المآتم
كل فقيدة يمكن أن تعوض إلا النفس البشرية.
وحين يتوفى الله الأنفس يترك الحادث في نفوس الآخرين حزناً وأسى. وقد يفقد البعض صوابه ويخرج عن اتزانه فيصرخ ويلطم ويؤذي جسده وهو يعلم أن كل ما يفعله لا يجدي قط.
إن موت الإنسان يعني تركه للحياة الدنيا. وبذا يترك آثاراً سلبية ـ في الغالب ـ فيما كان يحيط به من عيال وأعمال، وتموت طاقات كامنة لو قدر لها أن تتفجر لانتفع بها ونفع، إنها إذن تستحق الحزن.
أما بخصوص مدينة النجف الأشرف، فإذا حدثت الوفاة في البيت النجفي([1]) يقوم أهل المتوفي أولاً بتبديل فراشه بأجود منه إن كان لا يناسب المقام ثم تبدل ملابسه بأفضل منها إن كانت غير لائقة ومن ثم يعلن عن حدوث الوفاة بصراخ النسوة فيهرع الجيران نساء ورجالاً. أما النساء فيصرخن حين وصولهن باب الدار المتوفى ويدخلن للمشاركة في العزاء. فإذا كانت هناك عائلة قد أصيبت بمكروه سابق فهي بذلك (حزينة). ولا يحق لها الخروج إلى الجيران لأي سبب عدا حادث الوفاة فيحق لها الوصول إلى بيت المتوفى والمشاركة في العزاء ما دامت الجنازة في البيت أو في المغتسل، وإلا فلا يحق لها الوصول ولا حضور مجلس الفاتحة.
أما الرجال فيجتمعون عند باب دار المتوفى ويفرش الزقاق أو المسجد المقارب بالحصران والمدات ليجتمع الجثمان في تابوت خشبي إلى المغتسل على الأكتاف حيث لا تستعمل السيارات في الماضي وحتى في الوقت الحاضر إلا إذا كان المغتسل بعيداً.
وتلخص عملية التغسيل بتنظيف جسد الميت بالماء والسدر ولا يستعمل الصابون. والماء اعتيادي في كل الفصول. وإذا كانت الجنازة لامرأة فتتولى بعض قريباتها تغسيلها وهذه عادة بعض العوائل النجفية.
وطيب جسد الميت بالكافور، وهو طيب يستعمل للأموات فقط.
وقد يضاف إلى ماء التغسيل ما ء مجلوب من بئر زمزم في مكة المكرمة لقداسته.
ويلف جسد المتوفى بالكفن وهو مؤلف من ثلاث قطع الأولى مئزر والثانية من المنكبين إلى ما تحت الركبتين والثالثة تلف البدن جميعه. وقد تضاف قطعة رابعة تلف الرأس وخامسة للف الحقوين وسادسة للنساء خاصة للف الثديين، ويربط الكفن بخيوط من نفس قماش الكفن وربما يلحق بالكفن (الحبرة) وهي قطعة قماش تجلب عادة من اليمن وتختلف عن الكفن في أنها أكثر منه سمكاً لتحفظ الكفن. يلف بها كل جسد الميت. وقد يكتب على الكفن بعض أو كل القرآن الكريم بما الزعفران.
ومن عادة النجفيين أنهم لا يجيزون لبائع الأكفان (تصفيط) أي تنظيم الكفن بل يجب أن يقدمه للمشتري ملفوفاً بغير اعتناء. وذلك لأنهم يعتقدون أن ترتيبه يؤدي إلى وفاة شخص آخر قريب من المتوفى. والمرجح أن السرعة في جلب الكفن إلى المغتسل هي السبب في عدم الحاجة إلى ترتيبه ثم دخلت هذه الوضعية مدخل العادات، ورتب لها تعليل خاص.
بعد ذلك يعاد الجثمان على أكتاف المشيعين ليمرر على باب دار المتوفى ليلقى عليه أهله النظرة الأخيرة. فيتلقاه الواقفون من النساء بالصراخ والعويل. فإذا كانت الوفاة في الليل ولا يسمح الوقت بالدفن، تودع الجنازة في أحد المساجد ويكلف شخص بقراءة القرآن بالقرب منها وقبل أن يشيع الجثمان يأتي أهل المتوفى ومعهم (الملّة) إلى المسجد ويلطمون عليه فترة من الزمن، ثم ينصرفون. أما إذا كانت الوفاة في النهار وأمكن تغسيل المتوفى ودفنه ففي صبيحة اليوم التالي يخرج أهل المتوفى بدون (ملّة)ومعهم شربة ماء ليسكب ماؤها فوق القبر ويلطمون عليه.
وكانت عادة أهل النجف عدم نقل موتاهم إلى كربلاء لزيارة مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) إلا أن ذلك استحدث لسببين:
أولهما: أن من يتوفى من النجفيين القاطنين في بغداد خاصة ويتم نقله إلى النجف يمرر بكربلاء فيغسل ويزور المرقد الحسيني الشريف فحفز الآخرين إلى ذلك.
وثانيهما: رغبة البعض في إخبار أكبر عدد من الناس لحضور تشييع جثمان فقيدهم، فيحتاج ذلك إلى وقت. وقد يكون الوقت غير كاف لتحقيق ذلك فيؤجل التشييع والدفن إلى وقت لاحق بحجة إرسال الجثمان إلى زيارة المرقد الحسيني. وأصبح اليوم إرسال جنازة الوجيه والمتمكن إلى كربلاء من الأمور الواجبة.
وبعد أن يستقر الجثمان في أحد جوامع البلدة يخبر الناس عن مكان وزمان التشييع، وجرت العادة أن (يشيع) أي ينادي المنادي من على (منارة) مئذنة الروضة الحيدرية معلناً عن وفاة العالم والعلوي والعلوية لا غير ـ في الغالب ـ ويذكر مكان وزمان انطلاق التشييع. فيتقاطر المشيعون وينطلق الموكب متجهاً إلى مرقد الإمام علي (عليه السلام).
يتولى حمل الجثمان الشباب الأقربون للمتوفى على أن لا يكونوا من ولده يساعدهم بعض المشيعين، إما لكسب الثواب أو وفاء لدين سابق. ومن الأمور الملاحظة بوضوح أن المعممين من المشيعين لا يشاركون بحمل الجنائز.
وتوضع الجنازة في الصحن الشريف ليصلى عليها. ويلاحظ أن مقام المصلي يختلف باختلاف مقام المتوفى أو أسرته وقد يصلي أكثر من واحد على الجثمان، ثم يحمل الجثمان إلى داخل الحرم الحيدري لأداء مراسيم الزيارة وتطويف الجنازة حول الضريح المقدس ثلاث مرات، بعدها يتجه التشييع إلى المقر الأخير.
إذا صادف مرور التشييع في سوق من أسواق البلدة وكان المتوفى عالماً فاضلاً تتقدم نعشه الأعلام، أغلق أصحاب الحوانيت أبواي حوانيتهم أثناء مرور التشييع احتراماً. ثم صاروا يغلقونها للزعيم المرموق أيضاً. وفي الآونة الأخيرة لم يبق لتلك الصورة جلالها فلربما أغلقت أبواب الحوانيت لرجل بضغط من ذويه وفي ظروف خاصة تمكنهم من ذلك.
ويحدد مركز المتوفى وأسرته بعدد المشيعين فإن كان التشييع ضخماً يضم أعداداً كبيرة وفيهم من الوجوه والسراة دل على رفعة مقام المتوفى أو أسرته. وقد تكون الكثرة ناشئة من وصول المتوفى وأقربائه إلى مناسبات الناسي والمشاركة في أفراحهم وأتراحهم.
ولا يفوتني هنا ذكر المنادي الذي يتقدم الجنازة رافعاً صوته بعبارات منغمة خاصة بالموقف. ومن تلك العبارات: (لا إله إلا الله. وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد. يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير).
وقد يكون أكثر من منادي تبعاً لمركز المتوفى وأسرته. ولا يجوز للمنادي أن يرفع صوته عند دخول الجنازة إلى الصحن الشريف بل يقف عند الباب قائلاً بصوت عال (الفاتحة). وينتظر عند الباب الذي يخرج منه الجثمان ـ إن كان الدفن خارج الصحن ـ ليكمل المسيرة إلى النقطة التي يتفرق عندها المشيعون. حيث يقف أقارب المتوفى صفاً لمنع المشيعين من الاستمرار في المسير، وشكرهم على ما تجشموا من عناء. فيرجع الغالبية ويذهب بعض الجيران والأصدقاء مع أقارب المتوفى إلى القبر.
أما تشييع العلماء فيختلف بمظهره عن مواكب التشييع الأخرى. إذ يترتب المشيعون كل حسب طبقته، ويرددون عبارات الحزن بصوت مسموع.ويحمل جثمان العالم في نعش كبير يقال له (تخت روان) مغلف بالسواد، وفوقه عمامة المتوفى. وتعلق عليه صورته ـ أحياناً ـ وتسير أمامه وخلفه مواكب اللطم. وتسمع أصوات المكبرين من بعيد وتتوافد الناس صغاراً وكباراً للمشاركة في التشييع. وغالباً ما يشيع جثمان المرجع الديني الأعلى على الأكتاف لمسافات بعيدة. ويشارك في كبار علماء البلدة ومجتهدوها. إن مواكب تشييع العلماء في النجف ميهبة جداً ومواكب تشييع الشبان محزنة جداً، حيث يحاط الجثمان بالخضرة والزهور والشموع تحملها أكف أقرانه وأترابه وتتقدم الموكب صورة الفقيد. وللتشييع آداب خاصة جمعها المرحوم السيد مهدي بحر العلوم في الأرجوزة التالية([2]).
قد أكد التشييع للجنــــــــــــــــــــــائز والأفضل المشي لغير العاجـــــز
ويستحب سبقها المشـــــــــــــــــيّع فإنها متبوعة لا تبــــــــــــــــــــع
والفضل في ذلك للتأخـــــــــــــــــــير ثم اصطحاب جنبي الــــــــــسرير
وليحمل السرير من أطرافــــــــــــــــه أربعة تقوم في أكنافـــــــــــــــــه
لا يأب من ذلك أهل الشـــــــــــــرف وليس أمر الله بالمستـــــنكـــــف
وسن للحامل أن يربعــــــــــــــــــــــا يستوعب الجهات منه الأربعـــــا
وأفضل التربيع أن يفتتحـــــــــــــــــــا من اليمين دائراً دور الرحــــــــــى
وليس حد للتشييع حد يعتمــــــــد وفي حديث سير ميليــــــــن ورد
وسن أن لا يرجع المـــــــــــــــشيع يصبر حتى الدفن ثم يرجـــــــــع
والإذن في الرجوع من قريـــــــــــبه لا يسقط المنع وإن حف بــــــــه
وتركه القعود حتى يلحـــــــــــــــــدا إن هيئ القبر وإلّا قعــــــــــــــــدا
والحمل في النعش مغشى بكسا يندب إما مطلقاً أو للنســـــــــــا
وليُنه عن طرح الثياب الفاخــــــــرة فإنه أول عدل الآخــــــــــــــــــــرة
كذاك أن تتبع بالمجامـــــــــــــــــــر والنار إلا في ظلام الـــــــــــــعاكر
وسن للحامل والرائي الدعــــــــــا وقلة الكلام ممن شـــــــــــــــيعا
والقصد ما بين الدبيب والجنـــــب في المشي أولى واحـــــــــــب
والامتياز بالمصاب باحتفـــــــــا أو أو نحوه عن غيره كي يـــــــعرفا
لا ينبغي لغيره طرح الـــــــــــــردا فالمنع عنه قد أتى مشـــــدّدا
كذاك قول ارفقوا واستغفــــــــــروا يغفر لكم فإنه محـــــــــــــــــقر
والضحك مكروه وليس عنــــــــدنا قيام من مرت عليه حســــنة
وما على النساء تشيـــــــيع ولو لامرأة إذ عمها ما قــــــــــد رووا
كذلك الحمل وللســـــــــــــــهولة قد رخص الحمل على الحمولة
والفرض فيه حمله ليقــــــــــــبرا كيف تأتي وبما تيســـــــــــــــرا
والقبر حفرة مستطيلة لا يتعدى طولها المتر وعرضها قرابة 60سنتمتراً وعمقها يختلف تبعاً للأرض، أو علاقة أهل المتوفى بالحفار، ومع ذلك لا يتعدى المترين ـ في الغالب ـ ويصنع له لحد، وهو شق جانبي طولي في قعر الحفرة توسد فيه الجثة ويزاح الكفن عن الوجه ويوضع خد الميت الأيمن على التراب ويغلق اللحد بالحجارة الكبيرة المبعثرة في الجبانة. أما السراديب ففيها أماكن مخصصة للدفن. ولها أبواب تفتح عند الحاجة.
عند استقرار الجثة في اللحد يبدأ أحد المختصين يتلقين الموتى، بترديد عبارات خاصة يقال لها تلقين. لا يختلف فيها الذكر عن الأنثى إلا في الضمير العائد المميز للجنس. والتلقين هو: (بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم أنزله منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين ربي اغفر له وارحمه وأنت أرحم الراحمين. لا إله إلا الله الملك الحق المبين لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله الذي لا يبقى إلا وجهه، ولا يدوم إلا ملكه، كل شيء هالك إلا هو، له الحكم وله الأمر وإليه ترجعون.
اسمع. اعلم. افهم يا عبد الله وابن عبده، بأن هذا اليوم هو أول يوم لك من أيام الآخرة. وآخر يوم لك من الدنيا. هل أنت على العهد الذي فارقتنا عليه، وهو من شهادة أن لا إله إلا الله. وحده لا شريك له. وأن محمداً عبده ورسوله.
إذا أتاك الملكان المقربان الرسولان النازلان المنزلان من عند الله عز وجل، وأجلساك، وسألاك عن ربك، وعن نبيك، وعن أئمتك، وعن حوضك، وعن قبلتك، فلا تخف ولا تحزن. فقل لهما بكلام فصيح وبلسان عربي مليح. الله جل جلاله ربي. ومحمد (صلى الله عليه وآله) نبيي. والقرآن الكريم كتابي. والحوض شرابي. والكعبة قبلتي، والإسلام ديني. وعلي أمير المؤمنين إمامي، والحسن إمامي، والحسين إمامي، وعلي بن الحسين إمامي، ومحمد الباقر إمامي، وجعفر الصادق إمامي، وموسى الكاظم إمامي، وعلي بن موسى الرضا إمامي، ومحمد الجواد إمامي، وعلي الهادي إمامي، والحسن العسكري إمامي، والخلف الهادي المهدي صاحب الزمان إمامي. عجل الله فرجه. وسهل الله مخرجه. هؤلاء أئمتك وساداتك وقادتك وشفعائك إلى الجنة. أئمة الهدى. بهم تتولى ومن أعدائهم تتبرأ في الدنيا والآخرة. ثبتك الله بقلب ثابت وهداك الله إلى صراط مستقيم وعرّف الله بينك وبين أحبائك في مستقر من رحمته. اللهم جاف الأرض عن جنبيه. وأسعد وصاعد بروحه إليك. ولقه من لدنك برهاناً. ولقه من لدنك عفواً ورضواناً بحق النبي المرسل. رحم الله من يقرأ الفاتحة).
وقد يدفن مع الجنازة قطعة من قماش أبيض كتب عليها بما الزعفران شهادة موقعة من أربيعن مسلماً، بأنه عبد صالح، حسن السيرة، وقد يدفن معه قطعتان من جريد النخل الأخضر كتب عليها ـ حفر بالسكين بعض أي القرآن الكريم. كسورة الإخلاص. والقدر. وآية الكرسي. وتوضع تحت إبطي الميت. الهدف من ذلك أولاً إحاطة الميت بآيات القرآن الكريم المقدسة. وثانياً اعتقادهم بان المتوفى يؤجل حسابه مادامت الجريدتان خضرواتان. إن هذه الأمور ضعف الاهتمام بها وهي أقرب إلى الزوال.
وبعد إنهاء عملية الدفن ينصرف المشيعون بعد قراءة سورة الفاتحة ويكلف شخص بأداء صلاة الوحشة. وقديماً كان البعض يوزع على القبر بعض الأكلات مثل خبز النارين. والتمر أو الحلوى أثناء الدفن. أما اليوم فقد انتقلت هذه العادة إلى يوم الأربعين. وكان التوزيع من قبل الرجال وأصبح من قبل النساء. ويسمى (فتشة حلگ) ويراد به فك إضراب أهل المتوفى عن الطعام. كما يراد به إهداء ثواب قراءة سورة الفاتحة إلى روح الميت، ولا تزال قلة من العوائل ملتزمة بالعادة القديمة.
إن شعوب العالم تختلف في كيفية مواراة موتاهم. أو التخلص من جثثهم تبعاً لاختلاف المعتقدات الدينية، العادات الموروثة (فالصينيون يحرقون موتاهم بالنار أوالكهرباء. ويجمعون رماد ميتهم ليضعونه في قنينة صغيرة يعلقونها على الجدار تحت صورة المتوفى. وهم قد صنعوا مراقد لحرق الجثث كما نصنع نحن مغاسل لتغسيلها. وبض الهنود يذرون رماد ميتهم في ماء نهر الكنج المقدس. أما (البانتو) في أفريقيا فقد جمع رأيهم على أن يأكلوا لحم الميت ليلة مأتمه. ثم يثنوا بحرق عظامه لينتفعوا بقواه الحيوية بإدماج لحمه في أبدانهم. وفي الوقت نفسه يكونوا قد محوه من الوجود بإحالته رماداً وضمنوا استحالة عودته إليهم لنغص عليهم حياتهم. أما (الشنتوريون والبوذيون) في اليابان وغيرها فإنهم يضعون الميت في حوض من زهر، ثم يلف في قماش أبيض، ثم يشيع إلى أن توضع الجثة على المحراب ويمر أمامه المشيعون فرداً فرداً، ثم توضع الجثة في التنور حتى تصير رماداً.
وبعض عبدة النار لهم منهج خاص في مواراة ميتهم إذ أنهم يتركون جثث موتاهم تأكلها العقبان في موضع خاص لاشك بعيد عن مكان سكناهم، أما اليهود والمسيحيون فهم يدفنون موتاهم في طيات الأرض كالمسلمين([3]).
وكذا الصائبون يحفرون في الأرض وتحفر عند موضع الرأس حفرة صغيرة ضيقة تسمى (لغم) يدخل فيها رأس الميت إلى صدره، ثم تصف الأحجار على كفنه من صدره إلى أخمص قدمية، وحينما ينتهي (الترميده) من قراءة النصوص الدينية الخاصة بالدفن، يلتقي حفنتين من التراب على جسد الميت، ثم تنهال الأتربة دون أن تشيد بنية فوقه[4]. بقي أن نقف على أماكن الدفن في النجف، فهي ذات اعتبار من الناحية الاجتماعية. فمن يدفن في رواق المرقد العلوي فهو ذو حظ عظيم وبعض الأعلام والمجتهدين والوجهاء يدفنون في حجرات خاصة في الصحن الشريف. ولبعض الأسر النجفية مدافن في سراديب الصحن. وقد يدفن في الصحن غير النجفي لقاء مبلغ من المال، وكان بعض الوجهاء وبعض أعلام البلدة وعلمائها يدفنون في دورهم. ولازال بعضهم حتى الآن يبني مقبرة في داره له ولأفراد عائلته: (وعلى بابها لوح من الحجر مكتوب عليه عنوانهم. وإلى جانبها شباك صغير هو علامة المقابر في دور النجف)([5]).
أما المقبرة العامة الشهيرة فهي مدفن عام لجميع المسلمين. وخاصة الشيعة منهم. وقد ذكر الدكتور جواد علي وصفاً لمقابر الموتى في العصر الجاهلي ينطبق انطباقاً تاماً على ما هو الحال عليه في النجف اليوم فقال: (ولا يدفن في المقابر إلا أفراد العائلة التي تمتلكها. أو من يؤذن بدفنه فيها. وبعد الإذن بدفن غريب في مقبرة خاصة من علامات التقدير والاحترام بالنسبة للمتوفى الغريب. وقد تحجز مناطق من مقبرة عامة لتكون مقبرة خاصة لا يسمح لأحد فيها إلا لمالكها. وقد تسور ويعمل لها باب. وقد يقام ضريح أو بناء ضخم مع أن المقبرة هي جزء من مقبرة عامة.ولا تزال هذه العادة متبعة. وقد تشترى الأرض ممن يتولى أمر المقبرة العامة. ويحافظ أهل المقابر الخاصة على مقابر أسرهم فيتعهدونها بالرعاية والعناية وبإدامتها على خير وجه)([6]).
ثم يأتي دور إقامة مجلس الفاتحة. فالعادة المتبعة قديماً إقامة الفاتحة في دار المتوفى أوفي دار عميد أسرت.ولم تكن الفواتح تقام بغير البيوت أما ما يقام منها في الصحن الشريف فهي للأعاجم المعوزين غالباً. وإذا كان المتوفى فقيراً يقام له ما يسمى بالترحيم. وكان يقام خلال ساعات العصر ولا يقدم فيه آنذاك غير ماء الورد.
وانتقلت الفواتح إلى المساجد والصحن عند عامة أهالي النجف في وقت متأخر. وذلك لتقليل التكاليف. إلا أن الغرض لم يتحقق.
والترحيم اليوم يقام بعد صلاة العشاء في الصحن. ويستفاد من فراش صلاة الجماعة حيث تمد البسط حول ساحة مربعة أو في إحدى غرف الصحن المفروشة ويستدعى أحد القراء لتلاوة الآيات القرآنية بصوت مرتفع، دون استعمال مكبرة الصوت مدة إقامة الترحيم وهي ثلاثة أيام وفي كل يوم منها قرابة الساعتين. وتقدم السجاير، وتوزع أجزاء من القرآن الكريم على الحاضرين لقراءة بعض الآيات وإهداء ثواب قراءتها إلى روح المتوفى.
ما مجالس الفاتحة فيختلف وقت إقامتها باختلاف مقام المتوفى وأسرته فمنها ما يكون نهاراً وليلاً. ومنها ما يكون بعد صلاة العشاء. وقد جرت العادة أن لا تقام الفاتحة في ليلة السبت، ولا تختم بها، لأنهم يعتقدون أن الوفيات سوف (تسبت) أي تلازم بيوتهم ويموت الكثير منهم ويعملون بذلك قاطبة دون شذوذ. فإن كانت الوفاة يوم الجمعة (ليلة السبت) ولا يمكن تأخير الفاتحة أقاموها قبل صلاة المغرب. وإن كان الختام يوم الجمعة ختموها قبل صلاة المغرب أيضاً. وهو وقت مخالف للوقت المألوف الذي هو بعد صلاة العشاء.
ولا تقام فاتحة للنساء ولا للصبيان في الماضي. وترد الإشارة إلى ذلك في مقدمة ديوان الشاعر محمد مهدي الجواهري: (وترد الإشارة إلى ذلك في مقدمة ديوان الشاعر محمد مهدي الجواهري: (… وفاة جدته أم والده (صيته) …. لقد أحدث موته في البلد ما لم يحدث فيه مثله لامرأة قبلها وبعدها. وقد أقيمت لها الفاتحة. وكان نادراً ماتقام الفاتحة لامرأة بل لم تقم لامرأة غيرها)([7]).
أما الآن فقد تغير الأمر وصارت الفواتح تقام للنساء والصبيان كالرجال. ومجالس الفاتحة في النجف تقام في الجوامع والمساجد الكبيرة وأغلب هذا الأماكن مجهزة بما تحتاجه الفاتحة من فراش ولوازم أخرى وتتصدر فناء الجامع منضدة مغطاة بالسواد توضع فوقها مجموعة كبيرة من (كورسات) السجاير المتنوعة عراقية وأجنبية. ويطاف على المعزين (بصواني) السجاير وأباريق القهوة العربية والماء. وتوزع على من يرغب القراءة أجزاء من القرآن الكريم.
ويستقبل المعزين كبار وجوه أسرة المتوفى، فيقف أصحاب المأتم في مدخل الجامع ويقف جمع من المستقبلين على شكل صفين متقابلين وهم بين قريب ونسيب وجار وصديق. وتوضع في خارج الجامع أو في داخله أرائك لجلوس (الأفندية).
بعد الفراغ من صلاة العشاء يبدأ قارئ القرآن بترديد عبارات الافتتاح فيقول (بواسطة الجهاز المكبر للصوت): إلى روح المرحوم المبرور من اجتمعنا لأجله (أو لأجلها) رحم الله من يقرأ الفاتحة. ثم يبدأ بترتيل آيات القرآن المجيد حسب طريقته الخاصة.
يمر المعزي بين صفين طويلين ـ غالباً ـ من الواقفين.يحييهم ويتجه للجلوس، إما على الأرائك، أو في داخل الجامع على السجاد الإيراني. فيقوم بعض الحاضرين احتراماً وبعد الجلوس يقول: رحم الله من يقرأ الفاتحة. أو الفاتحة، وبعد انتهاء القراءة يضج الحاضرون بتحيته بقولهم مساكم الله بالخير أو الله بالخير ـ اختصاراً ـ.
وجدير بالذكر أن إطالة المكوث في المجلس يعد تفضلاً ومشاركة لأصحاب المأتم، وإذا حضر العالم الكبير والمجتهد أو إمام الجماعة فإن قارئ القرآن يقول: رحم الله من يقرأ الفاتحة، نيابة عنه وتعظيماً لشأنه. وبعد مرور الوقت المناسب، يختم المجلس بقراءة الخطيب. ويتحول مجلس الفاتحة إلى مأتم حسيني. وفي الليلة الثالثة وبعد قراءة الخطيب يقرأ قارئ القرآن بعض عبارات الدعاء والاستغفار لتكون الخاتمة لمجلس الفاتحة.
أما (فاتحة) العلماء فإنها تمتد إلى يوم الأربعين ـ غالباً ـ وفي أوقات مختلفة ليلاً ونهاراً ويأتي بعض المعزين على هيئة مواكب يحملون اللافتات والأعلام ويرددون بعض عبارات الحزن والأسى. وقد تقال في مجلس الفاتحة قصائد الرثاء.
وفي يوم الأربعين يقام حفل تأبيني عامر بالمراثي من الشعر والنثر. وقديماً كانت أطراف النجف (المحلات) تشكل مواكب عزاء تحمل فيها الأعلام الخاصة بذلك الطرف. ويتقدم الموكب المؤلف من الرجال المسلحين بالأسلحة النارية شيخ الطرف. ويردد الموكب الهوسات وعبارات التعزية. ويطلق الرصاص في الهواء. وقد وصف الشيخ محمد رضا الشبيبي أهل النجف في تلك الفترة (1915م ـ 1334هـ) فقال: (إنهم اعتادوا على التظاهر في المآتم والأعراس والاجتماعات على طرقة العشائر، حيث يخرجون مسلحين معطعطين وهم يطلقون النيران)([8]).
يتولى ذوو المتوفى إطعام القائمين مجلس الفاتحة (الوگافة) لمدة ثلاث ليال. أو في الليلة الأخيرة، تبعاً لظروفهم المادية، ويقدمون الضيافة الكاملة لم جاء معزياً من خارج النجف.
أليس الأفضل صنع الطعام لأهل الميت وليس العكس؟ (لأن من البر التقرب إلى الأهل والجيران ولأنهم في شغل شاغل عن العناية بأنفسهم وإعداد الطعام، قال صلى الله عليه وآله: (اصنعوا لآل جعفر طعاماً فإنه أتاهم مر يشغلهم)([9]).
ولا يقتصر الصرف على الأيام الثلاثة الأولى، بل هناك أوجه ومناسبات للصرف منها ما يصرف على مجالس النساء الأسبوعية إلى يوم الأربعين، وعشاء الملة كل ليلة جمعة إلى الأربعين. ويوم الأربعين تقام وليمة يدعى لها كثير من المعارف، ويقدم فيها بعضهم أربعين نوعاً من الطعام. والبعض الآخر يقد عشاءاً اعتيادياً. ويدفع للملة مبلغ كبير من المال يجمع من أهل الميت وأقربائه. ويقع القسط الأكبر على عائلة الميت. واستحدث بعضهم إقامة مجلس فاتحة في يوم الأربعين للأعلام من العلماء وغيرهم. وإذا مرّ عام على الوفاة (دورة السنة) يقيم أهل المتوفى وليمة يدعون لها. كما يقد للملة مبلغ من المال مع عشاء جيد.
أما مجالس الفاتحة عند النساء فتقام لمدة ثلاثة أيام في دار المتوفى أو في دار أحد أقربائه الصالحة لذلك. فإذا كان المتوفى شاباً، تبدأ الملة فور دخولها الدار بإدارة عملية اللطم وقوفاً. ويكون اللطم شديداً بحرقة تتناسب ومقام الفقيد. وإن أم الفقيد وأخته وزوجته وأقرب الناس إليه يلطمون عراة لا شيء على أجسادهن غير اللباس الساتر. هذا في يوم الوفاة فقط أما في الأيام الأخرى (فتتهدل) النساء أي يكشفن عن صدروهن وتبدأ الملة بالنعي وهي جالسة. ثم (تشد) أي تجلس النساء على الركب وهن يلطمن، بعد ذلك تعيد النعي. وأخيراً تقف وتلطم ومعها اللاطمات وقوفاً. وتتوجه الملة إلى كل من سبق وفقدت أحد أقربائها وتذكرها بما يناسب فقيدها. وقد تُنَبّه الملة إلى ذلك ويذكر لها اسم المتوفى وعمله فتذكره بما يليق، وهي تقصد من وراء ذلك الحصول على المال.
أما إذا كان المتوفى طاعناً في السن فلا تجري له هذه المراسيم، بل تعمل له (ربعة). أي توزع أجزاء القرآن الكريم على الجالسات لقراءة بعض السور وإهداء ثواب قراءتها إلى روح المتوفى. وتشعل شموع وبخور على منضدة في وشط الغرفة ويرش ماء الورد على الجالسين. إلا أن بعض العوائل لا تلتزم بمثل ذلك بل تأتي ملّة لتقرأ حديثاً وروايات في حق سيدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام).
أما المعزيات فيأتين إلى مجلس الفاتحة ليشاركن نساء المتوفى بالحزن على أساس أداء واجب. وإذا كان الميت قريباً من الزائرة المعزية فإنها تصرخ عند باب الدار لكي يستقبله من في الدار بالصياح والعويل. ولا تعمل مثل ذلك الغريبة وإذا تخلفت بعض النسوة عن حضور الفاتحة خلال أيامها المحدودة فإنها لا تأتي دون أن تصطحب معها ملّة لإقامة العزاء. بعد انتهاء أيام الفاتحة الثلاثة تبدأ (العادة الأسبوعية) اليتي يتعين يومها بيوم الوفاة من أيام الأسبوع. وبه يعاد اللطم والبكاء إلى يوم الأربعين. وقد جرت العادة أن ينزّل عدد أولاد المتوفى الذكور من عدد أيام الأربعين، فإن كان للمتوفى ثلاثة أولاد مثلاً كان أربعينه بمرور 37 يوماً على وفاته. ولا يلتزم الجميع في هذه العادة.
وفي يوم الأربيعن يقام مجلس الفاتحة النسائي على قبر الميت. وهناك توزع الفواكه والحلوى و(الكليجة) على المشاركات في العزاء كما يقام عزاء آخر في الذكرى السنوية الأولى بهذه العادة.
ولا يفوتني ذكر (حلاوة الميت) حيث يصنع أهل المتوفى في الأيام الثلاثة الأولى من الوفاة حلاوة تصنع من التمر المعجون بالدهن والطحين والكزبرة وتوزع على المصلين في صلاة الجماعة، وعلى آخرين. ومن النوادر التي تروى عن المسنين قول أحدهم للأخر: إن شاء الله آكل حلاوتك.
كان النجفيون فيما مضى يشاركون أهل المتوفى في الحزن عليه، وبذلك بارتداء الملابس السود، فالصديق يصبغ (اليشماغ ) باللون الأسود أو بالنيل، أو يلبس بدلة سوداء. أما أقرباء الميت فيظهرون بالملابس السود من القرن إلى القدم. ولا يحلق الحزين ذقنه إلا بعد انتهاء الأربعين. فبعد يوم الأربعين يقوم أهل المتوفى بإعداد الطعام ويكون عادة غداء، ويدعون جميع من ساهم معهم بالحزن، ويجلبون عدداً من الحلاقين لحلق الذقون والرؤوس. ثم ينزعون (يشاميغهم) السود ويبدلونها بأخرى جديدة بيض. وبعد تناول الطعام يكرر المدعوون قراءة سورة الفاتحة وينصرفون. أما الآن اضمحلت هذا العادة حيث يندر أن يلبس الكبار الملابس السود. ويكتفي بعضهم بلبس رباط الرقبة الأسود أو ترك الذقن بدون حلاقة فترة من الزمن.
أما حزن النساء فلا يزال باقياً وقد يدوم الحزن سنة كاملة. وتطول فترة الحزن عند الأرامل غالباً.
وهناك عادة أخرى يلتزم بها بعض أهالي البلدة وهي الجلوس عند قبر المتوفى مدة أربعين يوماً بعد صلاة العشاء، ولمدة ساعة أو أكثير.الغرض من ذلك فسح المجال أمام من فاته المشاركة في مراسيم التعزية، فيمكنه الحضور لأداء الواجب، وذلك عندما يكون القبر في الصحن، أو في مقبرة خاصة، أو في داره.
إن الحزن من الدوافع المسيطرة على الطبيعة الإنسانية فليس باستطاعة المفجوع بأحد أفراد أسرته أو اصدقائه أن ينتزع عن نفسه إمارات الحزن بسهولة ولأجل أن تخف عليه وطأة الحادث يستحسن بل يجب مواساته ومشاركته بالعزاء ولكن لا يعني ذلك زيادة إرهاقه جسدياً ومادياً.
إن المراسيم والعادات التي نلاحظها في عهدنا أغلبها جاهلية بل هي أقدم من ذلك. فقد ورد أن (مدة العزاء عند الجاهليين حول أي سنة لا يترك أهل الميت فيها ذكرى فقيدهم فيندبونه في أوقات معينة ويبكون عليه عند قدوم قادم إليهم. وينحرون لذكراه ويكرمون من يأتي إليهم لتعزيتهم، وقد كانت مدة العزاء حولاً عند العبرانيين أيضاً وعند غيرهم من الساميين، والشعوب الأخرى. أما مدة المناحة فهي في العادة سبعة أيام)([10]).
أما لبس السواد على الميت فهو من العادات الجاهلية أيضاً حيث يلبس (أهل الميت وأقرباؤه ملابس الحزن مدة العزاء أو حولاً كاملاً. واللونان الأبيض والأسود هما اللونان اللذان تتخذ منهما الملابس في الحزن فقد لبسوا الملابس البيض ولبسوا الملابس السود. وما زال اللونان شعاري الحزن حتى الآن، فاللون الأبيض هو شعار الحزن في الحجاز والشام، أما الأسود فهو شعار الحزن في العراق)([11]).
ولأجل أن تكون أكثر تفهماً لواقع الحياة ومسيرتها لابد من الحد من سيطرة بعض التركات والاهتمام بالأنفع. فالواجب يفرض علينا تكريم الأفراد بما يليق ومقاماتهم. والإنسان كما يكرم حياً يجب أن يكرم عند وفاته. إلا أن الأمور ينبغي أن تسير إلى الأفضل، وأن تراعي المصلحة العامة والخاصة معاً عند مجاراة الأعراف والقيم الموروثة.
[1] قد تسبق الوفاة ساعات نزاع وعلاج فيجتمع الأقارب ويدعى من يستطيع قراءة دعاء يسمى دعاء العديلة عند رأس المحتضر فإذا قارب المحتضر النهاية قطر في فمه بضع قطرات من الماء وإذا لفظ أنفاسه يغلق فمه وعيناه وتعدل أطرافه وللوقوف على هذا الدعاء الطويل راجع مفاتيح الجنان المعرب للشيخ عباس القمي تعريب السيد محمد رضا النوري، ص84.
[2] الدرة النجفية، ص65ـ 66.
[3] محسن مظفر/ وادي السلام في النجف، ص12ـ 13.
[4] عبد الرزاق الحسني/ الصابئون في حاضرهم وماضيهم، ص134ـ 135.
[5] الشيخ محمد حرز الدين/ معارف الرجال 12: 21.
[6] الدكتور جواد علي/ المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، 5: 171.
[7] علي جواد طاهر/ مقدمة ديون الجواهر 1: 33 مط الأديب بغداد 1973.
[8] الدكتور علي الوردي/ لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، 4: 191.
[9] وزارة الأوقاف بمصر/ تقاليد يجب أن تزول رقم 2، ص31.
[10] الدكتور جواد علي/ المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، 5: 171، 172.
[11] الدكتور جواد علي/ المصدر السابق، 5: 172.
المصدر: النجف الأشرف عاداتها وتقاليدها- طالب علي الشرقي.