Take a fresh look at your lifestyle.

داعية وليس نبياً…! قراءة نقدية لمذهب محمد عبد الوهاب في التكفير

0 1٬219

المؤلف: حسن بن فرحان المالكي

الناشر: دار الرازي/ الأردن

الطبعة: الأولى/2004م

عدد الصفحات: (198) صفحة

            تحتاج الساحة الإسلامية اليوم إلى استيعاب الصوت المعتدل في الحركة السلفية والذي تحرر من اثنين من أشد أغلال السلفيين (التعصب والانغلاق) ليفتح قلبه على الفكر والمنطق والإنصاف ويخضع عقله للدليل الشرعي بعيداً عن الهوى المضل والتعصب الأعمى.

           وفضيلة الشيخ (حسن بن فرحان المالكي) مؤلف كتاب (داعية وليس نبياً) هو أحد هؤلاء السلفيين الذين اتخذوا الحيادية والمنهج العلمي الصحيح في قراءة التاريخ الإسلامي واستقصاء الآراء الخلافية للمذاهب الإسلامية،

          ومن ثم التأسيس لنظرة فقهية وعقائدية معتدلة للمنهج السلفي تمتاز بحركية التجديد والنقد الذاتي من جهة والإنصاف للآخر من جهة أخرى، وما هذه النظرة المنفتحة إلا نتاج لانفتاح القلب وسعة الأفق العلمي الذي يتميز به الشيخ المالكي.

           وفي كتابه (داعية وليس نبياً) نجد أن الشيخ حسن بن فرحان (المحقق السني السعودي) يتناول مؤسس الفكر الوهابي (محمد بن عبد الوهاب) بالجرح والتعديل، فهو يقدم دراسة نقدية منصفة للمنهج الذي ابتدعه عبد الوهاب لتكفير المسلمين،

           وإذا علمنا أن التيار الوهابي المتشدد في السعودية يرى في مجرد الرد على محمد عبد الوهاب رداً على الإسلام، نستطيع أن ندرك حجم المعاناة التي تعرض لها المؤلف في مواجهة هذا التيار الأصولي المتشدد! فتارة وصف بأنه (زيدي)، وأخرى بأنه (رافضي)، وأحياناً يوصف بأنه (عدو الصحابة) لأنه يقدم مقاربة موضوعية جديدة لتقييم الصحابة تتجاوز التناقضات المقيتة في نظرية (عدالة الصحابة).

             ولكن شجاعة الرجل وشعوره بالمسؤولية الشرعية ـ كما يصرح هو ـ دعته إلى الاستمرار في عملية النقد الذاتي، فعرض لقراءة نقدية وافية لمنهج التكفير الوهابي من خلال استعراض ثلاثة كتب لمحمد عبد الوهاب تشكل دستوراً لدى الكثير من المدارس التكفيرية في العالم، وهذه الكتب هي: (كشف الشبهات)، (الدرر السنية)، (التوحيد).

             وبالرغم من أن المؤلف يرى أن لمحمد عبد الوهاب فضلاً (على كثير من المسلمين في العالم) ـ وهذا مما لا نتفق فيه معه بالتأكيد ـ فإنه في المقابل يرى أن تشدده في التكفير جلب على السعودية وعلى الكثير من المسلمين في العالم أضراراً بالغة، من خلال تأصيل مبدأ التكفير كعقيدة زرعها عبد الوهاب في نفوس مريديه ليؤسس تياراً فكرياً حمل على عاتقه تكفير السواد الأعظم من المسلمين واستحلال دمائهم وأموالهم،

          مما جعل الأمة تتخبط في دائرة العنف والعنف المضاد فكرياً، وقد غدا هذا الفكر أحد الأسباب الرئيسية للقطيعة الفكرية التي يعيشها علماء الأمة ومفكروها والصراع الحضاري والنفسي الذي وقف عائقاً أمام تقدم الأمة وازدهارها.

 

 المبحث الأول:

             قراءة في كشف الشبهات

             عرض المؤلف مناقشته لكتاب (كشف الشبهات) لمحمد بن عبد الوهاب على شكل (ملحوظات) بلغت (ثلاثة وثلاثين ملحوظة) تناول فيها سمات الفكر التكفيري لمؤسس المذهب الوهابي وأبرز التنظيرات العقدية المتضمنة في هذا الكتاب الذي وصفه المؤلف بأنه (على صغره يتميز بالوضوح، وتلقين الحجج والبراهين)،

            وقد اختاره المؤلف من بين بقية الكتب (لانتشاره الواسع بين كثير من طلبة العلم وأثره الواضح فيهم) وذكر المؤلف قبل أن يورد أخطاء محمد بن عبد الوهاب في هذا كتابه (كشف الشبهات) أن هذا الكتاب (طبع عدة مرات بتحقيق بعض من ينتسب للعلم ولم ينبهوا على خطأ واحد من هذه الأخطاء الآتية، وهذا منهم إما تواطؤ على الخطأ وإما عدم إدراك للخطأ نفسه، وكلا الأمرين أحلاهما مر)!!

            أقول: ذكر الأستاذ صالح الورداني في كتابه (مدافع الفقهاء) ص122 أن كتاب كشف الشبهات (فرضه آل سعود على أهل مكة حين سقطت في أيديهم وأجبروا الناس على قراءته وتدريسه بالحرم المكي)!!

           ويقول الأستاذ عمر عبد السلام في كتابه (مخالفة الوهابية للقرآن والسنة) ص80: (لقد خاطب سعود أهل مكة قائلًا: لقد أعددت نفسي هذا العام لقتال أهل العراق، ولكن عندما سمعت أن المسلمين (يعني الوهابيين المشركين) قاتلوا أهل الطائف وأرادوا أن يأتوا إليكم خفت من هجوم الأعراب البدو عليكم، احمدوا الله الذي هداكم للإسلام (يعني شرك الوهابيين) وأنقذكم من الشرك (يعني من التوحيد).

            وقد أرعب مفتي مكة رعبًا شديدًا قائلًا: هكذا يقول الأمير سعود!! على إثر ذلك أمر سعود العامة والخاصة بتعلم بدع محمد بن عبد الوهاب وعقائده التي طرحت في كتاب (كشف الشبهات) ولم يكن يملك هؤلاء غير السمع والطاعة)!!

           يوضح المؤلف في نقده لكتاب (كشف الشبهات) بشكل مفصل مبدأ محمد عبد الوهاب في التكفير الذي يعتمد على تقديم مقارنة غير موضوعية وغير منصفة بين المشركين في عهد الرسالات، وخاصة رسالة نبينا محمد(صلى الله عليه وآله) وبين المسلمين في عصرنا الراهن، وفي بعض الموارد نجد عبد الوهاب يفضل المشركين على المسلمين في هذا العصر!

          يحاول محمد عبد الوهاب الإيحاء ـ بل التصريح ـ أن مشكلة المشركين لم تكن بعدم إيمانهم بالله فهم قوم كانوا (يتعبدون ويحجون ويتصدقون ويذكرون الله)!! ولكن مشكلتهم أنهم كانوا (يغلون في الصالحين) ويجعلون منهم وسائل تقربهم إلى الله ولذلك جاء الرسل ـ بحسب رأيه ـ ليخرجوا الناس من الشرك في عبادة الصالحين إلى عبادة الله الخالصة والخالية من الغلو!

          وعلى هذا فالنتيجة التي يصل إليها عبد الوهاب أن المسلمين اليوم الذين يغلون في علمائهم وأئمتهم ويعظمون الصحابة والأولياء الصالحين ويتوسلون بالقبور ويستغيثون بالنبي وأهل بيته وصحابته هم (كفار مشركون) لا يختلفون عن كفار الجاهلية! بل هو يفضل الكفار على المسلمين ويقول (إنهم كانوا يدعون الله ليلاً ونهاراً) ويقول أيضاً (إن جهال الكفار أعلم من بعض المسلمين بمعنى لا إله إلا الله)!!

            يستمر الشيخ حسن المالكي بعرض كتابات محمد عبد الوهاب ويرد عليها بموضوعية جادة وبسخرية أحياناً، ويبين أن عبد الوهاب كان يكفّر كل علماء زمانه من السنة فضلاً عن الإمامية والزيدية والمذاهب الأخرى، وبالتالي تكفير المجتمعات الإسلامية باستثناء المجتمع الذي يتبنى أفكاره، وعلى هذا الأساس قسم العالم الإسلامي إلى (دار إسلام) و(دار شرك)!!

          ويرى المؤلف أن من السهام الخفية في تنظيرات عبد الوهاب أنه ذكر أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) إنما قاتل المشركين لأنهم (جعلوا بعض المخلوقات وسائط بينهم وبين الله)!!

          إذ يرى المالكي أن محمد بن عبد الوهاب بمثل هذه التنظيرات أقنع (جموعاً ممن لا علم لهم بخطورة التكفير ولا نظر لهم في العلوم، فاجتاحوا الجزيرة تكفيراً وتقتيلاً. .).

         أقول: إن من جهل الوهابية أنهم كفروا سواد المسلمين لاستغاثتهم بالصالحين وتوسلهم بالنبي وآله الطاهرين، مع أن إجماع الصحابة وعلماء السلف من كل الفرق على أن التوسل والاستغاثة ليس جائزاً فحسب، وإنما هو من القربات المستحبة التي يتقرب بها البعاد لله سبحانه وتعالى، ونذكر جانباً من تلك الروايات والأقوال:

     أولاً: ما رواه البزار في مسنده عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: (إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله أعينوني). وهذا الحديث حسنه الحافظ ابن حجر العسقلاني في أمالي الأذكار كما في شرح ابن علان على الأذكار (5/151)، وقال الحافظ الهيثمي عنه في مجمع الزوائد (10/32): (رجاله ثقات) وزاد مؤكدا ومقراً بقوله: (وقد جرب ذلك).

    ثانياً: قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في شرح صحيح البخاري (2/495): روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار ـ وكان خازن عمر ـ قال: (أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي (صلى الله عليه وآله) فقال؟ يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا. . . . ).

           يقول الأستاذ حسن السقاف في مقدمته لكتاب (إرغام المبتدع الغبي) للحافظ ابن صديق المغربي ص7: (إسناده صحيح وقد ضعف هذا الأثر الصحيح الألباني بحجج أوهى من بيت العنكبوت في توسله ص (119ـ121) وزعم أن مالك الدار مجهول. ونقل ترجمته من كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم فقط ليوهم قراءه أنه لم يرو عنه إلا رجل واحد وهو أبو صالح السمان. . .

            ويكفيني أن أقول في مالك الدار إن ابن سعد قال في الطبقات (5/12): مالك الدار مولى عمر بن الخطاب روى عن أبي بكر وعمر ثم قال وكان معروفا.

            وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة في ترجمته: له إدراك أي إنه معدود من الصحابة ويكفيه في ذلك توثيقا ثم ذكر أنه روى عنه أربعة رجال وهم أبو صالح السمان وابناه عون وعبد الله ابنا مالك وعبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي. ثم قال: قال علي بن المديني: كان مالك الدار خازنا لعمر. . .

            وقد نقل الحافظ الخليلي في كتابه الإرشاد الاتفاق عل توثيق مالك الدار فقال هناك: (متفق عليه أثنى عليه التابعون)).

   ثالثاً: حديث الدارمي في سننه (1/43) حيث قال: حدثنا أبو النعمان (من رجال الصحيح)، ثنا سعيد بن زيد (من رجال الصحيح)، ثنا عمرو بن مالك النكري (قال عنه الذهبي: ثقة)،

           حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله (من رجال الصحيح) قال: (قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة فقالت: أنظروا قبر النبي (صلى الله عليه وآله) فاجعلوا منه كوا إلى السماء حتى لا يبقى بينه وبين السماء سقف. قال: ففعلوا فمطرنا مطرا حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق).

    رابعاً: قال الإمام النووي أيضا في المجموع (8/274) مبيناً ما يستحب أن يقوله من يزور النبي(صلى الله عليه وآله) إذا وقف أمام القبر الشريف مخاطباً رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ما نصه:

            ثم يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه رسول الله(صلى الله عليه وآله) ويتوسل به في حق نفسه ويستشفع به إلى ربه سبحانه وتعالى ومن أحسن ما يقول ما حكاه الماوردي والقاضي أبو الطيب وسائر أصحابنا ـ يعني سائر الشافعية ـ عن العتبي مستحسنين له قال:

           (كنت جالساً عند قبر رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله يقول: (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً) وقد جئتك مستغفرًا من ذنبي مستشفعاً بك إلى ربي..).

    خامساً: نقل الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء نصوصاً عديدة في عن علماء السلف في الترغيب بالتوسل والاستشفاع، فمثلا: في سير أعلام النبلاء (9/343): قال إبراهيم الحربي ـ وهو من الثقات الأعلام عندهم ـ: (قبر معروف [الكرخي] الترياق المجرب) ويعلق الذهبي على كلامه بقوله:

          (يريد إجابة دعاء المضطر عنده لأن البقاع المباركة يستجاب عندها الدعاء)، وفي سير أعلام النبلاء أيضاً (10/107) في ترجمة السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي(عليهم السلام): (والدعاء مستجاب عند قبرها، بل وعند قبور الأنبياء والصالحين).

    سادساً: يقول العالم السني الكبير ابن حبان المتوفى سنة 354 في كتابه (الثقات) 8/457 في ترجمة الإمام الرضا(عليه السلام): (زرته مراراً كثيرة وما حلت بي شدة في وقت مقامي بطوس فزرت قبر علي بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله إزالتها عني إلا أستجيب لي وزالت عني تلك الشدة وهذا شيء جربته مراراً فوجدته كذلك أماتنا الله على محبة المصطفى وأهل بيته(صلى الله عليه وآله) وعليهم أجمعين).

    سابعاً: في كتاب (المنتظم في تاريخ الأمم والملوك) لابن الجوزي 2/201: أخبرنا [محمد] بن ناصر (ثقة حافظ ضابط) قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار (ثقة) قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد العتيقي (ثقة ت441) قال: سمعت أبا بكر محمد بن الحسن بن عبدان الصيرفي (فوق الثقة كما قال الخطيب البغدادي) يقول: سمعت جعفر الخلدي (شيخ الصوفية، ثقة صادق) يقول: (كان بي جرب عظيم فتمسحت بتراب قبر الحسين، فغفوت فانتبهت وليس عليّ منه شيء).

  المبحث الثاني:

 قراءة في كتاب (الدرر السنية)

            يقدم المؤلف (أربعين أنموذجاً) من كتاب (الدرر السنية) تعد من أهم الأدلة على (الغلو في التكفير) ويورد المؤلف في الهامش نقلاً عن مفتي المملكة السعودية الأسبق (عبد العزيز بن بارز) أنه أوصى بترك الكثير من تلك الفتاوى التي كانت غاية في التكفير!! ويعرض المالكي في نهاية المبحث (خمسة وعشرين تناقضاً) وقع فيها محمد بن عبد الوهاب!! ومن عجيب الفتاوى التي وردت في هذا الكتاب: (من شك في كفر الشيعة فهو كافر)!!! 10/369

 

  المبحث الثالث:

  المسيرة تتواصل

          ثم يعرج المؤلف على الموقف المتحيز لعلماء الوهابية المعاصرين الذين ساروا على منهج شيخهم في التكفير والانغلاق على الحضارة والمدنية فكفروا علماء السنة المعاصرين ـ فضلاً عن الشيعةـ كالشيخ يوسف القرضاوي والعالم الأزهري محمد الغزالي وشيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوي والعالم السني العراقي الدكتور أحمد الكبيسي وشيخ الأزهر الأسبق محمود شلتوت وغيرهم،

         كما حرموا الرياضة والرسوم والصور الفوتوغرافية والتعليم العصري وتعليم البنات ولباس الشرطة ولبس (البنطلون) والتحية العسكرية والتصفيق بالنسبة للرجال لأنه من (خصوصيات النساء)!!

         يقول المالكي في مقدمة المبحث الثالث: (جاء تلامذة الشيخ ومقلدوه ـ رحمهم الله وسامحهم ـ ليواصلوا التكفير فقالوا بتكفير قبائل قحطان والعجمان، وتكفير أهل حايل، وتكفير من خرج إلى البلدان خارج بلدان الدعوة إذا كان يرى إسلام أهل تلك البلدان!! وتكفير ابن العربي وابن الفارض، وتكفير أهل مكة والمدينة، وتكفير الدولة العثمانية، بل وتكفير من لا يكفرها! وتكفير الإباضية وأكثر الفرق الإسلامية…)!!

         ويلفت الكاتب النظر إلى نقطة بالغة الأهمية وهي أن الخط السلفي المعاصر المتشدد ورث (النصب لآل البيت) من السلفيين النواصب المتقدمين ـ كما يقول هو ـ كابن تيمية والفراء الحنبلي ومحب الدين الخطيب ولذلك نجدهم ـ أي السلفيين مستعدين لأن (يلمزوا في علي بن أبي طالب وأهل بيته باسم السنة! ويثنون على معاوية ويزيد وشيعتهم باسم السنة أيضاً! كما هو حال الكثير من الرسائل الجامعية في السعودية)!!

        وهي شهادة صريحة وواضحة من داعية سلفي وهابي سعودي يشهد فيها على حالة التردي والسقوط التي تعيشها المؤسسات الدينية والأكاديمية في السعودية، جراء الفكر الناصبي التكفيري الذي أسس له شيخهم عبد الوهاب.

          من الأمور التي يجتمع فيها المؤلف مع الشيعة قوله: إن الصحابة ليسوا سواء في فضلهم فمنهم الفاسق (كمعاوية والوليد بن عقبة) ومنهم المؤمن (كعمار وغيره)، وإيمانه بالظلم الذي أصاب أهل بيت رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين على يد الحكام الجائرين منذ الدولة الأموية إلى يومنا هذا، وذكره للعديد من المظالم والتصفيات الجسدية التي تعرّض لها كثير من علماء السنة بسبب دفاعهم عن أهل البيت(عليهم السلام).

          ويعترف المالكي أن شيخه عبد الوهاب: (ليس بذلك المحقق المدقق مع ضعف ظاهر بالحديث والتاريخ فلذلك أخذ يقمش كل التشددات في الحكم على الأمور بشرك أو بدعة، فيستشهد بمطلقات النصوص الصحيحة وصريحات النصوص الضعيفة وأكثر من بناء الأحكام التكفيرية الصريحة على حديث ضعيف أو أثر موضوع أو قياس فاسد مع صحة نية وقوة عبادة وهمة تدفع الجبال…)!!

         ولا ندري أية (نية) و(عبادة) و(همة) بعد كل هذه الأدلة على جهل هذا الشيخ وانحرافه عن إجماع الأمة وسقوطه في وحل السياسة والتنظير للحكام الجائرين.

 

          وفي الختام فإن الرجل (حسن بن فرحان المالكي)، وإن كان سلفياً له آراؤه الخاصة وتحليلاته لبعض المسائل الفقهية والعقائدية والتاريخية التي نختلف معه فيها، إلا أنه يمثل إحدى الشخصيات المعتدلة التي يفتقر إليها التيار السلفي الذي بات منتشراً في كل أصقاع العالم،

           وأعتقد أن الأمة بحاجة إلى هذا الخط المعتدل وسط موجة التكفير التي تكاد تأتي على الأخضر واليابس ووسط حالة الانطواء التي تعيشها المدارس الإسلامية ورفضها عملية المراجعة والنقد الذاتي وعدم الالتفات إلى واقع الأمة والتحديات التي تعيشها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.