الجمعة , 22 نوفمبر 2024
الرئيسية » شخصيات نجفية » علماء » الشيخ محمد رضا بن الشيخ أحمد النحوي

الشيخ محمد رضا بن الشيخ أحمد النحوي

اعيان الشيعة/ج9

 الشيخ محمد رضا النحوي ابن الشيخ أحمد بن الحسن الشهير بالشاعر توفي سنة 1226 في الحلة ونقل إلى النجف. شاعر عصره وأديبه غير مدافع، فاق على أبيه في الشعر، وكان نحويا لغويا واقفا على اسرار العربية ودقائقها. قرأ على السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي في علوم الدين. وفي علوم الأدب لا سيما اللغة على السيد صادق الفحام وانقطع إلى السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي واختص به وله فيه مدائح كثيرة.
وقال بعضهم في ترجمته: كان أديبا أريبا عالما عاسلا برا تقيا رضيا مرضيا، له من القصائد الفرائد جمة آه. ولما توفي والده كتب اليه الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء:
مات الكمال بموت احمد فاغتدى * حيا بأبلج من بنيه زاهر
فأعجب لميت كيف يحيى ظاهرا * بين الورى من قبل يوم الآخر
شعره
قال:
أريحا فقد أودى بها النص والوخد * وقولا لحادي العيس أيها فكم تحدو
طواها الطوى في كل فيفاء ماؤها * سراب وبرد العيش في ظلها وقد
تحن إلى نجد واعلام رامة * وما رامة فيها مرام ولا نجد
وتلوي على بان الغوير ورنده * ولا البان يلوى البين عنها ولا الرند
وتعطوا إلى مرخ الحمى وعفاره * وما بالحمى والمرخ وار لها زند
وتصبو إلى هند ودعد على النوى * ولا هند تشفي ما جنت ولا دعد
وتهفو إلى عمرو وسعد ضلالة * وما عمرت عمرو ولا أسعدت سعد
هوى ناقتي خلفي وقدامي الهوى * وما قصدها حيث اختلفا هوى قصد
فعوجا فهذا السر من سر من رأى * يلوح فقد تم الرجا وانتهى القصد
وهاتيك ما بين السراب قبابهم * فآونة تخفى وآونة تبدو
فعرج عليها حيث لا روض فضلها * هشيم ولا ماء الندا عندها ثمد
ورد دارها المخضلة الربع بالندى * ترد جنة للخلد طاب بها الخلد
وطف حيث ما غير الملائك طائف * يروح على من طاف فيها كما يغدو
وسل ما تشأ من سيب نائلهم فما * لسائلهم الا بنيل المنى رد
هم القوم آثار المعارف منهم * على جبهات الدهر ما برحت تبدو
هم آل ياسين الذين صفا لهم * من المجد برد ليس يسمو له برد
ربينا بنعماهم وقلنا بظلهم * وعشنا بهم والعيش في ظلهم رغد
إليكم بني الزهراء أمت مغذة * عراب المهارى والمسومة الجرد
يفلن بها غور الفلاة ونجدها * فيخفضنا غور ويرفعنا نجد
على كل مرقال زفوف طمرة * بعيدة مهوى الخط يدنو بها البعد
فقبلن أرضا دون مبلغها السما * وسفن ترابا دون معبقه الند
فيا ابن النبي المصطفى وسميه * ومن بيديه الحل في الكون والعقد
إليك حثثناها خفافا عيابها * على ثقة أن سوف يوقرها الرفد
لوينا على ناد أناخ به الندى * والقى عليه فضل كلكله المجد
إلى خلق كالروض وشعه الحيا * يغار إذا استنشقته الغار والرند
ومنعة جار رحت تحمى ذماره * كما مر يحمي غيله الأسد الورد
تباعدت عنكم لا ملالا ولا قلى * ولكن برغمي عنكم ذلك البعد
وجئتكم والدهر عضت نيوبه * علي وعهدي وهي عني درد
إلى كم نعادي من وددناه رقة * وخوفا ويضفي الود من لا له ود
ومن نكد الدنيا على الحران يرى * صديقا يعاديه لخوف عدا تعدو
وأنكد من ذا أن يبيت مصادقا * عدوا له ما من صداقته بد
وفي النفس حاجات وعدتم بنجحها * وقد آن يا مولاي أن ينجز الوعد
فدونكها فضفاضة البرد ما انتمى * بنعتك بشار إليها ولا برد
على أنها لم تقض حقا وعذرها * بان المزايا الغر ليس لها حد
فانعم وقابل بالقبول اعتذارها * فكل اعتذار جهد من لا له جهد
وله:
ذكرت لياليا سلفت بجمع * فبت لذكرها شرقا بدمعي
واذكرني نسيم رياض نجد * معاهد جيرة نزلوا بسلع
وأومض بارق بالجزع وهنا * يترجم عن قلوب ذات صدع
وغرد طائر يملي حديثا * فعذب خاطري وأراح سمعي
بجمع لو تعطفتم قلوب * تبدد شملها من بعد جمع
فمنوا واصلين عقيب هجر * وجودوا منعمين عقيب منع
وله:
حادي الاظعان إن جئت النقا * وثنيات اللوى والأجرع
فاحبس العيس على أطلالهم * وأذل دمعك بين الأدمع
واسأل الركب إذا ما عرضوا * عند وادي المنحنى من لعلع
عن فؤاد ظاعن اثرهم * من غرام هاج بين الأضلع
ليس في الربع لنا من إرب * لا ولا في الدار لي من طمع
غير اني كلما طارحتها * ذكر جيران الغضا لم تسمع
يا أحباء عهدناهم على * سلمات رويت من أدمع
من لقلب بكم فرقته * ولشمل بعدكم لم يجمع
ليت شعري هل زماني راجع * بالحمى هيهات ما من مرجع
ما تذكرت زمانا في الحمى * رق لي الا جفاني مضجعي
يا خليلي خذا لي نظرة * يشتفي فيها فؤاد الموجع
من لقلب وهو نجدي الحمى * متهم في حب ذات البرقع
يا لقلب ظاعن نحو اللوى * ولجسم للمصلى مودع
وله:
أفارقكم لا ملالا لكم * ولكن رجاء لطيب التلاق
فكان بعاد لخوف البعاد * وكان فراق لخوف الفراق
وله معاتبا:
جفوت وكنت لا تجفو ولكن * هي الأيام دولتها تدور
وغيرك الزمان وجل من * لا تغيره الحوادث والدهور
سأصبر ما أطاق الصبر قلبي * فان الحر في الدنيا صبور
وإن الليل يظلم حين يبدو * ويسفر بعده صبح منير
وإن الماء يكدر ثم يصفو * وتخبو ثم تلتهب السعير
وله:
عجبت لمن بالله أصبح موقنا * ويرجو سواه عند احدى العظائم
واعجب من ذا من رأى بدء خلقه * ويعجبه رجع الرفات الرمائم
واعجب من هذين من شك بعد ما * تفكر في إتقان صنع العوالم
أ في الله شك باسط الأرض سبعها * ورافعها سبعا بغير دعائم
وفي اية ما أنت تنظر ناظر * دليلا عليه بالقضايا الجوازم
ودخل الشيخ محمد رضا النحوي على السيد مهدي بحر العلوم
الطباطبائي وقد إبل من مرضه سنة 1198 فأنشده له:
ولما اعتللت اغتدى العالمون * وكل عليل جفاه الوساد

 فلا غرو إن لم يعودوك إذ * مرضت فمن حقهم أن يعادوا
وله في المعنى:
لقد مرض الناس لما مرضت * وما كان ذلك بدعا جليلا
حللت من العالمين القلوب * فلا شخص الا وأمسى عليلا
وأنشده في ذلك:
وقالوا أصابته وحاشا علائه * قشعريرة من ذلك الالم الطاري
أ ما علموا أن تلك من قبل عادة * تعودها مذ كان من خشية الباري
وفيه له:
لقد مرضت فأضحى الناس كلهم * مرضى ولولاك ما اعتلوا ولا مرضوا
ومذ برئت من الاسقام قد برؤوا * فمنك في حالتيك البرء والمرض
وكتب إلى شيخه السيد صادق الفحام:
يا أديبا على الفرزدق قد شاد * باحكام نظمه وجرير
وبسر الحديث آثره الله * فأوفى على علا ابن الأثير
وبعلم اللغات فاق كثيرا * من ذوبها فضلا عن ابن كثير
بك روض الآداب عاد أريضا * ذا غدير يروي الظماء نمير
حجج قصر ابن حجة عنها * ودجى ليلها على ابن منير
حلم قيس وأحنف نجل قيس * طلت فيه الورى ورأي قصير
خلق كالرياض دبجها الطل * بند فعبرت عن عبير
ومزايا لو رمت احصاء ما أوليت * منها لم أحص عشر العشير
فقليلي ولو حرصت سواء * حين أسمو لعدها وكثيري
قد تجشمت خطة لو سما الطرف * إليها لرد اي حسير
عالما انني وإن طال مدحي * وثنائي عليك ذو تقصير
فكتب السيد صادق الفحام في جوابه:
أيها الناقد البصير ولا فخر * فما كل ناقد ببصير
والمجلي لدى السباق إذا صلت * جياد المنظوم والمنثور
والذي قد طوى بنشر بديع النظم * ذكر الطائي دهر الدهور
وغدا ابن النبيه غير نبيه * وتحامى البصيرة البوصيري
يا معيد الذماء من بارع الآداب * بعد انطماسه والدثور
وجوادا للسبق جلى أخيرا * فشأى كل أول وأخير
كيف قلدت في نظامك من لم * يك في العير لا ولا في النفير
وعزم السيد محمد ابن السيد زين الدين على الحج فشيعه السيد
صادق الفحام في رهط من العلماء وتقدم السيد الفحام فالبسه عمامة الطراز
الأخضر مضيفا إليها حلالية وهي الكوفية دسمالا وكان ذلك سنة 1183
فأنشأ الشيخ محمد رضا النحوي يقول:
سعى ليحج البيت أكرم من سعى * فبورك من ساع لتلك المعالم
وطافت بنو الآداب عاكفة فمن * مزامل سامي ركبه وملازم
ومن حامد منه المساعي وشاكر * ومن ناثر اثنى عليه وناظم
وزر عليه السعد إزرار سالم * وأضفى عليه المجد أثواب غانم
وها هو ذا الكاسي كساء من التقى * كابائه اهل الكساء الخضارم
حلالية زانت طرازا وزانها * ودسمال عز من لبوس الأكارم
حمين ثلاثا فاتفقن بداهة * على الحال تاريخا ثلاث عمائم
وله في قدوم الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء من الحج سنة 1219:
قدم الحجيج فمرحبا بقدومه * لقدوم من شرع الهدى بعلومه
هو جعفر من كان أحيا مذ نشأ * من دين جعفر عافيات رسومه
مأمونه في سره وأمينه * في شرعه ورديفه في خيمه
وافوا كأنجم أسعد مذ أحدقت * بالبدر أو كالزهر عند نجومه
وردوا الغري فطال إذ وردوا السما * بقدومهم إذ كان عند قدومه
وتود أن لو أبدلته بدرها * عن بدره ونجومها بنجومه
علما بنقص بدورها في أفقها * ومغيب أنجمها خلال غيومه
وتيقنا أن ليس ينقص نورهم * والله أمضى الامر في تتميمه
حث الرواسم للحجاز ولم تزل * مشتاقة لوجيفه ورسيمه
كالغيث كل تنوفة ظمآنة * لغزير وابل ودقة وعميمه
وسعى لحج البيت وهو الحج في * تحليله المعهود أو تحريمه
وبمروتيه وركنه ومقامه * وبحجره وحجونه وحطيمه
ودقيقه وجليله وكثيره * وقليله وحديثه وقديمه
رفعت قواعد حجر إسماعيله * فيه وقام مقام إبراهيمه
وبه الصفا لقي الصفا وتأرجت * ارجاء مكة من أريج نسيمه
وغدت ينابع زمزم وكأنما * مزجت لطيب الطعم من تسنيمه
اهدى السلام إلى النبي وما درى * أن النبي بداه في تسليمه
جزل العطاء فمن ينخ آماله * بشريف طبع من علاه كريمه
ينخ الرجاء بباب غير منهنه * من أم جدواه ولا محرومه
طبعت خلائقه على محمودها * والطبع ليس حميده كذميمه
اما المقال فدق في منثوره * عن كنه معناه وفي منظومه
فليقتنع ذو اللب في تبجيله * بمديح خالقه وفي تعظيمه
ليس المديح يزيد في تشريفه * شرفا وليس يزيد في تكريمه
وإن ادعى أحد بلوع ثنائه * بنثير در صياغه ونظيمه
فانا الذي سلمت اني عاجز * ونجاة نفس المرء في تسليمه
لكن عام قدومه أرخته * قدم السخا والمجد عند قدومه
وارسل اليه الشيخ جعفر هدية وكتب معها:
عذر الحقير إذا قلت هديته * إن الهدايا على مقدار مهديها
فكتب اليه الشيخ محمد رضا:
وافت هديتك الغراء حاملة * شذا نسيمك يذكو في مطاويها
وأعربت عن صفايا الود منك فيا * طوبى لنفس لصفو الود تصفيها
فجل مقدارها عند المحب كما * قد جل بين الورى مقدار مهديها
وجاوزت قدر من وافت وقد عدلت * إذ كنت مهديدها الدنيا وما فيها
وقال مهنئا السيد مهدي بعيد الفطر سنة 1210
مولاي فيك لنا ذا اليوم عيدان * ثانيهما أول والأول الثاني
وما عليك له في السبق سابقة * ما آدم ورسول الله سيان
العيد يوم وثانيه وثالثه * وأنت في كل آن عيدنا الآني
العيد ذا فضله المعهود فيه بلا * زيادة يتحراها ونقصان

 وأنت ما زلت مزدادا إلى شرف * جمعته شرفا في كل ابان
العيد كم عاد في الدنيا بسيئة * ولم تزل عائدا فيها باحسان
العيد يثنيه عيد في فضيلته * وأنت في الفضل فرد ما له ثاني
وكيف يختص باسم العيد منفردا * بالفضل من سائر الأيام والشأن
وكل ما مر من يوم بطلعتك العيد * الجديد برعم الحاسد الشانئ
أن نال فضلا فمن شهر تقدمه * وأشهر أخرت عنه وأزمان
وأنت سدت بنفس منك كاسية * بالحمد عارية من كل نقصان
ونلت ما نلت عن جد ومجتهد * ضما إلى شرف من آل عدنان
ونسبة برسول الله معرقة * حطت برفعتها أعراف كيوان
العيد أصبح عيدا بالورود على * علياك لم يثنه في حالة ثاني
فنال ما نال من قدر ومنزلة * وكم سما برفيع القدر من داني
ليس المفضل لم يدرك حقائق ما * له من الفضل في قاص وفي داني
مثل المفضل عن علم ومعرفة * وشوق قلب إلى العلياء ولهان
فكيف نقرنه بالفضل منك وما * له الذي لك من قدر ومن شان
لكن يرقونه عن قدر رتبته * ظنا بأنكما في الفضل مثلان
لذاك قالوا وأرخنا مقالتهم * مولاي فيك لنا ذا اليوم عيدان
وكان السيد مهدي في زيارة أئمة سر من رأى وذلك في أيام الربيع
فقال السيد:
وأضحكت الخضراء غبراء ارضها * فمغبر وجه الأرض بالنبت مخضر
وأحب ان يدمج هذا البيت في ضمن أبيات تتضمن وصف تلك
الرياض وتنطوي على كشف اسرار بهجة تلك الغياض فقال المترجم:
رد الروض لا تبعث على الروض رائدا * فقد كلل الأقطار بالزهر القطر
وعجها بسامراء فالنجم ناجم * بها وأريض الروض وشعه الزهر
وأضحكت الخضراء غبراء ارضها * فمغبر وجه الأرض بالنبت مخضر
كان نجوم الزهر في جنباتها * وقد فتقت أكمامه أنجم زهر
وقد ضاع نشر المندلي مع الصبا * فلا فطر الا قد أضيع به قطر
وطاب شذا الدنيا كان بعثت به * إليك من المهدي أخلاقه الغر
فتى عشق العلياء عاشقة له * خليلا صفاء ما لوصلهما هجر
فحدث عن البحر الخضم ولا اني * فلا حرج فيما اتيت ولا نكر
تدفق لي والدهر هيمان سيبه * فلا اختشي ظما ومن حولي البحر
وشاهدت ربع الجود ما عنه حاجب * يصد وباب العرف ما دونه ستر
سأشكر لا اني أجازيه نعمة * بأخرى ولكن كي يقال له شكر
واذكر أيامي لديه وطيبها * وآخر ما يبقى من الذاكر الذكر
وكان مع السيد مهدي جماعة من اهل العلم والأدب مشيعين لوالده
لما توجه إلى كربلا وقد طاب سفرهم به حتى لم يجدوا مشقة فابتدر المترجم
قائلا في ذلك:
وركب دعاهم خلوص الهوى * إلى سفر ضم منهم كراما
دعتهم لنيتهم خدمة * لمولى سما في المعالي مقاما
هو الشهم مهدي هذا الزمان * فتى قام فيه الهدى واستقاما
فتى جمع الله فيه الهدى * كما جمع الله فيه الأناما
أتانا زمان مغيب الامام * فكان لنا حين غاب الإماما
إذا سار سار الندى حيث سار * أجل ويقيم الندى ان أقاما
أطافوا به كنجوم السما * أطافت ببدر أصابت تماما
تهاووا عليه فراشا رأى * سراجا ولكن أصابوا سلاما
سروا يخطبون الربى والوهاد * ويطوون غوط الفلا والآكاما
فطورا صعودا وطورا هبوطا * وطورا مقيلا وطورا لماما
نشاوى يميلون فوق الرحال * وما عرفوا غير شوق مداما
تصافوا هوى وتساووا وفي * وكل عن الكل بالحق قاما
كفاهم من السير وعثاؤه * هوى كلما انآد ود أقاما
تراهم وقد سافروا حاضرين * كان لهم في الفيافي مقاما
فلم يدر فرضهم في الصلاة * أقصرا يؤدونه أم تماما
ولما أفاضوا لأوطانهم * وكل بدار علاه أقاما
وأوحش كل أخا وده * وان تخذ القلب منه مقاما
وعانوا اذى السير حال الحضور * وكل بكل من الشوق هاما
تشابه فرضهم في الصلاة * واعيا جميع البرايا مراما
وفي الحضر القصر كان الوجوب * وفي السفر الفرض كان التماما
وقال يمدح السيد مهدي مؤرخا عام وروده من الحج:
أعيد من الحمد المضاعف ما أبدي * واهدي إلي المهدي من ذاك ما أهدي
وليس الهدايا قدر من أهديت له * ولكنها تأتي على قدر المهدي
ولو انني أهديت ما ينبغي له * لسقت له ما في المثاني من الحمد
على أن ذا في ذاك تحصيل حاصل * ولكن ذا جهدي وغاية ما عندي
بدا للهدى بدرا يجلي دجى العمى * وحسبك بدرا من ظلام العمى يهدي
له نسب في آل احمد معرق * كمنظوم عقد الدر ناهيك من عقد
هم القوم ماز الله فيهم عباده * فبين هدى منج وبين هوى مردي
هم القوم لطف الله يرجى بلطفهم * وليس ينال الرشد الا من الرشد
أساريره تبدو سرائر قدسهم * عليها وللآباء ستر على الولد
تأخر عنهم لا لنقص يرده * عن السبق حاشاه عن النقص والرد
ولكن أتى من بعد أن قد تكاملوا * عديدا وكم في ذاك من شرف عد
لكيلا يجور الناس عن قصدهم به * غلوا به والله يدعو إلى القصد
وكيلا يقولوا وهو اهل لقولهم * بعصمته لولا مجاوزة الحد
على أنه لم يجتمع قط نائب * لنا ومنوب عنه من سالف العهد
وكم فيه سر للإله محجب * أبى الله ان يبدو فمن ذا له يبدي
به الغيبة الكبرى تجلى ظلامها * وأشرق في آفاقها قمر السعد
وأعشب واديها ورفت رياضها * وأوراقها عادت لأغصانها الملد
وسار على اسم الله سيرة صاحب * الزمان لبسط العدل والهدى والرشد
ولولا سمات عندنا قد تميزت * لمعرفة المهدي قلنا هو المهدي
عطاء بلا من حباء بلا اذى * سحاب بلا رعد سخاء بلا وعد
حقائق يخفيها وتبدو فحسبها * ظهورا لها ان الاله لها مبدئ
سما الزهد أعلى رتبة بانتسابه * اليه فما في الزهد إذ ذاك من زهد
ولولا علوم بثها لاغتدى الورى * بحالك ليل من دجى الجهل مسود
أضاق فسيخ القول غامض كنهه * فما ذا عسى يبدي المقال بما يبدي
وكيف يحيط الواصفون بنعت من * له سؤدد عد يجل عن العد
وقالوا غلا في المدح فيه وعنفوا * ولاموا لو أن اللوم في مثله يجدي
ولو أنصفوني فيه قالوا مقصر * ولا قصر في باعي ولكن ذا جهدي
ولو أن لي في كل عضو لمدحه * لسانا يبث الحمد قل له حمدي
تعالى به جدي وطالت به يدي * وقام به حظي ودام به سعدي

 فشكرا لدهر قد سخا لي به فكم * به من يد للدهر ظاهرة عندي
فمن مبلغ الاحياء عني انني * بلغت به سؤلي ونلت به قصدي
واني قد سيرت فيه شواردا * تجاوزن من قبلي وأتعبن من بعدي
على انني لم اقض واجب حقه * فيا ليت شعري ما اعتذاري إلى المجد
سعى ليحج البيت والحج بيته * فكم عاكف باد معيد الثنا مبدئ
فلو كان يدري البيت من كان أمه * إذن أمه سعيا ولم يأل من جهد
عساه إذا وافاه مستقبلا له * يزيد له بالابن ما كان بالجد
وكر من الركن اليماني راجعا * إلى جده أكرم بأحمد من جد
وقد بان في ارض الغري ظهوره * لذلك قد أرخته ظهر المهدي
وكان المترجم بحضرة السيد مهدي وكان السيد موعوكا فامر ان يؤتى
بعباءة ليلبسها فلما ألبسها قال الشيخ محمد رضا بداهة في المجلس مؤرخا:
يا أيها المولى الذي * ورد الشرائع صافيه
يا من بنشر علومه * أحيا رسوما عافية
وأبان كل خفية * لولاه كانت خافية
وقفا النبي وحق ان * يمسي ويصبح قافية
يا من يضيق البحر بي * لنعوته والقافية
لله كم من نعمة * لله عندك وافيه
بورود عافية اتت * لك من إلهك شافية
وافتك بل كانت * لكل العالمين موافيه
كفي الأنام جميعهم * بكفاية لك كافيه
لبسوا وقد ألبستها * حلل المسرة ضافية
فهناك قد أرختها * ألبست ثوب العافية
وقال مؤرخا عام ولادة السيد رضا ابن السيد مهدي:
بشرى فان الرضا ابن المرتضى ولدا * وانجز الله للاسلام ما وعدا
حبابه الله مهدي الزمان فيا * له هدى متبعا من ربه بهدى
قد طاب أصلا وميلادا وتربته * لذاك أرخت قد طاب الرضا ولدا
وكان السيد صادق الأعرجي المعروف بالفحام في الحلة فكتب اليه
الشيخ محمد رضا النحوي:
اسكان فيحاء العراق ترفقوا * بمهجة صب بالغرام مشوق
ولا تقطعوا كتب المودة والرضا * فقد خانني في الحب كل صديق
واني على ما تعهدون من الوفا * مقيم وان ضاعت لديك حقوقي
فأجابه السيد صادق يقول:
اسكان اكناف الغري عليكم * سلام صديق في الأخاء صدوق
ولا زايلتكم من ثناء نسائم * خوافقها تعتادكم بخفوق
وأمست عليكم مثل ما أصبحت به * بكل صبوح مقبل وغبوق
أ أحباب اخوان الصفاء عتبتم * على مخلص ما وده بمذيق
عتبتم على قطع الرسائل برهة * وذاك لسر فيه غير دقيق
وقلتم بانا قد أضعنا حقوقكم * وما قولكم في حقنا بحقيق
وما كان هذا العتب الا تجنبا * على عاشق من ترهات عشيق
وحاشاي من تضييع حق فان من * أضاع حقوقا عق شر عقوق
ولا سيما حق به سدت انه * يطوق حر النفس طوق رقيق
واني على ما كنت تعهده فما * حقوقك الا في الأداء حقوقي
وحاشاك من ضيم تجر لذي وفا * خلاف خليل بالوفاق خليق
شكوت أناسا بعد ما كنت واثقا * بهم دون من صافاك أي وثوق
فكان الذي قد كان والدهر مولع * بجمع فريق أو بشت فريق
على انها الأيام تذهب بالفتى * طوارقها عدوا بكل طريق
فقد قيل والأقوام فيهن عثرة * بمعتمد في عمدة ابن رشيق
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت * له عن عدو في ثبات صديق
فدع عنك اخوان الزمان ولا تثق * فما عهدهم في ودهم بوثيق
فكم من قريب وهو غير مقارب * وكم من رفيق وهو غير رفيق
واني على ما مر من زمني بهم * يرق ويصفوكم جرضت بريقي
فما العيش من بعد الفراق لذي هوى * بصاف ولا ماء الحيا برقيق
وقد هاج أشواقي إليكم مهيم * على فنن طامي الفروع وريق
أطارحه شكوى النوى فيجيبني * وكم بين عان موثق وطليق
عسى الله ان يرتاح للقرب باللقا * فيجمع شملي شائق ومشوق
وقال يرثي الآقا محمد باقر بن محمد أكمل المعروف بالوحيد البهبهاني
المتوفى سنة 1205 مؤرخا عام وفاته ومعزيا عنه السيد محسن الطباطبائي
وميرزا مهدي الموسوي والشيخ جعفر ابن الشيخ خضر الجناحي النجفي:
أغار بآفاق البلاد واتهما * نعي سرى بالرزء فذا وتوأما
فصوبها ملمومة الذيل صوبت * فوارع ثهلان ودكت يلملما
نعى الحسب الوضاح والكرم الذي * أبى الله الا ان يعز ويكرما
نعى لا نعى الاسلام فليقض حسرة * وحزنا على الاسلام من كان مسلما
نعى الباقر العلم الذي طار للعلى * فكان وان كان الأخير المقدما
نعى محيي الدين الحنيف وقد عفا * رسوما وقد أعيت على من ترسما
فأبقى لها ذكرا وأجزى مراسما * والبسها البرد القشيب المرسما
فتى بلغته نفسه كل غاية * فكانت إلى نيل المعالم سلما
أفاد فكانت للصراط إلى الهدى * فوائده في ظلمة الجهل أنجما
تصرم اعمار الدهور وعهدها * جديد على الأيام لن يتصرما
وساء بما ساء النبي وآله * وطاف على الدنيا فخض وعمما
بكته محاريب العبادة شعشعت * أسرته منهن ما كان اعتما
وحن اليه في الظلام تهجد * إذا هوم الساري أبى ان يهوما
وحنت اليه كل وقت خطابة * ذرى منبر صلى عليه وسلما
معالم دين الله خرت فما نرى * لها معلما الا بما ساء معلما
على أنه قد رد من حادث عرى * وهون من خطب الم فألما
وجعجعها موارة الضبع لم تدع * رواسمها في معهد الصبر مرسما
عزاء بشبليه اللذين هما هما * علاء وما ادراك في الفضل ما هما
وما خلفاه فيه من جل سؤدد * وسر له قد كان أودع فيهما
هما خلفاه في الفضائل قدما * وان اخرا ما كان في الفضل قدما
فما كان الا الغيث ثرى على الثرى * فأعقب روضا بالبرود منمنما
وما كان الا الشمس غابت فازدهرت * عشية غابت للهداية أنجما
وحسبك تعزاء بعليا حميمه * علي الذي هام المعالي تسنما
فتى أسفرت أيامه عن موفق * حباه بما شاء الاله وأكرما
وباليافع الرعراع ذي الفضل سبطه * عزاء وكل للمعالي به أنتما

 هم القوم دين الله أسس أسه * بهم وقويم المجد فيهم تقوما
تتالوا اليه كالأنابيب قومت * بوشج تتاليها الوشيج المقوما
فأصبح عن أنفاسهم متنفسا * وأعرب عن أخلاقهم متنسما
فيا أيها المهدي يا من بهديه * وارشاده يهدى الأنام من العمى
ومن لم يزل مذ كان في الكون نعمة * بها الله لم يبرح على الناس منعما
ومن ملأ الدنيا علوما وسؤددا * ومجدا وإفضالا وجودا وأنعما
ويا من أسارير الوصي بوجهه * تلوح وعن سر النبوة ترجما
أصبت وقاك الله ما كنت تتقي * بما هد أركان المعالي وهدما
فصبرا وان كان التبصر معوزا * عليه وان كان العزاء محرما
فان الذي قد كان ما زال كائنا * على الناس فرضا منذ كان محتما
وان بمن اضحوا خلائف بعده * عزاء يرد الصدع شعبا ملأما
بقوا وبقيت الدهر في الدهر عدة * لراج وكهفا للشدائد أعصما
ويا موسوي المجد مهدي عصره * ويا من أفذ الجود جودا واتأما
ومن عن مساعيه العظام تبلجت * عظام المساعي في دجى الليل أنجما
ويا جعفر بالاسم والرسم من به * على الناس رب الناس جاد وأنعما
لقد رزئ الاسلام فيما رزيتما * به وأصيب المجد لما أصبتما
وعز على آل النبي محمد * وعترته ما كان عز عليكما
فما مات من قد طبق الأرض فضله * وأعرق بالذكر الجميل واشأما
وان بمن أبقى إلى المجد بعده * عزاء نهى الأحشاء ان تتضرما
فكم بهم من أحوذي مظفر * تقدم للعلياء طفلا فقدما
تقصوا مزاياه فكل لها انبرى * وشاموا سجاياه فكل تشيما
فهم وطدوا ارض العلا فتوطدت * وهم قوموا ركن الهدى فتقوما
قضى الباقر العلم الذي ساء رزؤه * أعالي الصفا والمروتين وزمزما
وطار بقلب الدين تاريخ يومه * على الباقر العلم السماء بكت دما
وقال يرثي سلمان مملوك السيد مهدي الطباطبائي مؤرخا عام وفاته:
لك البقاء فما سلمان حين قضى * الا كسلمان أدي فرضه ومضى
فداك مثل فدا سلمان سيده * كل فدى جوهرا أمسى له عرضا
فاق الرقيق بنفس حرة ويد * بيضاء ما عرقها بالسوء قد نبضا
ساد العبيد كما قد ساد سيده * السادات مضطلعا بالعب ء إذ نهضا
ما خلق عبد بني الحسحاس معترض * خلقا له كانبلاج الصبح معترضا
هيهات ليس بنو الحسحاس كفوء بني * الهادي وما العبد من سلمانهم عوضا
الحب في الله والبغضاء فيه له * خيم فما حب الا فيه أو بغضا
يصفي مودة من أصفى مواليه * ودا ويرفض من للحق قد رفضا
يقضي الصلاة مؤداة الفروض فما * أعاد منها صلاة ساهيا وقضى
ما زال يلهج بالتكبير مفتتحا * حر الكلام وكان الختم حين قضى
فخذ من القول ما ان ترع مجمله * سمعا بين لك من تفصيله الغرضا
جرى على نهج ما قد سن سيده * من رعي ذمتنا قدما وما فرضا
قد كان يمحضنا ود أو قل من الأحرار * من مثله للود قد مخصا
يجيبنا كلما ندعو بتلبية * كم أثلجت كبدا بالشوق مرتمضا
من السفير إلى المهدي ان وفدت * بنو الرجا بعده أو عارض عرضا
من السفير يؤدي ما عليه لهم * قد كان أوجبه مولاه وافترضا
يثنيهم عنه فيما أملوه وكم * قد صرح المخض عن زبد لمن مخضا
لقد أنسنا به والرق يجمعنا * دهرا فأوحشنا حاشاه حين قضى
لقد غرضنا من الدنيا وما أحد * من لذة العيش فيها قبلنا غرضا
قضى الإله علينا بالفراق ولا * مفر مما له الله الحكيم قضى
جرضت بالريق تهيأ ما عليه وكم * مثلي على مثله بالريق من جرضا
كم قد جرضت وما حال الجريض به * دون القريض على حال ولا اعترضا
فقلت ما قلت لا اني أحطت بما * يراد مني ولا أديت ما فرضا
أطلتها لأسري ما امض من * الحزن الطويل فزادتني به مضضا
تبني الأسى عنه لي صبرا فينقض ما * تبنيه عهد على الأيام ما نقضا
أصبحت يعقوبه إذ كان يوسف لي * حبا وأمسيت من تذكاره حرضا
شتان ما بين يعقوب وبيني في * رجا ويأس رماني للضنا غرضا
ما كان الا كظل قد تقلص أو * برق بدا فمضى من بعد ما ومضا
عن كل ماض مضى من شكله عوض * وما نرى عنه من أشكاله عوضا
وقد ينوب عن الماء الصعيد فخذ * عنه الرضا بدلا لو صح منك رضا
قد كان سلمان زهد في الحياة لذا * أرخت سلمان زهد للجنان مضى
نظم حديث جنونان لا أخلاني الله منهما وقال السيد محمد ابن عمنا السيد مهدي: وجدت في بعض مسودات جدي السيد علي الأمين طاب ثراه ما صورته: تذاكر يوما الشيخ محمد رضا النحوي الشاعر والسيد محمد الزيني النجفي الحديث المشهور عن أمير المؤمنين ع وهو قوله جنونان لا أخلاني الله منهما الشجاعة والكرم فقالا صدر هذا الحديث صدر بيت من الشعر فليجعل كل منا عجز الحديث عجز بيت مع بقائه على معناه فقال السيد محمد الزيني:
جنونان لا أخلاني الله منهما * مدى الدهر ما عشت الشجاعة والكرم
وقال الشيخ محمد رضا:
جنونان لا أخلاني الله منهما * وان أخليا مني الشجاعة والكرم
فبينما هم على هذه الحالة إذ قدم عليهما العم السيد حسين أدام المولى علاه هو السيد حسين ابن السيد أبي الحسن موسى عم جد المؤلف فطلبا منه ان يكون لهما ثالثا فقال ارتجالا:
جنونان لا أخلاني الله منهما * لأحيى وان مت الشجاعة والكرم
ثم إن العم المذكور نقل لي ذلك وطلب مني ان أكون لهم رابعا فقلت:
جنونان لا أخلاني الله منهما * لأعقل ما أبقى الشجاعة والكرم
قال ووجدت تحت هذا الحديث بخط الفاضل العلامة السيد كاظم ابن السيد احمد ابن عم والد المؤلف ما صورته: ومذ وقفت على ما حكاه العم الجليل السيد علي قلت بديهة:
جنونان لا أخلاني الله منهما * هما الغاية القصوى الشجاعة والكرم
وقال السيد محمد ابن عمنا السيد مهدي المحدث بهذا الحديث: وقد جرى على لسان القلم حين اطلاعي على ذلك ما لفظه:
جنونان لا أخلاني الله منهما * هما المطلب الأسنى الشجاعة والكرم
وقال العم السيد امين ابن السيد علي الأمين حين اطلاعه على ذلك:

 روى ثقة الأخيار عن سيد الأمم * بان قال في فصل الخطاب من الحكم
جنونان لا أخلاني الله منهما * هما جنتي درعي الشجاعة والكرم
وقال المؤلف لطف الله به:
أتى عن علي المرتضى معدن الحكم * وصي النبي المصطفى سيد الأمم
جنونان لا أخلاني الله منهما * هما منبع العقل الشجاعة والكرم
وقيل إن الشيخ محمد رضا وجد هذين البيتين على بلاطة ولم يعرف قائلهما وهما:
بالله يا قبر هل زالت محاسنها * وهل تغير ذاك المنظر النضر
ما أنت يا قبر لا روض ولا فلك * فكيف جمع فيك الغصن والقمر
فعرضهما على السيد مهدي الطباطبائي فامر بتشطيرهما فشطرهما فقال:
بالله يا قبر هل زالت محاسنها * فاليوم عندك من دوني لها خبر
فاشرح لي الحال هل زالت غضارتها * وهل تغير ذاك المنظر النضر
ما أنت يا قبر لا روض ولا فلك * ولا كناس به الآرام تبتدر
فكيف أودع فيك الريم ملتفتا * وكيف غيب فيك الغصن والقمر
ثم امره بتشطير الجميع فشطرها فقال:
بالله يا قبر هل زالت محاسنها * وغيرت حسن ذاك العارض الغير
كانت واخبارها عندي مفصلة * فاليوم عندك من دوني لها خبر
فاشرح لي الحال هل زالت غضارتها * وحال لا حال ذاك المبسم العطر
وهل ذوي قدها أو جف ناضرها * وهل تغير ذاك المنظر النضير
ما أنت يا قبر لا روض ولا فلك * كلا ولا صدف تجلى به الدرر
كلا ولا جنة للحور قد خلقت * ولا كناس به الآرام تبتدر
فكيف أودع فيك الريم ملتفتا * وكيف خلد فيك الحور والحجر
وأودع اللؤلؤ المكنون قعرك ذا * وكيف جمع فيك الغصن والقمر
وقال يهني السيد الطباطبائي بتزويج جديد:
بارك الله بالبناء لباني * المجد باني الجلال باني المعالي
يا له من بناء مجد بناه * للأجلاء منة ذو الجلال
كان اهل السماء والأرض فيه * شرعا في مسرة واقتبال
فلهذا جميعهم أرخوه * زهرة المجد زوجت بالهلال
وله:
أقول وللهوى ولع بروح * أبت الا التردد في التراقي
بنفسي الجيرة الغادين عني * ووجدهم كوجدي واشتياقي
وأيديهم تكفكف يوم بانوا * دموعهم وكفى في آماقي
وهذا قائل هل من سبيل * إلى عود وذا هل من لحاق
وأصفى العاملين هوى حبيب * يلاقي في الصبابة ما يلاقي
الا يا يوم فرقتنا رويدا * فلست إلى تلاقينا بباقي
وكيف أطيق نوما كاد فيه * الفراق أسى يفر من الفراق
وقفنا موقف التوديع سكرى * ولا كاس يدير يمين ساقي
أحب نوى يكون به وداع * وإن كان النوى مر المذاق
نودعكم أحبتنا فانا * نرى أن لا سبيل إلى التلاقي
وأين مساقط العلمين ممن * ثوى ملقى بفيحاء العراق
وله مشطرا:
سقى الله أياما لنا لسن رجعا * وهل راجع ما فات من فارط العمر
وحياز زمانا بالوصل فرعه * علينا وعصر العامرية من عصر
ليالي أعطيت الصبابة مقودي * ووليت سلطان الهوى في الهوى امري
ورحت بألحاظ الظبى الغيد لاهيا * تمر الليالي والشهور ولا أدري
وله:
أ أحبابنا والهوى قاتل * وما فاق في الحب من قد أفاق
وكم واجد مات في وجده * وكم شيق غاله الاشتياق
وكم مظهر حبه جنة * وإن أنفق العمر فيه نفاق
وللعاشقين بأهوائهم * خلاف جرى بينهم واتفاق
وكل له في الهوى مذهب * رآه فطاب لديه وراق
وها أنذا من هوى شفني * وعبء جوى حمله لا يطاق
أفارقكم لا ملالا لكم * واعلم أن ذاك مر الذاق
واجرع بالبعد شوق الفراق * رجاء لابقاء طيب التلاق
فكان بعادا لخوف البعاد * وكان فراقا لفوق الفراق

معارف الرجال/محمد حرز الدين

الشيخ محمّد رضا النحوي

…ـ1226

الشيخ محمّد رضا بن الشيخ أحمد النحوي بن الشيح حسن بن علي بن الخواجة الحلي النجفي كان عالماً فاضلاً مجتهداً، وأديباً شاعراً، روي أنه كان في أوائل شبابه كاسباً بزازاً يجيد نظم الشعر وذلك قبل اتصاله بالسيد محمّد مهدي بحر العلوم النجفي. ولما توفي السيد محمّد ولد السيد بحر العلوم (قده) رثاه شعراء عصره بعدة قصائد وأحسنوا، ورثاه الشيخ المترجم له بقصيدة فاستحسن السيد شعره وسئل عن خبره وشأنه ثم استدناه واستدعاه لطلب العلم فتعلل المترجم له بقلة ما في يده من المال فأوعده السيد بحر العلوم بالانفاق عليه وأنعم وأنجز وعده وأفضل عليه ورباه تربية الأب الودود لولده فبلغ رتبة الاجتهاد متتلمذا على السيد بحر العلوم والشيخ جعفر كاشف الغطاء النجفي، وكان السيد يطيل الجلوس عنده بداره في أيام التعطيل كيوم الخميس والجمعة وسائر ايام التعطيل عن التدريس، وربما قضى تمام يومه عنده، وحدث مشايخنا الكرام أن الشيخ النحوي زار الإمام الرضا عليه السلام سنة 1204هـ ولما عاد إلى النجف سأله السيد أستاذه ما كانت هديتنا من سفرك هذا، قال تخميس الدريدية  فسر السيد بها وكان قد صيرها في مدح استاذه السيد محمّد مهدي بحر العلوم هذا، ولما فرغ من إنشادها سأل أستاذه عن مقدار الجائزة عليها، فخلع عليه ألف دينار والتخميس هو هذا:

مذ كان مالا زال يخشى كونه        وأبيض من وحف القذال جونه

قلت لها والصبر ند عونه             أما ترى رأسي يحاكي لونه

                      طرة صبح تحت أذيال الدجى

كر المشيب حاشداً لجنده        مجرداً أبيضه من غمده

فاحتدمت نار الحشا لوقده       واشتعل المبيض في مسوده

                        مثل اشتعال النار في جزل الغضا

ومنها:

عفت العراق لا لقلب مله            إلى خراسان أجوب سيله

لكن لمن شرف فيه رمله            إن العراق لم أفارق أهله

                     عن شنأ أصابني ولا قلى

آل النبي من مني حالفتهم           ووددت أن للحشر قد رافقتهم

صحبتهم دهراً فما نافقتهم           ولا أطب عيني مذ فارقتهم

                      شيء يروق العين من هذا الورى

محمّد المهدي من تسورا            بنفسه وقومه كل ذرى

هم الشآبيب المخلاة العرى         هم الشناخيب المنيفات الذرى

                      والناس أدخال سواهم وهوى

أكرم بها من نسبة عليها             يتبعه في هديه مهديها

هم السيول غامر آتيها                هم البحور زاخر أذيها

                      والناس ضحضاح ثغاب واحنا

عشت كما شاء الرجا برفدهم         وفزت في ري لهم وودهم

فارقتهم لا طالباً لندهم                  إن كنت أبصرت من بعدهم

                    مثلا ـ فأغضيت على وخز السفا

إلى أن قال في الختام:

ما خنت يوماً صاحباً بصحبة        ولم أمل لرغبة أو رهبة

حاشاي أن أغشى مداني سبة        أو أن أرى مختضعاً لنكبة

                      أو لابتهاج فرحا أو مزدهى

وزعم بعض أسباط السيد أنه أعطاه ألفي دينار، وبقي الشيخ مغموراً بسيب السيد (قده) ونائله وعزه وتبجيله من الرفعة والاحترام حتى توفي السيد بحر العلوم سنة 1212هـ، ورثاه بقصيدة غراء ثم بعد أبى الإقامة في النجف وارتحل إلى الحلة السيفية وأقام بها برهة من الزمن، وروي أن المترجم له قدم كربلاء لزيارة مرقد الامام الحسين عليه السلام فبينما يتمشى في أزقتها وإذا بدار لها جناح مطل على الزقاق وفيها حشد كبير من العلماء وأهل الفضل وكان فيهم والمقدم عليهم الشيخ حسين نجف الكبير ـ وقد تقدم في الجزء الأول ـ فلما بصر بالمترجم له ناداه ليجلس معهم في ندوتهم العلمية والأدبية، هذا ولم يكن يعرف فضله وعلمه جل الحاضرين، فقام الشيخ حسين نجف إجلالا له ورحب به وأدناه حتى أجلسه على يمينه فتعجب الحاضرون من ذلك ثم نوه باسمه وأظهر جلالة قدره وعظم شأنه ومنزلته العلمية، حيث غلب عليه الشعر، ومن هنا اختفى العلماء من برع منهم بنظم الشعر حيث يعدهم السوقة والحساد من الشعراء لا من العلماء الشعراء، وروي أيضا أن السيد بحر العلوم أستاذه كان يعرض عليه ما ينظمه من منظومته المعروفة بـ(الدرة) في الفقه فصلا بعد فصل، وكان من خلص أصحاب السيد صادق الفحام. والشيخ جعفر كاشف الغطاء أستاذه وله مراسلات شعرية معهما، ومدح أستاذه الشيخ جعفر بقدومه من الحج للمرة الثانية سنة 1199هـ بقصيدة هائية.

ولذرية الشيخ النحوي مع الطبقة الأولى كالسيد رضا نجل أستاذه محمّد مهدي بحر العلوم تواصل ووفاء ومن ذلك ما حدثنا الثقة المؤرخ البحاثة الشيخ محمّد لائذ النجفي  أنه لما هجم جيش الوهابي في إحدى غاراته على النجف وتحصن أهلها بالحرب لهم على سور النجف الأولى لم يستطع الوهابيون ثم مالوا على مسجد الكوفة فقتلوا من في المسجد من المعتكفين والمصلين ونهبوا ما عليهم وهربوا، ولما أصبح اليوم الثاني قامت رجال من النجف من أهل النخوة والشجاعة حدود العشرة فوارس مسلحين وخرجوا مسرعين إلى مسجد الكوفة فوجدوا كل من فيه مذبوحاً في المحاريب عدا السيد رضا نجل بحر العلوم فلم يعثروا عليه ويومئذ كان مريضاً نحيفاً عاجزاً عن المشي والهروب وبعد التنقيب الكامل علم أن رجلا من أولاد الشيخ محمّد رضا النحوي كان معتكفاً ولما أحس بالهجوم حمل السيد رضا على ظهره وخرج من الباب الثانية للمسجد الشرقية إلى ما فوق المسجد بيسير واختفوا ببعض الأشجار المالحة من نحو الطرفاء والأثل القديم فسلما من القتل، وحملوها إلى النجف وكان فعل الشيخ النحوي لا يقدر بثمن حيث انه بسببه حفظ نسل هذه الاسرة الجليلة بما فيها من العلماء الأعلام أقول وفي النجف اليوم لهم ذرية يمتهنون الكسب ببيع الأطعمة وغيرها ويعرفون حدود سنة 1290هـ ببيت الشاعر وهجر لقبهم الأول وهو النحوي، وللمترجم له شعر كثير في المجاميع المخطوطة عدا ما يحفظ وقد رثى العلماء الأعلام والوجوه والأدباء وهنأ الكثير منهم وله مراسلات ومطايبات مع أهل الفضل والعلماء إلى غير ذلك.

وفاته:

توفي بالنجف سنة 1226هـ ودفن فيها مع والده (ره).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.