الميرزا حسين النائيني
معارف الرجال/محمد حرز الدين
…ـ1355
الشيخ ميرزا حسين الأصفهاني النجفي المعروف بالنائيني العالم الجليل المدقق صاحب التنقيب والتحقيق. أصولي فقيه له الآراء السديدة في علمي الأصول والفقه، متين في الحكمة والفلسفة، وله الأدب الواسع في اللغتين الفارسية والعربية، وكان مرجعاً للتقليد يرجع إليه كثير من الوجوه والتجار والأعيان، وفي عصره كان السيد أبو الحسن الأصفهاني مرجعاً في النجف إلاّ أن الميرزا أشهر من السيد في المرجعية، وقد تقدم ذلك في ترجمة السيد أبو الحسن، وقد ربى جمهرة من العلماء والأفاضل وغذاهم بعلمه الغزير وسيأتي ذكر بعضهم، وكان يصلي جماعة في الصحن الغروي في جهة القبلة تأتم به وجوه البلد أفاضل الطلبة وجماعته أهم من جماعة السيد الأصفهاني.
أساتيذه:
حضر على الميرزا السيد محمّد حسن الشيرازي في سامراء، وبعد وفاة الميرزا سنة 1312 حضر على السيد محمّد الأصفهاني، والسيد إسماعيل الصدر العاملي في سامراء كما حدثونا به زملاؤه، ثم هاجر إلى النجف الأشرف وحضر على المدرس الأوحدي في الأصول الشيخ ملا محمّد كاظم الخراساني صاحب الكفاية، وسمعنا أن عمدة تلمذه على الشيخ الآخوند الخراساني قده.
تلامذته:
حضر عليه الوجوه من أهل الفضيلة في النجف وكانت حلقة بحثه من خيرة الحلقات العلمية في التدريس فقدها معاصروه، وكان مربياً لتلاميذه من عرب وترك وأهل فارس ومن عيون تلمذته السيد جمال الدين الكلبايكاني والسيد أبو القاسم بن السيد علي أكبر الموسوي الخوئي النجفي والشيخ محمّد علي الجمالي الكاظمي المشهور بالخراساني والشيخ حسين بن الشيخ علي الحلي، ونظائرهم.
مؤلفاته:
له تعليقة على العروة الوثقى فقه، وتقريرات في الأصول كتبها تلمذته، وله سلمه الله وسدده كتاب في السياسة طبع ونشر يقرب من ألفي بيت، رأيته في وقته قبل طبعه وبعد الطبع أهديت إلينا نسخة منه، والشيخ حذا حذو أستاذه المحقق الخراساني مع بعض تلامذته الذين سلكوا مسلكه في طلب (المشروطة) لتكون هي المنهج الأول لدستور الدول الإسلامية.
ولما اشتهر أيده الله في التقليد والمرجعية أمر بجمع هذا الكتاب وإتلافه، وسمعت من الثقة الجليل أن الميرزا في آخر الأيام بذل في تحصيل كل نسخة منه ليرة ذهبية وقيل خمس ليرات عثمانية، وكان الرجل ذا ثراء ومال غزير، وسأله يوماً بعض الوجوه ممن كان يرجع إليه في التقليد عن أصحابه، أقول ولا غرابة منه أن يستغفر لمظنة شيء لا يتناسب وعلمه وعمله وتقواه وإنه من الأبدال، ولا يذهب عليك أيها القارئ من أن علمائنا الأعلام دخلوا بداعي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وشلّ قوى الظلم والجور والضرب على أيدي المستغلين لحقوق المسلمين ومنافعهم كما أسلفناه في ترجمة أستاذنا الأعظم الحاج ميرزا حسين الخليلي وغيره، وكانت وفاته (ره) من أهم الدواعي التي اشتهر بها السيد أبو الحسن الأصفهاني، وابتلى بمرض حدود الشهر وجلبوا له الدكاترة من بغداد فلم ينتفع بعلاجهم حتى سقطت قواه.
وفاته:
توفي في الساعة الخامسة من يوم السبت 26 جمادى الأولى سنة 1355هـ في النجف عن عمر تجاوز الثمانين وغسل على نهر الملك غازي الأول في بحر النجف وحمل جثمانه حتى أدخل البلد من بابها الشرقي وإلى الصحن الغروي الأقدس هذا والأسواق معطلة والنجفيون بجميع طبقاتهم شيعوه وطلبة العلوم الدينية هي التي تولت حمل جثمانه منشدين مرتجزين، ودفن في الحجرة الثانية من الزاوية الشرقية الجنوبية من الصحن. التي أقبر فيها العبد الصالح الشيخ محمّد باقر التستري المتوفى في الهند وأستاذه السيد محمّد الأصفهاني المتوفى سنة 1313هـ وأقيمت له الفواتح في النجف وأكثر مدن العراق وأعقب أولاداً ثلاثة أكبرهم الفاضل الميرزا علي.
2013-03-21