Take a fresh look at your lifestyle.

أحمد بن علي النجاشي (372 – 450 هـ)/ (982 – 1058م)

0 846

         هو الشيخ الجليل المتمرّس في علم الرجال والمحقق الأكبر فيه أبو العبّاس أحمد بن علي بن أحمد بن
عباس بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن
محمد بن عبد الله النجاشي والي
الأهواز بن غنيم أو عثيم بن أبي السمال سمعان بن هبيرة الشاعر بن مساحق بن
بجير بن أسامة بن نصر بن قعين بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن اليسع بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
ذكر في الصحاح: أنّ النجاشي ـ بالفتح ـ
اسم ملك الحبشة‏(1).
وقال الفيروز ابادي في القاموس في مادّة النجش: (والنجاشي – بتشديد الياء وبتخفيفها أفصح ويكسر نونها أو هو أفصح – أصحمةُ ملكُ الحبشة)(2).
وعن أبي الحسن سليمان بن الحسن الصهرشتي(3) في قبس المصباح: أحمد بن
علي بن أحمد بن النجاشي الصيرفي المعروف بابن الكوفي(4).
وفي رجال السيد بحر العلوم: ان وصفه له بذلك لا يقتضي المغايرة للنجاشي المعروف إذ ليس في كلام غيره ما ينافيه وهو لمعاصرته له أعرف بما كان يعرف به في ذلك الوقت.

كنيـته
أبو العباس و أبو الحسين، قال السيّد ابن طاووس في أوّل كتاب رجاله ـ على ما نقله صاحب المعالم في ديباجة التحرير الطاووسي _: وقد عزمتُ أن أجمعَ في كتابي هذا أسماء الرجال من كُتب خمسة: كتابِ الرجال لشيخنا أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ـ إلى أن قال _ وكتابِ أبي الحسين أحمد بن العبّاس النجاشي الأسدي‏(5).
وذكرَ ذلك العلامة في ترجمة السيّد المرتضى حيث قال: أنّه تولّى غُسله أبو الحسين أحمد بن العبّاس النجاشي‏(6).
وكناه العلّامة(رحمه الله) ايضاً بأبي العباس(7).

ولادتــه
ولد النجاشي في سنة 372هـ في مدينة الكوفة(8) وكان أبوه من محدثي الشيعة المعروفين.
يؤيد كون ولادته في هذه السنة أو ما يقاربها، أن النجاشي(رحمه الله) كان يحضر مجلس هارون بن موسى التلعكبري المتوفى سنة 385هـ، ويدخل مع ابنه محمد بن هارون في بيته عندما يقرأ الناس عليه. ذكر ذلك في ترجمته (ترجمة رقم 1187)، وأيضا إدراكه(رحمه الله) ولقائه لكثير من أكابر عصره، كما ستقف عليه إن شاء الله.

أســرته
جده عبد الله النجاشي كان والياً
على الأهواز وقد كتب رسالة إلى الإمام الصادق(عليه السلام) وكتب إليه الإمام جواباً وهي (الرسالة الأهوازية).
و أسرته آل أبي السمال من الأسر الكبيرة والمعروفة في الكوفة.
قال السيد بحر العلوم في رجاله: آل أبي السمال بيت كبير بالكوفة قديم التشيع وفيهم العلماء والمصنفون ورواة الحديث من زمن عبد الله صاحب الرسالة إلى النجاشي صاحب الرجال.

من أقوال العلماء فيه
عن كتاب قبس المصباح للصهرشتي: أنّه كان شيخاً بهيّاً، ثقةً صدوقَ اللسان عند المخالف والموافق(9).
وجاء في رجال السيد بحر العلوم: أحمد بن علي النجاشي أحد المشايخ الثقات والعدول الإثبات من أعظم أركان الجرح والتعديل وأعلم علماء هذا السبيل اجمع علماؤنا على الاعتماد عليه وأطبقوا على الاستناد في أحوال الرجال إليه وقد صرح بتعظيمه وتوثيقه العلامة وغيره ممن تقدم عليه أو تأخر وأثنوا عليه بما ينبغي أن يذكر وان أغنى العلم به عن الخبر(10).
قال السيد الداماد في الرواشح: انّ أبا العبّاس النجاشي شيخنا الثقة الفاضل الجليل القدر، السنَد المُعتمد عليه، المعروف أحمد بن عليّ ‏ بن أحمد بن العبّاس بن محمّد بن عبد اللَّه‏ بن إبراهيم ‏ بن محمّد بن عبد اللَّه بن النجاشي، الذي ولي الأهواز(11).
وفي شرح مشيخة الفقيه للمولى التقيّ المجلسي أنّه وثّقه العلّامة (عليه الرحمة) بل أكثر الأصحاب، لأنّهم يَعتمدون عليه في الجرح والتعديل، وهو ثَبْتٌ كما يظهر من التتبّع‏(12).
وفي مقدمة كتاب البحار في أوّل الكتاب عند ذكر الكتب المأخوذ منها: وكتاب معرفة الرجال والفهرست للشيخين الفاضلين الثقتين: محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي، وأحمد بن عليّ ‏ بن أحمد بن العبّاس النجاشي‏(13).
وفي الأمل: أنّ أحمد بن العبّاس النجاشي ثقةٌ، جليل القدر، يروي عن المفيد(14).
وفي تعليقات العلّامة البهبهاني في ترجمة إبراهيم ‏ بن عمر: (أنّ النجاشي في غاية الضبط ونهاية المعرفة)(15).
وعن الوجيزة: أنّه ثقة مشهور(16).
وفي أعيان الشيعة: العالم النقاد البصير المضطلع الخبير الذي هو أفضل من خط في فن الرجال بقلم أو نطق بفم فهو الرجل كل الرجل لا يقاس بسواه ولا يعدل به من عداه كلما زدت به تحقيقا ازددت به وثوقا وهو صاحب الكتاب المعروف الدائر الذي اتكل عليه كافة الأصحاب إلى أن قال وبالجملة فجلالة قدره وعظيم شانه في الطائفة أشهر من أن يحتاج إلى نقل الكلمات(17).

سفـراتـه
لقد أمضى أحمد بن علي النجاشي أكثر عمره في مدينة بغداد وسافر عدة مرات لزيارة المراقد المقدسة ومن جملة أسفاره سفرته سنة 400هـ إلى النجف الأشرف حيث بقي مدة من الزمن بجوار مرقد أمير المؤمنين(عليه السلام) وعند ذلك لقى شيخه الجليل الحسين بن جعفر بن محمد المخزومي الخزاز المعروف بابن الخمري، وسمع منه (ذيل ترجمة رقم 587)، وأجازه في المشهد الغروي الشريف بروايته كتاب عمل السلطان لأبي عبد الله البوشنجي الحسين ابن أحمد بن المغيرة، كما نص عليه(رحمه الله) في ترجمته (ترجمة رقم 165).
ودخل الكوفة مراراً، قال في ترجمة جعفر بن بشير البجلي (ترجمة رقم 304): وله مسجد بالكوفة باق في بجيلة إلى اليوم، وأنا وكثير من أصحابنا إذا وردنا بالكوفة نصلي فيه مع المساجد التي يرغب في الصلاة فيها.
وكان قد سافر أيضاً إلى سامراء وتشرف بزيارة الإمامين العسكريين(عليهما السلام). وبها سمع من القاضي أبي الحسن علي بن محمد بن يوسف نسخة كتاب محمد بن إبراهيم الإمام بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، كما نص(رحمه الله) عليه في ترجمته (ترجمة رقم 954).
ولعل وفاته(رحمه الله) بمطير آباد كانت بعد هذه الزيارة، ورجوعه من سامراء إلى تلك الناحية.

أســاتذته
لقد سمع النجاشي(رحمه الله)
الرواية من كثير من العلماء ومن جملة هؤلاء:
1 ـ أبوه علي بن أحمد النجاشي
2 ـ الشيخ المفيد وهو المراد بقوله شيخنا أبو عبد الله وقوله محمد بن محمد ومحمد بن النعمان.
3 ـ أحمد بن عبد الواحد البزاز، المعروف بابن حاشر.
4 ـ أحمد بن علي السيرافي.
5 ـ ابن الغضائري الحسين بن عبيد الله وابنه احمد بن الحسين.
6 ـ هارون بن موسى التلعكبري وابنه أبو جعفر بن هارون.
7 ـ أحمد بن محمد بن عمران المعروف بابن الجندي.
8 ـ محمد بن علي بن يعقوب بن إسحاق بن أبي قرة القناني أبو الفرج الكاتب.
من تلامذته:
1 ـ شيخ الطائفة الشيخ الطوسي.
2 ـ الشيخ أبو الحسن الصهرشتي.
3 ـ السيد عماد الدين بن معبد الحسني المروزي.

مؤلفــاته
ما وصل إلينا من كتب النجاشي هو ما يلي:
1 ـ كتاب الجمعة وما ورد فيه من الأعمال.
2 ـ كتاب الكوفة وما فيها من الآثار والفضائل.
3 ـ كتاب أنساب بني نصر بن قعين.
4 ـ كتاب مختصر الأنواء ومواضع النجوم.
5 ـ كتاب الرجال أو فهرست أسماء مصنفي الشيعة.

وفــاته
توفي هذا العالم الجليل والرجالي الخبير والنسابة البارع سنة 450هـ(18) في مطيرآباد(19) من نواحي سامراء وعاش 78 عاماً ملؤها الخير والبركة والعطاء.
لا بأس بالإشارة إلى أن الموجود في ترجمة محمد بن الحسن الجعفري (ترجمة رقم 1070) انه مات يوم السبت 16 رمضان 463هـ، أي بعد 13 سنة من وفاة النجاشي ولعلها إضافة من النساخ فيما بعد.
وأول من أشار إلى تاريخ و محل وفاته هو العلامة الحلي في خلاصته ولم يتعرض له احد قبله في مصادر الشيعة لفقد كثير منها وكذلك مصادر السنة لتجاهلهم للكثير من علمائنا ورواتنا وهو واضح للمتتبع.
وجاء في رجال السيد بحر العلوم: (توفي قبل الشيخ بعشر سنين لأنه توفي 460هـ وكان قد ولد قبله بثلاث عشرة سنة وقدم الشيخ العراق وله ثلاث وعشرون سنة وللنجاشي ست وثلاثون وكان السيد الأجل المرتضى(رحمه الله) أكبر منه بست عشرة سنة وأشهر وهو الذي تولى غسله ومعه الشريف أبو يعلى محمد بن الحسن الجعفري وسلار بن عبد العزيز كما ذكر في ترجمته).

مطالعات في فهرست النجاشي
كتابه المشتهر برجال النجاشي واسمه فهرست أسماء مصنّفي الشيعة على ما ذكره في أوّل الجزء الثاني، وقد ذكر السبب الذي دعاه لتأليف هذا الفهرست قائلاً: (فإني وقفت على ما ذكره السيد الشريف (أطال الله بقائه وأدام توفيقه) من تعيير قوم من مخالفينا أن لا سلف لكم ولا مصنّف، وهذا قول من لا علم له بالناس ولا وقف على أخبارهم ولا عرف منازلهم وتاريخ أهل العلم ولا لقي أحداً فيعرف منه، ولا حجّة علينا لمن لم يعلم ولا عرف، وقد جمعت من ذلك ما استطعته ولم أبلغ غايته لعدم أكثر الكتب، وإنّما ذكرت ذلك عذراً إلى من وقع إليه كتاب لم أذكره)(20).
ويتميّز هذا الكتاب بميّزات منها:
1ـ تعرضه لترجمة أكثر من (1240) راويا ووثق أو مدح (640) وضعف ما يقارب (100) وغالباً ما يوثّق بلا نسبة ويضعف بنسبته إلى الغير وقد وثّق جماعة في غير تراجمهم(21). وقد تعرض في كتابه هذا للجرح والتعديل لأغلب الرواة الذين ذكرهم فيه.
2ـ انّه مختص على ما ذكر في ديباجة الكتاب بمصنّفي الشيعة ولم يشذ عن هذا الاختصاص إلاّ نادراً كما في عبد الله بن بكير والسكوني مثلاً.
3 ـ تثبته في مقالاته، وتأمله في إفاداته، فإنه أثبت علماء الرجال وأضبطهم، كما صرح به الكثير من العلماء الذين تعرضوا لذلك.
4ـ دقّته في البحث واطلاعه الواسع خصوصاً في الأنساب والرجال.
5ـ إنّ مشايخه من أجلاّء ونقّاد هذا العلم وقد أكسبه ذلك خبرة كثيرة، فمنهم الشيخ أحمد بن الحسين الغضائري، والشيخ أحمد بن علي بن عباس بن نوح السيرافي، والشيخ أحمد بن محمد بن الجندي، ومحمد بن علي بن يعقوب بن اسحاق بن أبي قرّة الكاتب، وقد انعكس هذا الامر على كتابه الذي دون فيه عصارة افكاره وخلاصة تحقيقاته، والذي يبدو واضحا للمتتبع المتأمل في صفحات الكتاب.
وهذه بعض النكات الذي يجدها المتتبع في هذا الكتاب الجليل والتي تكشف عن الدقة والتتبع عند مصنفه:
1ـ تعرض لأنساب الكثير من الرواة يربو على السبعين، وهذا كما يكشف بشكل جلي عن تبحره فقدّم ثروة مهمة للباحثين.
2ـ تعرض أيضاً لذكر سنة الولادة او الوفاة لكثير من الرواة (يزيد على السبعين)وأفاد بذلك دارسي علم الرجال لتحديد الرواة وطبقاتهم.
3ـ ذكر محل الوفاة أو السكن أو محل الرواية لأكثر من ثمانين راوٍ.
4ـ تعرض لقصص مهمة وطريفة عند ترجمته لبعض الرواة التي تسلط الضوء على أمور لها أهميتها في تشخيص الرواة أو توثيقهم أو ما شابه .

نشرت في العدد 37


(1) الصحاح، 3/1021، (نجش).
(2) القاموس المحيط، 2/300، (نجش).
(3) من مشاهير تلامذة شيخ الطائفة – عليه الرحمة – كما عن العلّامة المجلسي. وعن فهرست الشيخ منتجب الدين، فقيه درس قواعد الشيخ الطوسي، وجلس مجلس درس السيّد المرتضى.
(4) حكاه عنه السيّد بحر العلوم في رجاله، 2/40، والحائري في منتهى المقال، 1/287.
(5) التحرير الطاووسي، 25 من المقدّمة.
(6) خلاصة الأقوال، 95/22.
(7) خلاصة الأقوال، 20/53.
(8) خلاصة الأقوال، 20/53.
(9) حكاه عنه السيّد بحر العلوم في رجاله 2/40، والحائري في منتهى المقال 1/287.
(10) رجال السيد بحر العلوم، 2/35.
(11) الرواشح السماويّة، ص76، الراشحة العشرون.
(12) روضة المتّقين، 14/331.
(13) بحار الأنوار، 1/16.
(14) أمل الآمل، 2: 15 / 30.
(15) تعليقات الوحيد البهبهاني، ص24ـ25.
(16) الوجيزة، ص152.
(17) أعيان الشيعة 3/ 32.
(18) خلاصة الأقوال، 20/53.
(19) ومطير آباد لم تذكر في المعاجم، لكن ذكر ابن الجوزي في المنتظم 8/180 طبع الهند، وقال: (وقع وباء بالأهواز وأعمالها وبواسط وبالنيل ومطير آباد والكوفة. وورد في المعاجم كمعجم البلدان 5/151، قرية مطيرة، وهي من نواحي سامراء.
(20) رجال النجاشي، ص3 مقدمة الكتاب.
(21) وقد استخرجتها بالتفصيل ورتّبتها على شكل جدول راجع كتابنا، دراسات في علم
الرجال.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.