أوشكت المخطوطات الإسلامية التي اتخذت من رفوف المكتبات العامة منها والخاصة على الانقراض بفعل الإهمال وعدم الاهتمام تارة وأخرى خوفاً من السلطات التي كانت تطارد التراث الإسلامي محاولة التخلص منه بشتى الوسائل كونه يمثل ميراثاً ضخماً استوعب الفكر الشيعي الأصيل فكان بحراً خضماً تنبي أمواجه الهادرة عن عظم المكنون في أعماقه.
وقد قيض الله جلت نعمائه رجالاً أخذوا على عاتقهم مهمة صيانة هذا التراث ونشره في الآفاق ليكون شاهداً معاصراً على درجة الرقي والنبوغ التي وصل إليها علماؤنا ومؤرخونا بما خطته الأقلام واحتوته الكتب، فكان السباق إلى هذا العمل العلم البحاثة الشيخ محسن الطهراني الشهير بـ(آغا بزرك) الذي اضطلع بدور الباعث والمحفز على إشاعة ثقافة تحقيق المخطوطات وإخراجها للنور بعد أن كانت أسيرة الرفوف.
وقد شكل الشيخ آغا بزرك(قدس سره) مع السيد محسن الأمين العاملي(قدس سره) والسيد حسن الصدر الكاظمي(قدس سره) والشيخ عبد الحسين الأميني(قدس سره) جبهة موحدة ذات رؤى ثابتة هدفها حفظ الأثر الإسلامي وتخليد رجاله والعمل على تبويبه وتصنيفه ليتسنى للباحث الحصول عليه بيسر وسهولة، فكان الجهد شاقاً والعمل مضن حيث لا حاسب آلي يبحث ويعين ولا كتب متوفرة تغني وتفيد وهذا يعني مراجعة ودراسة عشرات الكتب والسعي وراءها أينما وجدت في شتى أنحاء العالم، فأثمر ذلك السعي عن موسوعات أصبحت فيما بعد المراجع والمصادر التي لابد للباحث من الاطلاع عليها.
وكانت نظرة الشيخ آغا بزرك الطهراني بعيدة المدى، رسم خلالها معالم المرحلة التي تليه فأعد ـ لمواصلة ما بدأه ـ
صفوة من الرجال كان بينهم سماحة العلامة السيد عبد العزيز الطباطبائي اليزدي الشهير بـ(المحقق)، فكان(قدس سره) عند حسن الظن، قضى حياته المباركة يتنقل بين الكتب والمكتبات ولا يكاد القلم يفارق أنامله، مشمراً عن ساعده يدون بسجله كل واردة، ويلاحق بفكره الخصب ورؤيته الواضحة كل شاردة حتى أخرج للنور فهارساً للمكتبات، ثم سعى في تدوين ما لأهل البيت(عليهم السلام) في المكتبة العربية وللتعرف على دوره الريادي في نشر التراث الإسلامي لابد لنا من الوقوف على سيرته المباركة.