الجمعة , 3 مايو 2024
الرئيسية » ح » الشيخ حسن كاشف الغطاء

الشيخ حسن كاشف الغطاء

معارف الرجال/محمد حرز الدين

1201ـ1262

الشيخ حسن بن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء بن الشيخ خضر الجناجي النجفي المولود في النجف سنة (1201) وأرخ عام ولادته الشيخ محمّد رضا النحوي بقوله:

أهلاً بمولود له التاريخ قد    أنبته الله نباتاً حسناً

فقيه العصر وفريد المصر، عالم مدقق مشهور بالفقاهة وحسن الاستنباط والنظر الصائب، وقد بالغ شيخنا الأستاذ الحاج ميرزا حسين الخليلي في فقاهته حتى أطنب في مديحه من حيث الدقة والغور في المسائل العلمية والأدب الواسع وكان من أعلام الإسلام ورؤسائهم، صاحب الفتيا والمقام الرفيع، وكان شاعراً أديباً سريع البديهة، وقد أقام في الحلة المزيدية سنين معدودة وله فيها دار ومكتبة، وكتب جملة من (أنوار الفقاهة) فيها على ما رواه بعض العارفين بأحواله ولم أتحققه، ورجع إلى النجف سنة (1253) لما توفي أخوه الأكبر رئيس الإمامية في عصره واجتمع أهل الفضل والعلم عليه فكان الزعيم المطاع بالرغم من أن صاحب الجواهر كان موجوداً في النجف، وكانت تأتي إليه المسائل من جميع الأقطار الإسلامية وغيرهم فيجيب عنها بالوقت نفسه لسعة إحاطته واستحضاره.

أساتيذه:

حضر على والده قليلا، وعلى أخيه الشيخ موسى، وعلى بعض عيون تلامذة والده كالسيد جواد العاملي، والشيخ أسد التستري الكاظمي، والشيخ سليمان القطيفي، والشيخ قاسم محي الدين، وقيل حضر على السيد عبد الله شبر والمعروف أن كلا من أساتيذه أجازوه.

من يروي عنه:

أجاز أن يروي عنه السيد مهدي بن السيد حسن بن السيد احمد القزويني الحلي النجفي المتوفى سنة (1300)، والشيخ نعمة بن علاء الدين بن أمين الدين الطريحي النجفي المتوفى حدود سنة (1292) والسيد محمّد مهدي بن السيد حسن بن السيد محسن الأعرجي الكاظمي، وتلميذه الشيخ محمّد بن الشيخ إبراهيم بن الشيخ علي بن عبد المولى الربعي المشهدي النجفي المتوفى سنة (1281)، والشيخ جعفر بن الميرزا أحمد التبريزي المتوفى سنة (1262)، إجازة اجتهاد، والمعروف أنه أجاز الشيخ مشكور الحولاوي والشيخ جواد نجف والشيخ ملا علي وأخاه الأستاذ الحاج ميرزا حسين الخليليين، والشيخ أحمد الدجيلي والسيد إسماعيل البهبهاني المتوفى سنة 1295، والشيخ المرتضى الأنصاري، والأستاذ الملا محمّد الإيرواني، والشيخ عبد الحسين الطهراني، والسيد حسين بحر العلوم وغيرهم كثير.

تلامذته:

حضر عليه جمهرة من الأعلام وجلهم صاروا مراجعاً منهم الفاضل الإيرواني، والشيخ محمّد بن الحاج مهدي العكام النجفي صاحب كتاب (وقاية الأفهام)، والشيخ مشكور الحولاوي الكبير المتوفى سنة (1272) والسيد مهدي القزويني المذكور، والشيخ محمّد باقر بن الشيخ محمّد تقي بن أخته، والشيخ حسن المامقاني، والشيخ عبد الرحيم البروجردي، والسيد عبد الباقي الكيلاني إلى غير هؤلاء.

مؤلفاته:

ألف كتاب (أنوار الفقاهة) في تمام كتب الفقه عدى كتاب الصيد والذباحة والسبق والرماية والحدود والديات رأيته مخطوطاً وهو كتاب متين كثير الفروع محيط للغاية، وتكملة شرح كتاب البيع من (قواعد العلامة) لوالده كاشف الغطاء، وتكملة كتاب (بغية الطالب) لوالده، وشرح مقدمات (كشف الغطاء) لوالده يشتمل على عدة مباحث في الأصول، وله رسائل عديدة منها في (الإمامة) ورسالة في المكاسب إلى الخيارات، ورسالة في الزكاة والخمس والصوم من طريق الاستدلال، وأجوبة مسائل كانت ترد عليه من الأقطار، ورسالة عملية لمقلديه.

يروى له شعر رائق لا يذكر على طريقة الشعراء والأدباء حيث قد يزري به من مرض قلبه حسداً كقول القائل:

كضرائر الحسناء قلن لوجهها    حسداً وبغياً إنه لذميم

ومما يذكر ما حدثني به ولده العالم الشيخ عباس ونحن نتمشى في ارض الغري النجف الأقدس قوله (قده).

أرض الغري وبوركت أرضاً    أرضى ولست بغيرها أرضى

وروى المعاصرون له مقطوعة كتبها في رسالة إلى السيد كاظم الرشتي المتوفى سنة (1259) مطلعها:

شقيق أراه معرضاً عن شقيقه    كأن طريقي كان غير طريقه

لك الخير لا يذهب بوجدك عاذل     يفرق عنا شائقا عن مشوقه

يحن إلى ذكراك في كل ساعة    كما حن وجداً عاشق لعلوقه

ترفق بصب مستهام فؤاده    (يحن وراء الركب حنة نوقه)

له ناظر يرعى النجوم ومدمع     يسيل وقلب خافق من مضيقه

فلا العين ترجو أن تجف دموعها     ولا القلب يرجو راحة من خفوقه

وشتان ما بين الخلي وواجد     وما بين مأسور الهوى وطليقه

وما بين مألوف السهاد وراقد     وما بين مثلوج الحشى وحريقه

وكان الشيخ بل جميع أنجال الشيخ الأكبر حصنا ومفزعاً للمسلمين أجمع كأبيهم (قده)، ومن جهاده ودفاعه عن سكنة النجف الأشرف أنه دفع عنها طغيان الوالي نجيب باشا العثماني أول سنة (1259) بعد أن فتح (كربلاء) الجريحة وقتل أهلها ونهب وأحرق أموال مجاوريها، قيل إن الذين قتلوا في كربلاء يزيد عددهم على العشرة آلاف مسلم ومسلمة وكانت الوقعة يوم (الغدير) سنة 1358 (غدير خم) حدثنا الثقاة من المعمرين وبعض مشايخ الغري، وآخر من حدثني الثقة الجليل الشيخ حسين نجل الأستاذ الشيخ حسن الفرطوسي سنة (1330) عن ابيه قال إنه كتب الوالي نجيب باشا إلى المترجم له كتاباً وفيه قوله تعالى (سنفرغ لكم أيها الثقلان) فعلم بالكتاب مجاوروا قبر علي أمير المؤمنين عليه السلام فاضطربوا لما سبق من مجزرة كربلاء، فخرج العجزة والضعفاء إلى بساتين الحيرة والكوفة وأخذ نجيب باشا يجمع الجموع من الجيش التركي ورؤساء القبائل خارج كربلاء قاصداً حرب النجف وباقي مدن العراق التي لم ترضخ لجور الولاة العثمانيين، فعندئذٍ خرج المترجم له لملاقاة الوالي في كربلاء وبصحبته جماعة من أهل الفضل والدين ومنهم الفقيه الشيخ حسن الفرطوسي وكان كهلاً، ولما قاربوا كربلاء رجع البعض لما شاهدوه من الجيوش المجمعة وبقي نفر يسير مع الشيخ منهم الفرطوسي، حتى دخلوا المعسكر وأخبروا الوالي أنه قدم الشيخ حسن كاشف الغطاء مع جماعته فأمر الوالي بخيمة كبيرة ضربت لهم وجلسوا ثم أقبل الوالي عليهم قال الفرطوسي فأعلمنا الشيخ بقدومه لكي يستقبله فلم يلتفت ونحن نحثه حتى صار بباب الخيمة ثم أن الشيخ زجرهم فقلت لرفقائي إن الشيخ أعرف بشؤونه منا، ثم دخل الخيمة واستقر مكانه والمترجم له على جلسته، قال الوالي مخاطباً الشيخ ألم يصلك كتابي ألم تسمع بسطوتي؟ الجواب سمعنا كل ذلك، وكان يزيد بن معاوية أشد منك سطوة، قال الوالي له لمه لم تؤدي حق الوافد والقيام له أجابه الشيخ إني بالنسبة إليك كالسلطان إلى الرعية، الوالي وكيف ذلك؟ فصاح الشيخ بأعلى صوته لكي يسمع الأمراء والضباط الحاضرون، أنا أخو الشيخ موسى المصلح بين الدولتين… ونحن لنا الفضل عليكم ولولا أخي لاحتل أهل إيران العراق منكم فأخي السلطان وأنا أخوه وإذا أسأت إلينا تغضب عليك حكومة إسطنبول ثم أن الضابط والجيش لابد وأن يخالفوك إن نويت عقوبة النجف بلد ضم تربته جسد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بطل الإسلام والمسلمين، والنجف بلد العلم والدين فاستجوب الأمراء والضباط ورؤساء القبائل الذين زهوت بهم وأعرف موقفك منهم، ثم أدخلوا بقيتهم إلى الخيمة وخاطبهم الشيخ بعد أن عرّف نفسه لهم (ناشدتكم الله تعالى هل تطيعون الباشا بضرب النجف ومن فيها) الجواب كلا قال الباشا الآن عفونا عنكم، أجابه الشيخ بعد أن عفوت فلك علينا حق الوافد ثم قام من مجلسه وتصافحا قال الباشا الآن نرجع الأمر إليك يا شيخ النجف بالانصراف أو ندخل النجف سلماً أجابه لا معنى لدخول الجيش النجف بعد العفو، والذي أراه أنت وخاصتك ضيف عندنا لكي تزور بطل الإسلام سيدنا علي أمير المؤمنين عليه السلام فأجاب الدعوة، وقدم الوالي نجيب باشا النجف مع خواصه وحراسه يقرب من أربعمائة فارس تركي، فاستقبلهم سدنة الحرم الأقدس حاملين المصاحف التي تحمل أمام الملوك، والأعلام بأيديهم، وأقام الباشا ثلاثة أيام ضيفاً على الشيخ في دارهم الكبيرة، وعند حلول مغادرتهم النجف جاءت المرأة الصالحة (بنت الشاه زاده القاجاري) إلى الشيخ والتمست منه الرخصة بأن تصنع طعاماً إلى الجيش في الطريق عند عودته، خدمة للعلماء وكيان النجف وفرحاً بدفع المكروه عن المجاورين انتهى.

وحدث مشايخنا مناظرته مع علماء بغداد سنة (1260) في عهد الوالي نجيب باشا حينما قدم العراق (ممثل علي محمّد الباب رئيس البابية) وصار يدعو لمبدئه الفاسد وهاجم المسلمين في بغداد ثم أحضر الوالي علماء الفريقين لمناظرته فكان المترجم له يرأس الوفد النجفي، والسيد إبراهيم صاحب الضوابط المتوفى سنة (1264) يرأس الوفد الكربلائي والمفتي محمود أفندي الآلوسي يرأس علماء بغداد كما وأعد الوالي مجلساً عاماً بإشرافه، وهناك أصبح المترجم له ممثل الشيعة عامة ولما استقر بهم المجلس وتناولوا بعض الكلام حكم مفتي بغداد وزملاؤه بردة (علي محمّد الباب) (وممثله) وإن توتبه لا تقبل وحده القتل، وكانوا يأملون موافقة المترجم له لرأيهم كي لا ينتقض ما أبرموه للتطرق إلى كل من ينتحل التشيع أو ينسب إليه على زعمهم يحكم عليه بالتكفير والقتل بهذا الطريق، وقد سد الشيخ حسن هذا الباب الذي فتحوه بقوله هذا الإمام الأعظم أبو حنيفة يقبل توبته، فقالوا له العجب ممن ينقل لنا فتوى مذهبنا ونحن أعلم به منه وقد أضمروا تبهيته بذلك فقال الوالي علي برسالة أبي حنيفة فوجدوا له قولا بذلك، هذا والاستفتاء مكتوب موقع من كل منهم بردة هذا، فتناوله الشيخ حسن وخرقه بمرأى منهم ومسمع وتلا قوله تعالى: (وعمدنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءاً منثوراً الآية) وقام الشيخ ظافراً منصوراً فتبرأ الوالي من جماعته وحسنت عقيدته بالشيخ لعلمه وصفائه ثم أقبل عليه وصافحه وعظمه انتهى.

وفاته:

توفي في النجف ليلة الأربعاء 27 شوال سنة (1262) على المشهور ودفن في مقبرة والده المعروفة.

مصادر الدراسة:

1 – علي الخاقاني: شعراء الغري (جـ 3) المطبعة الحيدرية – النجف 1954.

2 – محسن الأمــين: أعيان الشيعة (ط 5) – دار التعارف – بيــروت 1998.

3 – محمد باقر الخوانساري: روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات – طبعة حجرية 1347هـ/ 1928م.

( 1201 – 1261 هـ)

( 1786 – 1845 م)

 سيرة الشاعر:

حسن بن جعفر (صاحب كشف الغطاء) بن خضر الجناجي النجفي.

ولد في مدينة النجف (العراق) وقضى حياته بها، غير مدة قضاها في الحلة، وكانت وفاته في النجف.

قضى حياته في العراق.

نشأ على أبيه، وأقام مدة في مدينة الحلة، وحين مات أخوه رجع إلى النجف وحلّ محله واشتغل في التدريس، واكتسب مكانة علمية رفيعة.

درس على والده، وأخيه موسى، وجواد العاملي، وأسد الله التستري، وعبدالله شبر، وعلي البحراني، وسليمان القطيفي.

استجازه وروى عنه كثير من العلماء والفضلاء، وكانت له مكانة رفيعة لدى الدولة العثمانية.

 الإنتاج الشعري:

– له شعر قليل جدًا، ومن هذا القليل ما أثبته كتاب «شعراء الغري».

 الأعمال الأخرى:

– له عدة دراسات هي رسائل وشروح في الفقه والأصول والعبادات والمعاملات.

شعر تقليدي، تثيره رغبة المراسلة، أو دواعي الحياة الاجتماعية، ألفاظه وتشبيهاته مستمدة من أشعار السابقين، قد يجلب بعض المحسنات البديعية، كما قد

يشّطر على طريقة شعراء زمانه.

 عناوين القصائد:

ترفَّقْ بي

أرض الغري

عتاب صديق

ترفَّقْ بي

تـرفَّقْ بـي ودَعْ عـنك الـمــــــــــــلالا

وصِلْ مُضْنى الفؤاد ولـو خـيــــــــــــالا

مـلِلْتُ مـن الـبكـا وأذاب جسمـــــــــــي

مَلالاً فـيك مـا ألِفَ الـمــــــــــــلالا

 أجِبْ بنعـمْ سؤالَ الـــــــــــــوصل واسمحْ

فـمـثلُكَ لا يُجـيب بــــــــــــلا، سؤالا

فديـتكَ هل تعـيـد عـلى كئـــــــــــــيبٍ

لُيَيْلاتٍ بـهـا اغتـنمَ الـوصـــــــــــالا

 جنـيـتُ بـهـا ثـمـارَ الــــــــــوصلِ مِمَّنْ

بـدا قـمـرًا وحَيّانـــــــــــــــي غزالا

 فـيـا أسفـي عـلى زمــــــــــــــنٍ تقضَّت

لـيـالـيـه وقـد سلفتْ عِجـــــــــــــالا

رشًا شفتـاه تحكـي لـي عقـيــــــــــــقًا

ويحكـــــــــــــــــــي ثغرُه دُرّاً تَلال

يـمـيل بـه الهـوى طربًا وقـلـبـــــــــي

تـمـيلُ بـه الصَّبـا مـن حـيث مــــــــالا

صـبرتُ عـلى الأذى فـيـــــــــــه إلى أن

رأيـتُ الصـبر قـد عزَمَ ارتحـــــــــــالا

وخـالفت العـواذلَ فـي هــــــــــــــواه

ولـم أسمع لهـم أبـدًا مقـــــــــــــالا

جفـا جنـبـي الـمضــــــــــاجعَ واستدارتْ

عـلى الأحشـاء لـوعـاتٌ قتــــــــــــالا

وأوَقَدَ فـي الـحشـا نـارًا إذا مـــــــــا

نأى تزدادُ فـي كبـدي اشـتعـــــــــــالا

وأبعـدَنـي عـلى ظـــــــــــــــمأٍ وأوفى

إلـيـه مـن ابتغى عـنه انفصــــــــــالا

رمـى قـلـبـي بسهـم الهجـــــــــــرِ حتى

كأن دمـي لـديـه غدا حــــــــــــــلالا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.