عباس بن الملا علي البغدادي
اعيان الشيعة/ج7
الشيخ عباس بن ملا علي النجفي.
ولد سنة 1244 ببغداد وتوفي في أواسط رمضان سنة 1276 بالنجف ودفن في الصحن الشريف تجاه باب الرواق الكبير. كان أبوه من الزهاد المتفقهين والمتهجدين يحيى الليل بالعبادة هاجر سنة 1245 من بغداد إلى النجف وولده العباس رضيع فنشأ في النجف مشغولا بتحصيل العلم والأدب.
وتخرج على الأكثر بالسيد حسين الطباطبائي واختص به وله فيه مدائح كثيرة ثم رجع فأقام قليلا في بغداد ولقي كثيرا من أدبائها وشعرائها مثل عبد الباقي العمري وعبد الغفار الأخرس والشيخ جابر الكاظمي
وغيرهم من أدباء آل الآلوسي وآل جميل وجرت بينه وبين كثير منهم مراسلات ومحاضرات. وقال في الطليعة كان فاضلا أديبا جميل الشكل حسن الصوت لطيف المعاشرة وقاد الفهم حاد الذهن وسيما ذا عارضة شديدة وهمة عالية مشاركا في العلوم على صغره وفيه يقول عبد الباقي العمري:
تسامى على الاقران فهو أجلهم وأكبرهم عقلا وأصغرهم سنا وله ديوان شعر ينوف على ثلاثة آلاف بيت رتبه بعض الأدباء على الحروف وليته يطبع وينشر ولا يبقى كنزا مخفيا يكون نصيبه أخيرا الضياع. كان شاعرا مجيدا ابتلي بحب فتاة من أهل بيت جليل في النجف يعد من اجل بيوتها علما وشرفا ونسبا ولذلك لم يستطع التزوج بها حتى أضناه الحب وكاد يتلفه الغرام وكانت هي أيضا تهواه ويقال انها كانت ابنة أحد أساتيذه ومن مشهور غزله فيها الذي يتغنى به قوله:
عديني وامطلي وعدي عديني * وديني بالصبابة فهي ديني
ومني قبل بينك بالأماني * فان منيتي في أن تبيني
سلي شهب الكواكب عن سهادي * وعن عد الكواكب فاسأليني
صلي دنفا بحبك أوقفته * نواك على شفا جرف المنون
اما وهوى ملكت به فؤادي * وليس وراء ذلك من يمين
لأنت أعز من نفسي عليها * ولست أرى لنفسي من قرين
اما لنواكم أمد فيقضي * إذا لم تقض عندكم ديوني
وكنت أظن أن لكم وفاء * لقد خابت لعمر أبي ظنوني
هبوني ان لي ذنبا وما لي * سوى كلفي بكم ذنبا هبوني
ألست بكم أكابد كل هول * واحمل في هواكم كل هون
أصون هواكم والدمع يهمي * دما فيبوح بالسر المصون
وتعذلني العواذل إذ تراني * أكفكف عارض الدمع الهتون
أعاذلتي دعي عذلي وذوقي * بهم ما ذقته ثم اعذليني
يمينا لا سلوتهم يمينا * وشلت ان سلوتهم يميني
جفوني بعد وصلهم وبانوا * فسحي الدمع ويحك يا جفوني
لقد ظعنوا بقلبي يوم ساروا * فها هو بين هاتيك الظعون
فمن لمتيم اصمت حشاه * سهام حواجب وعيون عين
إذا ما عن ذكركم عليه * يكاد يغص بالماء المعين
رهين في يد الأشواق عان * فيا لله للعاني الرهين
إذا ما الليل جن بكيت شجوا * وطارحت الحمائم في الغصون
ولو أبقت لي الزفرات صوتا * لأسكت السواجع بالحنين
بنفسي من وفيت لها وخانت * وهيهات الوفي من الخئون
أضن على النسيم يهب وهنا * برياها وما انا بالضنين
فان أك دونها شرفا فاني * لا حسب هامة العيوق دوني
ومن مثلي بيوم وغى وجود * وأي فتى له حسبي وديني
ومن ذا في المكارم لي يداني * وهل لي في المكارم من قرين
وكم لي من مآثر كالدراري * وكم فضل خصصت به مبين
فمن عزم غداة الروع ماض * كحد السيف تحمله يميني
وحلم لا توازيه الرواسي * إذا ما خف ذو الحلم الرزين
وبأس عند معترك المنايا * تقاعس دونه أسد العرين
فها انا محرز قصب المعالي * وما جاوزت نصف الأربعين
ولم يزل على ذلك حتى كاد ان يتلف فيقال ان بعضهم تشفع إلى أهلها في أن تزوره إبقاء على نفسه فحملهم خوف الله على أن أذنوا لها في زيارته فلما رآها قال:
أتت وحياض الموت بيني وبينها * وجادت بوصل حيث لا ينفع الوصل ولم يطل عليه الأمد بعد ذلك حتى قضى نحبه فماتت بعده بلا فاصلة ويقال بل عقد له أبوها عليه وكان يحبه.
وله:
الأم تسر وجدك وهو باد * وتلهج بالسلو وأنت صب
وتخفي فرط حبك خوف واش * وهل يخفى لأهل الحب حب
ولولا الحب لم تك مستهاما * على خديك للعبرات سكب
وإن ناحت على الأغصان ورق * يحن إلى الرصافة منك قلب
تحن لها وان لحت اللواحي * وتذكرها وان غضبوا فتصبو
وتصبو للغوير وشعب نجد * وغير الصب لا يصيبه شعب
نعم شب الهوى بحشاك نارا * وكم للشوق من نار تشب
تشب ومنزل الأحباب دان * فهل هي بعد بعد الدار تخبو
اجل بان التجلد يوم بانوا * وأظلم بعدهم شرق وغرب
فلي من لاعج الزفرات زاد * ولي من سافح العبرات سرب
وبين القلب والأشجان سلم * وبين النوم والأجفان حرب
وليس هوى المهى الا عذاب * ولكن العذاب بهن عذب
لحا الله الحوادث كم رمتني * بفادحة لها ظهري أجب
وكتب الشيخ عباس إلى عبد الباقي العمري بهذين البيتين:
أبثك يا أبا سلمان وجدا * فصاراه عداك الخطب هلك
وأشكو من جفاك إليك مآبي * وهل شاك إليك ومنك يشكو
فاجابه عبد الباقي بقوله:
إليك أبا الأمين أبث وجدا * بدايته غشاك الستر هتك
بنفسي أنت قمت مقام نفسي * لذلك صرت مني إلي تشكو
كذا وجد والأحسن ان يقول: لذا مني * إلي غدوت تشكو
وكتب إليه الشيخ عباس أيضا وقد زاره فلم يجده:
أبا الحسين برغمي ان أزورك من * فج عميق ولا أحظى بلقياكا
لكن يهون عندي الخطب اني قد * شاهدت مذ فاتني معناك مغناكا
وله أيضا:
شام بالأبرقين برقا فهاما * وامق هاج صبوة وغراما
ذكرته الصبا ليالي انس * سلفت بالحمى فزاد هياما
حبذا بالحمى زمان تقضى * بين تلك الشعاب لو كان داما
كم به جاد لي الحبيب بوصل * وبه نلت من زماني المراما
افتدي شادنا إذا ما تثنى * أخجل السمر والغصون قواما
فأم يسعى بأكؤس كالدراري * للندامى تنقض جاما فجاما
فسقاني كأسا به عدت حيا * بعد ما كدت ان ألاقي الحماما
كأس راح تريح قلب المعنى * ان تجلت له وتبري السقاما
فترى الشمس ان أدار مداما * وترى البدر ان أماط لثاما
هاتها هاتها فقد حللتها * حرمات الهوى وكانت حراما
ذمة للهوى إذا لم تراعيها * فمن ذا الذي يراعي ذماما
سعد غن لي بذكر الغواني * فالعنا زال والسرور أقاما
أو ما تبصر الرياض ابتهاجا * اطلعت من جيوبها الأكماما
وغصون الهنا تميس ارتياحا * وثغور السعود تبدي ابتساما
وله:
حي بالرقمتين حيا أقاموا * حبذا منزل لهم ومقام
أنعموا بالوصال عيني زمانا * ثم صدوا فصد عنها المنام
وصلوني حتى إذا ملكوا القلب * جفوني فاعتاد جسمي السقام
لم يراعوا الوداع ذماما * لمحب وللمحب ذمام
أمن العدل انهم يوم بانوا * أيقظوا جفني القريح وناموا
ضربوا في ربى زرود خياما * لا تناءت تلك الربى والخيام
ما حنيني إلى زرود ولا رامة * لولاكم ما بها لي مرام
انما أنتم المنى حيث كنتم * ولقلبي اني أقمتم هيام
فسلام على الغميم إذا ما * فيه كنتم ولا عداه الغمام
وإذا في دار السلام أقمتم * فعلى ذلك المقام السلام
يا خليلي والهوى خلياني * ان مثلي على الهوى لا يلام
واسعداني على البكا فجفوني * نزفت ماءها الدموع السجام
لست اصغي لا والهوى لعذول * كيف يصغي لعاذل مستهام
أهل ودي هل يسمح الدهر يوما * بلقاكم وتسعف الأيام
عللونا ولو بطيف خيال * على يطفا بين الضلوع أوام
قد سئمنا من الحياة وملت * لنواكم أرواحها الأجسام
لم يدع قط صدكم لي حياة * انما الصد للمحب حمام
نم دمعي على هواكم والدمع * على كل ذي هوى نمام
شاطرتكم عواذلي بعذابي * فتقاسمن جسمي الأسقام
بي من الوجد والصبابة ما لو * بشمام لماد منه شمام
كبد بالجوى تشب وجسم * ناحل شفه الجوى والسقام
وجفون قريحة وسهاد * وعويل وزفرة وضرام
وفؤاد يحن شوقا إليكم * كلما ناح في الغصون حمام
لي فيكم بدر سباني سناه * لو تجلى للناسكين لهاموا
بظلام من فاحم الشعر داج * وجبين ينجاب عنه الظلام
وقوام تخاله الغصن لينا * ان تثنى سباك ذاك القوام
لا تطيب المدام عندي ولكن * من لمى ريقه تطيب المدام
كم رمتنا الحاظة بسهام * ما درينا ان اللحظ سهام
مقل كالحسام تفتك لكن * ليس تنبو يوما وينبو الحسام
يا حبيبا لديه قتلي مباح * في سبيل الهوى ووصلي حرام
منك شمس الضحى استمدت سناها * واستعارت الحاظها الآرام
لي قلب يغرى بحبك مهما * عنف العاذلون فيك ولاموا
يعذب اللوم فيك وهو عذاب * فليلمني بحبك اللوام
أنت دون الأنام مالك رقي * وقيادي وتحت رقي الأنام
لك ألقى الهوى زمامي وقدما * انا ممن يلقى إليه الزمام
كيف يستامني الزمان هوانا * أومثلي على الهوان يسام
لي نفس تأبى المقام على الذل * ولو أنها هلاها الحسام
ومما قاله عبد الباقي العمري مادحا الشيخ عباس صاحب
الترجمة
بروحي غريرا بالرصافة قلبه * لدى ظبية لمياء خلفه رهنا
وقالبه في الكرخ علم أهله * فنون جنون وهو في غيرهم جنا
له في الهوى العذري عذر إذا لوى * لبان ألوى عطفا وحن إلى المغنى
أتشجيه سعدي والرباب وانه * يحاول ان يقضي اللبانة من لبنى
إذا ما انتضى من جفن عينيه مرهفا * رجوت فؤادي ان يكون له جفنا
يميت ويحيى هجره ووصاله * فلي قربه أبقى ولي بعده افنى
يعيد ويبدي من طوته يد النوى * وأخنى عليه ما على لبد اخنى
تكلم عيناه القلوب بغمزها * وتتلو إلى السلوان ان عدتم عدنا
وهيهات عن قلبي تطيش سهامه * وقد صار منه قاب قوسين أو أدنى
يغادرنا والغدر ملء جفونه * ويتركنا ما دام منفصلا عنا
نحورا بلا عقد كؤوسا بلا طلى * جسوما بلا روح حروفا بلا معنى
تغيب به عنا إذا كان حاضرا * وان غاب عنا مثل غيبته غبنا
ترينا نعيما بعد بؤس شؤونه * فمن سيرة حزنا ومن صورة حسنا
ومن قسوة لينا ومن سخط رضى * ومن كدر صفوا ومن بخل منا
تعلمت الحرباء منه تلونا * فتأخذ عنه كل آونة لونا
يروح ويغدو والقلوب بكفه * فآونة يسرى وآونة يمنى
هو المشتري الأرواح في نقد وصله * فهل مدع في بيع مهجته الغبنا
قضيب إذا ما اهتز ظبي أذارنا * سنان إذا ما لاح سهم أذارنا
بغير جناح طار عني وانه * لحر وشأن الحر ان يألف الوكنا
علي تجني قبل ما ناظري جنى * ورود خدود في يد الفكر لا تجنى
إذا قلت قلبي أين حل أجابني * فهل لك من كل به تعرف الأينا
ويبسم عن برق فابكي بمدمع * إذا شمت ذاك البرق تحسب ذا مزنا
لقد زارني والليل زر جيوبه * علينا ونام النجم عنا وما نمنا
وبات يعاطينا سلافة ريقه * فلله ما أحلى ولله ما أهنى
إلى أن رأينا الليل غطى ذراعه * ضياء نهار صبحه شمر الردنا
ومد يدا تجني من الزهر نرجسا * حكى من عيون العين مقلتها الوسنى
تباشيره لاحت فصاحت بلابل * وغنى هزار الدوح في الروضة الغنا
وقوله من قصيدة:
غواني الخيف عن نعت غواني * وعانيهن لا ينفك عانى
غوان لا يزار لهن مغنى * ولكن في القلوب لها مغاني
يقول فيها:
نماني للعلى شرفي وفضلي * إذا قال الغبي أبي نماني
كفاني انني لعلاي دانت * بنو العلياء من قاص وداني
وحسبي انني من حيث أبدو * أشار الناس نحوي بالبنان
وقوله:
صبرت على ما لو اطل قليله * على هذه الدنيا أحال نهارها
فلله دهري ما أشد اعتداءه * ولله نفسي ما اجل اصطبارها
وقوله:
لذ ان دهتك الرزايا * والدهر عيشك نكد
بكاظم الغيظ موسى * وبالجواد محمد
وقوله:
أيها الخائف المروع قلبا * من وباء أولى فؤادك رعبا
لذ بأمن المخوف صنو رسول الله * خير الأنام عجما وعربا
واحبس الركب في حمى خير حام * حبست عنده بنو الدهر ركبا
وتمسك بعزه والثم الترب * خضوعا له فبورك تربا
وإذا ما خشيت يوما مضيقا * فامتحن حبه تشاهده رحبا
واستثره على الزمان تجده * لك سلما من بعد ما كان حربا
فهو حصن اللاجي ومنجع الآمل * والملتجي لمن خاف خطبا
من به تخصب البلاد إذا ما * امحل العام واشتكى الناس جدبا
وبه تفرج الكروب وهل من * أحد غيره يفرج كربا
يا غياثا لكل داع وغوثا * ما دعاه الصريخ الا ولبي
وغماما سحت غوادي أياديه * فازرت بواكف الغيث سكبا
كيف تغضي وذي مواليك أضحت * للردى مغنما وللموت نهبا
أوترضى مولاي حاشاك ترضى * ان يروع الردى لحزبك سربا
أو ينال الزمان بالسوء قوما * أخلصتك الولا وأصفتك حبا
لست أنحو سواه لا وعلاه * ولو اني قطعت إربا فإربا
في حماه أنخت رحلي علما * ان من حل جنبه عز جنبا
لست أعبأ بالحادثات ومن * لاذ بال العبا فذا ليس يعبا
وقال يمدح السيد حسين ابن السيد رضا ابن السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي:
تذكرت بالزوراء عهدا تقدما * فسالت دموعي عند ذكراه عند ما
فكم لي على الزوراء حسرة مغرم * وهل حسرة تغني على البعد مغرما
وكم لي بهاتيك المعاهد وقفة * حبست بها ركبي عشيا مسلما
أبث بها وجدي وتعرب عن جوى * دموعي فيغدو الرسم بالنقط معجما
خليلي عوجا بالركاب على حمى * نأى لا نأى حيا الحيا ذلك الحمى
قفا بي ولو لوث الإزار لعلما * نروي ثراها بالدموع لعلما
قفا علنا نقضي ولو بعض حقها * وننشد أطلالا تعفت وأرسما
نناشد عجما من طلول دوارس * وهل لفصيح ان يناشد أعجما
لعل زمانا بالرصافة عائد * وهل نافع قولي لعل وليتما
سقاها الحيا ما كان أطيبها لنا * وما كان أهنأ العيش فيها وأنعما
ونسم في أرجائها نفس الصبا * يضوع أريج المسك من حيث نسما
فيا طالما دهري بها كان مشرقا * وان هو امسى بعدها اليوم مظلما
ليالي بتنا لا نراقب عندها * رقيبا ولا نخشى وشاة ولوما
فيا لفؤاد غادرته يد الهوى * للحظ عيون العين نهبا مقسما
ومن ذا لأجفان على السهد عودت * وحاربها طيب الهوى ان تهوما
وقائلة خفض عليك فللهوى * شؤون وان كنت المشوق المتيما
لئن صد حينا من تحب فطالما * عليك بوصل جاد دهرا وأنعما
ويا رب امر ساء ليلا فما انجلى * له الصبح حتى عاد بالبشر معلما
وهل يستطيع الصبر صب متيم * أخو مقلة عبرى جرى دمعها دما
ألم تعلمي اني وان جئت آخرا * إذا عد أهل الحب كنت المقدما
اما والهوى العذري حلفة صادق * يبر إذا آلى يمينا وأقسما
لئن خانني في الحب من لا أخونه * فودي له هيهات ان يتصرما
لحا الله دهرا لو أصابت يلملما * حوادثه يوما لهدت يلملما
أيحسبني ارضى بعيش مذمم * وما الموت إلا أن أعيش مذمما
ولي نفس حر لو رأت ان ريها * يشاب يضيم لاستمرت على الظما
ولا حملتني الخيل ان لم أخض بها * غمار المنايا وهي فاغرة فما
وان لم تغص البيد مني بفيلق * فلا حملت كفي لدى الروع مخذما
لي الله كم لي وقفة بعد وقفة * مع الدهر ردت علا الدهر أجذما
على انها الأيام لا در درها * إذا منحتك الشهد دافته علقما
ومذ لم أجد في الدهر من ملجا سوى * أبي محسن يحمي النزيل ولا حمى
أنخت به رحلي على رغم حاسد * وما زلت آناف الحواسد مرغما
مليك له ألقى الزمان قياده * فأشرق من داجية ما كان مظلما
هو البحر زخارا هو البدر مشرقا * هو الغيث هطالا هو الليث مقدما
أخو راحة تهمي وتلثم تارة * فما خلقت الا لتهمي وتلثما
فتى لم يزل مغرى بمجد وسؤدد * إذا كان مغرى غيره في هوى الدمى
وله:
الا بأبي من تيم القلب حبها * وأسقمني والحب يضني ويسقم
مهاة بنفسي أفتديها وأسرتي * وان لامني فيها وشاة ولوم
من العدل ان لا سهم لي من وصالها * وفي كبدي منها على البين أسهم
فهل علمت ما ذا يقاسي بحبها * أخو كلف فيها معنى متيم
براه هواها وهو يكتم ما به * من الوجد لو أن الهوى كان يكتم
يروح ويغدو من هواها على جوى * ممض ودمع فاض أكثره دم
فما بين دمع من دم القلب مسبل * ونار جوى بين الجوانح تضرم
بها لم يزل بادي الصبابة مغرما * وما كل من ابدى الصبابة مغرم
تخالف منه القلب والجسم مذ نأت * فذا منجد شوقا وذياك متهم
لقد كان يرضى بالخيال مسلما * ولكن جفا حتى الخيال المسلم
وله:
من لصب لا يرى عنكم براحا * سامه الدهر على الرغم انتزاحا
بحشاه لعبت أيدي الهوى * فغدا في طاعة الشوق وراحا
شد ما امسى يعاني دنف * أثخنته أسهم البين جراحا
تترامى قلص العيس به * فربى طورا وأطوارا بطاحا
ود من طول النوى لو أنه * قبلها مات ولو مات استراحا
وله:
حبذا العيش بجرعاء الحمى * فلقد كان بها العيش رغيدا
لا عدا الغيث رباها فلكم * أنجز الدهر لنا فيها الوعودا
ولكم فيها قضينا وطرا * وسحبنا للهوى فيها برودا
يا رعى الله الدمى كم غادرت * من عميد واله القلب عميدا
ولكم قاد هواها سيدا * فغدا قسرا على الرغم مسودا
وبنفسي غادة مهما رنت * أخجلت سرب ألمها عينا وجيدا
جرحت ألحاظها الأحشاء مذ * جرحت ألحاظنا منها الخدودا
رصدت كنز لئالي ثغرها * بأفاع أرسلتهن جعودا
وحمت ورد لماها بظبا * من لحاظ تورد الحتف الأسودا
يا مهاة بين سلع والنقا * سلبت رشدي وقد كنت الرشيدا
ولقتلي عقدت تيها على * قدها اللدن من الشعر بنودا
ما ستبني البيض لولاك وان * كن عينا قاصرات الطرف غيدا
يا رعاها الله من غادرة * جحدت ودي ولم ترع العهودا
منعت طرفي الكرى من بعد ما * كان من وجنتها يجنى الورودا
ما الذي ضرك لو عدت فتى * عد أيام اللقا يا مي عيدا
وتعطفت على ذي ارق * لم تذق بعدك عيناه الهجودا
كم حسود فيك قد أرغمته * فعلام بي أشمت الحسودا
جدت بالنفس وضنت باللقا * فبفيض الدمع يا عيني جودا
نظمت ما نثرته أدمعي * من لئال كثناياها عقودا
يا نزولا بزرود وهم * في سويداي وان حلوا زرودا
قد مضت بيضا ليالينا بكم * وغدت بعدكم الأيام سودا
كنت قبل أشكو صدكم * ثم بنتم فتمنيت الصدودا
هل لأيام النوى ان تنقضي * ولأيام تقضت ان تعودا
أوقد البين بقلبي جذوة * كلما هبت صبا زادت وقودا
عللونا بلقاكم فالحشا * أوشكت بعد نواكم ان تبيدا
وأذاعن لقلبي ذكركم * خدد الدمع بخدي خدودا
شد ما كابدت من يوم النوى * انه كان على القلب شديدا
ناشدوا ريح الصبا عن كلفي * انها كانت لأشواقي بريدا
انا ذاك الصب والعاني الذي * بهواكم لم يزل صبا عميدا
حلت عن نهج الوفا يأمي ان * انا حاولت عن الحب محيدا
وإذا ما أخلق الناي الهوى * فغرامي ليس ينفك جديدا
لم يدع بينكم لي جلدا * ولقد كنت على الدهر جليدا
من عذيري من هوى طل دمي * وصدود جرع القلب صديدا
بي من الأشجان ما لو أنه * بالرواسي الشم كادت ان تميدا
لو طلبتم لي مزيدا في الهوى * ما وجدتم فوق ما بي مزيدا
وله يرثي السيد حسن ابن السيد علي الخرسان النجفي المتوفي سنة 1265.
خذ بالبكاء فما عليك ملام * فلقد عفا للظاعنين مقام
والم بي بالسفح من وادي الغضا * لو كان يجدي في الجوى الالمام
لله بالزوراء اي رزية * ماد العراق لوقعها والشام
من بعد بعدك قل على الدنيا العفا * وعلى المعالي والعلوم سلام
2013-04-09