كان يمسك بيد زوجته وبيده الأخرى عدسة تصوير، ويتمشيان على ذلك الساحل الجميل من سواحل (مدغشقر).
قدما لقضاء شهر العسل واتفقا على أن يمضيا ثلاثة أيام فقط، لتواضع دخله.
عليهما أن يبدآ حياتهما المشتركة من الصفر تقريباً!
طلب من زوجته أن تتمشى بمفردها على الساحل ليقوم بتصويرها، راحت تتمشى وهي تبتسم، ثم توقفت عند صخرة وأدارت ظهرها إلى مياه المحيط.
كانت تنظر إلى زوجها بسعادة وأمل، أما هو فقد ركز عدسة التصوير على وجهها وكان يفكر في المستقبل، سوف يعمل ويعمل ويكسب رزقه ليوفر لزوجته حياة كريمة، ربما سيعانيان من الفقر في بدايات حياتهما المشتركة، ولكنه سيبذل كل جهده ويعوض عن هذه المعاناة.
كان الأفق صافياً وقد التقت زرقة المياه مع زرقة السماء في ذلك الساحل الذي يبعد عن العاصمة ثلاثين كيلومتراً..
وفيما كان الشاب يواصل تصويره للشواطئ الحالمة ظهر في الأفق جسم كبير، فحرك عدسته بهدوء، فإذا بها طائرة ركاب ضخمة تترنح في تحليقها يميناً وشمالاً قبل أن ترتطم بالمياه، وينفصل جناحها الأيمن بعيداً.. ظل يتابع التصوير إلى أن غطست تماماً!!
انتبهت الفتاة إلى جهة التصوير ورأت اللحظات الأخيرة من ارتطام الطائرة بالمياه..
راحا ينظران إلى النقطة التي غطست فيها الطائرة واختفى كل شيء عن سطح البحر وكأن شيئاً لم يكن، ترى كم عدد ركابها؟! هل غرقوا جميعاً؟! ربما يظهر أحدهم ويشق طريقه من الأعماق إلى السطح! تألما لمصير الضحايا..
مرّت ساعة ولكن لا شيء.. فجأة تناهت إليهما أصداء صفارات سيارات الإسعاف التي هرعت إلى مكان الحادث! ثم وصل مراسلون يعملون لدى وكالات الأنباء، كانوا يبحثون عمّن يزودهم بالمعلومات عن كيفية سقوط الطائرة، فوجئ الجميع بما قال الشاب:
ـ إنني احتفظ بشريط كامل يصوّر كيفية سقوط الطائرة!
ـ تسابق المراسلون في تقديم العروض المغرية، ليفوز أحد المراسلين.
عندما قال:
ـ إنني على استعداد لتقديم مبلغ ستة عشر آلاف دولار أمريكي مقابل شراء الفلم حصرياً!
تضاعفت سعادة الزوجين الشابين، فهذا المبلغ يكفل بداية حياة زوجية كريمة وعيشٍ رغيد.
وصدق أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله:
(الرزق رزقان رزق تطلبه ورزق يطلبك).