القصيدة:
عين جودي على الغريب القتيلِ وأطيلي البكا على ابن الرسولِ
واستمدي دم الفؤاد إذا ما نفد الدمع للمصاب الجليل
لمصاب بكت له الجن والإنـ ـس بدمع قد سال كل مسيل
لمصاب أبكى السماوات حزناً بدم هاطل ودمع همول
لمصاب أبكى الرسول وأذكى حُرَق الحزن في فؤاد البتول
أمصاب الحسين نجل علي وسليل الزهراء خير سليل
لست أنسى مولاي إذ وقف المهر بأرض الطفوف دون الخيول
فابتدا قائلاً ألا ما اسم ذي الأر ض التي قد كرهت فيها نزولي
قيل ذي كربلا فقال لهم: حطـ ـوا رحالي قد حان وقت رحيلي
إن في هذه البقاع ابتلائي وامتحاني ومثلتي ومثولي
وبها يصبح العزيز من الأطـ ـهار في قبضة الحقير الذليل
وبها تسفك الدماء من الآ ل ببيض الظبى وزرق النصول
لهف نفسي غداة دارت رحى الـ بين على صحبه بخطب مهول
وبقى مفرداً ينادي: ألا هل ناصر مسعد لآل الرسول؟
حُرَّ قلبي له يصول على القو م وفي القلب منه حَرُّ الغليل
حُرّ قلبي له وقد خرّ للأر ض صريعاً يجود فوق الرّمول
ومضى المهر عارياً وهو ينعا ـه ويبكي بمدمع مطلول
فبرزن النساء منزعجات يتعثرن دهشة بالذيول
لهف قلبي على سكينة تدعو: عمّتا أين واحدي وكفيلي؟
عمّتا من ترين يحمي حريم الـ مصطفى بعد مصرع المقتول
عمّتا من ترين يرحم أيتاما يراهم فرط الضنى والنحول؟
أين جدي يرى الحسين قتيلاً والسبايا في ذلة وخمول؟
أين أمي الزهراء حتى ترى رأس ابنها فوق رأس رمح طويل؟
أين جدي الكرار حتى يرى السـ جاد في كربة وقيد ثقيل
يشتكي الأسر وهو ظام عليل حُرَّ قلبي على الأمير العليل
عمّتا قرّبوا المطيّ فقومي ودِّعيه من قبل وقت الرحيل
يا لها من مصيبة عمّت الخلق ورزء على الأنام جليل
أيُبرّى كريم سبط رسول اللــ ـه عند جسمه بسيف صقيل
ويعلّى على السنان كبدر طالع فوق ذابل محمول
ويزيد يبيت في طيب عيش تحت ظل من النعيم ظليل
وحسين يبيت ذا جسد ملقى على الترب بالدماء غسيل
هشمت صدره الخيول فلهفي لقتل العدا هشيم الخيول
وثناياه نكّتت بقضيب لنكات من وترهم وذحول
وهي كانت محل رشف رسو ل الله حباً وموضع التقبيل
وتصان النساء من آل حرب في قصور بساتر مسدول
وبنات النبي يُشهرن فوق الـ بدن ما بين أعبُدٍٍ وتغول
مزعجات تحدي بهن المطايا في حزون من الفلا وسهول
متعبات في السير شعثا عراهـ ـن دؤوب من رحلة ونزول
يا بني أحمد مصابكم أضـ نى فؤادي وهاج حر غليلي
نجلكم صادق بكم مستجير في غد من عذاب يوم مهول
صلوات الإله تترى عليكم في مساء وبكرةٍ وأصيل
الشاعر:
هو أبو النجاة السيد صادق الحسيني الأعرجي الحلي النجفي المعروف بالفحام بن علي بن الحسين بن هاشم بن شرف الدين بن نصر الله بن محسن الكبير بن ناصر بن منصور بن عماد الدين موسى بن علي بن محمد بن عمار بن المفضل بن محمد الصالح بن أبي عباس أحمد بن أبي الحسين محمد الأشتر بن عبيد الله الثالث بن أبي الحسن المحدّب بن عبيد الله الثاني بن علي الصالح بن عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن الإمام السجاد بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام).
ولد الشاعر في سنة 1124هـ في (قرية الحصين) الواقعة جنوب مدينة الحلة، واسمها القديم (حصن ساحة) وقد قال فيها شاعر:
ولي جسد في حصن ساحة موثق وقلــب بأكنــاف الغـــري رهيــــن
لكنه حباً في العلم، حلّ في مدينة النجف الأشرف لينهل من معينها، فدرس الفقه والأصول وعلم الكلام على أيدي أساتذة كبار منهم الشيخ خضر الجناجي والد الشيخ جعفر صاحب كتاب: (كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء) الذي اشتهرت به الأسرة فيما بعد على أن الشيخ جعفر نفسه هو أحد تلامذة السيد صادق الفحام.
وقد جد السيد في تحصيل العلوم والمعارف حتى بلغ درجة الاجتهاد، وبرز له تلامذة أعلام منهم الشيخ جعفر المذكور والشيخ محمد رضا النحوي الشاعر المعروف وغيرهم.
توفي السيد (رحمه الله) في النجف الأشرف سنة (1205هـ) وقد رثاه جمع من الشعراء وأرخ بعضهم وفاته وقد ترك جملة من الآثار في مجال الفقه واللغة وما يتصل بها.