Take a fresh look at your lifestyle.

الشيخ الكليني قراءة في سيرته وكتبه

0 1٬208

   

 

 

 

          يزخر التاريخ الإسلامي برجال تركوا بصمات واضحة في صفحاته منذ توطيد دعائمه على يد النبي الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله)، ومع توالي العصور والشخصيات على مسرح الحياة استمر العطاء العلمي الذي مد المسلمين بتراث محكم أثرى حياتهم ونظم شؤونهم وفق الرؤية الإسلامية الشاملة.

وقد برز من هؤلاء الرجال من اجتمعت لديه عدة صفات أهلته كي يحمل لقب (ثقة الإسلام) وميزته بكتابه الخالد(الكافي) الذي أصبح قاعدة يستند إليها الرواة والمحدثون والفقهاء، بل أصبح من الكتب الأربعة المعتبرة عند الشيعة، أنه الشيخ محمد بن يعقوب الكليني.

 

                            سيـرته

        نسبته إلى كلين وهي: في إيران ـ الآن ـ
        تشير إلى عدة مواضع، يقال لكل واحدة منها (كلين) منها:

       ده كلين، قرية في دهستان فشابويه من ناحية الري(1) وهي التي قال السمعاني في ضبط الشين إليها: (الكليني بضم الكاف وكسر اللام وبعدها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، في آخرها النون. هذه النسبة إلى كلين، وهي من قرى العراق، قرية الري)(2) وقال ياقوت الحموي: (كلين المرحلة الأولى من الري لمن يريد خوار على طريق الحاج)(3) وهي على بعد (38كم) جنوب غربي بلدة الري الحالية، شرقي طريق قم، بينها وبين الطريق (5كم)(4).
وكلين أيضاً بكسر الكاف واللام ثلاث قرى في دهستان بهنام سوختة، من نواحي ورامين، هي: قلعة كلين، وكلين خالصة، وده كلين(5).
      وكلين أيضاً قرية في دهستان رودبار بناحية معلم كلايه، من أعمال قزوين(6) والكليني أيضاً من كلين فشابويه بالري، كما يدل انتسابه إلى الري(7) قال العلامة الحلي: (الكليني مضموم الكاف، مخفف اللام، منسوب إلى كلين قرية بالري)(8).
وقال السيد محمد مرتضى الزبيدي: (الكليني، ضبطه ابن السمعاني كزبير. قلت: وهو المشهور على الألسن، والصواب بضم الكاف، وإمالة اللام، كما ضبطه الحافظ في التبصير: قرية بالري، منها أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني…)(9).

 

                         نسبه ونشأته

       هو محمد بن يعقوب(10) بن إسحاق الكليني(11) الرازي(12) ويعرف بالسلسلي البغدادي(13) أبو جعفر الأعور(14). ينتسب إلى بين في كلين أخرج عدة من أفاضل رجالات الفقه والحديث(15) وكان هو شيخ الشيعة في وقته بالري وواجهتهم(16) ثم سكن بغداد في درب السلسلة بباب الكوفة(17) وحدث بها سنة327هـ(18) وقد انتهت إليه رئاسة فقهاء الإمامية أيام المقتدر(19) وقد أدرك زمان سفراء المهدي (عجل الله فرجه) وجمع الحديث من مشرعه ومورده. وقد انفرد بتأليف كتاب الكافي في أيامهم(20) إذ سأله بعض رجال الشيعة أن يكون عنده (كتاب كاف يجمع من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم، ويرجع إليه المسترشد)(21).

      وكان له مجلس يشكل مرتعاً لأكابر العلماء الراحلين في طلب العلم، كانوا يحضرون حلقته لمذاكرته، ومفاوضته، والتفقه         عليه.
      وكان عارفاً بالعربية والتواريخ والطبقات وصنف كتاب الرجال وغيرها من الكتب(22).

 

                    شيــوخه

 

        روى الشيخ الكليني لكثير من علماء أهل البيت ورجالهم ومحدثيهم منهم(23):

1ـ أبو علي، أحمد بن إدريس بن أحمد الأشعري القمي ت306هـ.

2ـ أحمد بن عبد الله بن أمية.

3ـ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني المعروف بابن عقدة ت333هـ.

4ـ أبو عبد الله أحمد بن عاصم العاصمي الكوفي.

5ـ أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى بن عبد الله الأشعري القمي.

6ـ أحمد بن مهران.

7ـ إسحاق بن يعقوب.

8ـ الحسن بن خفيف.

9ـ الحسن بن الفضل بن يزيد اليماني.

10ـ الحسين بن الحسن الحسيني الأسود.

11ـ الحسين بن الحسن الهاشمي الحسني العلوي.

12ـ الحسين بن علي العلوي.

13ـ أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عمران الأشعري القمي المعروف بابن عامر.

14ـ حميد بن زياد من أهل نينوى ت سنة310هـ.

15ـ أبو سليمان داود بن كورة القمي.

16ـ أبو القاسم سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي ت300هـ.

17ـ أبو داود سليمان بن سفيان.

18ـ أبو سعيد سهل بن زياد الأدمي الرازي.

19ـ أبو العباس عبد الله بن جعفر بن الحسين الحميري القمي.

20ـ أبو الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي ت307هـ.

     وغيرهم كثير وقد صرح الباحث ثامر العميدي في استنتاجاته بقوله( شيوخ الكليني ليس كلهم من الثقاة والمعروفين، بل فيهم الضعيف والمجهول مما يستدعي ذلك التوقف بإطلاق الحكم بصحة جميع مروياته وصدورها عن أئمة أهل البيت(عليهم السلام)… ثم يضيف (وروايات الكليني ليست أحادية المذهب، وتلاميذه ليس كلهم على مذهبه وهذا يدل على الروعة العلمية في عصره من حيث اتساع رواية الحديث بتعدد مصادره)(24).

 

                   تلاميذه والراوون عنه(25)

                        يروي عنه خلق كثير منهم:

1ـ أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم المعروف بابن أبي رافع الصميري.

2ـ أبو الحسين أحمد بن أحمد الكاتب الكوفي.

3ـ أبو الحسين أحمد بن علي بن سعيد الكوفي.

4ـ أبو الحسين أحمد بن محمد بن علي الكوفي.

5ـ أبو غالب أحمد بن محمد بن محمد الرازي

.
6ـ أبو القاسم جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى ت368هـ.

7ـ أبو الحسن عبد الكريم بن عبد الله بن نصر البزاز التنيسي.

8ـ علي بن أحمد بن موسى الدقاق.

9ـ أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب النعماني المعروف بابن زينب.

10ـ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله الجمال الصفواني نزيل بغداد كان تلميذه الخاص به وأجازه الكليني في قراءة الحديث

.
11ـ أبو عيسى محمد بن أحمد بن محمد بن سنان السناني الزاهري.

12ـ أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني.

13ـ محمد بن علي ماجيلويه.

14ـ محمد بن محمد بن عاصم الكليني.

15ـ أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد الشيباني التلعكبري ت385هـ

.

 

               أقوال العلماء فيه

      يعتبر الشيخ الكليني من أوائل الملقبين بـ(المجدد) فقد ورد عن الرسول الأكرم وبطرق العامة- باختلاف التعبير- بما معناه (أن الله يعيد لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجددها، ومن المجددين على رأس المائة الثالثة، أبو جعفر الرازي الإمامي)(26).

قال النجاشي: (شيخ أصحابنا في وقته بالري ووجههم وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم)(27).

وقال الطوسي: (ثقة عالم بالأخبار)(28).

وقال ابن شهرآشوب: (عالم بالأخبار)(29).

وقال ابن الأثير: (أبو جعفر محمد بن يعقوب الرازي، الإمام على مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، عالم في مذهبهم كبير، فاضل عندهم مشهور…)(30).

وقال ابن حجر: (وكان من فقهاء الشيعة، والمصنفين على مذهبهم)(31).

وقال الفيروز آبادي: (…محمد بن يعقوب الكليني من فقهاء الشيعة)(32).

وقال القاضي الشوشتري: (رئيس المحدثين الشيخ الحافظ)(33).

وقال محمد باقر المجلسي: (الشيخ الصدوق، ثقة الإسلام، مقبول طوائف الأنام، ممدوح الخاص والعام، محمد بن يعقوب الكليني).

وقال السيد محمد باقر الخوانساري: (وهو في الحقيقة أمين الإسلام، وفي الطريقة دليل الإعلام، وفي الشريعة جليل الأقدام، ليس في وثاقته لأحد كلام، ولا في مكانته عند أئمة
الأنام)(34).

 

 

                                          مؤلفاته

     1ـ كتاب تفسير الرؤيا.

      2ـ كتاب الرجال.

      3ـ كتاب الرد على القرامطة.

     4ـ كتاب الرسائل رسائل الأئمة(عليهم السلام).

    5ـ كتاب ما قيل في الأئمة(عليهم السلام) من الشعر.

    6ـ كتاب الكافي.

 

 

 

 

                             أضواء على كتاب الكافي

 

      انشغل الكليني(قدس سره) عشرين عاماً بتأليف الكافي، مما جعله مقلاً في التأليف، قياساً إلى غيره من أقطاب علماء مذهبه، ويعد هذا الكتاب من أشهر مؤلفاته، (والكافي كتاب موسوعي وإن كانت السمة البارزة فيه هي الحديث الشريف، إلا أنه ذكر فيه كل ما يحتاجه الفقيه والمحدث، مضافاً إلى تناوله دقائق فريدة تتعلق بشؤون العقيدة وتهذيب السلوك ومكارم الأخلاق، وقد ضم هذا الكتاب الأصول إلى جانب الفروع حرصاً من مؤلفه على حفظ أحاديث أهل البيت(عليهم السلام) وصيانتها من الضياع، وقد قسّم الكليني كتابه في ثلاثة أقسام: الأصول والفروع والروضة، في حين بوبه على هيئة أصول مقسمة إلى كتب، والكتب مقسمة بدورها إلى أبواب، كل باب تضم عدداً من الأحاديث.

      أما الروضة فقد ذكر فيها أموراً شتى من خطب الأئمة(عليهم السلام) ورسائلهم ومواعظهم مع تفسير عدد كبير من الآيات القرآنية الكريمة متعرضاً بين حين وآخر لزهد النبي محمد(صلى الله عليه وآله)، وشيئاً من سيرته المشرفة، مختاراً نماذج من الأنبياء للتحدث عن قصصهم
وأقوالهم)(35).

 

                                   وفــاته

 

       توفي ـ كما يقول النجاشي ـ ببغداد سنة329هـ(36) سنة تناثر النجوم في الأفق وتاريخ وفاته عند الشيخ الطوسي سنة 328هـ(37) وقد توفي بعد وفاة الإمام العسكري(عليه السلام) بتسع وستين سنة، والظاهر انه أدرك تمام الغيبة الصغرى، بل بعضاً من أيام العسكري(عليه السلام)(38) ولمكانته في النفوس فقد خرج السيد محمد المعروف بابن قيراط (وهو محمد بن جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب) وكان يومها من كبار علماء الإمامية ونقيب الطالبيين في بغداد للصلاة عليه(39).

 

                                      قبره ببغداد

 

      دفن الكليني بباب الكوفة بمقبرتها في الجانب الغربي وكان ابن عبدون يعرف قبره(40) قال: (رأيت قبره في صراة الطائي، وعليه لوح مكتوب فيه اسمه، واسم أبيه وقد درس)(41).

وقبره اليوم قائم في الجانب الشرقي على شاطئ دجلة عند باب الجسر العتيق (جسر المأمون الحالي) بالقرب منه، على يسار الجائي من جهة الشرق، وهو قاصد الكرخ.

قال السيد محمد باقر الخوانساري: (والقبر المطهر الموصوف، معروف في بغداد الشرقية مشهور، تزوره الخاصة والعامة في تكية المولوية، وعليه شباك من الخارج إلى يسار العابر من
الجسر) (42) >

 

——————————————————————————————

(1) ينظر أسامي دهات كشور:78.
(2) الأنساب:5/486.
(3) معجم البلدان:4/303.
(4) ينظر فرهنك جغرافيائي إيران:1/183.
(5) ينظر أسامي دهات كشور:81.
(6) ينظر فرهنك جغرافيائي إيران:1/182.
(7) ينظر لسان الميزان: 5/433، وروضات الجنات: 551.
(8) خلاصة الأقوال: 11.
(9) تاج العروس: 9/322 مادة كلن.
(10) في الكامل: 8/128محمد بن علي.
(11) ينظر الرجال للنجاشي:266.
(12) ينظر لسان الميزان:5/433.
(13) لنزوله درب السلسلة ببغداد أو ينظر تاج العروس:9/322.
(14) ينظر معالم العلماء: 88.
(15) ينظر رياض العلماء :289 وتنقيح المقال:3/202.
(16) ينظر الرجال للنجاشي:266.
(17) ينظر تاج العروس: 9/322.
(18) ينظر الاستبصار: 2/352.
(19) ينظر تاج العروس: 9/322.
(20) ينظر كشف المحجة: 159.
(21) أصول الكافي: 1/8.
(22) ينظر مقدمة العلامة حسين علي محفوظ في أصول الكافي: 1/14.
(23) ينظر بحار الأنوار: 25/67.
(24) العميدي، الشيخ الكليني البغدادي، مقدمة رسالة ماجستير غير مطبوعة.
(25) ينظر في ذلك الفهرست للشيخ الطوسي: 135ـ136، ومستدرك الوسائل: 3/527، 666، وتهذيب الأحكام: 2/480، والاستبصار: 2/353، وروضات الجنات: 554، ورجال النجاشي: 267 والوافي: 3/149، وتفصيل وسائل الشيعة: 3/516، 519، وخلاصة الأقوال: 136.
(26) الصدر، نهاية الدراية، ص549.
(27) رجال النجاشي: 266.
(28) الفهرست للشيخ الطوسي: 135.
(29) معالم العلماء: 88.
(30) الكامل: 8/128 في حوادث سنة328هـ.
(31) لسان الميزان: 5/433.
(32) القاموس المحيط: 4/265 مادة كلن.
(33) مجالس المؤمنين: 194.
(34) روضات الجنات: 552.
(35) العميدي، الشيخ الكليني البغدادي، ص106.
(36) رجال النجاشي: 726.
(37) الفهرست للشيخ الطوسي: 136.
(38) العميدي، الشيخ الكليني البغدادي، ص110.
(39) المصدر السابق.
(40) ينظر رجال النجاشي:267.
(41) رجال النجاشي: 267 نقلاً عن أبن عبدون.
(42) روضات الجنات: 553.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.