في حاضرة الإسلام بزغت نجوم عديدة وكواكب أضاءت سماء بلادنا، فانحسرت الظلمة بما أبدعوه من كتب ومصنفات شملت كل صنوف المعرفة وحقولها، فكان لهم قصب السبق في تثبيت دعائم الدين والملة في حركة علمية متواصلة في عموم بلادنا الإسلامية.
ففي سماء العراق بزغ نجم السيد محمد شبر بعد أن ولد في أصفهان فخرج منها إلى موطن أبائه في العراق وأقام فيه حتى وفاته، وهو من أسرة علوية عريقة عُرفت بالعلم والفضل والصلاح وأنجبت كثيراً من العلماء وعلى رأسهم جده السيد عبد الله شبر صاحب التصانيف.
اسمه ونسبه وأسرته
هو السيد محمد بن جعفر بن السيد عبد الله بن محمد رضا بن محمد بن الحسن بن احمد بن محمد بن ناصر الدين بن شمس الدين محمد بن محمد بن نعيم الدين بن رجب بن الحسن الشبر، والى هذا ينتمي كل شبري، ويتصل نسبه الشريف بالأمام علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليه السلام).
ولد السيد محمد سنة 1272 هـ الموافق لسنة 1856م في مدينة أصبهان ونشأ فيها على والده الفاضل المتوفى سنة 1285 هـ، ثم غادرها إلى مدينة الكاظمية بالعراق موطن أبيه وجده، وهو بعُد لم يجاوز السن الثالثة عشر من عمره مع أخيه الأصغر وصهره.
في مطلع عمره قرأ على أبيه مبادئ علوم العربية والمقدمات ثم درس في الكاظمية على بعض الفضلاء العلوم البيانية وشطراً من علم الأصول، ثم قرأ الأصول والدراية والفقه على جماعة.
تنقَّل السيد محمد شبر في بلدان العراق طلباً للعلم، فبعد أن درس في الكاظمية ارتحل إلى النجف وقرأ على فضلائها، ثم سافر إلى سامراء ونهل من عذب رحيق علمائها، بعد ذلك أراد أن يسافر إلى مدينة بوشهر الإيرانية وذلك سنة (1303 هـ) مرّ بالبصرة فاستقبله أشرافها خير استقبال وطلبوا منه البقاء عندهم فأجابهم إلى ذلك بعدما كتبوا إلى الميرزا الشيرازي حيث كان مرجع الشيعة الإمامية في زمانه، فكتب الميرزا الشيرازي إليه بذلك فنزل البصرة بمحلة تعرف بـ (يحيى بن زكريا) وذلك سنة (1303هـ) وبنى فيها مسجداً ليكون ملتقى لأصحابه ومريديه ومحلاً للدرس والعبادة، وداعياً ومرشداً لأحكام الدين وفضلاً عن ذلك كان طبيباً وله مصنفات في الطب، والتفَّ حوله أهلها وأعزّوه واحترموه، وله بها خدمات دينية واجتماعية جليلة.
ومن البصرة توجه مع ثلة من أشرافها إلى بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج وكان في سفره لا يفتر عن الكتابة والتأليف، فقال في ذلك:
من كان في جمع الدراهم مولعاً
طوال الحياة وهمّه التصريف
فأنا الذي أولعت في جمع الطرو
س وهمّي التأليف والتصنيــف
أما والده فهو السيد جعفر بن السيد عبد الله شبر، فقد كان عالماً ومحققا وفقيها من الفقهاء الأجلاء وله تصانيف في الفقه والأصول، منها كتابه (شرح الشرائع) في أربعة مجلدات أما جدّه فهو السيد عبد الله شبر (1188هـ 1242 هـ)
فقد كان فقيها كبيراً وثروة علمية في معارف الإسلام وعلومه، وكان عالماً بالتاريخ والرجال، وصنف في مختلف هذه العلوم، فله في الاجتماع وعلم الكلام والأخبار والحديث والتفسير ما ينوف على (70)
مؤلفاّ منها: حق اليقين في مجلدين، والوجيز في تفسير القران، ومصابيح الأنوار في مجلدين، ومثير الأحزان، وله أيضاً شرح نهج البلاغة، وشرح الشرائع في ثمان مجلدات وغيرها.
أساتذته
تتلمذ السيد محمد شبر على ثلّة من جهابذة العلماء في عصره في أصبهان مولده وفي سامراء والنجف والكاظمية، فمن أساتذته:
1ـ والده السيد جعفر بن السيد عبد الله شبر.
2ـ الشيخ محمد حسين الهمداني.
3ـ الشيخ إسماعيل السلماسي.
4ـ السيد هادي الصدر.
5ـ المجّدد الشيرازي.
مصنفاته
اشتغل السيد محمد شبر بتأليف الكتب والمصنفات منذ أيامه الأولى بعد أن قوي عوده واشتد ساعده، فعكف على البحث والدرس، فصنف عدة كتب تربو على (مئة وسبعين) مؤلفاً في مختلف علوم عصره من أدب وكلام وفقه وعبادات وطب وغيرها، فمن مؤلفاته ما يأتي:
1ـ إكسير السعادات في أحكام العبادات في أربعة وعشرين مجلداً.
2ـ مقتدى الأنام في شرح شرائع الإسلام.
3ـ هداية المستهدين في تمام الفقه، في جزئين ضخمين.
4ـ كشف اليقين في أصول الدين، في ثلاثة أجزاء.
5ـ كتاب في الأصول.
6ـ كتاب في المسائل المشكلة.
7ـ كتاب في الأخلاق.
8ـ منتخب عجائب الأخبار.
9ـ كتاب في علم الكلام.
10ـ تنبيه الغافلين – في جزئين.
11ـ اللوامع في الطب.
12ـ الفرائد الطبية، في جزئين.
13ـ كتاب من لا يجد الطبيب.
14ـ كتاب أحوال الحسين.
15ـ الكشكول، في ثلاثة أجزاء.
16ـ إيقاظ النائمين في أربعة أجزاء.
وفاته
توفي السيد محمد شبر يوم 11 شهر رمضان المبارك من سنة 1346هـ في مدينة البصرة، وحمل إلى النجف الأشرف حيث مثواه الأخير، ودفن في الصحن الحيدري الشريف في الحجرة التي على يسار الداخل إلى الصحن الشريف من الباب الغربي، والمرقمة اليوم بالرقم (2).
نشرت في العدد 59
مصادرالترجمة
1ـ أعيان الشيعة – السيد محسن الأمين – حققه وأخرجه السيد حسن الأمين.
2ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة – تأليف محمد محسن، الشهير بـ أغا بزرك الطهراني.
3ـ مشاهير المدفونين في الصحن العلوي الشريف- تأليف كاظم عبود الفتلاوي.
4ـ معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام- محمد هادي الأميني.
5ـ معجم المؤلفين- تراجم مصنفي الكتب العربية – تأليف عمر رضا كحالة.
6ـ مجلة المرشد البغدادية – المجلد الثالث- لشهر صفر الخير من سنة 1347هـ.