في ختام زيارته للنجف الأشرف، جرى للدكتور كلاوس هاخماير نائب رئيس قسم إفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الاقتصاد والتكنولوجيا الألمانية، حفل وداعي، التقى خلاله بسماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد عبد الحسين القاضي، الأمين العام لمؤسسة الحكمة للثقافة الإسلامية.
تقدم الدكتور كلاوس بشكره للمؤسسة على الفرصة التي أتاحتها له ولزملائه في الوفد للاطلاع الميداني على واقع الشيعة، ودورهم في المجتمع والسياسة والدين، بعد أن كانت هذه المعرفة تقتصر على المعلومات النظرية فقط، وتصطدم بمعوقات تحول دون الاطلاع الكافي على ذلك الدور، ومنها الحصار الذي كان مفروضًا عليهم من النظام السابق، والذي دام أكثر من ثلاثين عامًا.
ولدى سؤال سماحة السيد القاضي له عن الأصول العلمية للشيعة في الدراسات الألمانية، أوضح د.كلاوس أنها متوفرة بكثرة، لكنها تركز على حقبة محددة من التاريخ، هي فترة القرون الوسطى، وتفتقر مع الأسف إلى معلومات عن تطور الشيعة اليوم، وكيفية بنائهم لنظامهم التربوي، وغيرها من الأسئلة المهمة.
ثم أجاب سماحة السيد القاضي عن جملة من التساؤلات التي أثارها د. كلاوس، وأوضح له أن المؤسسة الدينية الشيعية لا تسعى إلى التدخل بالسياسة إلا بالقدر الذي تساند فيه المجتمع لتحقيق العدالة والحفاظ على الاستقرار، وأن المرجعية الدينية في النجف الأشرف لا تطمح إلى إنشاء دولة لأنها في الوقت الذي لم تسمح الأدلة الشرعية بذلك حسب القناعة الاجتهادية، تعلم تعذّر ذلك نظرًا لترتب مظالم لا يمكن ردها، فالإسلام الحقيقي لم يتولَّ السلطة السياسية، من وجهة نظر المؤسسة الشيعية، منذ وفاة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، إلا مرة واحدة في عهد أمير المؤمنين عليه السلام، ولمدة لم تتجاوز الأربع سنوات ونصف السنة تقريبًا، ويصعب على أي أحد محاكاة هذا النموذج الذي عزُّ نظيره، إلا في حالة واحدة لم يأت زمانها بعد.
وعن مساهمة المؤسسة الدينية في التطور الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع، أوضح سماحته، أن المرجعية الدينية لا تنفق أموالها إلا لمصلحة الشعب المؤمن وبحسب الضوابط الشرعية، وأن المال بالنسبة لها وسيلة من وسائل نصرة المبادئ وتقويتها. ولقد ساهمت المرجعية أيام الحصار الذي تعرض له العراق سابقًا وفي هذه الأيام إلى تخصيص الرواتب لآلاف العوائل الفقيرة والأيتام، دون أن يواكب ذلك حملة إعلامية أو دعائية، لأن ذلك مخالف لأعرافها وأخلاقها.
وفي نهاية اللقاء، صرح الدكتور كلاوس بأن “هذا يعتبر جديدًا بالنسبة لنا وقد تعلمناه في زيارتنا هذه، فالشيعة مذهب ديني يتمحور حول قيم سامية ومثل عليا، ومبادئ إنسانية راقية، ومؤسساتكم الدينية فيها ثقافة، ورعاية للأيتام، وتأكدت في زيارتي هذه أيضًا أن للشيعة أهدافا إنسانية عظيمة، وهم مفكرون ومثقفون وطيبون”.
وكرر شكره باسم زملائه في الوفد لسماحة السيد عبد الحسين القاضي، وسماحة السيد صالح الحكيم، وجميع أعضاء مؤسسة الحكمة للثقافة الإسلامية واعدًا بدوام التواصل بعد عودته، مع الفعاليات الثقافية في النجف الأشرف لمتابعة ما حصل الاتفاق عليه أثناء الزيارة.