الجمعة , 19 أبريل 2024

البيت النجفي:

 

البيت النجفي:منزل السيد الخميني (1)

النجف مدينة قديمة مر على قيامها أكثر من ألف عام. وعبر هذه الفترة الطويلة مرّ البيت النجفي بأطوار مختلفة من فن العمارة. إلا أن السمات الغالبة عليه البساطة وندرة التزويق والتجميل. وكل ما يلاحظ فيه بعد الباب الرئيس ــ إن لم يسبقه أو يليه مجاز (دولان أو دربونة) ضيق طويل أو قصير ــ ساحة مكشوفة صغيرة المساحة في الغالب مبلطة بالطابوق (الفرشي) تطل عليها عدة غرف. وغرفة (البراني) معزولة عن (الدخلاني) والسقوف إما أن تكون على شكل القباب القديمة (طاق معقود من الجص والآجر) أو مسقفة بجذوع النخل أو جذوع الأشجار الأخرى. وفوقها كميات من (السبوس) وهو قشور الرز. أو الرماد والأتربة وقاية من مياه الأمطار والحرارة والبرودة.

والمطبخ صغير وقد تستغل زاوية من البيت أو فضله جانبية ضيقة لتكون مطبخاً وهو مفروش بالرماد ومصبوغ بالدخان. والتنور في أحد أركان البيت. ولا يخلو البيت من حب فخاري لماء الشرب الذي يجلبه السقاء من ماء النهر بالقِرَبْ الجلدية على ظهور الحيوانات. وإناء الشرب من الحب فخاري أيضاً يسمى من حبانة وتحت الحب إناء فخاري آخر تتجمع فيه قطرات الماء النافذة من مسامات الحب يسمى ناقوط، وكل هذه الأواني تصنع محلياً ولها محلات خاصة في الأسواق لبيعها.

والمرحاض تحت السلم غالباً. وفي البيت سرداب يختلف نوعه تبعاً لحجم الدار وسعة حال صاحبه وأغلب السراديب تطل على فوهة بئر للتهوية والتبريد حيث توضع شراب الماء الفخارية على نافذة صغيرة مفتوحة على البئر ويوضع (الرقي) قرب الشراب وقد تدلّى برّاده بحبل مربوط بشباك البئر العلوي يوضع فوقها بعض الأطعمة والفواكه وما شابه ذلك. وقد توضع البرّادة في الطارمة المسقّفة. والبرّادة مربع خشبي تقاطعت فيه أخشاب رفيعة فوقها الأشياء وتربط من أركانها الأربعة بحبال تجتمع في عقدة يتصل بها حبل أو سلسلة تعلق في السقف.وقد يفتح للسرداب محال تهوية في الجدار يمتد إلى سطح الدار يسمى (بادكير) والسراديب أنواع أصغرها يسمى (رهرو) وهو ليس سرداب بالمعنى الاصطلاحي وإنما هو ممر لفوهة البئر فإن كان وحده فهو بديل للسرداب ويستقل ــ على صغره ــ كما يستغل السرداب. ثم السرداب الاعتيادي ويليه (نيم سن) أي نصف سن واللفظة فارسية ثم سرداب السن وهو الأعمق ويكون بارداً جداً. ويراد بالسن الطبقة الصلبة من الصخور الرملية.

والبئر في أغلب البيوت، وقد نصبت فوق فوهتها بكرة خشبية يمر فوقها حبل طويل ينتهي بدلو، يغترفون له من ماء البئر المالح وقد يجمع الماء في حوض داخل صحن الدار
ــ في أغلب البيوت ــ وكثيراً ما ينتن ماؤه ويتغير لونه ــ وفي وسط الدار أو في أحد جوانبه فتحة البالوعة يجري إليها ماء المطر والمياه القذرة.

وفي جدران الغرف انتشرت الروازين وأحواض لحفظ الحبوب و(كنجينة) بدل (الكنتور) وفي جدران غرفة البراني رفوف صفت عليها الكتب. وفي وسط الغرفة دوة من طين أو منقلة من حديد فيها أباريق القهوة (الدلال) يتوسط القمقم حول نار صنعت من الفحم أو الأحطاب وتمتاز غرفة البراني بالسعة وكثرة الأبواب فقد تكون لها ثلاث أبواب أو أكثر على أن يكون العدد وتراً، والجلوس فيها على أرض مفروشة بالحصران في الصيف وبالسجاد في الشتاء وفيها مساند (مخدات يتكئ عليها الجلاس).

وينوّر البيت بــ (النفطية) وهي علبة من التنك مثقوبة من الأعلى لتمتد فتيلة إلى النفط الأبيض الموضوع في داخلها، أو ينوّر بفانوس، أما الفانوس المسمى (فانوس هندي) وهو كبير الحجم كثير الضياء جميل المنظر فهو عند المتمكنين منهم. وإلى جانب ذلك الصنف من البيوت توجد أكثر سعة ومرافق وقد تكون من طابقين. ففي مثل هذه البيوت توجد غرف زودت بنوافذ خشبية مزججة بالزجاج الملون أو غير الملون وبأشكال هندسية جميلة. تفتح هذه النوافذ إلى الأعلى ــ بموازاة الجدار ــ وأمام الغرف طارمة مكشوفة أو مسقوفة ومستندة على أعمدة خشبية يقال لها (دلكات) وغالباً ما تكون جميلة الصنعة تعلوها زخرفة خشبية جميلة يقال لها تاج.

وسقوف الدار ــ أحياناً ــ مغلفة بالخشب المنقوش أو المصفوف بأشكال بديعة ويقال له (تخت بند).

والطابق الثاني يقال له (أورسي) إذا كانت واجهته المطلة على صحن الدار جميعها نوافذ خشبية مزججة وقد تطل على الشارع على هيئة شناشيل.

أما البيت الحديث فهو لا يختلف عن أحدث البيوت في العراق من  حيث مواد البناء والهندسة والمرافق الأساسية فيه.

فيه شق يمكن أن تسميه (براني) وآخر (دخلاني) والأول ما يسمى (الهول) وغرفة الاستقبال وغرفة الطعام ومرافق صحية (الحمام والمرحاض والمغسلة) والشق الآخر يحتوي غرف النوم والمطبخ والمخزن والمرافق الصحية.

وبلاط الدار (الكاشي) بأنواعه المختلفة وجدران المطبخ والمرافق كسيت بالفرفوري  وطليت باقي الجدران بالأصباغ الزاهية من الداخل والخارج.

ويظهر في الدار كثرة النوافذ والأبواب وسعة المساحة إضافة إلى إحاطة الدار بحديقة واسعة فيها (كراج) السيارة الخاصة. كما أن أثاث المنزل قد تغير بشكل لا يمت إلى الماضي بصلة فقد دخلته أحد أنواع (الموبيليات) والسجاد والمعلقات والطباخات والأواني ومكيفات الهواء والثلاجات والآلات الأخرى كالتلفون والراديو والتلفزيون والمسجل والكرام و…. كما خصصت غرفة خاصة ــ في بعض البيوت ــ للمكتبة صفّت فيها أثمن الكتب في خزانات بديعة من خشب الساج.

وطبيعي أن ذلك لا ينطبق على جميع بيوت البلدة إنما يخص بيوت الأحياء الحديثة وليست كلها أيضاً.

وخلاصة القول أن البيت النجفي الحديث حديث بالمعنى المألوف.

المصدر: النجف الأشرف عاداتها وتقاليدها- طالب علي الشرقي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.