Take a fresh look at your lifestyle.

السيد حسن محمود الأمين (1299ـ1268هـ/ 1882ـ1949م)

0 792

           هو العالم الديني والشاعر حسن بن محمود بن علي بن محمد الأمين بن أبي الحسن الحسيني الشقرائي العاملي, الشهير بالأمين. ولد سنة 1299هـ/1882م في قرية (عيترون) بجبل عامل , درس العلوم العربية في مدرسة شقراء مدة ست سنوات على أخيه السيد علي الأمين مؤسس المدرسة ومُنشئِها, هاجر إلى النجف الأشرف سنة 1316هـ/1898م لإكمال دراسته فيها, فانقطع إلى العلم والتحصيل والبحث والدرس.

 

  أساتذته ودراسته في النجف الأشرف:

             أقام المترجَم له عند وصوله إلى النجف أول الأمر عند ابن عمه السيد محسن الأمين الذي كان قد سبقه في الهجرة إلى النجف الأشرف فمكث عنده مدة ثلاث سنوات ودرس عليه في أثنائها الفقه والأصول, وبعد مغادرة السيد محسن الأمين النجف أكمل المترجَم له دراسة الفقه والأصول على الشيخ أحمد آل كاشف الغطاء والشيخ علي باقر آل الجواهر,

            أما أساتذته في مرحلة بحث الخارج فقد حضر الفقه على السيد كاظم اليزدي صاحب كتاب (العروة الوثقى), فيما حضر الأصول عند الشيخ ملا كاظم الخراساني صاحب كتاب (الكفاية), وكان من زملائه في الدرس والعشرة السيد شريف شرف الدين والشيخ عبد الكريم شرارة.

           وفي أثناء دراسته في النجف الأشرف كانت الدولة العثمانية التي خضع العراق لاحتلالها تجند من كان في سن العسكرية تجنيداً إجبارياً، حتى طلاب العلوم الدينية، ولم تعف إلا من اجتاز منهم امتحاناً خاصاً يعد لهذا الغرض, وقد عملت المؤسسة الدينية النجفية على تهيئة الطلاب تهيئة كاملة حتى إذا تمثلوا للممتحنين فاقت جامعتها على نظيراتها كماً وكيفاً, فرأى العلماء أن يؤلفوا مجلساً للامتحان ليخلقوا في نفوس الطلاب بواعث المثابرة والاجتهاد فوقع اختيارهم على أن يكون محمود الأمين هو السائل، وعلى هذا تم الأمر, فكان يجلس على الكرسي ويقف الطلاب بين يديه للاستجواب, فيسأل كلًا حسب صفه ومرتبته.

  عودته إلى جبل عامل:

             عاد السيد حسن محمود الأمين إلى مسقط رأسه في جبل عامل سنة 1330/1912م بعد أن أمضى في النجف قرابة الـ(14) سنة قضاها في طلب العلم وتحصيله، وقد أقام في بلدته (شقراء) سنوات عمل فيها على تدريس أبناء بلدته علوم الدين , فضلاً عن قيامه بواجب الوعظ والإرشاد وإصلاح ذات البين في المجتمع, ومع ذلك كله لم يكن له في البلدة بيت يسكنه حيث اتخذ غرفة في المدرسة منزلاً له ولأسرته, ثم انتقل الى بلدة (خربة سلم) بطلب من أهلها فأقام بينهم ما يقارب الـ(40)سنة كان فيها موضع ثقة الخاص والعام ومرجع العالم والجاهل.

           أوضح الشيخ أحمد عارف الزين (صاحب مجلة العرفان الصيداوية)أن السيد حسن محمود الأمين كانت له مواقف مشرفة في إصلاح الواقع الاجتماعي في جبل عامل حتى ذاع صيته وعرف بعلمه ورجاحة عقله الأمر الذي دعا وزير العدل اللبناني السيد أحمد الحسيني لأن يعرض عليه رئاسة القضاء الجعفري فكتب إليه معتذراً بقوله: (عرش لبنان لست أرضاه عرشاً).

            وأضاف الشيخ محمد جواد مغنية الذي تربطه بالمترجَم له علاقة حميمة متحدثاً عن حصافة رأيه ومكانته العلمية بما نصه: (كتبت مسألة فقهية حيث لم أجد لها ذكراً خاصاً في كتب الفقه, ولما عرضتها عليه ورآها محلاً لمجاري الأصول المتعارضة، ولم يرد فيها نص أو رواية , وضع بها رسالة خرجت آية من آيات علمه الجم , ويتيمة من درر فكره الغوّاص, وبعث بها إليّ وإني عليها لحريص حرصي على الحياة),

           ويدلنا هذا النص الذي يستشهد به قاضي بيروت الشرعي الشيخ مغنية على المكانة العلمية التي بلغها المترجم له, وللفائدة نوضح المسألة الفقهية التي عرضها الشيخ مغنية على السيد وكتب فيها الأخير رسالة كانت محل اعتزاز من الشيخ مغنية, وهذا نص المسألة:

            (ترافع إلى الحاكم امرأة وبنتها, قالت البنت توفي أبي منذ عشرين سنة تاركاً عقاراً وكنت حينذاك طفلة رضيعة, والآن طالبت وأمي بالعقار قالت مات أبوك عنك وعن طفلة ثانية مني توفيت بعده فورثت نصيبها, ولا علم لي بشيء لأنفي أو أثبت , فهل تطلب البينة من البنت على انحصار الإرث بها خاصة؟)

  شعره:

           يذكر الشيخ محمد جواد مغنية مميزات شعر السيد حسن محمود الأمين وهي: رقة الشعور, سلامةالطبع , سداد المنطق, وقد كان شاعراً معروفاً بشعره الرقيق إلى حد أن صنّفه أحمد عارف الزين على أنه (كان في الرعيل الأول) وقد نشر عدة قصائد له في مجلة العرفان اللبنانية, وكان آخر ما قاله من الشعر أبيات مدح فيها الشاعر بولس سلامة مقرظاً ملحمته الخالدة (يوم الغدير) منها:

      تشـابه الأمـر لا أدري أبولـس قــد               أهدى لنا الشعر أم أهدى لنا الدررا

      وهــل أراد عليـــاً فــي مــدائـحــه               ونـجلـه أم أراد الشـمـس والـقمــرا

 

               ومن مواقفه المشرفة في نصرة القضايا الإسلامية موقفه من القضية الفلسطينية فقد دعا لنصرة الشعب الفلسطيني, وكان عند اندلاع الثورة الفلسطينية عام 1936م أذاع بياناً دعا فيه إلى الجهاد والنفير العام, وحذر العرب والمسلمين من عاقبة الإهمال والتسويف، كما حث في اكثر من موقف الرؤساء العرب على توحيد صفوفهم لمجابهة الصهاينة مغتصبي المقدسات الإسلامية.

 

  آثاره:

             من آثار السيد حسن محمود الأمين منظومة في الاجتهاد والتقليد وثانية في الرضاع جمعت بين الوضوح والإحاطة والإيجاز مع الرقة والمتانة, ورسالة في الوضوء والطهارة, دحض الوهابية, ديوان شعره, وقد بقيت جميعها مخطوطة.

 

  وفاته:

            قضى الحسن الأمين بعد مرض أقعده ردحاً من الزمن وقد لفظ أنفاسه الأخيرة في المستشفى الألماني في بيروت ونقل جثمانه الطاهر يشيعه علماء لبنان وأعيانه ووزراؤه ونوابه وزعماؤه وسائر فئات الشعب اللبناني إلى مثواه الأخير في بلدة (خربة سلم) حيث صلى عليه السيد محسن الأمين ودفن,

             عاش السيد حسن محمود الأمين حياة الزاهدين (فما التمس في حياته كلها مغنماً يأباه الإباء ولا تقرب من زعيم طمعاً بماله وجاهه, ولا أحرق نفسه بنار الأحزاب, ولا نصبها بوقاً لأهل الأباطيل والأضاليل…

              وكثيراً ما كانت تبلغ به الحاجة مبلغ العسر والضيق, فيصبر ويتحمل غير مشعر بذلك أحدًا…).

————————————————————–

المصادر:
(1) محمد جواد مغنية , السيد حسن محمود الامين, (مجلة العرفان), المجلد 36, ج4, نسيان 1949, ص404-408.
(2) أحمد عارف الزين, خطب جلل, (مجلة العرفان), المصدر نفسه, ص401-403.
(3) محسن الأمين , أعيان الشيعة , المجلد الخامس, ص154-155.
(4) صابرينا ميرفان, حركة الإصلاح الشيعي, ترجمة: حازم الأمين, ط2, بيروت:2008, ص510.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.