الإثنين , 6 مايو 2024
الرئيسية » شخصيات نجفية » علماء » السيد ناصر البصري

السيد ناصر البصري

معارف الرجال/محمد حرز الدين

…ـ1331

السيد ناصر بن السيد أحمد بن السيد عبد الصمد الموسوي البحراني البصري ولد في البحرين ونشأ فيها، قرأ جل مقدماته هناك وهاجر إلى العراق وأقام في بلد العلم والفقاهة النجف وتزود العلم والتقوى والأدب من علمائها ثم أقام في البصرة وهو اليوم عالم كامل مهذب غيور أديب سريع الحفظ قوي الحافظة بليغ فصيح، كان وجوده في البصرة حصنا للمؤمنين والزائرين للعتبات المقدسة في العراق من الهند وباكستان وإيران وجميع الممالك والأصقاع المسلمة، حيث كان جليلا محترما ذا مقدرة وسلطة مهاباً من جهة السلطة التركية في البصرة، ويستند تركيزه وتأييده في البصرة إلى العلمين في النجف الشيخ راضي فقيه العراق، والشيخ مهدي بن الشيخ علي آل كاشف الغطاء وكان مرعى الجانب عند جميع الطبقات حتى عند أهل الذمة لسياسيته الحكيمة وعدم تسرعه في شؤون الناس الشرعية والعرفية ومن صفاته الجليلة أنه كان يحسن لكل من وفد عليه، وقد أفنى نفسه في قضاء حوائج الناس، ومنها أنه كان حارساً لثغر العراق أعني البصرة عن مداخلة الأجانب بواسطة مترفي البلد كنقيب البصرة السيد طالب ومن حذى حذوه، حيث لم تطمع الأجانب في التدخل بشؤون جماهير البصرة وقبائلها ولم تنجح سياستها الكافرة إلاّ بعد فقده رضوان الله عليه، ومنها انه كان غنيا متعففا عن أهل الثروة المتجبرين ومنها كان يلبس أفخر الثياب والألبسة، وانه يمثل عز العلم والعلماء وصولتهما وجولتهما على الباطل والملحدين ولا يلبس لباس الزهاد والمتقشفين ليقال عالم الشيعة رث الثياب في قطر مليء بالأجانب والمترفين وغير المسلمين، وحدث الثقة ان مجلسه كان عامراً بالوجوه ورجال السلطة الحاكمة والأدباء والشعراء والخطباء، وكان شاعراً أديباً تروى له عدة قصائد في الرثاء والمديح.

أساتذته:

تتلمذ في النجف على الشيخ المرتضى الأنصاري كما حدث عنه ذلك شيخ الخطباء الفاضل الأديب الحافظ الشيخ حسن جلو النجفي عفي عنه، وعلى فقيه العراق الشيخ راضي بن الشيخ محمّد النجفي، والشيخ مهدي بن الشيخ علي حفيد كاشف الغطاء وأجازاه في الرواية والاجتهاد وأن يمثلهما في البصرة كما تقدم.

مؤلفاته:

كتاب جامع الشتات، كشكول، وكتاب في التوحيد، ومنظومة الإمامة، رسالة في مقدمة الواجب.

وحدث أيضاً فضيلة الشيخ حسن جلو انه يوما وفد عليه الشيخ محمّد سالم الطريحي النجفي ومدحه بأبيات نظمها في المجلس وتخلص فيها بقوله:

ولئن جفتني جيرتي وعشيرتي     فلي من آل أحمد ناصر

فقال له السيد المترجم له أحسنت إلاّ أن هذا البيت ليس لك يا شيخ فأجابه نعم للسيد محمّد سعيد الحبوبي ولكن عجزت عن التخلص بهذه العجالة فالتمسته وضحكا وأجزل عليه السيد وألطف به، وكانت له مراسلات مع شعراء عصره البارزين في النجف وأكثرهم اختصاصا بالسيد جعفر الحلي الشاعر الشهير، وكتب السيد البصري إلى السيد جعفر الحلي كتابا فيه عتاب شديد من عدم المراسلة وفيه مقطوعة مطلعها:

يا جيرة الحي وأهل الصفا    قد برح الوجد بنا والخفا

قد لاح لي من ارضكم بارق    ذكرني رسما لسلمي عفا

فقلت أهلا بأهيل النقا    وان بدا منهم أشد الجفا

هيهات أجفوهم وقلبي لهم    لم ير عنهم أبداً مصرفا

يا سيدا أبرز في فضله     يعرف هذا كل من أنصفا

جاء كتاب منك تشكو به    جفاء خل عنك لن يصدفا

لكنما جشمتني خطة      كلفتني فيها خلاف الوفا

فحيث أدليت بعذر لنا    قلنا عفا الرحمن عمن عفا

جرحت جرحا ثم آسيته   فأنت منك الدا ومن الشفا

وكتب إليه الحلي عدة كتب وقصائد، ومما كتبه قصيدة عينية في 65 بيتا وأرسلها إلى البصرة مطلعها:

برامة أوطان لنا وربوع    سقاهن من فيض السحاب هموع

وروحها غصن النسيم بنافح     شذى الشيح والقيصوم منه يضوع

نعمت صباحا يا مرابع رامة     وحياك بسام العشى لموع

                            *   *   *

ومنها:

عميد بني الأشراف من آل هاشم     يطيب الثنا في ذكره ويضوع

تورث من أهليه ثوب رياسة     به لخلوق المكرمات ردوع

كساه به من ألبس الشمس بهجة    وليس لما يكسو الإله نزوع

تحف به يوم الندى أريحية     تعودها حتى يقال خليع

خصيب حمى والمحل لق جرانه     يطبق وجه الأرض منه هزيع

فلا بمصاب الغيث توجد قطرة    ولا بحمى المرعى يصاب ضريع

ثراه يطيب الزاد للضيف والروى    إذا الناس طراً أعطشوا وأجيعوا

إذا الضيف وافى تعلم الكوم انه       سينهل من أوداجهن نجيع

فيا ناصر الإسلام يا فرع دوحة       ضربن لها فوق السماء فروع

سلمت لنا ما ابيض نحوك شارع     وما طاب للوراد منك شروع

ولا زال واديك الخصيب تؤمه      رذايا رجاء وخدهن سريع

تناخ على أرجاء واديك لغبا       خماصا فيقريهن منك ربيع

وجودك غوث للعصاة مروع     وجودك غيث للعفاة مريع

تثقف في يمناك في كل معضل    يراعاً قلوب الشرك فيه تروع

فأسطره للمسلمين سلاسل    كما انها للمسلمين دروع

وفاته:

توفي في البصرة في اليوم الثاني والعشرين من شهر رجب سنة 1331هـ ونقل جثمانه الطاهر إلى النجف واستقبل جثمانه في النجف بتشييع حافل بالعلماء والوجوه العلمية وسائر الطبقات ودفن في مقبرة آل السيد خليفة تحت ساباط الصحن الغروي ورثته الشعراء والأدباء وأرخ عام وفاته السيد حسن نجل السيد إبراهيم الطباطبائي النجفي بقوله:

اليوم سيف ذوي الضلال مجرد     إذ صارم الإسلام فيه مغمد

اليوم ناصر آل بيت محمّد      ارخ بجنات النعيم مخلد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.