1266ـ 1336
السيد مصطفى بن السيد حسين بن السيد محمّد علي بن السيد محمّد رضا الحسيني الكاشاني الطهراني النجفي المعاصر. ولد في كاشان في العشرة السابعة بعد المائتين والألف للهجرة حدود سنة 1266هـ، ونشأ في بيت والده العالم الجليل كما قرأ بعض المقدمات عليه، ثم أرسله والده إلى اصفهان مهاجراً لطلب العلم وقرأ المقدمات فيها وأكملها، وتناول بعض الدروس العالية على وجوهها العلمية، ولما انتقل والده إلى طهران حدود سنة 1290هـ وحط رحله بها توجه المترجم له إلى طهران فلم يلبث مع السيد والده إلاّ سنوات يسيرة حتى توفي والده سنة 1296 ـ كما ستعرف عنه شيئاً موجزاً ـ وحل محله في طهران والتف حوله الوجوه والأعيان للقابليات المودعة فيه من زيادة فضل، وعقل وافر وحسن تصرف ونبل وسؤدد.
حج بيت الله الحرام وجعل طريق عودته على العراق قاصداً تكملة دراسته وطلب الاجتهاد على علماء النجف، ولما وصل العراق زار أئمة العراق المعصومين عليهم السلام وحط رحله بالنجف وأقام فيه، وصار يحضر أبحاث علماء العصر ثم اكتفى من الحضور عليهم، وسمعت أنه حصل على إجازة الاجتهاد ثم استقل بالتدريس في النجف وكانت تحضر عليه طائفة كبيرة من الطلبة المهاجرين، وفي أخريات أيامه أصبح عالماً محققاً أصولياً فقيهاً، وفي نظري أنه أصولي أعمق منه فقيهاً، وكان شاعراً أديباً نظم الشعر العربي قصيدة نظمها في مدح الإمام أمير المؤمنين عليه السلام مطلعها:
حارت الشمس في ضياء المحيا منك كالناظرين فيها حيـــارى
كم قلوب بليل جعدك ضلــــــــت وهي فيه مكبلات أســــارى
خل عنك النسيب يا صاح كــم ذا تذكر الحي والحمى والــديارا
وحز الفخر والعلى بعلـــــــــــي واقضين في مديحه الأوطارا
هو صهر الرسول بل نفــسه من طاب نفساً ومحتداً وفــــخارا
ومنها:
أنت مولى الورى بما نص خير الر سل يوم (الغدير) فيك جهارا
ملأ الخافقين فضلك حــــــــــتى لم نجد منكراً له إنكــــــــــارا
وكانت داره في النجف حافلة بالعلماء وأهل الفضل، وكانت بيننا وبينه صلة وصحبة، ومن سيرته في النجف (ره) أنه كان يحب ويرغب في الاتصال بالوجوه والرؤساء النجفين، وله رأي في شؤونهم، وكان دمث الأخلاق لين الجانب بعمق تفكير ودهاء، على جانب عظيم من السخاء والمروءة والذوق العربي والسليقة الممدوحة إلى ما هنالك من صفات عالية.
جهاده:
وفي سنة 1333هـ خرج مجاهداً مع العلماء المجاهدين في العراق بأمر مراجع الفتيا الأعلام في النجف متجهين إلى البصرة والشعيبة لحرب الانكليز أعداء المسلمين عامة والعرب خاصة والمعروف أنه أبلى بلاءاً حسنا في جبهة القتال التي كان فيها (كالقورنة ـ والعمارة) مع زملائه العلماء مثل السيد علي الداماد وشيخ الشريعة، والسيد مهدي بن السيد أحمد الحيدري ونظرائهم، وكما حدثونا عن تدبيره ورأيه السديد، وبعد أن أدى العلماء رسالتهم في التبليغ وواجبهم العملي في الجهاد رجعوا إلى أهليهم وهم وإن لم يظفروا بالنجاح الدنيوي، فقد ظفروا بالفوز الأخروي، ومنهم السيد مصطفى فقد جعل محل إقامته بعد الجهاد بلد الكاظمية وأصبح عالمها المطاع وصار إمام جماعة في الصلوات تأتم به أهالي الكاظمية بعقيدة وانصياع له.
أساتذته:
قرأ في أصفهان على العالم الشيخ محمّد باقر بن الشيخ محمّد تقي الأصفهاني صاحب الحاشية على المعالم في الأصول، وقرأ على الآخوند ملا شيخ محمّد الكاشاني، وعلى الآخوند قشقائي قليلاً، وحضر بحث والده الخارج، وحضر الأبحاث الخارجة على علماء النجف.
ومن تتلمذ عليه واختص به كثيراً ولازمه السيد حسن بن السيد محمّد بن السيد إسماعيل المازندراني الساروي النجفي.
مؤلفاته:
ألف رسالة في التجري، ورسالة في الاجتزاء، ورسالة في حجية الظن ورسالة في منجزات المريض، وكتاباً في الاستصحاب، وحاشية كبيرة على رياض المسائل، ومختصراً في تفسير القرآن، وقاعدة لا ضرر، وحاشية على الإرشاد وقيل له حاشية على كتاب الشرائع في الفقه، وكراريس أخرى تلف بعضها.
والمترجم له هو أصغر إخوته الثلاثة، وأكبرهم العالم الفاضل الوجيه الروحي السيد محمّد المتوفى في كاشان سنة 1308هـ، والثاني الفاضل المقدس السيد حسن نزيل طهران، وتقدم في الجزء الأول ترجمة والده السيد حسين بن السيد محمّد علي المعاصر الكاشاني المتوفى سنة 1296هـ، وفي الجزء الثاني سلفت ترجمة عمه السيد محمّد جعفر بن السيد محمّد علي المعاصر المتوفى بكربلاء سنة 1317.
وفاته:
توفي في بلد الكاظمية ليلة الثلاثاء 19 من شهر رمضان سنة 1336هـ بمرض أصابه فيها وشيع بأحسن تشييع ودفن في إحدى حجر حرم الإمامين عليهما السلام جنب الكيشوانية الغربية المتصلة بصحن قريش، وأعقب ولده السيد أبو القاسم الكاشاني وكان من أهل الفضيلة والبروز والذكاء المفرط يحضر درس أستاذنا الأعظم الحاج ميرزا حسين الخليلي الرازي المتوفى سنة 1326ن ودرس الملا محمّد كاظم الآخوند الخراساني المتوفى سنة 1329هـ وكان له ولع في التداخل بالسياسة لما كان في النجف، ومن رجال الثورة العراقية وأصبح مطارداً مع جماعة من قبل الحاكم الإنكليزي العسكري في أيام احتلال العراق، ثم هاجر هارباً إلى إيران وأقام في طهران، واليوم هو زعيم ديني كبير وسياسي قدير، وحدثنا عنه بعض زواره بداره في طهران أنه يرحب بالقادم العراقي وينبسط له بذوق عربي.
المصادر:
معارف الرجال / محمد حرز الدين ج3