساري صاحب الرسالة المبسوطة في أحوال أبي بصير وابن أخيه السيد علي شارح منظومة بحر العلوم شرحا لم يتم. وفي روضات الجنات انه كان كثير العناية بهما شديد المحبة لهما كثير الاعتماد عليهما مصرحا بفضلهما واجتهادهما وتقدمهما على جميع تلاميذه اه ويروي عنه السيد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة. ورأيت اجازته له بخطه على ظهر بعض مجلدات الكتاب المذكور وتاريخها في جمادي الأولى سنة 1200.
مؤلفاته
له مؤلفات كثيرة بالعربية والفارسية: 1 القوانين المحكمة في الأصول وحواشيها طبعت عدة مرات صنفها حين قرأ الطلاب عليه معالم الأصول وأورد فيها حاصل حاشيتي الفاضل الشيرواني وسلطان العلماء على المعالم ولذا حكي عن بعض معاصريه أنه قال له انما جمعت القوانين من المعالم وحاشيتيه المذكورتين فقال كفاني فخرا ان فهمت المعالم وحاشيتيه
ولخصت منها كتابا وقد رزقت القوانين حظا وافرا في التدريس إلى هذا العصر فنسختها كفاية الشيخ ملا كاظم الخراساني وفي القوانين يقول السيد صدر الدين الموسوي العاملي الأصفهاني جد آل صدر الدين الشهيرين في العراق وأصفهان:
ليت ابن سينا درى إذ جاء مفتخرا باسم الرئيس بتصنيف لقانون ان الإشارات والقانون قد جمعا مع الشفا في مضامين القوانين وعني بالقوانين جماعة وعلقوا عليه التعاليق من ذلك تعليقة السيد محمد الأصفهاني الشهير بالشهشاني وتعليقة السيد علي القزويني وتعليقة الملا لطف الله المازندراني وتعليقة الآخوند محمد علي القره جه داغي وتعليقة للفقير مؤلف هذا الكتاب. 2 كتاب آخر في الأصول حاشية أو شرح على شرح المختصر. 3 شرح تهذيب العلامة في الأصول. 4 الغنائم في الفقه في العبادات مطبوع. 5 المناهج في الطهارة والصلاة وكثير من أبواب المعاملات مطبوع. 6 جامع الشتات في أجوبة المسائل مرتب على أبواب الفقه أكثره بالفارسية مطبوع. 7 معين الخواص في فقه العبادات بالعربية مختصر. 8 مرشد العوام لتقليد أولي الأفهام بالفارسية مختصر. 9 رسالة في الأصول الخمسة الاعتقادية والعقائد الحقة الاسلامية بالفارسية. 10 رسالة في قاعدة التسامح في أدلة السنن والكراهة. 11 رسالة في جواز القضاء والتحليف بتقليد المجتهد. 12 رسالة في عموم حرمة الربا لسائر عقود المفاوضات. 13 رسالة في الفرائض والمواريث مبسوط. 14 رسالة في القضاء والشهادات مبسوط. 15 رسالة في الطلاق. 16 رسالة في الوقف. 17 رسالة في الرد على الصوفية والغلاة. 18 منظومة في المعاني والبيان. 19 تعليقة على شرح جد والد صاحب روضات الجنات لعبارة شرح اللمعة في صلاة الجماعة. 20 رسالة في الشروط الفاسدة في البيع. 21 كتابة مفصلة ذات فوائد أرسلها من النجف الأشرف للمذكور. 22 ديوان شعره بالفارسية والعربية يقارب خمسة آلاف بيت. وقيل إنه وجد بخطه ما يدل على أنه كتب أكثر من ألف رسالة في مسائل شتى من العلوم.
2013-02-24