الإثنين , 25 نوفمبر 2024
الرئيسية » شخصيات نجفية » علماء » الشيخ محمد علي بن حسين بن محمد الأعسم

الشيخ محمد علي بن حسين بن محمد الأعسم

اعيان الشيعة/ج9

 الشيخ محمد علي الأعسم ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد الزبيدي النجفي، وفي مجموعة الشبيبي محمد علي بن جعفر.
توفي سنة 1233 أو 34 في النجف الأشرف ودفن في المقبرة التي تنسب إليهم في الصحن الشريف المرتضوي.
وآل الأعسم أسرة نجفية كبيرة عريقة في العلم والفضل والأدب خرج منها عدة من العلماء والأدباء والى اليوم لم ينقطع ذلك منهم اصلها من الحجاز من نواحي المدينة المنورة وجاء جدهم إلى النجف الأشرف وتوطنها وقيل له الأعسم لكونه من العسمان فخذ من حرب احدى قبائل الحجاز المعروفة، والزبيدي نسبة إلى زبدي أحد بطون حرب لا إلى زبيد القبيلة
القحطانية المعروفة ولهذا قال بعض المؤرخين انهم من زبيد الحجاز. كان صاحب الترجمة عالما فاضلا فقيها ناسكا تقيا أديبا شاعرا مجيدا متفننا له ديوان شعر وله مراث كثيرة في الحسين ع ومدائح في أهل البيت ع وشعر كثير في أبواب شتى وكثير منه في أستاذه بحر العلوم ومراثي الامام الشهيد ع. تخرج على السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي والتحق به وكان من ندمائه وجلسائه واشترك في جميع مطارحاته وهو ممن كانت تعرض عليه منظومة الطباطبائي المسماة بالدرة وله تقريظ عليها مطبوع معها يقول فيه:
درة علم هي ما بين الدرر * فاتحة الكتاب ما بين السور
ترى على أبياتها طلاوة * كأنما استقت من التلاوة
لذاك فاقت كل نظم جيد * وسيد الأقوال قول السيد
وله فيه مدائح تشتمل على تواريخ في كل شطر تاريخ وكانت له اليد الطولى في نظم التاريخ، وبعد وفاته اتصل بالشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء وله فيه وفي ولده الشيخ موسى مدائح كثيرة مدونة وحج مع الشيخ جعفر وله قصيدة ذكر فيها رحلته. وقال الشيخ درويش علي البغدادي الحائري في كتابه كنز الأديب في حقه على ما حكي: الشيخ العالم العلامة القدوة كان من كبار تلامذة بحر العلوم يروي عنه وعن غيره، صاحب مؤلفات جيدة ومصنفات مفيدة آه.
ولم نقف له الا على منظومة في المواريث وأخرى في الرضاع وثالثة في العدد ورابعة في تقدير دية القتل وخامسة في آداب الطعام والشراب المستفادة من الاخبار قال فيها:
ويستحب الغسل لليدين * قبلا وبعدا تغسل الثنتين
فان فيه مع رفع الغمر * زيادة العمر ونفي الفقر
وتسكين الميم من الغمر سهو منه وانما هو الغمر بالتحريك فان الغمر كالدسم وزنا ومعنى نص عليه اهل اللغة. وقد شرح المنظومات الثلاث الأولى ولده الشيخ عبد الحسين كما مر في ترجمته وقد وقع اشتباه من المؤرخين عند ذكر ترجمته وترجمة أولاده فبعض نسب أرجوزة الأب إلى ولده الشيخ عبد الحسين وشرحها إلى ولد الابن وأرجوزة الديات إلى الابن أيضا
وبعض منظومة آداب الطعام والشراب إلى الشيخ محمد حسين ابن الشيخ محمد علي مع أنه لا يعرف له منظومة في ذلك. وله من قصيدة في الشيخ جعفر أو ولده الشيخ موسى:
وحق الهوى ما ملت عن سنن الهوى * وان قال لي الواشي حبيبك مائل
ذكرت له أيام وصل صفا بها * لي العيش الا انهن قلائل
أطاول فيها كل من طاب عيشه * ويحسدني فيهن من لا أطاول
أصاخ إلى الواشي فأشغل قلبه * وكان ولم يشغله عني شاغل
صبرت على أخلاقه غير خلة * يرى ان ما بي هين وهو قاتل
فيا حبه كن لي اليه وسيلة * فرب بعيد قربته الوسائل
ومنها:
إذا قست اهل العلم فيه وجدته * هو البحر والباقون منه جداول
وكل له فضل ولكن تفاوتوا * ففي القوم مفضول وفي القوم فاضل
وما كل مصقول الغرارين قاطع * ولا كل مفتول الذراعين باسل
وطلب منه السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي تخميس أبيات
للحلاج على طريقته الصوفية فقال:
أعضاي بالعالم السفلي موثقة * والروح بالملأ الأعلى معلقة
بك اتصلت فما لي بالورى ثقة * كانت لنفسي أهواء مفرقة
فاستجمعت مذ رأتك العين أهوائي
وقد رقيت مقاما ليس يصعده * غيري ونالت يدي ما لم تنل يده
فظل يجهدني من كنت أجهده * وصار يحسدني من كنت أحسده
وصرت مولى الورى إذ صرت مولائي
شاهدت ما غمضوا عنه عيونهم * من نور مولاي فاستبصرت دونهم
وحيث خالفت في شاني شؤونهم * تركت للناس دنياهم ودينهم
شغلا بذكرك يا ديني ودنيائي
وله مخمسا هذين البيتين وقد اقترح ذلك عليه السيد حسين ابن
السيد سلمان المزيدي:
حضر العتاب فكان زد جوابه * اطراقه للرأس عند عتابه
شاء الجواب فخاف من حجابه * لو كان يقدر ان يبثك ما به
لرأيت أحسن عاتب يتعتب
ومهفهف كالبدر لولا نقصه * أو كالنهار إذا تجلى قرصه
لما استبان على الزيارة حرصه * حجبوه عن بصري فمثل شخصه
في القلب فهو محجب لا يحجب
وله في أستاذه السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي:
لقد كنت في حالة لا يكاد * يعيد إلي الحياة المسيح
تجس فؤادي يد الاختبار * لتعلم هل مت أو في روح
وقد يعذر المتشكي المريض * بما ليس يعذر فيه الصحيح
فعالجت دائي بمدح الكريم * فاذهب ما في منه المديح
فكان الدواء وكان الغذاء * وكان الغبوق وكان الصبوح
وكيف يقول امرؤ ما يقول * ولا يامن العي وهو الفصيح
جمعت محاسن لو جمعت * إذا لم يسعها الفضاء الفسيح
فخار كشمس الضحى واضح * وعن صفة الشمس يغني الوضوح
أراح مجاريك ياس اللحاق * وذو الياس من همه مستريح
وقال مؤرخا ولادة ولده السيد رضا:
بدا كوكب الاقبال في أفق السعد * وأشرق نادي قطب دائرة المجد
بأكرم مولود لأكرم والد * يمت به أزكى فخار إلى الجد
فان يسال الأحباب عن مولد الرضا * فقل أرخوه بالرضا هني المهدي
وقال يمدحه معرضا بطلب التدريس والمباحثة:
يا رب ناد فيه مزدحم الملا * ما بين املاك وبين ملائك
لمملك فيه الأنام ثلاثة * من تابع ناج وآخر هالك
ومخلط حيران ليس بعارف * اي الفجاج بها نجاة السالك
مولاي فأنعشهم بطلعتك التي * يجلو سناها كل ليل حالك
وتدارك الأشياء غاب امامها * عنها رعاك الله من متدارك
فهم من التعطيل في هم فمن * مبد عظيم الهم أو متماسك
هم به اشترك الورى لكن لهم * نصف ونصف لي بغير مشارك
قسما بما بيني وبين رقيقه * سلمان من رحم اتحاد المالك
لأرى له في القلب من صفو * الهوى ما لست تاركه وليس بتاركي
وقال يمدحه مؤرخا بناء الخان الذي امر ببنائه ما بين كربلا والمشهد
الغروي:
سعد الألى شادوا بامر السيد * قصرا به نالوا السعادة في غد
وغدا بحمد الله أحسن منزل * ما بين بقعة كربلا والمشهد
قصر تطاولت القصور فطالها * بمحاسن في غيره لم توجد
وكفاه فخرا انه ينمى إلى * ذي سؤدد قد فاق اهل السؤدد
قد شيد الأركان منه ماجد * ما زال للطاعات خير مشيد
السيد المهدي طال بقاؤه * وبقاء قيمه الموفق احمد
فلقد توفق للقيام بامره * والله خير موفق ومؤيد
قد أودع البنيان مع احكامه * حكما إليها ذو البصيرة يهتدي
وكان بانيه لحسن صنيعه * قد صاغه من فضة أو عسجد
هو منزل للسفر اضحى مقصدا * بين المنازل بغية المتقصد

 يدعو الركاب إلى النزول ويستوي * نظر الغريب اليه والمتردد
وإذا أراد الركب ان يترحلوا * نظروا اليه نظرة المتزود
فيه من الجنات ان عيانه * يبدي قصور الواصفين لقصد
ولرب شئ لا تحيط بوصفه * حتى يكون الشئ عنك بمشهد
رفعت يد الباني قواعده فلا * كتب البلا يوما على تلك اليد
لما استوى نادى مؤرخه لقد * قامت قواعده بامر السيد
وقال يهنيه بتزويج ولده السيد رضا:
حق المودة ان تكون جهارا * وترى لها بين الورى آثارا
وأشد نقص في الهوى كتمانه * فيما يكون مقامه الاظهارا
وأقل ما يقضي به حسن الوفا * ابلاغ تهنئة السرور بدارا
للسيد المهدي ان سروره * سر النبي وآله الأطهارا
مولى له في الخلق أعظم منة * لا يستطيع لها الورى انكارا
ان يسجد القمر المنير له ومن * اثر السجود ترى عليه غبارا
فلشكره الاحسان منه لأنه * منه استفاد النور حيث أنارا
وبنور طلعته استضانا في الدجى * حتى حبسنا الليل كان نهارا
سمع الورى صفة الامام فشاقهم * مرآه حين عن العيون توارى
فخلقت مرآة له كي يبصروا * ما لله عنه حجب الأبصارا
فانظر اليه كي ترى خلفا حكي * سلفا وآثارا قفت آثارا
وكان ناديه إذا ازدحم الملا * فيه مع الأملاك كان مزارا
وجدوا به بحرا فلم يستبدلوا * بالبحر بعد وروده الأنهارا
بحرا يفيض ندى يقيه بالغنى * وهدى يفك من الضلال أسارى
تنقاد أرباب المقال لقوله * الا الذي لزم العناد ومارى
ما اختار شيئا فيه يختلف الورى * الا وكان الحق فيما اختارا
مولى كساه الفضل فضل مهابة * من يلقه كانت خطاه قصارا
تلقى جبابرة الملوك إذا اتوا * ناديه خاضعة الرقاب صغارا
بلغت به التقوى إلى حال غدت * منها عقول العارفين حيارا
ما تلك الا عصمة أو دونها * ان تنأ لم تتجاوز الأشبارا
هنئت يا مولاي بالولد الذي * فاق الكهول سكينة ووقارا
وسما على اقرانه بفخاره * في الفهم والتحصيل زيد فخارا
وبعقد تزويج لبدر كامل * ودت تكون له النجوم نثارا
عقد حوى حسبين يلتقيان في * جد زكا أصلا وطاب نجارا
حضرت به الأملاك يوم زفافه * سرا وودت ان يكون جهارا
بوركت من فرح به قد شاركت * اهل السماوات العلي الأخيارا
يا ماجدا هدي الأنام بجده * لولاه كان جميعهم كفارا
متعت بالبر الرضا وبقائه * حتى ترى أحفاده الأبرارا
وبقيت ما بقي الزمان وأهله * كهفا لأهليه إذا هو جارا
بهواك احلف وهي حلفة صادق * والكذب أعظم كل شئ عارا
ما ان دعوت انا لنفسي مرة * الا دعوت لمن أحب مرارا
يوم به نالوا السرور مبارك * بركاته قد عمت الأقطارا
ولقد أتى التاريخ يوم سرورهم * سر النبي وآله الأطهارا
وقال راثيا السيد مرتضى والد السيد مهدي الطباطبائي المتوفى سنة
1204 ومؤرخا عام وفاته ومعزيا ولده المذكور عنه:
خطب ألم فضاق بي رحب الفضا * وعرا فاضرم في الحشا نار الغضا
وودت لو غمضت جفوني ساعة * ومتى تجف من الدموع فتغمضا
أمفارقي طوعا وفارقني العزا * كرها وإذ قوضت عني قوضا
أسفي على أني غداة البين لم * احضر ولم أسهر عليك ممرضا
كي أفتديك من المنون لعلها * ترضى بذاك إذا رأت مني الرضا
رزء به المهدي يجلس للعزا * بادي الشجون على أبيه المرتضى
اهل لأن تجري العيون سواقيا * ما بين احمر قانيا أو أبيضا
بأبي الذين دعوا إلى دار البقا * فمضوا وقد كانوا بقية من مضى
بأبي الألى كانوا مصابيح الدجى * من تلق منهم خلت برقا أو مضا
ما كان أطيب عيشنا بزمانهم * وأمر ذلك إذ تصرم وانقضى
والمرء قد يهوي الحياة لأجلهم * فإذا مضوا شنا الحياة وأبغضا
يهوى الفداء أو اللحاق بهم ولم * يك منهما شئ اليه مفوضا
أسفا على عضب قد اتخذ الثرى * غمدا وكان على الأعادي منتضى
وعلى بحور العلم غاضت في ثرى * كشاف غامضة إلى أن غمضا
شنا الحياة وفارق الدنيا التي * عرضت عليه وكان عنها معرضا
ولرب ذي جزع بكاه ولم يكن * جزع الفتى يجدي إذا حان القضا
متلعثم في الرد لو سألوه عن * سبب البكا ما أن يقول لهم قضا
واتى بتاريخ بغير تلعثم * أشجى جميع الناس فقد المرتضى
ونعى وما قصرت في تاريخه * قد أوهن الاسلام فقد المرتضى
واتى بتاريخ بلا ترك له * بكى السماء دما لفقد المرتضى
وقد حفظ غير بيت من أبيات منظومة الطعام والشراب جرت مجرى
الأمثال والشواهد كقوله:
فأكرم الخبز ومن اكرامه * ترك انتظار الغير من أدامه
والاتكاء حالة الأكل اترك * ما اكل النبي وهو متكئ
وابن يسار وهو بعض العمد * روى جواز الاتكا على اليد
وقد أتانا في علاج العلل * ما استشفت الناس بمثل العسل
وسيد الفواكه الرمان * يأكله الجائع والشبعان
فكله كيما ان تصح بعده * بشحم فهو دباغ المعدة
وتؤكل الأعناب مثنى مثنى * وقد أتى الأفراد فيه أهنى
وينفع التفاح في الرعاف * مبرد حرارة الأجواف
نعم الادام الخل ما فيه ضرر * وكل بيت فيه خل ما افتقر
ومن يكن في جمعة أو قد دخل * في مسجد فليجتنب اكل البصل
كذاك اكل الثوم والكراث * دعه ونحو هذه الثلاث
والأكل للخس مصف للدم * ويذهب الجذام اكل الشلغم
سيد كل المائعات الماء * ما عنه في جميعها غناء
أ ما ترى الوحي إلى النبي * منه جعلنا كل شئ حي
ويكره الاكثار منه للنص * وعبه اي شربه بلا مص
من شرف الانسان في الاسفار * تطييبه الزاد مع الاكثار
وليحسن الانسان في حال السفر * أخلاقه زيادة على الحضر
وليدع عند الوضع للخوان * من حضر الزاد من الاخوان
والضيف يأتي معه برزقه * فلا يقصر أحد في حقه
يلقاه بالبشر وبالطلاقة * ويحسن القرى بما أطاقه
يدني اليه كل شئ يجده * ولا يرم ما لا تناله يده
وأكرم الضيف ولا تستخدم * وما اشتهاه من طعام قدم

 وينبغي تشييعه للباب * وفي الركوب الاخذ بالركاب
وقال في مدح علي أمير المؤمنين ع:
اني لمدح بني النبي لعاشق * والنظم يشهد لي باني صادق
تأتي قوافيه إلي كأنما * قد ساقهن إلى لساني سائق
هذا ومدحي قاصر عن فضلهم * ولو اجتهدت وكان تحتي سابق
ساووا كتاب الله الا انه * هو صامت وهم الكتاب الناطق
من جاء بالقول البليغ فناقل * عنهم والا فهو منهم سارق
ضلت خلائق في علي مثلما * ضلت بعيسى قبل ذاك خلائق
جعلوا الذي قد كان نفس نبيهم * هو نفس خالقهم تعالى الخالق
لا عذر للنصاب والغالي له * عذر لبعض ذووي العقول موافق
ضلت به الفئتان لكن ليستا * شرعا فان النصب كفر خارق
لا ينسب الاسلام للقالي له * وإن ادعى الاسلام فهو منافق
وهو الذي نطق الكتاب بمدحه * وبفضله صدع النبي الصادق
إن كان في الاسلام خرق خاطه * أو كان فتق فهو فيه الراتق
يا سادة وعدوا بانقاذ الذي * والاهم وبوعدهم انا واثق
ترضون أن أصلي غدا بجهنم * مع من أعادي دونكم وأشاقق
وأذوق من خجلي لدى خصمائكم * اضعاف ما انا من جهنم ذائق
هم بي يخف عذابهم وانا بهم * يشتد هل هذا لديكم لائق
تالله لو دخل الجنان عدوكم * ما راق لي منها شراب رائق
يا من اليه الحكم يرجع في غد * ولأمره امر الإله موافق
ولكأنني بك والخلائق كلهم * خرس وما في الخلق غيرك ناطق
قد قام رضوان لديك وما لك * ولهم إلى شفتيك طرف رامق
مولاي عبدك قد أحبك دهره * وبدا بنشر المدح وهو مراهق
لولاك ما طابت ولادته ولم * تخبث فحبكم المحك الفارق
وقلاك من حملته أم أيم * أو ذات بعل وهي منه طالق
أو في زمان لا تصح صلاتها * كلا ولا هي للقبيح تفارق
لا اختشي هول المعاد وأنت لي * مولى ولا قلبي هنالك خافق
وعليكم صلى المهيمن ما سرى * نجم وذر على البرية شارق
وقال يرثي الآقا محمد باقر البهبهاني المتوفى سنة 1205 ويعزي عنه
السيد مهدي الطباطبائي:
ما للردى قد راش كل سهام * وسطا على علمائها الاعلام
يوم به انطمست مصابيح الهدى * يوم به انفصمت عرى الاسلام
يوم به الايمان هدم سوره * وانهد ركن قواعد الاحكام
يوم به العلياء شقت جيبها * تذري المدامع كالسحاب الهامي
وأغبرت الدنيا باعين أهلها * فكأنها راد الضحى بظلام
اليوم زلزلت البلاد وأعولت * اليوم أودى ذو الفخار السامي
الباقر العلم الذي لو يفتدى * سبقت لفديته ذوو الأحلام أودى وقد
أودى الهدى فعلى الهدى * وعليه خير تحية وسلام
بأبي التقي الناسك الورع الذي * يحيي الدجى بتهجد وقيام
بأبي وغير أبي الحميم وغيره * من لست أسلوه ليوم حمامي
من بعده شبه الضلال يردها * ويذود عن دين الهدى ويحامي
فبمثله الاسلام يعلو صوته * ويدق انف الشرك بالارغام
فهو الذي حسم الضلال وأهله * ولسانه عن ألف ألف حسام
مولى له فضل على كل الورى * وله مقام فوق كل مرام
مولى يحكم في الحجاج مقاله * واليه يرجع عند كل خصام
هو علم العلماء حسن طريقة * في الفقه عند النقض والابرام
مولاي كم أوضحت من سبل الهدى * وأبنت ما يخفى على الاعلام
وفتحت منها كل باب مقفل * قد كان سد على ذوي الافهام
تبكي عليك محافل الفضل التي * كنت النظام لها وأي نظام
ومدارس فقدتك كنت قوامها * كيف استقامتها بغير قوام
ومساجد كنت الامام لأهلها * تبكيك إذ بقيت بغير امام
رحل الذي اشتاق اللقاء لربه * فرأى لديه أعظم الاكرام
وله مآثر لا تزال خوالدا * تبقى بقاء الدهر والأعوام
يا أيها المهدي والمولى الذي * شمل الورى بالبر والإنعام
بك أطفئت نار بقلبي أضرمت * لولاك ما خمدت من الاضرام
وبذي العلوم علي الباني لها * أسا بناه بغاية الاحكام
وبنجله الزاكي سمي محمد * ووصيه بحر العلوم الطامي
وبنجله عبد الحسين أخي العلي * وبسبطه الحاكي لبدر تمام
وبماجد مد المهيمن ظله * ووقاه شر طوارق الأيام
السيد المهدي من من جوده * تحيا الورى كالروح للأجسام
فبهم سلو المرء من حر الجوى * وشفاء ما في القلب من آلام
ورثوا العلى منه وهم أولى الورى * بمقامه وهم أولو الأرحام
إن فاق بالأحساب سائر قومه * فبتلك فاقوا سائر الأقوام
مذ ذاب قلب المجد قلت لصاحبي * ارخ قد انفصمت عرى الاسلام
وفيه زيادة ثلاثة أشار اليه بقوله: مذ ذاب قلب المجد وهو الجيم
وقال يرثي سليمان مملوك السيد مهدي الطباطبائي:
النفس طال من الدنيا تشكيها * ما ذا يقول المعزي إذ يعزيها
وان سلمان قد زادت رزيته * على الرزايا التي كنا نقاسيها
يا قدس الله تلك الذات ما قعدت * عن طاعة الله حتى أقام ناعيها
قد أعجلتها المنايا للرحيل ولم * تمهل لتطلب إذنا من مواليها
لا زال يجهد في ارضاء سيده * بطاعة كان يرضي ربه فيها
قضى من العمر أحوالا بخدمته * واختار موتا ليفديه بباقيها
قد كان لله عبدا خالصا فرقت * تقوى الإله به أعلى مراقيها
أدى عبودية أخرى لمالكه * فزاده الله اخلاصا وتنزيها
قضى اثنتين وأن الله كلفنا * إحداهما قل منا من يؤديها
لله درك مملوكا بطاعته * سما المماليك قاصيها ودانيها
إن لم تكن أنت معنى قول سادتنا * سلمان منا فمعنى من معانيها
وسيدا تهت في الدنيا بخدمته * فازدد وقد صرت للأخرى به تيها
لا تأس يا سيد الأحرار إن بنا * إن مات عبد عبيدا لست تحصيها
فليتك اليوم ترضانا له خلفا * لكنها رتبة لسنا بأهليها
تغمد الله سلمانا برحمته * قد فاز في جنة المأوى وما فيها
وله يرثي الحسين ع:
ذكر الطفوف ويوم عاشوراء * منعا جفوني لذة الاغفاء
لم انسه لما سرى من يثرب * بعصابة من رهطه النجباء
لله كم قطعوا هنالك مهما * نكبوا الرياح به من الاعياء

 حتى اتوا ارض الطفوف بنينوى * ارض الكروب وارض كل بلاء
حطوا الرحال فذا محط خيامنا * وهنا تكون مصارع الشهداء
وبهذه يغدو جوادي صاهلا * مرخى العنان يجول في البيداء
وبهذه أغدو لطفلي حاملا * في الكف اطلب جرعة من ماء
أ مجدل الابطال في يوم الوغى * ومنكس الرايات في الهيجاء
هذا حبيبك بالطفوف مجدل * عار تكفنه يد النكباء
وله في رثاء الحسين ع:
ديار تذكرت نزالها * فرويت بالدمع أطلالها
وكانت رجاء لمن أمها * بها تبلغ الوفد آمالها
وكم منزل قد سما بالنزيل * ولو طاولته السما طالها
بنفسي كراما سخت بالنفوس * بيوم سمت فيه أمثالها
وصالوا كصولة أسد العرين * رأت في يد القوم أشبالها
ترى أن في الموت طول الحياة * فكادت تسابق آجالها
إلى أن أبيدوا بسيف العدى * ونال السعادة من نالها
ولم يبق للسبط من ناصر * يلاقي من الحرب أهوالها
بنفسي فريدا أحاطت به * عداه فجاهد ابطالها
ويرعى الوغى وخيام النسأ * فعين لهن وأخرى لها
إلى أن هوى فوق وجه الثرى * وزلزلت الأرض زلزالها
رأى الناس أوتادها قد هوت * فمادت فلم يسألوا ما لها
تراهم على الأرض مثل النجوم * مع البدر والخسف قد غالها
فهم كالأضاحي تمر الرياح * عليهم وتسحب أذيالها
وشيلت رؤوسهم في الرماح * فشلت يدا كل من شالها
وما أنسى لا أنسى زين العباد * عليلا يكابد أغلالها
وما للنساء ولي سواه * يليها ويكفل أطفالها
ونادى منادي اللئام الرحيل * يريدون للشام إرسالها
بكين وأعولن كل العويل * فلم يرحم القوم إعوالها
قد استأصلوا عترة المصطفى * ولم يخلق الكون الا لها
وكم آية أنزلت في الولاء * لهم شاهد القوم انزالها
ولو أهمل الأمة المصطفى * لكان قد اختار اضلالها
إليكم بني احمد غادة * اتت من ولي الحكم قالها
رجا في القيامة أن تؤمنوه * إذا خافت النفس أهوالها

 معارف الرجال/محمد حرز الدين

الشيخ محمّد علي الأعسم

…ـ1233

الشيخ محمّد علي بن الشيخ حسين بن الحاج محمّد الأعسم النجفي العالم العامل المقدس الورع، والشاعر الأديب البارع، صاحب المنظومة، اشتهر في هذا البيت بالعلم والأدب، وكان يعد نظمه من الطبقة الأولى، وآل الأعسم من البيوت النجفية العلمية والأدبية لهم ذكر جميل وسمعة طيبة وقد سلف ذكرهم في ترجمة ولده الشيخ عبد الحسين صاحب الذرايع، والمترجم له كان من العلماء الأدباء الذين عرضت عليهم منظومة السيد محمّد مهدي بحر العلوم أستاذه المسماة بـ(الدرة) وقد قرضها بقوله:

درة علم هي ما بين الدرر      فاتحة الكتاب ما بين السور

ترى على أبياتها طلاوة         كأنما استقت من التلاوة

لذاك فاقت كل نظم جيد         وسيد الأقوال قول السيد

أساتذته:

حضر الفقه على السيد محمّد مهدي بحر العلوم النجفي كما أجازه أن يروي وتتلمذ على الشيخ جعفر كاشف الغطاء النجفي وكان من خلص أصحابه ومريديه ومدح الشيخ أستاذه بعدة قصائد ومدح أنجاله الأعلام أيضاً، حج مكة المكرمة سنة 1199هـ مع أستاذه كاشف الغطاء بركابه مع العلماء الأعلام.

مؤلفاته:

المنظومة في المواريث، والعدد، والرضاع، والديات، والأطعمة والأشربة.

وفاته:

توفي بالنجف سنة 1233هـ وأقبر في الصحن الغروي في مقبرتهم وأعقب أولاداً أشهرهم الشيخ عبد الحسين، والشيخ حسين، والشيخ محمّد، والشيخ مهدي ومن رثائه في الحسين عليه السلام قوله:

ذكر الطفوف ويوم عاشوراء     منعا جفوني لذة الإغفاء

لم أنسه لما سرى من يثرب       بعصابة من رهطه النجباء

لله كم قطعوا هنالك مهمهاً         نكبوا الرياح به من الإعياء

حتى أتوا أرض الطفوف بنينوى    أرض الكروب وأرض كل بلاء

حطوا الرحال فذا محط خيامنا       وهنا تكون مصارع الشهداء

وبهذه يغدو جوادي صاهلاً           مرخي العنان يجول في البيداء

وبهذه أغدو لطفلي حاملاً             في الكف أطلب جرعة من ماء

أمجدل الأبطال في يوم الوغى      ومنكس الرايات في الهيجاء

هذا حبيبك في الطفوف مجدل      عار تكفنه يد النكباء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.