بعثت الحياة من جديد في مدينة سامراء بعد أن حل فيها المجدد الشيرازي (ت 1312هـ) وتحولت من قرية صغيرة إلى حاضرة علمية عريقة بعد انتقال الهيئة العلمية من النجف إليها بانتقال السيد محمد حسن الشيرازي في سنة 1291هـ. فكانت هذه الفترة هي الأكثر ثراء وعطاء فكريًا وعلميًا بعد فترة الإمامين العسكريين (عليهما السلام).
فعندما رحل إليها المجدد ولحقه أهل العلم من فضلاء طلابه كانت هذه المرحلة هي بداية لعهد جديد دخلته هذه المدينة وبرزت فيها معالم حضارية من حركة علمية وفكرية وبناء المدارس وإنشاء المكتبات وتعمير للمدينة، وشهدت انفتاحًا لحركة جديدة أنعشت المدينة(1).
وفي هذه الأجواء أنتجت تلك الأقلام المؤلفات والكتب والقراطيس لتشهد بوجود ذلك الأثر العلمي والثقافي والحركة العقلية الشيعية.
عاش في هذه الفترة تقريبًا من سنة انتقال المجدد الشيرازي إلى وفاته علماء كثيرون وفقهاء وبعضهم كانت لهم مكتبات خاصة ضمت نفائس المخطوطات كمكتبة الميرزا محمد بن رجب علي الطهراني وهي مكتبة عامرة كانت بسامراء تربو على ألفي مجلد خمسها مخطوط(2) وقد دونت مؤلفات في هذه الفترة لهؤلاء الأعلام منها فقهية وأصولية ورسائل مختلفة وغير ذلك.
ومن الذين حازوا السبق في التدوين هو الشيخ ذبيح الله المحلاتي في كتابه (مآثر الكُبراء في تاريخ سامراء) حيث تكمن قيمة هذا الكتاب في كونه يعد الأول من نوعه في تعرضه لمدينة سامراء حيث استغرق من وقت المؤلف قرابة عشرين سنة وكان حينها نزيلًا في سامراء ليخرج بموسوعة تبلغ (12) جزءًا(3)،
وإليك عزيزي القارئ نبذة عن حياة المؤلف ومن ثم عن كتابه.
المؤلف في سطور(4):
ولد العلامة والمحدث الفقيه الشيخ ذبيح الله المحلاتي سنة (1310هـ) وبعد أن درس المقدمات للعلوم الشرعية في بلدته محلات (إيران) رحل مع والده إلى النجف الأشرف سنة (1330هـ) وهناك درس وتتلمذ على يد بعض العلماء منهم الشيخ جواد البلاغي وغيره،
وبعد إقامته لأكثر من عشر سنوات في النجف انتقل الشيخ المحلاتي إلى سامراء وتولى تدريسه هناك الشيخ أغا برزك الطهراني والميرزا محمد الطهراني، وبعد أن اهتم الشيخ المحلاتي بالخطابة والوعظ شرع بالتأليف مفيدًا من المكتبة الضخمة للميرزا محمد الطهراني المذكور والتي كانت من المكتبات الكبرى في سامراء،
فأقام الشيخ المحلاتي في سامراء (25) سنة قضاها في التحقيق والتأليف والتبليغ، وبعد هذه الرحلة الطويلة في سامراء رجع إلى بلده إيران فاستقر في طهران مخلفًا آثارًا قيِّمة.
لقد عاصر الشيخ مجموعة من العلماء منهم: السيد الخميني، الميرزا النائيني، السيد أبو الحسن الأصفهاني، السيد حسن الصدر الكاظمي، والسيد محسن الحكيم والسيد الخوئي حيث أجازه ثلة من الأعلام(5).