السبت , 20 أبريل 2024
الرئيسية » حرم أمير المؤمنين » السيرة العطرة » اخباره في غزواته في عهد النبي صلى الله عليه و آله و سلم

اخباره في غزواته في عهد النبي صلى الله عليه و آله و سلم

(في السنة الثانية من الهجرة)

قال كل من كتب في التاريخ و الآثار و السير انه لم يتخلف عن النبي«ص» في موطن قط الا في غزاة تبوك لانه علم انه ليس فيها حرب فخلفه على المدينة فعلم من ذلك وجوده في جميع الغزوات و ان كانت غير مهمة، كما ان اكثرهم قال انه كان صاحب الراية في جميع الغزوات و هو الذي يقتضيه الاعتبار، فكيف تساعد عليا نفسه ان يتخلف عنه في شدة و لو قلت و كيف تساعد الرسول نفسه ان يدفع الراية لغير علي و هو اشجع من معه الا ان يدفعها نادرا الى حمزة اسد الله و اسد رسوله.

ثم ان اخباره في الغزوات المهمة قد تقدمت في الجزء الثاني مفصلة و نذكر هنا منها ما له تعلق به عليه السلام سواء أكنا ذكرناه فيما سبق ام لا و ان لزم شي‏ء من التكرار لتكون اخباره متتالية متتابعة بحسب السنين و ان كان بعضهاـ مما ليس مهماـ متقدما في التاريخ عما قدمناه من تزوجه بالزهراء عليهما السلام كالغزوات التي قبل بدر،لاننا اردنا ان تكون غزواته في نسق واحد.

(الاولى غزوة ودان او الابواء)

و كانت في صفر لاثنتي عشرة ليلة مضت منه على رأس اثني عشر شهرا من مقدمة المدينة و هي اول غزوات النبي«ص» و اول غزوة حمل فيها راية مع النبي«ص»، خرج النبي في ستين راكبا من المهاجرين فيهم علي عليه السلام يريد عيرا لقريش فلم يلق حربا و كانت رايته مع علي عليه السلام فيما رواه المفيد مسندا عن ابي البختري القرشي و كان لواؤه مع حمزة بن عبد المطلب فيما قاله ابن سعد في الطبقات و لا منافاة فالراية العلم الاكبر و اللواء دونها.

و بعدها (غزوة بواط و بدر الاولى) في ربيع الاول على رأس ثلاثة عشر شهرا من‏الهجرة و لم يصرح المؤرخون بان عليا كان في الاولى و لا ان رايته كانت معه و لا مع غيره لكن قول المؤرخين انه لم يتخلف عنه في موطن الا في تبوك و كان صاحب رايته يدل على ذلك و صرحوا بان لواءه في الثانية كان مع علي بن ابي طالب و هو لواء ابيض.

و بعدها غزوة (العشيرة) بالتصغير على رأس ستة عشر شهرا من الهجرة و لم يصرحوا بوجوده فيها و لا بحمله الراية و قالوا ان اللواء كان مع حمزة و تعميمهم السابق يدل على وجوده فيها و يمكن كون الراية معه و اللواء مع حمزة كما مر في غزوة ودان.و بعدها.

(اخباره في غزوة بدر الكبرى)

و كانت في شهر رمضان يوم تسعة عشر او سبعة عشر منه على راس تسعة عشر شهرا من الهجرة و مر بيان سببها في الجزء الثاني و نذكر هنا ما له علاقة باخبار علي (ع) مما قد تقدم او لم يتقدم و قد نذكر غير ذلك مما لم يتقدم.كان المسلمون فيها ثلثمائة و ثلاثة عشر رجلا و معهم فرسان و سبعون بعيرا فكان الرجلان و الاكثر يتعاقبون بعيرا واحدا و كان النبي«ص» و علي (ع) و مرثد بن ابي مرثد يتعاقبون بعيرا لمرثد و قال ابن الاثير كان ثالثهم زيد بن حارثه و كان المشركون تسعمائة و خمسين او عشرين مقاتلا و قادوا مائتي فرس و قيل اربعمائة و الابل سبعمائة بعير و اعطى النبي صلى الله عليه و آله و سلم رايته في هذه الغزاة الى علي (ع) كما في غيرها من الغزوات و مرت رواية الاستيعاب عن تاريخ السراج بسنده عن ابن عباس قال دفع رسول الله«ص»الراية يوم بدر الى علي و هو ابن عشرين سنة و في السيرة الحلبية عن ابن عباس مثله و قال ابن الاثير كان لواؤه و رايته مع علي بن ابي طالب.و في السيرة النبوية لدحلان عقد«ص» يوم بدر لواء ابيض و دفعه لمصعب بن عمير و كان امامه«ص» رايتان سوداوان احداهما مع علي ابن ابي طالب و الاخرى مع سعد بن معاذ و قيل مع الحباب بن المنذر و في السيرة الحلبية ان النبي«ص»دفع اللواء يوم بدر و كان ابيض الى مصعب بن عمير و كان امامه رايتان سوداوان احداهما مع علي بن ابن طالب و يقال لها العقاب.

و فيها ايضا عن الامتاع ان النبي«ص» عقد الالوية يوم بدر و هي ثلاثة: لواء يحمله مصعب بن عمير و رايتان سوداوان احداهما مع علي و الاخرى مع رجل من الانصار«اه» و الراية هي العلم الاكبرو اللواء دونها و ما يتوهم من كلام بعض اهل اللغة من اتحادهما مردود بتصريح غيره مما ذكرناه نعم قد يطلق احدهما على الآخر او على الأعم باعتبار ان الراية تسمى لواء ايضا و قد يفسر احدهما بالآخر في كلام اهل اللغة الذين كثيرا ما يفسرون بالاعم، كما ان ما يحكى عن ابن سعد و ابن اسحق من ان الرايات حدثت يوم خيبر مردود بهذه الروايات و بما تقدم في غزوة ودان و بدر الاولى و غزوة العشيرة.و قد علم مما مر ان راية المهاجرين في غزوة بدر كانت مع علي«ع» و ان لواءهم كان مع مصعب بن عمير و ان لواء الخزرج من الانصار كان مع الحباب بن المنذر و لواء الاوس مع سعد بن معاذ.

و في السيرة الحلبية التصريح بذلك،و حينئذ فتكون الراية واحدة و الالوية ثلاثة، و هو الموافق للاعتبار فان الراية العظمى يجب ان تكون بيد علي عليه السلام لانها لا تعطى الا لمتميز في الشجاعة، و علي و ان كان من المهاجرين الا ان كونه صاحب الراية يجعله الرئيس على الجميع، فاستحسن ان يكون للمهاجرين لواء ايضا فأعطي لمصعب بن عمير، و جعل للانصار لواء ان احدهما للخزرج مع الحباب و الآخر للأوس مع سعد. و سار النبي«ص» باصحابه حتى كان قريبا من الصفراء و هي قرية لجهينة على مرحلة من بدر فارسل رجلين من جهينة يتجسسان له خبر ابي سفيان و العير و ارسل عليا و الزبير و سعدا الى بدر يلتمسون له الخبر لان بدرا منهل بطريق القادم من الشام الى مكة فلا بد ان يردها ابو سفيان و سار هو نحو بدر حتى قاربها فجاءه الجهنيان و اخبراه ان العير قد قاربت بدرا و لم يكن عنده علم بمسير قريش لمنع عيرهم،و وصل علي و من معه الى بدر فوجودا سقاة قريش فاخذوا منهم رجلين فجاؤوا بهما و النبي«ص» يصلي فسألهما اصحابه فقالوا نحن سقاة قريش فضربوهما لانهم يحبون ان يكونا سقاة ابي سفيان الذي معه العير و فيها الاموال ليغنموها و كرهوا ان يكونا سقاة قريش الذين جاؤوا للحرب، و الغنيمة الباردة احب الى النفوس من الحرب الشاقة فقالوا نحن لابي سفيان فتركوهما و لما فرغ النبي«ص» من الصلاة قال اذا صدقاكم ضربتموهما و اذا كذباكم تركتوهما،ثم سألهما عن قريش فقالا هم وراء هذا الكثيب بالعدوة القصوى، فسألهما عن عددهم فقالا لا ندري فقال كم ينحرون قالا يوما تسعة أباعر و يوما عشرة قال القوم بين التسعمائة و الالف، و خرج رسول الله «ص» يبادرهم الى الماء فنزل بادنى ماء من بدر،و قال الحباب بن المندر ابن الجموح: يا رسول الله هذا منزل انزلكه الله ليس لنا ان نتقدمه او نتأخره ام هو الرأي و الحرب ‏و المكيدة فقال بل هو الرأي و الحرب و المكيدة، قال فان هذا ليس بمنزل انطلق بنا الى ادنى مياه القوم فاني عالم بها و ان بها قليبا قد عرفت عذوبة مائة و غزارته ثم نبني لنا حوضا و نملؤه ماء و نقذف فيه بالآنية فنشرب و لا يشربون فارتحلوا و بنوا حوضا و ملؤوه في السخر ماء و قذفوا فيه الآنية و كان هذا تدبيرا سديدا ليشرب العطشان من الحوض بسهولة اذا عاد من القتال و لا يتكلف الاستقاء من البئر و لا الشرب من قربة او سقاء، و هذا صريح في انه كان ببدر عدة قلبان لا قليب واحد،و منه يعلم الجواب لمن لم يظهر له وجه الحكمة في القاء النبي«ص» قتلى المشركين في القليب بعد الفراغ من الوقعة الذي يفسد على اهل بدر و السابلة ماءهم فان افساد ماء قليب بدر انما يضر اذا لم يكن الا قليب واحد و لكنها قلبان كثيرة لا يضر افساد واحد منها و مبطل لتوهم الدكتور محمد حسين هيكل انه حفر حفرة و القاهم فيها مع ان الحفرة لا تسمى قليبا كما بيناه في الجزء الثاني، و قد صرح بذلك الواقدي حيث قال: و امر رسول الله«ص» يوم بدر بالقليب ان تغور ثم امر بالقتلى فطرحوا فيها«اه».

و امتاز علي عليه السلام في ذلك بميزة لم يشاركه فيها احد فقد ذكر اهل الاخبار انه متح في ذلك الحوض كثيرا و لا غرو فهو صاحب القوة و الايد و هو من شبابه في ريعانه مع نفاذ بصيرته و قوة ايمانه. ثم اصطفت الصفوف و تهيؤوا للقتال فأول من برز من صف المشركين عتبة بن ربيعة و اخوه شيبة و ابنه الوليد بن عتبة و دعوا الى المبارزة فبرز اليهم فتيان ثلاثة من الانصار و هم معاذ و معوذ و عوف بنو الحارث و يقال لهم بنو عفراء فلم يرضوا ان يبارزوهم عتوا و استكبارا و رأوا انهم غير اكفاء لهم و قالوا لهم ارجعوا فما لنا بكم من حاجة و نادوا يا محمد اخرج الينا اكفاءنا من قومنا فقال لعبيدة بن الحارث بن المطلب (1) بن عبد مناف و لحمزة بن عبد المطلب و لعلي بن ابي طالب ‏قوموا فقاتلوا بحقكم الذي بعث الله به نبيكم اذ جاؤوا بباطلهم ليطفئوا نور الله و يأبي الله الا ان يتم نوره، فبرزوا فقال عتبة تكلموا نعرفكم فان كنتم اكفاءنا قاتلناكم و كان عليهم البيض فلم يعرفوهم فقال حمزة انا حمزة بن عبد المطلب اسد الله و اسد رسوله فقال عتبة كفو كريم و انا اسد الحلفاء بضم الحاء و فتح اللام اي الاحلاف او الحلفاء بفتح الحاء و سكون اللام اي الاجمة. و من هذان معك قال علي بن ابي طالب و عبيدة بن الحارث بن المطلب قال كفوان كريمان، فبارز علي الوليد و كانا اصغر القوم و بارز عبيدة شيبة و هما اسن القوم و لعبيدة سبعون سنة و بارز حمزة عتبة و هما اوسط القوم سنا. و من الطبيعي ان يبارز الرجل من يناسبه في السن، هذه رواية الواقدي و المفيد في الارشاد. و قال ابن سعد في الطبقات: الثبت ان حمزة بارز عتبة و ان عبيدة بارز شيبة، و روى ابن اسحق في الغازي ان عبيدة بارز عتبة و حمزة بارز شيبة، و قال ابن ابي الحديد لمن روى ذلك ان ينتصر بقول هند بنت عتبة ترثي اباها:

تداعى له رهطه قصرة 

بنو هاشم و بنو المطلب‏ 

يذيقونه حر اسيافهم‏ 

يعلونه بعدما قد شجب

و ذلك لان عبيدة من بني المطلب اثبت عتبة عليه و دفف عليه علي و حمزة قال و هو الموافق لما يذكره امير المؤمنين في كتبه بقوله لمعوية: و عندي السيف الذي اعضضت به اخاك و خالك و جدك، و قوله: قد عرفت مواقع نصالها في اخيك و خالك و جدك. اخوه حنظلة و خاله الوليد و جده عتبة، و عندي انه لا دلالة في هذا الكلام على ذلك فهو قد قتل عتبة او شرك في قتله سواء أكان المبارز له حمزة و وضع رأسه في صدره كما في احدى الروايتين ام عبيدة كما في الرواية الاخرى فانه كر هو و حمزة فاجهزا عليه. و اما شعر هند فمحمول على نحو من التوسع فاذا كان بنو هاشم و بنو المطلب تداعوا له و لمن معه صح ان يقال توسعا تداعى له بنو هاشم و بنو المطلب و صح ان يقال يذيقونه حر اسيافهم باعتبار ان بعضهم او اكثرهم يذيقونه ذلك.

اما علي و الوليد فاختلفا ضربتين اخطأت ضربة الوليد عليا لانه بمهارته في الحرب ـ مع ان هذه اول حروبه ـ حاد عن الضربة فأخطأته كما حاد عن ضربة جناح يوم الهجرة فاخطأته ضربته و ضربه علي على حبل عاتقه الايسر او الايمن على اختلاف النقلين فاخرج‏ السيف من ابطه و قد سبق له ان ضرب جناحا يوم هجرته على عاتقه فقده نصفين حتى وصل السيف الى كتف فرسه و من ذلك اليوم قيل فيه ان ضرباته كانت و ترا اذا علا قد و اذا اعترض قط و في بعض الروايات ان عليا قال فأخذ الوليد يمينه بيساره فضرب بها هامتي فظننت ان السماء وقعت على الارض ثم ضربه ضربة اخرى فصرعه و هذا يدل على ان الضربة الاولى قطعت يده و خرجت من ابطه الايمن فقطعت اليد وحدها من الابط فتناولها بيساره و ضربه بها و قد ذكرنا في الجزء الثاني في وقعة بدر ان الصواب انه ضربه على عاتقه الايسر لان الضارب انما يضرب بيده اليمنى و مقابل الايمن انما هو الايسر و ان القول بانه ضربه على عاتقه الايمن غلط و روى المفيد في الارشاد عن علي بن هاشم عن محمد ابن عبد الله بن ابي رافع عن ابيه عن جده ابي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في حديث ان عليا و الوليد اختلفا ضربتين اخطأت ضربة الوليد امير المؤمنين فابانتها (اه) فهذا صريح في ان الضرب كان على الجانب الايسر كما مر ثم قال المفيد فروي ان عليا عليه السلام كان يذكر بدرا و قتله الوليد فقال في حديثه كأني انظر الى و ميض خاتمه في شماله ثم ضربته ضربة اخرى فصرعته و سلبته فرأيت به ردعا من خلوق فعلمت انه قريب عهد بعرس و اما حمزة و عتبة فقيل ان حمزة لم يمهل عتبة ان قتله و قيل تضاربا بالسيفين حتى انثلما و اعتنقا فصاح المسلمون يا علي اما ترى الكلب قد بهر عمك حمزة و كان حمزة اطول من عتبة فقال علي يا عم طأطى‏ء رأسك فادخل حمزة رأسه في صدر عتبة فضرب علي عتبة فطرح نصفه فكانت ضربته هذه من الضربات التي اذا اعترض بها قط.

و اما عبيدة و شيبة فاختلفا ضربتين فضربه عبيدة على رأسه ضربة فلقت هامته و ضربه شيبة على ساقه فقطعها و سقطا جميعا و كر حمزة و علي على شيبة فاجهزا عليه و حملا عبيدة الى المعسكر . و ذلك قريش بمقتل هؤلاء الثلاثة و ظهرت امارات النصر للمسلمين عليهم و قد قتل علي احدهم و شرك في قتل الباقيين و الى ذلك و امثاله يشير امير المؤمنين عليه السلام في بعض خطبه بقوله: و كان رسول الله (ص) اذا احمر الباس و احجم لناس قدم اهل بيته فوقى بهم اصحابه حر الاسنة و السيوف فقتل عبيدة يوم بدر و قتل حمزة يوم احد و قتل جعفر يوم مؤتة و اراد من لو شئت ذكرت اسمه مثل الذي ارادوا من الشهادة و لكن آجالهم عجلت و منيته اجلت‏و الى ذلك و غيره تشير الزهراء عليها السلام بقولها في بعض خطبها السابقة: فانقذكم الله بأبي بعد اللتيا و التي بعد ان مني ببهم الرجال و ذؤبان العرب و مردة اهل الكتاب (كلما اوقدوا نارا للحرب اطفاها الله او نجم قرن للشيطان او فغرت فاغرة من المشركين قذف اخاه في لهواتها فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها باخمصه و يخمد لهبها بسيفه مجدا كادحا و انتم في بلهنية من العيش و ادعون فاكهون آمنون تنكصون عند النزال و تفرون من القتال.

و روى الحاكم في المستدرك و قال صحيح و لم يخرجاه و صححه الذهبي في التلخيص عن علي قال نزلت (هذان خصمان اختصموا في ربهم) في الذين بارزوا يوم بدر حمزة بن عبد المطلب و علي و عبيدة بن الحارث و عتبة بن ربيعة و الوليد بن عتبة قال علي و انا اول من يجثو للخصومة على ركبتيه بين يدي الله يوم القيامة و روى المفيد في الارشاد بسنده عن ابي جعفر عليه السلام في حديث قال: قال امير المؤمنين عليه السلام اقبل الي حنظلة بن ابي سفيان فلما دنا مني ضربته ضربة بالسيف فسالت عيناه و لزم الارض قتيلا. و اقبل العاص بن سعيد ابن العاص يبحث للقتال فبارزه علي فقتله بعدما احجم عنه غيره.

روى المفيد في الارشاد بسنده عن صالح بن كيسان ان ابنه سعيد بن العاص دخل على عمر في خلافته فجلس ناحية قال سعيد فنظر إلي عمر و قال ما لي اراك كأن في نفسك علي شيئا اتظن اني قتلت اباك و الله لوددت اني كنت قتلته و لو قتلته لم اعتذر من قتل كافر و لكني مررت به يوم بدر فرأيته يبحث للقتال كما يبحث الثور بقرنه فهبته و رغبت عنه فقال لي الى اين يا بن الخطاب و صمد له علي فتناوله فو الله ما رمت مكاني حتى قتله و كان علي حاضرا في المجلس فقال اللهم غفرا ذهب الشرك بما فيه و محا الاسلام ما تقدم فما لك تهيج الناس علي فكف عمر فقال سعيد اما انه ما كان يسرني ان يكون قاتل ابي غير ابن عمه علي بن ابي طالب.

و قال الواقدي فيما حكاه ابن ابي الحديد: اقبل العاص بن سعيد بن العاص يبحث للقتال فالتقى هو و علي عليه السلام فقتله علي عليه السلام فكان عمر بن الخطاب يقول لابنه سعيد بن العاص بن سعيد ابن العاص مالي اراك معرضا اتظن اني قتلت اباك فقال سعيد لو قتلته لكان على الباطل و كنت على الحق الخبر و قال ابن ابي الحديد و نقلت من غير كتاب الواقدي ان عثمن بن عفان و سعيد ابن العاص حضرا عند عمر في خلافته  فجلس سعيد بن العاص حجزة فنظر اليه عمر فقال‏ مالي اراك معرضا كأني قتلت اباك اني الم اقتله و لكن قتله ابو حسن و كان علي حاضرا فقال اللهم غفرا ذهب الشرك بما فيه و محا الاسلام ما قبله فلما ذاتهاج القلوب فسكت عمر و قال سعيد لقد قتله كفؤ كريم و هو احب الي من ان يقتله من ليس من بني عبد مناف (اه) و سعيد ابن العاص هذا هو والد عمرو بن سعيد بن العاص المعروف بالاشدق الذي كان عاملا على المدينة من قبل يزيد بن معاوية يوم قتل الحسين عليه السلام و لما اخبر بقتله و سمع واعية بني هاشم ضحك و تمثل بقول عمرو بن معد يكرب الزبيدي:

عجت نساء بني زياد عجة 

كعجيج نسوتنا غداة الارنب

تعليقة:

(1) يوجد في بعض المواضع ابن الحارث بن عبد المطلب و الصواب انه ابن الحارث بن المطلب كما هو كذلك في طبقات ابن سعد و المطلب هو اخو هاشم و عم عبد المطلب،و صرح ابن ابي الحديد بان عبيدة من بني المطلب و يدل عليه قول هند بنت عتبة ترثي اباها:

تداعى له رهطه قصرة 

بنو هاشم و بنو المطلب

و كأن الاشتباه وقع من شهرة عبد المطلب دون المطلب.ـالمؤلفـ

قال الواقدي و لما رأت بنو مخزوم مقتل من قتل قالوا ابو الحكم لا يخلص اليهـيعنون ابا جهلـفاحدقوا به و البسوا لامته عبد الله بن المنذر فصمد له علي فقتله و هو يراه ابا جهل و مضي و هو يقول انا ابن عبد المطلب ثم البسوها حرملة بن عمرو فصمد له علي فقتله ثم ارادوا ان يلبسوها خالد بن الأعلى فأبى.و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم اللهم اكفني نوفل ابن العدوية و هو نوفل بن خويلد من بني اسد بن عبد العزى فاسره جبار بن صخر و رأى عليا مقبلا نحوه فقال لجبار من هذا و اللات و العزى اني لأرى رجلا يريدني قال هذا علي بن ابي طالب فصمد له علي فضربه فنشب سيفه في حجفته فزعه و ضرب به ساقيه فقطعهما ثم اجهز عليه فقتله فقال رسول الله (ص) من له علم بنوفل بن خويلد قال علي انا قتلته فكبر رسول الله (ص) و قال الحمد لله الذي اجاب دعوتي فيه.و روى محمد بن اسحق ان طعيمة بن عدي قتله علي بن ابي طالب شجرة بالرمح فقال و الله لا تخاصمنا في الله بعد اليوم ابدا ثم قال و قيل قتله حمزة (اه) و روى الواقدي ما يقتضي انه اشترك في قتله علي و حمزة قال الواقدي:كان علي عليه السلام يحدث فيقول اني يومئذ بعدما متع النهار (1) و نحن و المشركون قد اختلطت صفوفنا و صفوفهم خرجت في اثر رجل منهم فاذا رجل من المشركين على كثيب رمل و سعد بن خيثمة و هما يقتتلان حتى قتل المشرك سعد بن خيثمة و المشرك مقنع في الحديدو كان فارسا فاقتحم عن فرسه فعرفني و هو معلم فناد اني هلم يا ابن ابي طالب الى البراز فعطفت عليه فانحط الي مقبلا و كنت رجلا قصيرا فانحططت راجعا لكي ينزل الي كرهت ان يعلوني فقال يا ابن ابي طالب فررت فقلت قريبا مفر ابن الشتراء (2) فلما استقرت قدماي و ثبتت اقبل فلما دنا مني ضربني فاتقيت بالدرقة فوقع سيفه فلحج (3) فاضربه على عاتقه و هو دارع فارتعش و لقد قط سيفي درعه فظنت ان سيفي سيقتله فاذا بريق سيف من ورائي فطأطأت رأسي و يقع السيف فاطن قحف رأسه بالبيضة و هو يقول خذها و انا ابن عبد المطلب فالتفت من ورائي فاذا هو عمي حمزة و المقتول طعيمة بن عدي«اه»فاذا كان علي ضربه على عاتقه و قط سيفه درعه فهو قد اشرف به على الموت و لذلك قال فظننت ان سيفي سيقتله ثم أكمل قتله حمزة فاطار قحف رأسه و بذلك يجمع بين القول بانه قتله علي و القول بانه قتله حمزة و اما ان عليا شجره بالرمح فيمكن ان يكون جمع بين شجره بالرمح و ضربه بالسيف .قال المفيد:و قد اثبت رواة العامة و الخاصة معا اسماء الذين تولى امير المؤمنين قتلهم ببدر من المشركين على اتفاق فيما نقلوه من ذلك فكان ممن سموه:

(1) الوليد بن عتبة و كان شجاعا جريئا وقاحا تهابه الرجال (2) العاص بن سعيد ابن العاص و كان هو لا عظيما تهابه الابطال و هو الذي حاد عنه عمر كما مر (3) طعيمة بن عدي ابن نوفل و كان من رؤوس اهل الضلال (4) نوفل بن خويلد و كان من اشد المشركين عداوة لرسول الله«ص» و كانت قريش تقدمه و تعظمه و تطيعه و هو الذي قرن ابابكر و طلحة قبل الهجرة بمكة و اوثقهما بحبل و عذبهما يوما الى الليل حتى سئل في امرهما (5) زمعة بن الاسود (6) الحارث بن زمعة (7) النضر بن الحارث بن عبد الدار (8) عمر او عمير بن عثمن بن كعب بن تيم عم طلحة بن عبيد الله (9 و 10) عثمان و مالك ابناء عبيد الله اخو طلحة بن عبيد الله (11) مسعود بن امية بن المغيرة (12) قيس بن الفاكه بن المغيرة (13) حذيفة بن ابي حذيفة بن المغيرة (14) ابو قيس بن الوليد بن المغيرة (15) حنظلة ابن‏ابي سفيان (16) عمر بن مخزوم (17) ابو المنذر بن ابي رفاعة (18) منبه بن الحجاج السهمي (19) العاص بن منبه (20) علقمة بن كلدة (21) ابو العاص بن قيس بن عدي (22) معوية بن المغيرة بن ابي العاص (23) لوذان بن ربيعة (24) عبد الله بن المنذر ابن ابي رفاعة (25) مسعود بن امية بن المغيرة (26) حاجب او حاجز بن السائب بن عويمر (27) اوس بن المغيرة بن لوذان (28) زيد بن مليص (29) غانم بن ابي عوف (30) سعيد بن وهب حليف بني عامر (31) معوية بن عامر بن عبد القيس (32) عبد الله بن جميل ابن زهير بن الحارث بن اسد (33) السائب بن مالك (34) ابو الحكم بن الاخنس (35) هشام بن ابي امية بن المغيرة.

قال المفيد:فذلك خمسة و ثلاثون رجلا سوى من اختلف فيه او شرك امير المؤمنين فيه غيره«اه» و لكنه عد مسعود بن امية بن المغيرة مرتين فلذلك بلغوا خمسة و ثلاثين و الا فهم اربعة و ثلاثون كما ترى، و بعضهم عد معهم عيسى بن عثمن فيكونون بذلك خمسة و ثلاثين و هو نصف المقتولين الذين كانوا سبعين قتيلا، كل هذا و لم يتجاوز الخمسة و العشرين عاما على الاكثر و لم يزد عن العشرين على الاقل.

و حكى ابن ابي الحديد في شرح النهج ان جميع من قتل ببدر في رواية الواقدي من المشركين في الحرب و صبرا اثنان و خمسون رجلا قتل علي«ع» منهم مع الذين شرك في قتلهم اربعة و عشرين و لكنه عدهم 23 رجلا، قال و قد كثرت الرواية ان المقتولين ببدر كانوا سبعين و لكن الذين عرفوا و حفظت اسماؤهم من ذكرناه«اه». و هذه (اسماء من قتلهم علي ببدر) على رواية الواقدي:فمن بني عبد شمس (1) حنظلة بن ابي سفيان (2) العاص بن سعيد بن العاص (3) الوليد بن عتبة (4) شيبة بن ربيعة شرك في قتله (5) عامر بن عبد الله حليف لهم من انمار و قيل قتله سعد بن معاذ و لعله لذلك لم يذكره المفيد لانه لا يذكر الا ما اتفقوا عليه.و من بني نوفل بن عبد مناف (6) طعيمة بن عدي و يكنى ابا الريان قتله علي على رواية ابن اسحق و حمزة على رواية الواقدي.و من بني اسد بن عبد العزى (7) الحارث بن زمعة ابن الاسود (8) عقيل بن الاسود بن المطلب قال الواقدي حدثني ابو معشر قال قتله علي وحده و قيل شرك في قتله علي و حمزة و قيل قتله ابو داود المازني و لم يذكره المفيد (9) نوفل ابن خويلد بن اسد بن عبد العزى و هو ابن العدوية.و من بني عبد الدار بن قصي (10) النضر ابن الحارث بن كلدة قتله علي صبرا بالسيف بامر النبي«ص» (11) زيد بن مليص مولى‏عمرو بن هاشم بن عبد مناف من عبد الدار و قيل قتله بلال و لم يذكر المفيد خلافا في قتل علي له.و من بني تيم بن مرة (12) عمير بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة (13) حليف لبني مخزوم و قيل قتله عمار بن ياسر.و من بني الوليد بن المغيرة (14) ابو قيس بن الوليد اخو خالد بن الوليد،و من بني امية المغيرة (15) مسعود بن ابي امية.و من بني رفاعة (16) عبد الله بن ابي رفاعة.و من بني عمران بن مخزوم (17) حاجز بن السائب ابن عويمر بن عائذ (18) اخوه عويمر بن السائب بن عويمر قتله علي على رواية البلاذري و لم يذكره المفيد.و من بني جمح (19) اوس بن المغيرة بن لوذان شرك فيه علي و عثمن ابن مظعون.و من بني سهم (20) منبه بن الحجاج و قيل قتله ابو اسيد الساعدي و لم يذكر المفيد خلافا في انه قتله علي (21) نبيه بن الحجاج و لم يذكره المفيد (22) العاص بن منبه ابن الحجاج (23) ابو العاص بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم،روي الواقدي عن ابي معشر عن اصحابه انه قتله علي و قيل قتله ابو دجانة و لم يذكر المفيد فيه خلافا.قال ابن ابي الحديد:في رواية الشيعة ان زمعة بن الاسود بن المطلب قتله علي،و الاشهر في الرواية انه قتل الحارث بن زمعة و ان زمعة قتله ابو دجانة«اه»و مر عن المفيد ان عليا قتلهما معا.قال المفيد و ابن الاثير في اسد الغابة و ابن حجر في الاصابة:و فيما صنعه امير المؤمنين«ع»ببدر قال اسيد بن ابي اياس بن وثيم يحرض مشركي قريش عليه و يعيرهم به:

في كل مجمع غاية (4) اخزاكم‏ 

جذع (5) ابر (6) على المذاكي (7) القرح‏ 

لله دركم الما تنكروا 

قد ينكر الحر الكريم و يستحي‏ 

هذا ابن فاطمة الذي افناكم‏ 

ذبحا و قتلة قصعة (8) لم يذبح‏ 

اعطوه خرجا و اتقوا تضريبه‏ 

فعل الذليل و بيعة لم تربح‏ 

اين الكهول و اين كل دعامة 

في المعضلات و اين زين الابطح‏ 

افناهم قصعا و ضريا يفتري‏ 

بالسيف يعمل حده لم يصفح

 

قال الزمخشري في الفائق:قال سعد بن ابي وقاص رأيت عليا يوم بدر و هو يقول:

بازل عامين حديث سني‏ 

سنحنح الليل كأني جنى‏ 

لمثل هذا ولدتني امي‏ 

ما تنقم الحرب العوان مني

و يروى سمعمع كانني من جن (بازل عامين) هو البعير الذي تمت له عشر سنين و دخل في الحادية عشرة (9) و بلغ نهايته في القوة و المعنى انا في استكمال القوة كهذا البعير مع حداثة السن (السنحنح) و (السمعمع) مما كرر عينه و لامه من سنح و سمع فالسنحنح الذي يسنح كثيرا و اضافته الى الليل على معنى انه يكثر السنوح فيه لاعدائه لجلادته.و المسعمع الخفيف السريع في وصف الذئاب فاستعير«اه»الفائق.و اخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق مصعب بن سعد عن ابيه سعد بن ابي وقاص قال:لقد رأيت علي بن ابي طالب بارز يوم بدر فجعل يحمحم كما يحمحم الفرس و يقول و ذكر الرجز ثم قال فما رجع حتى خضب سيفه دما.و في اسد الغابة بسنده عن مصعب بن سعد عن سعد قال:رأيتهـيعني علياـيخطف بالسيف هام المشركين و هو يقول: سنحنح الليل كأني جني. و في وقعة بدر يقول الحاج هاشم ابن الحاج حردان الكعبي من قصيدة:

و غداة بدر و هي ام وقائع‏ 

كبرت و ما زالت لهن ولودا 

قابلتهن فلم تدع لعقودها 

نظما و لا لنظامهن عقيدا 

فالتاح عتبة ثاويا بيمين من‏ 

يمناه اردت شيبة و وليدا 

سجدت رؤوسهم لديك و انما 

كان الذي ضربت عليه سجودا 

و توحدت بعد ازدواج و الذي‏ 

ندبت اليه لتهتدي التوحيدا

 

و فيها يقول المؤلف من قصيدة:

غدا يوم بدر شاهدا لك في الورى‏ 

بآيات فضل قد تضمنها بدر 

و عتبة وافى و الوليد و شيبة 

و قائدهم تيه و سائقهم كفر 

عليهم من الماذي كل مفاضة 

نبت في الوغى عنها الظبا و القنا السمر 

ابوا عن بني عفراء كبرا و طالبوا 

بأكفائهم لما استخفهم الكبر 

عبيدة و المولى علي و حمزة 

هم خير اكفاء كرام لهم قدر 

قتلت وليدا و اشتركت بشيبة 

و في عتبة شاركت عمك يا وتر

تعليقات:

(1) متع النهار ارتفع و بلغ غاية ارتفاعه قبل الزوال.ـالمؤلفـ

(2) هو مثل قال الزمخشري في الفائق:ابن الشتراء رجل كان يصيب الطريق و كان يأتي الرفقة فيدنو منهم حتى اذا هموا به نأى قليلا ثم عاودهم حتى يصيب منهم غرة«اه»فضرب به المثل

(3) لحج اي نشب.ـالمؤلفـ

(4) اي محل اجتماع لغاية من الغايات او مجمع غاية السباق

(5) الجذع بالتحريك الشاب الحدث

(6) يقال ابر عليهم اذا غلبهم

(7) المذاكي من الخيل التي مضى عليها بعد قروحها سنة او سنتان

(8) القصع الدفع و الكسر و القصعة المرة منه،قال ابو عبيدة:القصع ضمك الشي‏ء على الشي‏ء حتى تقتله او تهشمه و منه قصع القملة و يروى ذبحا و قتلا قصعة و المعنى انه افناكم بالقتل الذي هو على نوعين قتل الذبح و قتل القصع و هو الدفع برمح و غيره حتى يموت،يقول افناكم بالذبح تارة و بقتلة قصعة اخرى باضافة قتلة الى قصعة او قتلا قصعة على الرواية الاخرى فقصعة بدل من قتلا فعل كل هذا و لم يذبحه احد.ـالمؤلفـ

(9) في القاموس بزل ناب البعير بزلا و بزولا طلع،جمل و ناقة بازل و ذلك في تاسع سنيه«اه»فمعنى بازل عامين انه مضى له عامان و هو بازل فاذا كان البزول يحصل بالدخول في التاسعة فبازل عامين الذي دخل في الحادية عشرة.ـالمؤلفـ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.