الجمعة , 29 مارس 2024
الرئيسية » ح » الشيخ حسن بن الشيخ محمد السبيتي الكفراوي

الشيخ حسن بن الشيخ محمد السبيتي الكفراوي

اعيان الشيعة/ج5

 الشيخ حسن ابن الشيخ محمد السبيتي العاملي الكفراوي. توفي سنة 1289.

السبيتي بلفظ المصغر أصله السبتي نسبة إلى سبته من بلاد المغرب لان أصلهم منها جاءوا من عهد غير بعيد إلى بلاد صفد ثم انتقلوا منها إلى خرائب ارزيه ثم إلى كفرة وتوطنوها إلى اليوم. كان عالما فاضلا أديبا شاعرا يتعاطى الطب ذكره الشيخ محمد آل مغنية في كتابه جواهر الحكم فقال قرأ مع أخيه الشيخ علي وخاله الشيخ محمد علي عز الدين في جبل عاملة عند الشيخ حسن مروة ثم عند السيد علي آل إبراهيم ثم توجه إلى العراق فاستقام مدة مديدة يشتغل واخوه الأكبر الشيخ علي بعاملة يمده بالدراهم ثم عاد إلى بلاده عالما فاضلا محققا مدققا من العلماء الابدال المبرزين لم يلف مثله في عاملة في جودة القريحة وحدة الفطنة وشدة الذكاء وفي النحو سيبويه زمانه ومع فضله وغزارة علمه كان ريض النفس كريم الاخلاق كرمه يحاكي الغيث عند انسجامه وكان أبي النفس ما تنازل للدنيا ولا سلمها زمام قيادة عالي الهمة شريف النفس عفيفا وقورا مهيبا جليلا ألوفا مناصحا باذلا كريما متلافا ومهما كانت القضايا وعظمت فهو حلال مشكلاتها كشاف معضلاتها كم وكم من وافد عليه خرج من عنده موفورا وكم وكم أغاث ورد الظلامة عن أقوام وارجع الحق للآخرين وكان يتعاطى الطبابة وظهرت له فيها إصابات غريبة دلت على معرفته وجود قريحته وشفي على يده جماعة من عضال الداء وسمعته بصور قال عن مريض ان مرضه انتقل إلى درجة لا يمكن معها الصحة ولا يعيش أكثر من عشرين يوما فكان كما قال ولما توفي حضرت جنازته واجتمع فيها خلق كثير وكان يوما مشهودا اه‍ سافر إلى العراق مع خاله الشيخ محمد علي آل عز الدين وذكره اخوه الشيخ علي ابن الشيخ محمد السبيتي في بعض مجاميعه انه ارسل إلى أخيه وخاله المذكورين أيام اشتغالهما بالعراق بكتاب فيه نثر وشعر وذلك في 16 شوال سنة 1263 قال وفي تلك السنة كانت الحرب بين عرب عنزة بين محمد السمير ونايف الشعلان ومن جملة القصيدة قوله:

الا هل ترجع الأيام دهرا * ولو نفسي تفيض على البشير

ودون مناي ظن ليس يصحو * وجمع الشمل في كف القدير

فما هجهجت عن بالي هموما * جهلت لها المساء من البكور

تمسك بالوصي أبي حسين * وبالسبطين شبر مع شبير

وارسل اليه العلامة ابن عم * والدي السيد كاظم ابن السيد احمد

الحسيني العاملي بهذه القصيدة من * العراق إلى جبل عاملة:

يا أيها الخل الذي بفخاره * وبمجده قد طاول الأفلاكا

والماجد الندب الذي مهما تكل * يوما اليه من الأمور كفاكا

المخلص النائي إذا استغنيت * والداني إليك إذا الملح لحاكا

والصادق الود الذي بصفائه * ووفائه أعيا الورى ادراكا

الحافظ العهد الذي أملكته * ودي على طول المدى املاكا

المجتبى الحسن الفعال ومن إذا * خطب عراك بنفسه واساكا

اني لأمنحك المحبة والوفا * ابدا وان عذبتني بنواكا

ما ذقت طارقة النوى في هجرتي * وأبيك الا حين شط حماكا

أبغي الأنيس فلا أرى لي مؤنسا * الا التردد حيث كنت أراكا

خل يحن إليك مذ فارقته * لولا عوائقه سرى مسراكا

يا ليت شعري يا أخي هل الذي * يوم الوداع شجا أخاك شجاكا

هيهات لست أرى كقلبي رقة * وصفا وان كنت الجدير بذاكا

تنسى السلام وما بلغت أخي إلى * دار السلام فما الذي أنساكا

ما ذاك الا ان أسباب الهوى * كانت ظواهر لم تنط بحشاكا

هذا ولم ترد الشام فكيف لو * وافيتها ولك الخليط هناكا

سرعان ما تسلو الخليل فعاذر * من قال ما أجفاك ما أجفاكا

لكنني واخائك المحفوظ لا * أسلوك لا أجفوك لا أنساكا

فعسى الاله كما قضى بالناي من * بعد النوى يقضي لنا بلقاكا

وسقى المهيمن عهدك الماضي وان * أظمى الفؤاد مضيه وسقاكا

وعليك بل وعلى البلاد وأهلها * مني السلام بقدر ما أهواكا

فعمد الشيخ حسن إلى الصدور فحذفها وجعل لها صدورا غيرها

وجعلها هي الجواب فقال:

يا ماجدا ساد الورى بكماله * وبمجده قد طاول الأفلاكا

والسيد الندب الكريم متى ترد * يوما اليه من الأمور كفاكا

والحافظ الواعي إذا أنسيت * والداني إليك إذا الملح لحاكا

والعالم الحبر الذي بسنائه * وصفاته أعيا الورى ادراكا

الكاظم الغيظ الوفي ومن إذا * خطب عراك بنفسه واساكا

لا ابتغي خلا سواك ولا هوى * ابدا وان عذبتني بنواكا

ما كنت أدري بالصبابة والهوى * وأبيك الا حين شط حماكا

وأروم طيفك في المنام فلا أرى * الا التردد حيث كنت اراكا

صب يؤرقه النوى من بعدكم * لولا عوائقه سرى مسراكا

قسما بخالص عهدنا ان الذي * يوم الوداع شجا أخاك شجاكا

تالله لست أرى لغيرك موثقا * وصفا وان كنت الجدير بذاكا

ما ساءني ان قلت ما بلغ المدى * دار السلام فما الذي أنساكا

فرعيت عهدي لا أرى أسبابه * كانت ظواهر لم تنط بحشاكا

وتقول مقصدك الشام فهل إذا * وافيتها ولك الخليط هناكا

ترعى مواثيق العهود وعاذل * من قال ما أجفاك ما أجفاكا

قسما بصادق ودك المحفوظ لا * أجفوك لا أسلوك لا أنساكا

فعسى الزمان كما قضى بالبعد من * بعد اللقا يقضي لنا بلقاكا

وعليك بل وعلى الأولى نقضوا الولا * مني السلام بقدر ما أهواكا

وأرسل اليه مع هذا الجواب هذه الأبيات:

أيا سيدا أدنى ماثره الوفا * وأكرم من تنمى اليه المكارم

لكم قصبات السبق في كل موقف * وما أنتم الا البحور الخضارم

فلا غرو ان قلدتني بفرائد * لها القلم الجاري بكفك ناظم

عداك عتابي لم أكن عنك ساليا * ولم اتخذ خلا سواك ينادم

ولست كمن ضاعت حقوقي لديهم * فعهدك محفوظ وودك دائم

وما ضرني من قال عني انني * جفوت وهل من السن الناس سالم

فاجابه السيد بهذه الأبيات:

هواي مع الركب الشامي مصعد * جنيب وجسمي بالعراق مقيد

أقول لألف أمه كنت آنسا * به وحسام البين عني مغمد

لك الخير اني سرت عنه وليس لي * سواك أخ بر على الدهر مسعد

رحلت وللأحشاء مني تلهف * عليك وآماق تجود وترفد

فيا أيها الخل الذي سار ظاعنا * تغور به الوجناء طورا وتنجد

أتدري رعاك الله اني بعد ما * ترحلت عني مستهام مسهد

أخو فكر أرعى النجوم كأنني * عليها رقيب والخلائق هجد

أروح بهم ثم أغدو بمثله * وجمر الغضى في مهجتي يتوقد

وان فؤادي مذ تناءيت موثق * لديك وجسمي بالغريين مصفد

حليف ضنا لم تبق فيه بقية * سوى نفس في صدره يتردد

وخفف ما بي من جوى وصبابة * كتاب اتى بالدر منك منضد

تناط بأمثال اللآلي فصوله * وألفاظه منها على السمع أعود

فنظم يروح ابن العميد بحسنه * عميدا وفرسان البلاغة شهد

وغير عجيب ان ناظم عقده * على مثله منا الخناصر تعقد

ولا بغريب ان ناسج برده * جواد بميدان الفصاحة أوحد

أخو فطنة كالسيف والسيف صارم * وذو فكر كالبحر والبحر مزبد

اما وعهود للتصافي قديمة * وميثاقها عندي وثيق مؤكد

وعقد إخاء شده الله بيننا * وبينك يبلى الدهر وهو مجدد

لئن عاد لي دهري بقربك ثانيا * فتلك المنى والعود يا رب احمد

هنالك عني تنجلي كل كربة * رمتني على عمد بها للنوى يد

وأغدو وأمسي ناعم البال في أخ * على الدهر لي منه حسام مهند

فلا زال ماكر الزمان موفقا * لنهج الهدى والحق يهدي ويرشد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.