Take a fresh look at your lifestyle.

الخطيب والشاعر.. السيد محمد رضا الخطيب رئيس جمعية الرابطة الأدبية في الهندية (1311 – 1365هـ)

0 870

            تميزت مدينة الهندية كباقي مدن العراق بإنجاب الأفذاذ وأصحاب المواهب الذين يصنعون المعجزات في حياتهم ومواقفهم النبيلة وتكتب أسماؤهم بالإعجاب والمحبة، ومن هؤلاء الأفذاذ الذين ما زال لهم الأثر الطيب في المجتمع والتاريخ. إنه صاحب العلم والفضيلة العلامة المفضال والأديب المصقع والشاعر اللبيب الراحل السيد محمد رضا الخطيب الموسوي(قدس سره).
هو السيد محمد رضا بن السيد حسن بن السيد هاشم بن السيد عزوز بن السيد ناصر الموسوي المعروف بـ(الخطيب).
ولد في قضاء الهندية (طويريج) عام 1891م الموافق 1311هـ نشأ وترعرع في أسرة علمية وأدبية ومهتمة في مجال الخطابة والشعر والثقافة الإسلامية، تلقى علومه الابتدائية على يد (الملا) في أحد الكتاتيب آنذاك، ثم درس النحو على يد والده (السيد حسن الخطيب)، بعد ذلك مارس فن الخطابة في سن مبكر متأثراً بخطباء عصره من خلال دار والده التي كانت بالقرب من دار آل القزويني الأمر الذي سهل عليه الحضور لمجالس الأدب والشعر والعلم والندوات التي تقام في المناسبات الدينية والإسلامية والاجتماعية التي تعقد في ديوان السادة آل القزويني، فضلاً عن شخصيته اللبقة وبيانه الساحر وذكائه المتوقد ومتابعة الجمهور له ولمجالسه وتقربهم منه، له اسم شاع في أنحاء العراق، وما زال الكثيرون من أهالي الهندية يتذكرونه ويتصورون مجالسه العامرة الحاشدة(1).
عرف بروعة حديثه وفن خطابته وقد وهبه الله تعالى حساً مرهفاً وصوتاً رخيماً وخيالاً واسعاً.
دعي إلى النجف الأشرف وكربلاء المقدسة وبغداد والكوت والبصرة وجنوب إيران والسعودية ولبنان وغيرها فكان له القدح المعلى في مجال الخطابة والأدب والشعر والبيان.
قرض الشعر على اختلاف أوزانه وأنواعه وفنونه، نال الإعجاب والتقدير.
فقد كان وصفه لأي قضية اجتماعية كانت أو سياسية أو دينية يجعلك وكأنك تراها من دون أن يزعج السامع، لا يخشى(رحمه الله) لومة أحد في الحق، كان جريئاً، ولصفاته المتميزة هذه فقد ترأس جمعية الرابطة الأدبية في الهندية، وبهذا فقد حصل على الجائزة الثانية بالسباق الذي أجرته جمعية الرابطة في النجف الأشرف، ومن خلال ملاحظتنا لأشعاره وبخاصة التي بعث بها للملوك والأمراء نفهم أنه عاش فقيراً عسير المال،كان يتوخى المساعدة واللطف فقد راسل إمام اليمن(2) السيد يحيى بن حميد الدين، أعاد له الإمام يحيى رسالة وقصيدة مؤرخة 8 ذي القعدة/1350هـ منها هذه الأبيات:
ابتدت جنح الظلام ذكاءُ
أم سرت بعد هجعةٍ أسماء
بينما نحن في سوانح فكر
سحراً إذ أضاءت الأرجاء
قلدت جيدها الكواكب فازدانت
بها الأرض زينة والسماء
لا، هي الدرة التي ثقبتها
كفُّ من أذعنت له الخطباء
هيجت شجوناً وزادت سعيراً
في ربانا اليتيمة العصماء
نفثة هاشمية صدرت من
حلة المجد حيث حل الوفاء
حبذا بلدة وخيرة بلاد
كان فيها للمرتضى وزراء
وقد كان له علاقة طيبة مع عدد ليس بالقليل بشعراء العراق ومنهم الرصافي والزهاوي الذي يقول في حق السيد الخطيب:
أحمد قد زاد قدرك رفعةً
رجحان كفة شعرك الموزوني
وقال أيضاً:
تحنو لك الألفاظ وهي عصيبة
فتكون شعراً عند قولك كوني
يعد السيد محمد رضا الخطيب من خطباء ثورة العشرين ضد الإنكليز والحق يقال كان اللسان المعبر عن إرادة المظلومين والمعدومين أمام العالم من خلال خطاباته ومجالسه وقصائده التي تحث ضد المستعمرين للعراق(3).
زامل في ميدان الخطابة أعمدة المنبر والإرشاد منهم العلامة الشيخ محمد علي اليعقوبي والشيخ محمد علي القسام والشيخ كاظم نوح الكعبي والشيخ محسن أبو الحب الكربلائي والشيخ علي البازي وغيرهم وله مراسلات وذكريات معهم.
وافاه الأجل بعد عمرٍ قضاه في الجهاد والإصلاح والبلاغة والخطابة والأدب يوم السادس من ربيع الأول عام 1365هـ الموافق لعام 1944م. نقل جثمانه من العاصمة بغداد إلى قضاء الهندية حيث استقبلته الجماهير وجرى له تشييع مهيب ودفن في النجف الأشرف، أعقب بنتًا واحدة، أقيمت له مراسيم الفاتحة في أماكن عدة، ابَّنه في أربعينيته مجموعة من الخطباء والشعراء في مركز الهندية منهم الشاعر عبد الحسين الملا أحمد وخالد عبد القادر وعبد المنعم العجيل وجمال مهدي الهنداوي والخطيب الكبير والشاعر القدير الشيخ محسن أبو الحب الكعبي الكربلائي(4) قائلاً:
قضى الرضا فبكاه الفضل والأدب
وأعولت بعده الأشعار والخطبُ
مضى فأخلى ربوعاً كان يسكنها
فها هي اليوم تبكيه وتنتحبُ
تنعى خطيباً لقد طابت أرومته
كريم أصل له من هاشم نسبُ
هذي البلاد لهم بالفضل شاهدة
فخير قوم همُ وسادةٌ نجبُ
فن الخطابة فيه كانت منتهجاً
وليس إلا له يعزى وينتسب
إلى أن قال:
كيف المنيةُ منا سيداً خطفت
وكيف في الترب بدر التم يحتجبُ
إني لأرجو من الرحمن يسكنه
في الخلد قصراً فناه واسع رحبُ

نشرت في العدد 51


(1) تاريخ الهندية ورجالاتها منذ تمصيرها وحتى الآن ص229.
(2) نفس المصدر.
(3) سجل مخطوط فيه قضاياه وأشعاره ، بحوزة الأستاذ علاء الكتبي من أهالي الهندية.
(4) ديوان الشيخ محسن أبو الحب(رحمه الله).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.