Take a fresh look at your lifestyle.

الشيخ أحمد بن فهد الأحسائي من أعلام الحلة الفيحاء

0 722

سعد حداد
باحث ومحقق

 

                      الشيخ شهاب الدين أحمد بن فهد بن حسن بن محمد بن إدريس بن فهد المقري (المضري)(1) الإحسائي(2).
من أهل المئة التاسعة(3)، معاصر للشيخ أحمد بن محمد بن فهد الاسدي الحلي(4). ويقال لكل منهما (ابن فهد).

قال الخوانساري: (وإنْ اتفق توافقهما في العصر والاسم والنسبة إلى فهد، وكذا في روايتهما جميعاً حتى أنه نقل من غريب الاتفاق أنّ بعض أصحابنا قال بعد ذكره لهذا الرجل: انه وابن فهد الأسدي متعاصران، ولكل منهما شرح على إرشاد العلامة، وقد يتحد بعض مشايخهما أيضاً، ومن هذا الوجه كثيراً ما يشتبه الأمر فيهما ولاسيما في شرحيهما على الإرشاد)(5).

فشرح ابن فهد الحلي يسمى (المقتصر) وشرح ابن فهد الإحسائي يسمى (خلاصة التنقيح في مذهب الحق الصريح). وكل منهما يروي عن الشيخ أحمد بن المتوّج البحراني عن فخر الدين ولد العلامة (الحلي). ومن هذه الجهة قد يشتبه الأمر فيهما ولاسيما في شرحيهما على الإرشاد ولذلك قال بعضهم عن المترجم: إنّه أحمد بن محمد بن فهد اشتباهاً بابن فهد الحلي مع أن المنقول عن خط المترجم أحمد بن فهد)(6).

ولادتــه
لم تشر المصادر إلى تاريخ ولادة الشيخ الإحسائي، إلا أنّ المامقاني وعند ترجمته للشيخ ابن فهد الحلي أشار محتملاً أن تكون سنة 757 هـ هي سنة ولادة الشيخ الإحسائي(7).

روايتــه
أجمعت المصادر التي ترجمت للشيخين من أنهما يرويان عن الشيخ أحمد بن المتوج البحراني غير أن الشيخ الأمين في أعيان الشيعة شكك أن يكون ابن المتوج رجلاً واحداً بل هما رجلان إذ يقول:
(أما بناءً على ما استظهرناه من أنهما رجلان أحدهما: أحمد بن عبد الله بن سعيد بن المتوج، والثاني أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسن بن المتوج. فابن فهد الإحسائي من تلامذة الأول وابن فهد الاسدي الحلي من تلامذة الثاني. وعلى كل حال يقال لكل منهما: إنه تلميذ ابن المتوج)(8).

وقد عد السيد البروجردي الشيخ ابن فهد الإحسائي في الطبقة الحادية عشرة مع ابن فهد الحلي والسيد حسن بن دقماق الحسني وغيرهما(9).

وقال في مكان آخر من كتابه ضمن ترجمة ابن فهد الحلي: (وفي طبقته أحمد بن فهد الإحسائي، ويشتبه الأمر على الكثير لاتحادهما في الاسم واشتراكهما في بعض المشايخ وشرح إرشاد العلامة).
ويعقب البروجردي محتملاً أن يكون الشيخ الإحسائي (بناء على ظاهر الترجمة من أحفاد ابن إدريس الحلي وهو جده الأعلى)(10).

الراوون عنه
يروي عن الشيخ الإحسائي مجموعة من العلماء والمشايخ منهم:
1ـ الشيخ رضي الدين حسين الشهير بـ(ابن راشد القطيفي).
2ـ الشيخ حسن الشهير بـ(المطوّع) الجرواني الإحسائي.
3ـ الشيخ قاضي قضاة الإسلام ناصر الدين إبراهيم الشهير بـ(ابن نزار). وهو تلميذ ابن المطوّع الجرواني المتقدم.
4ـ الشيخ ابن جمهور الإحسائي.

أقوال العلماء فيه
أثنى من ترجم للشيخ ابن فهد الإحسائي على شخصه وعلمه إذ وصف بأوصاف عديدة. فقد نعته الشيخ البحراني بـ(الشيخ النحرير العلامة)(11). وقال البحراني في كشكوله واصفاً إياهُ بـ(الفاضل العامل المشهور من أجلّة علماء الإمامية وفقهائهم)(12).
وقال البلادي في وصفه: (العالم العامل المحقق الكامل الأسعد الشيخ)(13).

مؤلفاته
1ـ خلاصة التنقيح في المذهب الحقّ الصريح:

وهو شرح لكتاب العلامة الحلي (إرشاد الأذهان). ذكره صاحب اللؤلؤة فقال: (وقع بيدي جلد من شرح الإرشاد للشيخ أحمد الإحسائي من كتاب النكاح، وفي آخره مكتوب ـ نقلاً من خط الشارح المذكور ـ ما صورته (… تم الكتاب الموسوم بخلاصة التنقيح في المذهب الحق الصريح في أواخر شهر رمضان في اليوم الثالث والعشرين منه أحد شهور سنة 806 هجرية على يد مؤلفه العبد الغريق في المعاصي، الخائف يوم يؤخذ بالنواصي، أحمد بن فهد بن حسن بن محمد بن إدريس حامداً ومصلياً على رسول ربه، ربّ اختم بالخير وأعن)(14).

2ـ الناسخ والمنسوخ:
شرحه عبد الجليل الحسيني القاري شارح الجزرية في التجويد سنة 972 هـ، وقد شرح الناسخ والمنسوخ سنة 976 هـ باسم نصير أحمد خان(15) وهو مطبوع في إيران سنة 1384هـ.

3ـ عدة الداعي:
يقول صاحب الأعيان: (وقد حكي أن لابن فهد الإحسائي كتاباً في الدعاء سماه (عدة الداعي) باسم كتاب ابن فهد الحلي. فإنْ صحّ كان من مكملات غريب الاتفاق)(16).

وفاته ومرقده
لم يُشر أحد ممن ترجم للشيخ الإحسائي إلى تاريخ وفاته غير أنّ الشيخ محمد حزر الدين أورد في ترجمته (هو الشيخ…. المتوفى في أوائل القرن التاسع الهجري في الحلة السيفية)(17).

وحدد الشيخ جعفر السبحاني سنة 806 هـ تاريخاً لوفاة الشيخ الإحسائي(18) مما نعتقد أن الشيخ السبحاني نقل عبارة الشيخ الطهراني في الذريعة عند حديثه عن كتاب الناسخ والمنسوخ خطأ فأضاف كلمة (المتوفى سنة 806 هـ) بعد اسم الإحسائي.
أما مرقده فقد أختلف في تحديد مكانه، هل هو في الحلة أو في كربلاء ؟ إلا أنّ المتعارف عليه (وما عليه سيرة علمائنا الأقدمين والمتأخرين، المعتضدة بالشهرة والتلقي من ابن فهد الأسدي الحلي مرقده بأرض الطف والحائر الحسيني وأن الاشتباه نشأ من معاصرة كل منهما للآخر)(19). قال المامقاني: (ومن غرائب الاتفاق والافتراق أنّ الحلي دفن في الحائر، والإحسائي دفن في الحلة وقبراهما في البلدين مشهوران معلومان)(20).

ويؤيد ذلك صاحب الأعيان(21) وصاحب فقهاء الفيحاء إذ يقول: (وابن فهد الإحسائي مدفون بالحلة في المرقد المعروف الآن بمقام أبو فهد)(22).

غير ان الشيخ يوسف كركوش يذهب إلى تفنيد ما أورده الخوانساري في روضات الجنات(23) من أن قبر ابن فهد الحلي في كربلاء فيقول: (الحقيقة إنّ هذا القبر الذي ذكره صاحب روضات الجنات هو قبر أحمد بن فهد الحلي)(24) دون أن يعطي دليلاً على ذلك وهو يتماشى مع ما ذهب إليه البلادي في كتاب أنوار البدرين(25).

وقد وصف المرقد الشيخ حرز الدين فقال: (مرقده في الحلة معروف مشهور عليه قبة صغيرة الحجم)(26) وعلق محقق الكتاب بالقول (في محلة الطاق بشارع الكوازين والى جنب قبره جامع جديد العمارة.. ويقع القبر ركن ملتقى ثلاثة أزقة، وهو عبارة عن غرفة كبيرة عليها قبة صغيرة طُليت بالصبغ الأخضر)(27).

إنّ الوصف المتقدم ليس ببعيد عما هو عليه المرقد اليوم إلا أن القبة قد أزيلت قبل أعوام عند إعادة ترميمه كما أزيل المسجد المجاور ثم أعيد بناؤه قبل عامين تقريباً بحلة جديدة. وتعرف المنطقة التي فيها المرقد باسم (سوق الحطابات): ويقع المرقد في الجهة اليمنى للداخل إليه في غرفة مستطيلة مساحتها تقرب من ثلاثين متراً مربعاً، وقد وضع فوق المرقد صندوق بسيط الصنع من الخشب والحديد المشبك. واتخذت الجهة المحيطة بالمرقد مكاناً للصلاة. بعد أنْ إمتدّتْ يدُ الخيرين من أبناء الحلة لتعميره وتجديده. ويقوم اليوم على خدمة المسجد والمرقد والزائرين أهالي المنطقة وأصحاب المحال فيها

(1) أمل الآمل، 2/21.
(2) الأحسائي: بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة ثم فتح السين غير المعجمة ثم الألف ثم الياء نسبة الى الاحساء وهي مدينة في البحرين سابقاً، واليوم في السعودية.
(3) الكنى والألقاب، 1/381.

(4) هو جمال الدين ابو العباس أحمد بن شمس الدين محمد بن فهد الاسدي الحلي، فقيه مجتهد وعالم عامل زاهد عابد صالح ورع تقي ، صاحب المقامات العالية. اذ اشتهر عنه ظهور الكرامات على يديه. ولد في الحلة سنة 756 هـ وترعرع في أحضان العلم والدين وتتلمذ على الشيخ علي بن الخازن، أسس في كربلاء مدرسة علمية دينية عرفت فيما بعد بمدرسة (ابن فهد الحلي). وهو مصنف وتصانيفه تنيف على العشرين مصنفاً منها (المهذب البارع) و (شرح المهذب) و (عدة الداعي) وغيرها. وتتلمذ عليه عدد كبير من الأعلام أمثال الشيخ عبد السميع بن فياض والشيخ محمد بن فلاح المشعشعي وابن راشد القطيفي وغيرهم. توفي ودفن في كربلاء سنة 841 هـ وقبره معروف مشهور فيها.

نشرت في العدد 19


ترجمته في، أعيان الشيعة 9/238 و 10/86؛ أمل الآمل 2/21؛ لؤلؤة البحرين ص156؛ الكنى والألقاب 1/380؛ الأعلام 1/227.
(5) روضات الجنات، 1/75.
(6) أعيان الشيعة، 3/66.
(7) تنقيح المقال، 1/93.
(8) أعيان الشيعة، 3/66.
(9)، (10) طرائف المقال، 1/94، 2/424.
(11) لؤلؤة البحرين، ص177.
(12) كشكول البحراني، 1/303 ونقلها عنه صاحب رياض العلماء، 1/55.
(13) أنوار البدرين، ص396.
(14) لؤلؤة البحرين ص177.
(15) الذريعة، 24/10.
(16) أعيان الشيعة، 3/67.
(17) مراقد المعارف، 1/79.
(18) مفاهيم القرآن ( العدل والإمامة )، ص367.
(19) مراقد المعارف، 1/80.
(20) تنقيح المقال، 1/93.
(21)أعيان الشيعة، 3/66.
(22) فقهاء الفيحاء، ص300.
(23) روضات الجنات، 1/74.
(24) تاريخ الحلة، 2/95.
(25) أنوار البدرين، ص398.
(26) مراقد المعارف، 1/79.
(27) هامش المراقد، 1/79ـ80.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.