Take a fresh look at your lifestyle.

أضواء من حياة المحقق الحلي (قدس سره) (602ـ 676هـ )

0 552

اسمه: الشيخ أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي وهو خال العلامة الحلي المعروف.
مولده: ولد المحقق أبو الحسن نجم الدين الحلي في سنة ستمائة واثنتين (602) هجرية.
وكان أبوه الشيخ حسن فاضلاً عظيم الشأن يروي عنه ولده المحقق وكذلك جده الشيخ يحيى .
كان عالماً محققاً من فقهاء عصره، وممن يشار إليه ويُذكر قوله عند استعراض أقوال العلماء في الاستدلالات الفقهية.
نشأ المحقق الحلي نشأة علمية في بيت علم وشرف ومجد في مدينة الحلة السيفية ، وقد كانت الحلة آنذاك،أي في القرن السابع والثامن وبعضٍ من القرن السادس الهجري مجمعاً للعلماء والفضلاء.
رحلته العلمية: بدأ المحقق في نشأته العلمية حتى إذا وصل إلى مدارج الكمال والرقي العلمي بدأ بتدريس البحث الخارج. وقد أثنى عليه كل من ترجم له ثناء بليغاً عن فضله وسعة علمه بشكل لا يقبل معه الشك في ذلك .فقالوا فيه:
– الشيخ الفاضل عين أعيان العلماء ورأس رؤساء الفضلاء نجم الدين حجة الإسلام والمسلمين أبا القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد عظم الله قدره وطول عمره.
– كان ألسن أهل زمانه وأقومهم بالحجة وأسرعهم استحضاراً.
– وقال عنه العلامة الحلي: وهذا الشيخ كان أفضل أهل عصره في الفقه.
لُقِّبَ بالمحقق، وهذا اللقب يدلُّ على غزارة علمه وتحقيقه لينال به هذا اللقب،
كما لُقِّبَ أيضاً بالمحقق الأول.
أساتذته: أبرزهم:.
الأول: والده الشيخ الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد.
الثاني: نجيب الدين محمد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن نما الحلي.
الثالث: السيد فخار بن معد الموسوي.
الرابع: الشيخ محمد بن جهم الحلي وغيرهم.
تلامذته: أما تلامذته والمستفيدين على يديه فنذكر منهم:
1ـ الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي المشهور بالعلامة الحلي وهو ابن أخته.
2ـ الحسن بن داود الحلي صاحب كتاب الرجال والمعروف بابن داود.
3ـ السيد غياث الدين عبد الكريم بن أحمد بن طاووس صاحب كتاب فرحة الغري.
4ـ السيد جلال الدين محمد بن علي بن طاووس .
5ـ صفي الدين الحلي الشاعر المعروف ذو الصيت الذايع.
آثاره العلمية :أما تصنيفاته وتأليفاته فهي كثيرة، نشير إلى بعضها إشارة: فقد بلغت تأليفاته خمسة عشر تأليفاً ورسالة.
1ـ شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، وهو يعتبر منهجاً في الحوزات العلمية اليوم.
2ـ رسالة في القبلة التي ألفها للخواجة نصير الدين الطوسي.
3ـ مختصر المراسم والراسم ألفه للشيخ سلار الديلمي.
4ـ معارج الأصول في الفقه.
5ـ المختصر النافع وهو الذي اختصر به شرائع الإسلام.
6ـ المعتبر في شرح المختصر، والمختصر هو الذي اختصر به كتابه شرائع الإسلام المذكور.
7ـ نكت النهاية، وهو كتاب يحل في مشكلات نهاية الأحكام لشيخ الطائفة الطوسي.
8ـ نهج الوصول إلى معرفة علم الأصول.
مكانته: من الجدير بالذكر ونحن نترجم للمحقق الحلي أن نذكر شيئاً علمياً، وهو أن الفقهاء كثيراً ما يقولون (المتقدمين) و(المتأخرين) ويقصدون بالمتقدمين العلماء من عصر الشيخ المفيد على عصر المحقق الحلي ويقصدون بالمتأخرين من بداية عصر العلامة الحلي إلى عصر المحقق الكركي ،
وذلك يعطي فكرة واضحة أن المحقق الحلي آخر عالم من عصر المتقدمين ،
وتلميذه العلامة الحلي هو بداية عصر المتأخرين ، مما يبين طبيعة ما كان عليه الفقه الاستدلالي من التطور حيث إن المحقق الحلي ينسب لمدرسة المتقدمين والعلامة الحلي هو بداية مدرسة المتأخرين.
وعلى كل حال بالمحقق الحلي انتهت مدرسة المتقدمين من العلماء وبدأت مدرسة المتأخرين بالعلامة الحلي تلميذه.
وامتاز شيخنا المحقق الحلي بباعه الأدبي، الشعري منه والنثري، فقد كان شاعراً يجيد الشعر وصاحب نثر بليغ،
وهنا نروي قصة تحوي مجموعة من المواعظ والإرشادات، وحدثت معه حينما بدأ بكتابة الشعر. فيقول: ((قد كنت زمن الحداثة (بداية الشباب) أتعرض لشيء منه ليس بالمرضي ـ أي أتعرض لشعر غير مرضي ـ فكتبت أبياتاً إلى والدي(رحمه الله) أثني فيها على نفسي بجهل الصبوة.
ليهنك أني كل يوم إلى العلى
أقدم رجلاً لا تزل بها النعل

وغير بعيد أن تراني مقدماً
على الناس طرأ ليس في الناس لي مثل
تطـــاوعني بكر المعاني وعونها
وتنقاد لي حتى كأني لها بعل
ويشــــهد لــي بالفضــل كـل مبرز ولا فــاضـل إلا ولـــي فوقـــه فضــــل))
ولما رأى والده رحمه الله شدة افتخاره هذا حاول أن يوقف ولده عن هذه السنة التي تعرض للشباب اليافعين الذين يشعرون بنشوة العلم والفضل لئلا ينزلق في الهاوية فكتب على الأبيات تعليقه جاء فيها:
(لئن أحسنت في شعرك فقد أسأت في حق نفسك، أما علمت أن الشعر صناعة من خلع العفة ولبس الحرفة، والشاعر ملعون وإن أصاب ومنقوص وإن أتى بالشيء العجاب …إلى آخر كلامه..ثم كتب له:
ولست أرضى أن يقال شاعر
تـباً لهــا مـن عـدد الفضــائل
وعندما قرأ شيخنا ما دوَّنه أبوه على ورقة شعره الذي بعثه إليه تأمل كثيراً وهكذا تفعل المواعظ البالغة بأهلها وعندها قال: فوقف خاطري عند ذلك حتى كأني لم أقرع له باباً ولم أرفع له حجابًا.
من هذه المحاورة الجميلة بين الأب والابن نعرف التربية التي يحظى بها العلماء حيث لا يفوتوا الفرصة لإرشاد الأولاد ، وكذلك تأخذ الأولاد النصائح والإرشادات القيمة من الآباء وإن كانوا كباراً.
وفاته: في صبح يوم الخميس 13 ربيع الآخر سنة 676 هـ سقط الشيخ الفقيه أبو القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد الحلي رحمه الله من أعلى درجة في داره فخر ميتاً لوقته من غير نطق ولا حركة فتفجع الناس لوفاته واجتمع لجنازته خلق كثير وحمل إلى مشهد أمير المؤمنين (عليه السلام).
وهناك من يعتقد أن قبره في الحلة، وقال المامقاني في تنقيح المقال: وأقول إن قبره في الحلة كما ذكر إلا أنَّ المطَّلِع على سيرة القدماء يعلم أنهم من باب التقية من العامة كانوا يدفنون الميت ببلد موته ثم ينقلون جنازته خفية إلى مشهد من المشاهد .
وقد دفنوا الشيخ المفيد(قدس سره) في داره ببغداد ثم حمل بعد سنين إلى الكاظمية ودفن عند رجل الإمام الجواد (عليه السلام).
ودفنوا السيد الرضي والمرتضى وأباهما بالكاظمين ثم نقلوهم خفية إلى كربلاء ودفنوهم بجنب قبر جدهم السيد إبراهيم الذي هو في رواق سيد الشهداء كما صرح بذلك العلامة الطباطبائي(قدس سره) في رجاله وكذا صرح في حق المحقق على ما يبالي بنقل جنازته بعد حين إلى النجف الأشرف.

نشرت في العدد 61


مصادر الترجمة:
* مقدمة كتاب (الرسائل التسع) للمحقق الحلي..بقلم المحقق: رضا استادي.
* مقدمة كتاب (المختصر النافع) للمحقق الحلي..بقلم : محمد تقي القمي.
* مقدمة كتاب (المسلك في أصول الدين) للمحقق الحلي..بقلم المحقق: رضا استادي.
* مقدمة كتاب (المعتبر) للمحقق الحلي..بقلم : محمد على الذاكر الشيرازي.
* كتاب ( أعيان الشيعة ) للعلامة السيد الأمين ( ج 15ص 276 – 291).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.