السبت , 20 أبريل 2024
الرئيسية » شخصيات نجفية » علماء » السيد نصر الله الحائري

السيد نصر الله الحائري

معارف الرجال/محمد حرز الدين

1109ـ 1166

أبو الفتح عز الدين السيد نصر الله بن السيد حسين بن علي بن يونس بن جميل بن علم الدين بن طعمة بن شرف الدين بن نعمة الله بن أبي جعفر أحمد بن ضياء الدين يحيى بن أبي جعفر محمّد بن شرف الدين احمد المدفون في عين التمر ـ شفاثه بن أبي الفائز بن محمّد بن أبي الحسن علي بن أبي جعفر محمّد خير العمال ابن أبي فويرة علي المجدور ابن أبي عاتقة أبي الطيب احمد بن محمّد الحائري بن إبراهيم المجاب بن محمّد العابد بن الامام موسى الكاظم عليه السلام اشتهر المترجم له بالفائزي الحائري، ولد حدود سنة 1109هـ في كربلاء، وكان من العلماء والأدباء، والكتاب والمؤلفين، والشعراء البليغين والمؤرخين، وكان وجها ساطعا مبرزا في الحائر الحسيني، وجليلا محترما عند الوجوه العلمية في النجف والحكومية في بغداد وعند الشيعة والسنة، له مجلس تدريس في الحضرة المطهرة للإمام الحسين بن علي عليهما السلام يحضره طائفة كبيرة من أفاضل أهل العلم العراقيين والمهاجرين، سافر إلى إيران عدة مرات منها في عصر السلطان نادر شاه الأفشاري، وقيل ان السلطان أكرمه وأحبه كثيرا، هذا وكانت جيوش النادر تهاجم العراق وقد حاصر بغداد حدود الثمانية أشهر بتاريخ سنة 1145 هـ ورجعت غير فاتحة، وهاجمت العراق مرة أخرى في سنة 1156هـ وفيها أغارت جيوشه على شمال العراق وأخضعت أهم مدنها مثل مدينة أربيل وكركوك والسيلمانية حتى وصلت مدينة الموصل ثم منها إلى بغداد وعسكر بجيشه في جانب الكرخ على أبواب بلد الإمامين الكاظمين عليهما السلام، والذي يظهر من بعض النصوص التاريخية انه كان معه الجيش الكثير العدد والعدة، الذي لا قبل للعثمانيين به، وكان ذلك في عهد السلطان محمود خان بن مصطفى خان المولود عام 1108هـ والمتوج عام 1143هـ، والمتوفى سنة 1168هـ، ويومئذ كان واليه على بغداد الوزير أحمد بن حسن باشا، وفي هذه الآونة زار السلطان قبري الامامين الكاظمين عليهما السلام وانعقد الصلح بينه وبين العثمانيين بواسطة الوالي المذكور على أن يكف النادر من حرب العراق، هذا من جانب نادر شاه، وأما العثمانيين فلابد وان يعترفوا بمذهب الشيعة رسما وان يكون لهم محراب خامس في مكة المكرمة، وإمام للصلوات في الحرم، وأن يكون أمير الحاج للشيعة من قبله على الطريق البري العراقي المار بالنجف الأشرف، وعليه نفقات إصلاح برك الماء للست زبيدة، وبعد تمامية الصلح عبر دجلة وزار قبر الامام ابي حنيفة ومعه القضاة والمفتون وشيوخ الإسلام من ولايات إيران وأفغان وبلخ وبخارا ومفتي دار السلطنة علي أكبر الطالقاني وكان هؤلاء قد جاء بهم يحملهم بركبه من إيران، حيث كان في دولة ملكة توتر طائفي شنيع بين السنة والشيعة قد أدى إلى القتل والتخريب والشتم الفضيع، كل ذلك خلاف رغبته حيث كان يريد الهدوء الداخلي والتجهيز العسكري الواسع لكي يأخذ العراق من العثمانيين والصراع المذهبي بين رعيته يمنعه من ذلك، وكان من رغبته ان يعترف علماء السنة بمذهب الامام جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام ليكون مذهباً خامساً رسمياً في دولته ودولة الروم العثمانيين لكي يرتفع النقص في الأنفس والأموال والسب والرفض، وبذل تمام جهوده في توحيد الكلمة بين المسلمين حتى مضى عليه عدة سنوات قبل هذا التاريخ، وتوجه النادر إلى النجف لزيارة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وهناك رأى تذهيب القبة المطهرة والمأذنتين والإيوان الشرقي التي أمر بتذهيبهن  من قبل.

وكان في قرارة نفسه شيء مهم له هو اجتماع علماء المسلمين في حضرة مرقد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأحضر معهم من علماء بغداد ومن كربلاء المترجم له السيد نصر الله الحائري صاحبه، وألزمهم بالتفاهم والمناظرة في الإمامة فناظرهم السيد الحائري وكانت حجته قوية دامغة، ثم قال: السلطان للقضاة والمفتين إذا لابد لكم من الاعتراف بحقية مذهب الإمام جعفر الصادق عليه السلام وانه مذهب خامس للمسلمين لتكونوا أمة واحدة، ولكي يستريح هو من الشقاق الداخلي في ممالكه، وبعد التفاهم الذي حصل والوفاق على الأخوة والمحبة ورفع العداء جعل على كل من يخالف ذلك نقمة الله تعالى في الآخرة ونقمة نادر شاه في الدنيا فقرروا ما أقره هذا المحضر  الرهيب على أن يكتب في جريدة فكتبوه ووقع فيه كل من الحاضرين وأشهد عليهم صاحب المرقد الشريف أمير المؤمنين وإمام المتقين عليه السلام وختمها السلطان نادر بتوقيعه، وكانت كتابتها بالفارسية ونسخوا عليها نسخاً، واحدة عند نادر شاه وأخرى أرسلت إلى السلطان محمود خان للتوقيع فيها وثالثة ورابعة، والنسخة الأصلية اودعت في خزانة الكتب للحضرة المرتضوية الشريفة في النجف الأشرف ولا زالت موجودة.

وكان المترجم له الحائري شاعرا لامعا ومن شعره قصيدته الرائية التي نظمها في مدح أمير المؤمنين عليه السلام ووصف القبة والمأذنتين لما بناهما بالذهب نادر شاه، وقد خمسها تلميذه الشيخ أحمد النحوي، كما تقدمت الإشارة إليها في الجزء الأول عند ترجمة الشيخ النحوي المتوفى سنة 1187هـ وتقع في 58 بيتاً مطلعها:

إذا ضامك الدهر يوما وجارا    فلذ بحمى أمنع الخلق جارا

علي العلى وصنو النبي     وغيث الولي وغوث الحيارى

هزبر النزال وبحر النوال    وبدر الكمال الذي لا يوارى

له ردت الشمس في طيبة     على عهد خير البرايا جهارا

وفي (بابل) فقضى عصره     أداءً ففاق البرايا فخارا

وردت له ثالثا في الغري     ترى قبة ألبسوها نضارا

هي الشمس لكنها مرقد     لظل المهيمن جل اقتدارا

هي الشمس لكنها لا تغيب    ولا يحسد الليل فيها النهارا

ولا الكسف يحجب منها السنا    ولم تتخذ برج نحس مدارا

هي الشمس والشهب في صحنها    قناديلها ليس تخشى استتارا

عروس تجلت بوردية     ولم ترض غير الدراري نثارا

فها هي في تربها والشعاع    جلا لعينيك درا صغارا

بدت تحت أحمر فانوسها    لنا شمعة نورها لا يبارى

هو الشمع ما احتاج للقط قط    ولا النفخ أطفأه مذ أنارا

ملائكة العرش حفت به     فراشا ولم تبغ عنه مطارا

هي الترس ذهب ثم استظل     به فارس ليس يخشى الشفارا

وياقوتة خرطت خيمة    على ملك فاق (كسرى) و(دارا)

وحق عقيق حوى جوهرا    تخطى الجبال وعاف البحارا

ولم يتخذ غير عرش الإله   له معدنا وكفاه فخارا

حميا الجنان لها نشوة    تسر النفوس وتنفي الخمارا

إذا رشفتها عيون الوفود    تراهم سكارى وما هم سكارا

عجبت لها إذ جوت يذبلا    وبحرا بيوم الندى لا يجارى

وكنت أفكر في التبر لم     غلا قيمة وتسامى فخارا

إلى أن بدا فوقها يخطف    النواظر مهما بدا واستنارا

وما يبلغ التبر من قبة    بها عالم الملك زاد افتخارا

ومذ كان صاحبها للإله    يدا أبدا نعمة واقتدارا

(يد الله فوق أيديهم)     بدت فوق (سرطوقها) لا نوارى

وقد رفعت فوق سر طوقها    تشير إلى وافديها جهارا

هلموا إلى من يفيض اللهى    ويردي العدى ويفك الأسارى

وتدعو إله السما بالهنا    لمن زار أعتابها واستجارا

قد اتصلت بذراع النجوم     وقد صافحتها الثريا جهارا

و(كف الخضيب) لها قد عنا     غداة اختفى وهي تبدو نهارا

قلائدها الشهب والنجم قد     غدا شنفها والهلال السوارا

وبالآي خوف عيون الأنام    ممنطقة قد بدت كالعذارى

غلت في السمو فظن الجهول    بأن لها عند (كيوان) ثارا

وكيف و(كيوان) والنيرات    بها من صروف الزمان استجارا

ترى لوفود الندى حولها    طوافا بأركانها واعتمارا

وفي (قصر غمدان) بان القصور     غداة تجلت وان عز دارا

ومهما بدا طاق إيوانها    أرانا الإله هلالا أنارا

لعين ذكاء غدا حاجباً    بنور أحال الليالي نهارا

هلال السماء له حاسد    لذلك دق وأبدى اصفرارا

هلال لصوم وفطر غدا    لهذا يسر ويسمو فخارا

له (طاق كسرى) غدا خاضعاً     وقد شق من غيظه حين غارا

ولما بدا لي المناران في     حماها الذي في العلى لا يبارى

رأيت الغريين بالتبر لا     بقان من الدم أمسى ممارا

هما الهرمان بمصر الفخار    أبانا عجائب ليست تمارى

هما اصبعا يد نيل الأيادي    فكم أغنتا من تشكي افتفارا

عمودا صباح ولكن هما     معا صادقان لنا قد أنارا

أحاطت بها حجرات بها     نقوش بزينتها لا تبارى

لأطلس أفلاكها فاخرت    بموشي برد به الطرف حارا

أزاهر روض ولكنها     أبت منة السحب إلاّ اضطرارا

فثغر الأقاحي بها ضاحك     وان لم يرق جفن مزن قطارا

ونرجسها طرفه لا يزال    يلاحظ للحب ذاك المزارا

كوشي الحباب وكالوشم في    معاصم بيض جلتها العذارا

وقد أخجلت (إرما) فاغتدت    محجبة لا تميط الخمارا

بها الآي تتلى وتحيى العلوم    فيشفى غليل القلوب الحيارى

هي النار نار الكليم التي     عليها الهدى قد تبدى جهارا

تبدى سناها عياناً فأرخـ     ـت آنست من جانب الطور نارا)

سنة 1155هـ

وله مراسلات مع علماء عصره وأدبائه وشعرائه وقد كتب ـ إلى النجف لصديقه العالم الجليل الشيخ مهدي الفتوني المتوفى عام 1183هـ وتقدمت ترجمته ـ رسالة وفيها يقول:

بالله يا نفح الصبا     ان جزت في أرض النجف

فاقر السلام على الأولى    أنوارهم تجلو السدف

وقل المتيم بعدكم     أودى به فرط الأسف

متذكراً عصراً مضى     معكم بهاتيك الغرف

أحسن بها غرفا غدت    مأوى المعالي والشرف

غرفا زهى ورد العلى    فيها ولذ لمن قطف

ولكم بها (مهدينا)    أهدى إلينا من تحف

لا زال يرفل في رداء    العز ما برق خطف

وعثرت على رسالة كتبها إلى النجف وفيها سلام على الشيخ بشارة ابن عبد الرحمن آل موحي الخيقاني النجفي المتوفى سنة 1131هـ، وعلى بعض أصحابه وختم الكتاب بقوله:

داعيك نصر الله ذاك الصب    ودمعه على الخدود صب

ويروى للسيد تقريض على ديوان معاصره الشيخ محمّد علي بن الشيخ بشارة آل موحي النجفي المتوفى حدود سنة 1163هـ ـ ببيتين هما:

ألا قد غدا ديوان نجل بشارة    طراز دواوين الأنام بلا ريب

مهذبة أبياته كخلائقي    فليس به عيب سوى عدم العيب

ويروى له تقريض على كتاب نتائج الأفكار في منتخبات الأشعار في الأدب العربي مخطوط لصاحبه الشيخ محمّد علي آل موحي المذكور، وله مراسلات مع الشاعر الأديب الشيخ محمّد جواد بن عبد الرضا عواد البغدادي المتوفى حدود سنة 1160هـ وقد تقدمت ترجمته في الجزء الثاني، وله مراسلات مع الشيخ أحمد النحوي ومنادمات أدبية وشعرية، وقد خمس النحوي قصيدة المترجم له في وصف القبة الذهبية وذكرنا شيئا من التخميس عند ذكر النحوي وقد سبق.

وله مراسلات مع صديقه العالم الأديب الشيخ يونس بن الشيخ ياسين النجفي منها ان السيد كتب إليه أرجوزة هي جواب عن أرجوزة أرسلها له الشيخ من النجف إلى كربلاء، قال السيد الحائري في مطلع قصيدته:

أهدي سلاما يشبه الروض الحسن     إلى الامام المرتضى أبي الحسن

                                    *   *   *

ومنها:

أبهى تحيات كأنفاس الصبا    إلى شذاها كل صب قد صبا

يهدى إلى من زند فخره ورى    ومن غدا بنشر مدحه الورى

وهو الفتى رب المعالي (يونس)    من ذكره أضحى لقلبي يونس

مولى سما كعب الندى الأيادي    لانه قد تم بالأيادي

وداده من الرياء سالم    وكيف لا وهو لدي سالم

وقلبه لمن هواه قد صفا    لكنه لدى الخطوب كالصفا

ولفظه فيه من الداء الشفا    لا في إشاراتت ابن سينا والشفا

أهدى لنا منظومة كالدر    في حسنها بل كالشهاب الدري

قريضها لمهجة الصب سحر    لأنه يحكى نسيمات السحر

فاقت على أرجوزة ابن الوردي    لأنها تزرى بنشر الورد

خريدة ترفل في الحرير    ما قال قط مثلها الحريري

أساتذته:

تتلمذ في النجف على الشيخ أبو الحسن الشريف بن الشيخ محمّد طاهر ابن عبد الحميد الفتوني العاملي النباطي المتوفى سنة 1138هـ صاحب كتاب ضياء العالمين في الإمامة المخطوط، والشيخ باقر بن الشيخ محمّد حسين النيسابوري المكي، والشيخ أحمد بن الشيخ إسماعيل بن الشيخ عبد النبي بن الشيخ سعد الجزائري النجفي المتوفى بالنجف سنة 1151هـ، والشيخ عبد الله بن علي ابن أحمد البلادي البحراني، والشيخ ياسين بن صلاح الدين بن علي بن ناصر بن علي البلادي البحراني.

 مؤلفاته:

ألف كتاب الروضات الزاهرات في المعجزات بعد الوفاة، وكتاب سلاسل الذهب، ورسالة في تحريم شرب التتن، وديوان شعر مخطوط .

 مشايخ رواته:

يروي بالإجازة عن أساتذته كالشيخ أبو الحسن الشريف الفتوني بتاريخ سنة 1127هـ، والشيخ أحمد الجزائري سنة 1129هـ، والشيخ محمّد باقر النيسابوري المكي عن السيد علي خان بتاريخ سنة 1130هـ وعن الشيخ عبد الله بن علي البحراني سنة 1145هـ، والشيخ ياسين بن صلاح الدين البحراني سنة 1145هـ، ويروي أيضا عن الشيخ محمّد صالح الهروي ـ والشيخ أحمد بن محمّد بن مهدي الخاتون آبادي جميعا بتاريخ سنة 1144هـ، وعن السيد رضي الدين بن السيد محمّد بن حيدر الموسوي المكي العاملي النجفي المتوفى سنة 1168، وعن السيد عبد الله الجزائري الآتي ذكره، وعن الشيخ محمّد حسين ابن أبي محمّد البغمچي سنة 1130.

 من يروي عنه:

يروي عنه بالاجازة الشيخ علي بن الحسين البحراني، والشيخ شرف الدين بن محمّد المكي، وتلميذه العالم الجليل السيد شبر بن محمّد بن ثنوان الموسوي الحويزي النجفي المتوفى سنة 1170، والسيد عبد الله بن نور الدين علي بننعمة الله الموسوي الجزائري النجفي المتوفى سنة 1173هـ، والسيد حسين بن السيد إبراهيم القزويني الحائري صاحب كتاب معارج الأحكام المتوفى سنة 1208هـ وتتلمذ عليه الشيخ أحمد النحوي النجفي المتوفى سنة 1187هـ، والسيد حسين بن مير رشيد الهندي النجفي.

 وفاته:

قتل شهيدا في الديار التركية سنة 1166هـ، وقيل سنة 1168هـ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.