Take a fresh look at your lifestyle.

التيارات المنحرفة بين التأثير والواقع

0 498

بسم الله الرحمن الرحيم

       في الوقت الذي تعيش فيه أمتنا العظيمة أوج انتصاراتها على الأعداء بما اثبتته للعالم من الالتزام بالقيم الإسلامية الأصيلة نتيجة التضحيات الكبيرة التي قدمها أبناؤها في مختلف ميادين الكفاح والنضال، حتى أصبح العالم ينظر لهذه الأمة بعين الإجلال والاحترام، وعرف من خلالها المبادئ الحقة التي رسمت لهذه الأمة خطاً طال ما أكدته النصوص الشريفة لأهل البيت(عليهم السلام)، من احترام الآخرين وعدم التعدي عليهم والحفاظ على المثل والأخلاق مهما ضاق الأمر، بل مهما كلّف ذلك من التعب والتضحيات، حتى عكس ذلك الصورة المشرقة الوضاءة للدين الإسلامي بعد تلوث صورته الحيّة بالأفكار الفاسدة والعقائد الضالة المنحرفة، مما أدى إلى خلط الحابل بالنابل ـ كما يقول المثل ـ وضاعت الأوراق ضمن النفايات الفاسدة وامتزجت القيم بالأهواء والشهوات، وما جرّ ذلك من وقوع الفتن العظيمة وإزهاق الأنفس المحترمة وإتلاف الأموال الطائلة، حتى أصبح الدعاة دعاة للشيطان الرجيم لا للدين الحنيف تحكم فيهم الأهواء المنحرفة والشهوات التي لا تقف عند حدّ.

       ففي خضم هذه الانتصارات التي حققتها الأمة اليوم نرى أبناءها متأرجحة بين التيارات المختلفة، والدعاوي الفاسدة التي تأخذها ذات اليمين وذات الشمال بين الحين والآخر، محاولة تمزيق الصف وتشتيت الألفة من خلال الضرب على الثوابت الدينية، والتشكيك بالأسس الرصينة التي أحكم قواعدها أئمة الهدى(عليهم السلام)، فبدلاً من أن يتوجه أبناء هذه الأمة إلى رصّ الصفوف والتماسك الشديد والالتفاف حول المعتقدات السليمة التي أدت بها إلى هذه النتائج المثمرة ـ رغم التضحيات كما أسلفنا ـ بدؤا بحالة من الضعف، وعدم الاستقرار، وبدأ ـ في كثير من الأحيان ـ يدب الاهتزاز العقيدي في نفوس طيف من أطياف هذه الطائفة حتى أصبح هاجساً في نفوس المعنيين والتربويين الذين تهمهم مكافحة التيارات الفكرية وتأثيرها على المجتمع الإسلامي، ومن الملاحظ أن التيارات الفكرية اليوم وقبل اليوم يبدأ تحركها في أوساط المجتمع الإسلامي عندما يصاب بأزمات سياسية أو اجتماعية وما تخلفه من التركة الثقيلة على المجتمع والفرد، ويبدأ الأياس يسري في الوسط، وتبدأ محاولة سدّ الفراغ الفكري بالالتجاء إلى مثل هذه التيارات، وهي بدورها تلعب لعبة الفأرة والقط وتأخذ الشعارات البراقة نصيبها في الوسط المتأثر، ومن ذلك يبدأ التأثير التدريجي، فقد يحالفها الحظ لتأخذ مداها على المستوى المطلوب، وقد تحدث هنا وهناك متغيرات توجب انكفاءها على نفسها وترجع بالخيبة على وجوه أصحابها والذل.

       لكن من منطلق الوضع الطبيعي الذي نعيشه اليوم وضمن المعطيات الاجتماعية والدينية المسؤولة عن احتضان الفرد المسلم وفي مختلف الجوانب الحياتية التي يمارسها لا نرى ذلك يعكس قلقاً كبيراً على مستقبل الأمة، وإن أمكن أن يأخذ منها قسطاً من الانحراف الطبيعي الذي يصيب طبقة خاصة هي بالذات معرضة للتأثر والسقوط في مختلف الأزمان، ولا يخاف من أن يدبّ التأثير السلبي على المجتمع لتصبح آفة يصعب التخلص منها وتكون عبئاً ثقيلاً على المعنيين في الجانب التربوي والديني..

        لأن الظاهر لو لوحظت النسبة بين المجتمع ككل وبين الفئات المختلفة المتدينة التي تعكس الصورة الواضحة عن المجتمع والتي منها ينطلق توصيفه لكانت الفئات التي نشير إليها ممن يتأثرون بالتيارات المنحرفة قليلة جداً، ولا تعكس واقع القاعدة الاجتماعية لمجتمعنا الإسلامي. نعم لا نعني من ذلك ترك الأمور بحيث نكتفي منها بما تؤثره الأسباب الطبيعية ضمن البيئة الاجتماعية وانعكاس التأثير الديني على الواقع، بل لابد من العمل الجاد والحثيث لوقف التأثير والسيطرة على الشباب الذي يعتبر الأرض الصالحة لتلقي مثل هذه الأفكار الهدامة للفراغ الفكري وطبيعة تأثره بالشعارات البراقة وميله النفسي لكل جديد معتبراً له السبيل الوحيد للخلاص من الأزمة التي يعيشها وإن كانت غير ذات العلاقة، مع العمل الجاد ـ أيضاً ـ لبث الثقافة الدينية وترويج المثل والأخلاق الإسلامية الحقة ومحاولة زرعها في المجتمع ليصعب انفكاكها بعد ذلك.

       وما هذه الكتب والمجلات الإسلامية التي تزخر بها المطابع ليلاً ونهاراً وما الإعلام الشيعي إلا وسيلة حية لتركيز العقائد وتأكيدها في نفوس الطبقة المشار إليها وهي بدورها ـ كمجموع ـ تعكس الصورة المشرقة لمختلف المفاهيم الدينية وتسهم بشكل كبير في وأد الفتنة والله ولي التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل.
                                                                       

                                                                              المشرف العام

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.