1318ـ 1358
الشيخ مهدي بن داود بن سلمان بن داود الحجار النجفي ولد في النجف سنة 1318هـ، كان من أهل الفضيلة والعرفان والكمال، أديب لغوي مهذب شاعر له نظم حسن متوسط في الجودة، خرج من النجف مرشداً وداعياً إلى الحق والشريعة السمحاء ـ في ماركيل ـ البصرة ـ من قبل بعض مراجع التقليد الأعلام، وصار هناك محترما ذا وجاهة وشأن.
درس المقدمات وهو ابن عشر سنوات ونظم الشعر في الخامسة عشرة من العمر وبرع فيه ، واختلف على مشاهير العلماء وتتلمذ على الزعيم الروحي الشيخ احمد كاشف الغطاء كما حضر على المرجع الديني الميرزا حسين النائيني في الاصول ولمعت مواهب الشيخ الحجار وراح يغذي الشباب بالعلوم الدينية والدروس العربية الاسلامية مضافا الى حلقة أدبية تضم العشرات من الشباب الذين كانوا يعرضون عليه نتاجهم الادبي ويعتدون برأيه اذ كان أبرع اقرانه يومذاك ونشرت المطابع قصيدته الشهيرة الطويلة المسماة ب ( البلاغ المبين ) في العقائد فكان المتأدبون يحفظونها ويتداولونها ويتدارسون معانيها ومضامينها وله غير هذه مجموعة اراجيز منها ارجوزته المسماة ( فوز الدارين في نقض العهدين )
مؤلفاته:
منها شيعة الهدى رد فيها على كتاب الوشيعة لموسى جار الله، والبلاغ المبين منظومة يبحث فيها عن المعارف الدينية والعقائد الإسلامية طبعت في النجف سنة 1344هـ وقال فيها: ناظما في المادة:
ما الجوهر الفرد وما أوهامـــه والعلم ينفيه بلا تلوم
وما الأثير وافتراضــــــه ولا الـ ـذرات تجدي أبدا في مزعـــم
كل المواد لا تكون أبـــــــــــداً بدون صورة ولا في حــــــــلم
مهما يكن من ذاك فهو حادث كلا فلا تحلم له بقــــــــــــــدم
أنى ولم يثبت على كيانــــــه بل في سرى التغيرات يرتمي
هذي التغيرات في كــــــيانه تقذفه من عدم لــــــــــــــعدم
فهل ترى حر شعور لا يـــرى تغير الكيان ضد القـــــــــــــدم
ومن شعره أرجوزة في حديث الكساء المشهورة في 52 بيتاً مطلعها:
صلوا على الخمسة أصحاب العبا أفضل خلق الله أما وأبا
روت لنا البتول خير القصــــــــص حديث سبطيها وطه والوصي
قالت أتاني والدي محمّــــــــــــد فقال يا بنتاه ضعفاً أجـــــــــــد
فقلت عوذتك بالرحمـــــــــــــــن يا أبتا من طارق الزمــــــــــان
فقال يا بنتاه ناولينــــــــــــــــــي الكسا اليماني وبه غطــــيني
وكان أبوه داود كاسبا يمتهن بيع الحجارة القديمة للبناء يأخذها من آثار الكوفة مما يقرب من مسجد سهيل ومسجد الكوفة وما يليهما، حدثنا داود يوما وقال: كنت أنقب عن الحجارة الدفينة في الأرض ـ قرب الطريق القديم المؤدي إلى الكوفة حوالي (الثوية) ـ على بعد حدود المائة خطوة من قبر العالم الجليل كميل بن زياد رضي الله عنه فعثرت على مكان فيه حجارة وصخرة كبيرة مكتوبة بالخط الكوفي فقلعتها محتفظاً بها وحملتها معي إلى النجف وأريتها العالم الرباني الشيخ الملا علي الخليلي وحكيت له قصتها ولما قرأها قال لي: احملني إلى مكانها فأركبته دابتي والصخرة أمامه حتى انتهينا إلى موضعها فوضعها فيه وسوى عليها بعض التراب وقال لي: لا تنبش هنا فإنها قبور وجوه أهل الكوفة وهذا رسم قبر المغيرة بن شعبة كما تحكيه هذه الصخرة، ثم أردف قائلاً: إن في وضع الصخرة بمحلها فوائد سيظهرها التاريخ والأثر، انتهى.
أقول: ولعل غرض الشيخ من إعادة الصخرة هو تكذيب لزعم بعض النواصب وافترائهم بأنه قبره هو مرقد بطل الإسلام الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في النجف الذي هو منار العالم الإسلامي ومقصده حتى تقوم الساعة ولكن ما أقول لقوم لا حياء لهم، قال الأديب:
من أين تخجل أوجه أموية سكبت بلذات الفجور حيائها
وفاته:
توفي الشيخ مهدي في معقل وحمل جثمانه إلى النجف الأشرف وكان وصوله النجف يوم الأحد 9 شعبان سنة 1358هـ وشيع تشييعاً حافلاً بالوجوه العلمية ودفن في وادي السلام بوصية منه.
المصادر: