سنة 1334هـ – 1915م
نهضة النجف.
ما زالت هذه البلدة قائمة قاعدة منذ منتصف ذي الحجة سنة 1333هـ ,حين حضر المندوبون العثمانيون الاحتفالات العامة في المشهد الغروي, وتقدم العلماء وغيرهم بالخطابة – الى أوائل سنة 1334هـ حين شرع العلماء والطلاب بالتاه بالى الحركة,وانقاد لهم المتغلبون. فكان لهذه الأنباء أكبر وقع في أنحاء العراق حيث طيرتها البرقيات العامة ونشرتها الصحف السيارة.
العلم التاريخي.
في يوم السبت خامس محرم الحرام سنة 1334هـ – 1915م , أخرج العلم الذي عمله خازن المشهد الحيدري ليهدى الى محمد فاضل باشا الداغستاني, فحف به فريق من السدنة والعيان والمتصرف وطائفة من الضباط والدرك والمستخدمين, وانصل للتيمن, وطيف به في المشهد, ثم أخرجوه متوجهين به الى الكوفة حيث يقيم الباشا المؤمى اليه, فاستقبله الباشا والناس وتناوله باحترام وقبّله, ثم أعطاه للشيخ علوان آل حاج سعدون زعيم قبائل بني حسن الفراتية.
عباس الحاج طينة
وفي التاسع عشر من جمادي الأولى سنة 1334هـ توفي عباس الحاج طينة, من زعماء الجسر ورؤساء آلبو عامر وحلفاء بني حسن, وحمل الى النجف وشيعه المسلحون وتظاهروا وأطلقوا النار بجموع كثيرة في المشهد.
الطاعون الدملي
في أوائل جمادي الثانية ظهر في النجف هذا الوباء, وكان قد ظهر خفيف جدا في سواد الفرات من الحلة والكوفة وما إليها, وفي نيف وعشرين منه بان واشتهر في الجسر. وفي يوم الخميس الرابع والعشرين من جمادي الثاني مات فيه آخوند علي التاجر المعروف.
سقوط بَرَد هائل في النجف وضواحيها.
مرت ليلة الاثنين سابع جمادي الثانية من هذه السنة 1334هـ- 1915م ببرق ورعد ومطر, يسكن مرة ويشتد أخرى.
وفي عصر يوم الاثنين في الساعة العاشرة مطرت وتساقط برد قدر البندق واكبر وكثر في نظر الناس لأنهم قلما شهدوا مثله, وسكنت دون الغروب.
وفي غروب ليلة الثلاثاء ثامن جمادي الآخرة سنة 1334هـ اكفهر الجو وارتفع السحاب من ناحية الشرق أولا وهو برق مرعد بلا فاصلة وارتفعت بعد الغروب بقليل من جهة الشمال الغربي سحابة كدرة عظيمة اعبّر لها الأفق تحدوها ريح عاصف لها دوي شديد فهطلت مكرا كأفواه القِرَب وحصيت بردا متراكما متراكبا مثل الجوزة واكبر واصغر بشدة لم يعهد لها مثيل حتى وجم الناس لشدة وقعه على الأرض واستشعروا الخوف وكثر البكاء.وكانت الدنيا مظلمة غير أن البرق يضيء ما حولنا فيُرينا الأرض مغطاة بطبقة من من ناصع البرد الأبيض. ودام هطوله 50 دقيقة وهو زمان كبير على المطر في الربيع, فخرت السقوف وجرت الميازيب وسالت الطرق حتى صارت مخاضة واحدة.
فتنة كربلاء الثانية.
في يوم الخميس الثامن من رجب نشبت الحرب وأطلقت المدافع بين الدرك وأهالي البلدة – كما أنها نشبت في مثل هذا اليوم من العام الماضي في النجف – وقد ذهبت من النجفيين إمداد كثيرة الى كربلاء, جهزهم محمد علي كمونة زعيم الكربلائيين الذي حضر الى النجف في منتصف جمادي الثانية من هذه السنة بعد إيكاله تدبير الفتنة إلى أخيه فخري كمونة, وقد نشبت ثلاثة أيام متوالية.
وفي صباح الأحد الحادي عشر من رجب وردت مركبة من كربلاء الى النجف تحمل بعض جرحى النجفيين, وشاع على أثرها أن الثوار هم المتغلبون, وهاج النجفيون وتظاهروا وهجموا الى دار الحكومة وأهانوا المستخدمين وجردوا بعض ذوي الأوسمة من أوسمتهم, وكانت ألسنة العامة على من يسمونهم المشروطيين وسبوهم وتهددوهم الى غير ذلك حتى نودي من قبل المتغلبين بالكف عن ذلك.
الثوار في النجف وكربلاء
كان ورود أنور باشا إلى العراق على اثر حادثة كربلاء وانسحاب الجند والمستخدمين منها, فأبرق السيد كاظم اليزدي إليه من النجف في شأن أهل البلدين.وفي يوم السبت الرابع والعشرين من شهر رجب وردت برقية من أنور باشا يجيبه فيها بأن أله النجف وكربلاء خرجوا على الحكومة وإنهم عصاة, وانه قد أمر والي الولاية وقائد جيوشها بالرفق بالفقراء والعلماء حين المجازاة.
وباء في النجف.
في أواخر شهر رمضان عاد الوباء فظهر في النجف ولكنه خفيف, وقد مات فيه ليلة العيد عباس بن أبي حنك من أهل المشراق. وفي ثالث شوال مات فيه عبد الحسين الرماحي. وفي خامس شوال مات حسن شبارة. ومات كثير من النساء والأولاد وغير المعروفين. وقد فشا الوباء في الأبيض وفيما يسمونه الدهلة حتى أغلق بيوتا هناك على ما يقال.
المصدر: تاريخ النجف ج3 ( حرز الدين )