Take a fresh look at your lifestyle.

لقاء مع شاعر أهل البيت(عليهم السلام) الدكتور عباس الترجمان

0 950

          المنبر الحسيني مصباح الرسالة السماوية التي أرسى قواعدها نبينا الكريم محمد(صلى الله عليه وآله) وهو الإشعاع الفكري الوهاج الذي نفذ إلى بصر وبصيرة الورى، فهو الرسالة المقدسة التي حملها رجال أشداء على الكفر والنفاق والظلم والطغيان والجور والإلحاد، أن لقدسية المنبر حرمه تميز بصونها رجال أكفاء لإتمام النهج المنبري، انعكس على أدق تفاصيل الحياة، فهما جزءان التصقا بكيان ونبض وعقل ودم رجال شرفاء.

وحمل هؤلاء الرجال سيف الحق والعدل في الخطابة والبلاغة والشعر والأدب والكتابة والتأليف والإنشاد وتعدى ذلك إلى التفاني في سبيل الخدمة المخلصة التي يقدمونها بين يدي سيدهم المولى الإمام الحسين(عليه السلام).

ومن بين أعلام المنبر الحسيني يبرز الأستاذ الشاعر الأديب الدكتور عباس بن علي الترجمان، ارتأينا في هذا العدد أن نلتقي به ليحدثنا عن تجربته الأدبية ورحلته المنبرية وحياته العلمية فكان لنا معه هذا اللقاء:

 نرحب أجمل ترحيب بالأستاذ خادم الحسين(عليه السلام) الدكتور الترجمان ونرجو منه بداية الحديث أن يحدثنا عن الولادة والنشأة..
 ولدت في مدينة كربلاء المقدسة يوم الخميس الثالث من جمادي الأولى في عام (1344هـ) الموافق للعام (1925م)، وبعد أربعين يوماً من ولادتي عاد والدي إلى النجف الأشرف، المدينة المحببة إلى نفس والدي ونشأت في شعر وأدب وفي مدينة علم وثقافة وقد كان والدي شاعراً عارفاً له موسوعة شعرية كبيرة في أهل البيت(عليهم السلام) ودواوين باللغات العربية والفارسية والتركية والهندية تربو على خمسمائة ألف بيت، وكما كان يجيد اللغة الكردية والفرنسية وجاءت شهرتنا نحن أبناؤه بلقب (الترجمان) كما أن أخي عبد الأمير كان أديباً وشاعراً وفناناً.

هل تتفضل علينا ببيان نشأتك الدراسية والأدبية؟
 بدأت دراستي الأولى منذ نعومة أظفاري عند الشيخ موسى الدبستاني وكان أديباً ألمعياً وشاعراً باللغة العربية والفارسية وختمت القرآن على يده وأقيم احتفال بمناسبة ختم القرآن وختاني كما هي العادة المتبعة في مدينة النجف الأشرف، وبعد أن أغلقت الحكومة العراقية المكاتب الأهلية للتعليم دخلت المدرسة الابتدائية وتخرجت منها بنجاح وتفوق ثم بعد سنتين دخلت ثانوية الشرافة في بغداد ولصعوبة الحالة الاقتصادية وخشية والدي عليّ من الانحراف في بغداد عدت إلى النجف وتركت الدراسة،

فأدخلني والدي الدراسة الحوزوية، ولكن حالة أسرتي الاقتصادية لم تيسر لي متطلبات الدراسة فتركت الدراسة الحوزوية والتجأت إلى مزاولة المهن الحرفية، مثل صبغ الأحذية والتجارة والخياطة ثم الصياغة حيث كنت أتفنن في النقش على الذهب.
وخاتمة المطاف ارتأيت أن أمارس هوايتي منذ الصغر وهي فن الخط والرسم وجعلتها حرفة لي سنين طويلة.

 

متى ارتقيت المنبر الحسيني ولمن قرأت من الشعراء؟
 تشرفت بارتقاء المنبر الحسيني قبل بلوغي العاشرة من عمري وقرأت كثيراً من القصائد للشعراء الكبار أمثال المرحوم عبد الله الروازق والشيخ ياسين الكوفي والشيخ إبراهيم أبو شبع والشيخ عبد الأمير المرشد في مدح أهل البيت(عليهم السلام) وعند سماع الجمهور صوتي أعجبوا كثيراً بقراءتي ووجهت لي دعوات للقراءة في كافة أنحاء العراق منها الناصرية والرجيبة والسماوة وكربلاء والكاظمية والمحمودية والبصرة وبعقوبة والهويدر وسامراء وبلد بالإضافة إلى مدينتي الحبيبة وأمي التي ربتني وغذتني ورعتني وهذبتني النجف الأشرف على مشرفها ألف سلام،

كما وقرأت في إيران في مدن طهران ومشهد والري وقم وأصفهان ونجف آباد وشيراز وخرمشهر وفي بعض الدول العربية مثل سوريا ومصر ولبنان، ولا أزال في هذا الحال وتردي صحتي أتشرف بخدمة أهل البيت(عليهم السلام) من هذا الطريق والحمد لله على التوفيق.

متى بدأت بنظم الشعر وبمن تأثرت من الشعراء؟
 كنت أقرض الشعر منذ طفولتي ولم أكن أتظاهر بذلك لأن اسمي لا يضاهي فطاحل الشعر في ذلك الوقت وكنت أنسب شعري إلى أستاذي الشاعر إبراهيم الخليل أبو شبع الذي كنت أعتبره قدوتي والمدرسة التي أستنير بها، وعلى أثر نزاع أدبي بين بعض الشعراء أنكروا عليّ نظم الشعر مما أثار أستاذي المرحوم أبو شبع الذي كان حاضراً فقال كلمته المشهودة بحده: (عباس الترجمان أشعر من عبود غفلة) وكانت هذه الكلمات مثار حفيظة الشعراء وجدلهم، اضطررت بعدها إلى أن أنسب شعري لنفسي ونظمت الشعر الفصيح إضافة إلى الشعر العامي وكذلك الشعر باللغة الفارسية.

متى أكملت دراستك الثانية والجامعية؟
 بعد ثورة 14 تموز (1958م) واصلت الدراسة الثانوية المسائية وبعد تخرجي منها ـ الفرع الأدبي ـ دخلت كلية الفقه في النجف الأشرف وحصلت على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية بدرجة جيد جداً وتقدمت بطلب للتسجيل في معهد الدراسات العليا في بغداد فلم يوافق على طلبي لأمور سياسية.
ثم استدعتني جمعية منتدى النشر للتدريس في مدارسها الثانوية.

متى تصديت في نشاطك إلى النظام البعثي البائد؟
 نتيجة لنشاطي وتصلبي في الدين والدفاع عن الإسلام القويم وإحياء أمر أهل البيت(عليهم السلام) وفضح مخازي البعثيين استدعيت مراراً إلى دوائر الأمن وأودعت السجن بتهمة التأليب على الحكومة نتيجة مواقفي الإصلاحية الإسلامية وأشعاري الاجتماعية السياسية التي كنت أندد فيها بالطغاة المستبدين والظالمين حتى عرفت بالشاعر الإسلامي كما كان لي شرف السبق في تأسيس موكب العزاء بمسيره إلى سامراء بمناسبة استشهاد الإمام علي الهادي عليه السلام تلقى فيه الخطب والقصائد ليلة الثالث من رجب ونهاره وكان لهذا الموكب الأثر البالغ في النفوس وذلك عام (1367هـ) واستمر الموكب حتى إخراجي من العراق عام (1391هـ).

نرجو من الدكتور الترجمان بيان نشاطاته في جمهورية إيران الإسلامية؟
 بعد قيامي بالنشاطات الإصلاحية والمنبرية وبعد تعرضي لمضايقات النظام البائد صدر قرار خاص من وزارة الداخلية بإخراجي من العراق وتم ذلك يوم 26 شوال (1391هـ)، وعند دخولي الأراضي الإيرانية أعتقلت في مخيم (نصر آباد) ومنه إلى مخيم (جيرقت) وبعد مرور ثلاثة أشهر خرجت من الاعتقال وسكنت مدينة الري لمدة ستة أشهر بعدها انتقلت إلى طهران.

وتقدمت بطلب إكمال دراسة الماجستير في كلية الإلهيات والمعارف الإسلامية وأكملت الدراسة عام (1977م) وحصلت على شهادة الماجستير، وبعدها سافرت إلى القاهرة للانضمام إلى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة للحصول على شهادة الدكتوراه وبعد عناء وافق مجلس الكلية ثم مجلس اللغة العربية على قبولي بعد أن تبنى الأستاذ علي النجدي ناصف الإشراف على رسالتي الموسومة (النحو والصرف والعروض) وهي دراسة وتحقيق كتاب (المقتصد) لعبد القاهر الجرجاني، وهو شرح التكملة لأبي علي الفارسي المخطوط، وحصلت على المخطوط من طهران واسطنبول ودمشق والقاهرة ومارست التحقيق والدراسة وأتممتها وما آن الأوان لأتقدم للمناقشة حتى أخرجتني السلطات المصرية إلى قبرص وبعدها سافرت إلى دمشق وبقيت خمسين يوماً لغرض مراجعة السفارة المصرية دون جدوى لأن العلاقات المصرية الإيرانية ساءت جداً، وعلى كل حال عدت إلى طهران بخفي حنين.

وقدمت شكايتي إلى وزارة الثقافة والتعليم العالي آنذاك، وبعد المعاناة طوال سنتين وافقت الوزارة بتصريح خاص وحولت إضبارتي إلى جامعة طهران لمناقشة الرسالة وحزت على شهادة الدكتوراه في النحو والصرف والعروض والحمد لله.
بعدها مارست التدريس في جامعات طهران ولحد الآن.

 

 ما هي أهم مؤلفات الدكتور الترجمان؟
 مؤلفاتي على ثلاثة أقسام:
أـ التأليف: باللغتين العربية والفارسية، نثراً.
ب ـ الترجمة: باللغتين العربية والفارسية، نثراً وشعراً.
ج ـ الشعر: باللغة العربية وهو على ضربين اللغة الفصحى واللهجة العراقية الدارجة ثم الشعر باللغة الفارسية.
وهي تربو على خمسين كتاباً وهذا من فضل ربي وله الحمد.

 نحن نرى الدكتور الترجمان متعدد المواهب بالفن والشعر والخط والرسم والتأليف والخطابة والإنشاد، فأين يجد نفسه من تلك المواهب؟
 إني أرى نفسي بفخر وشرف أقل خدام أهل البيت(عليهم السلام) وكل أمنياتي أن أجاور سيدي ومولاي أمير المؤمنين(عليه السلام)
في الدنيا والآخرة وما ذلك على الله بعزيز.
في الختام نقدم شكرنا وتقديرنا ودعاءنا إلى الدكتور الترجمان على هذا اللقاء المثمر.

نشرت في العدد 18

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.