الشيخ جواد البلاغي
معارف الرجال/محمد حرز الدين
1280ـ1352
الشيخ جواد بن الشيخ حسن بن الشيخ طالب بن الشيخ عباس بن الشيخ إبراهيم بن الشيخ حسين بن الشيخ عباس بن الشيخ حسن بن الشيخ عباس بن الشيخ محمّد علي بن محمّد البلاغي النجفي ولد في النجف حدود سنة (1280) عالم فقيه كاتب، وأديب شاعر، بحاثة أهل عصره، خدم الشريعة المقدسة ودين الإسلام الحنيف، بل خدم الإنسانية الكاملة بقلمه ولسانه وكل قواه، وكان موقفه المشرف أمام الماديين والطبيعيين موقف المناضل المجاهد حتى أزاح شبههم الفاسدة ومزق خرافاتهم المضللة وألزمهم الحجة وكان عارفاً ببعض اللغات الغير العربية التي يتوقف عليها فهم أناجيلهم وتوراتهم إلى غير ذلك مما ابتدعوها من مؤلفاتهم وله الإلمام بمعرفة مذاهب أهل الكتاب ونحلهم، وتعب جداً في مراجعة اليهود والنصارى أنفسهم في بغداد للفحص منهم عن بعض أسفار التوراة، وفصول الأناجيل مما فيه دلالة للرد عليهم في نفي نبوة محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وآله، وأفنى شطراً من عمره في هذا السبيل فهنيئاً له وهو نعم الخلود في الدارين.
أساتذته:
حضر على الأستاذ الشيخ محمّد طه نجف، والشيخ أغا رضا الهمداني صاحب مصباح الفقيه، والشيخ ملا كاظم الخراساني صاحب الكفاية في الأصول حتى صار محققاً في الفقه والأصول والفلسفة والكلام، وله الصدر الأعظم في التأليف والتصنيف.
مؤلفاته:
إن مؤلفاته تقارب الثلاثين بين مؤلف ومصنف كلها مليئة بالعلم الغزير والمتانة وحسن الأسلوب منها (الهدى إلى دين المصطفى) بجزئين طبع في سوريا وهو رد على كتاب الهداية في أباطيل المسيحيين وشبههم، والرحلة المدرسية والمدرسة السيارة. بثلاثة أجزاء في الأديان طبع في النجف الأشرف وأنوار الهدى. طبع في النجف جواباً ورداً عن الأسئلة التي وردت من سوريا في الإلهيات، والتوحيد والتثليث. طبع في سوريا في إحباط قول من يقول بالثالوث، وآلاء الرحمن في تفسير القرآن وهو تفسير وسط في البسط والاختصار لم يتم، إلى غير ذلك وله تعليقات فقهية ورسائل، وكتب في مختلف العلوم والردود لم تطبع، وله قصيدة رائية في 112 بيتاً نظمها جواباً عن الأسئلة التي وردت إليه في وجود الحجة محمّد بن الحسن العسكري عجل الله فرجه ذكرناها في الجزء الثاني من كتاب (النوادر) وبهذه المناسبة نذكر منها مقداراً، قال في مطلعها:
أطعت الهوى فيهم فعاصاني الصبر فها أنا ما لي فيه نهي ولا أمر
أنست بهم سهل القفار ووعرها فما راعني منهن سهل ولا وعر
ومنها:
أكل اختفاء خلت من خيفة الأذى فرب اختفاء فيه يستنزل النصر
وكل فرار خلت جبنا وإنما يفر اخو بأس ليمكنه الكر
فكم قد تمادت للنبيين غيبة على موعد فيها إلى ربهم فروا
وأن بيوم الغار والشعب قبله غناء كما يغنى عن الخبر الخبر
ولم أدر لم أنكرت كون اختفائه بأمر الذي يعي بحكمته الفكر
اتحصر أمر الله بالعجز أم لذي إقامة ما لفقت أقعدك الحصر
فذلك أدهى الداهيات ولم يقل به أحد إلاّ أخو السفه الغمر
ودونك أمر الأنبياء وما لقوا ففيه لذي عينين يتضح الأمر
فمنهم فريق قد سقاهم حمامهم بكأس الهوان القتل والذبح والنشر
أيعجز رب الخلق عن نصر حزبه على غيرهم كلا فهذا هو الكفر
وكم محتف بين الشعاب وهارب إلى الله في الأجيال يألفه النسر
فهلا بدى بين الورى متحملا مشقة نصح الخلق من دابه الصبر
وإن كنت في ريب لطول بقائه فهل رابك الدجال والصالح الخضر
أيرضى لبيب أن يعمر كافر ويأباه في باق ليمحى به الكفر
ودونك أنباء النبي به تزد بآحادها خبراً وآحادها كثر
فكم في ينابيع المودة منهلا نميراً به يشفى لواردها الصدر
وفي غيره كم من حديث مسلسل به يفطن الساهي ويستبصر الغر
ومن بين أسفار التواريخ عندكم يؤلف في تاريخ مولده سفر
وكم قال من أعلامكم مثل قولنا به عارف بحر وذو خبرة خبر
فكم في يواقيت البيان كفاية يقلد من فصل الخطاب بها النحر
وذي روضة الأحباب فيها مطالب السؤل وفي كل الفصول لها نشر
مناقب آل المصطفى لشواهد النبوة فيها وهي تذكرة ذكر
وذا الشيخ أضحى في فتوحاته له على كل تاريخ بتاريخه نصر
ولاح بمرقاة الهداية في المكاشفات لدى مرآة أسراره السر
وللحسن الشيخ العراقي حصة بسبع لياليها له ارتفع السر
وصدقه الخواص فيها يقوله وكل لديكم عارف ثقة بر
وعنه شفاها قد روى أحمد البلا درى وفي أخباره لكم الخبر
وما أسعد السرداب حظاً ولا تقل له الفضل عن أم القرى وله الفخر
لئن غاب في السرداب يوماً فإنما على الناس من أم القرى يطلع البدر
الخ…
وفاته:
توفي يوم الإثنين 22 شعبان سنة 1352هـ وصار ليوم وفاته دوي في النجف عند العلماء وأهل الفضل والدين، وشيع بأحسن تشييع وتوقير ورفعت أعلام الحزن أمام نعشه الطاهر وعمدة من اهتم بتشييعه وتنظيم مواكب العزاء بعد العلماء الأعلام وطلاب العلوم الدينية أهل محلته (البراق) وجيء بجثمانه الطاهر إلى الصحن الغروي وصلي عليه وجددوا به عهداً بمرقد أمير المؤمنين عليه السلام ودفن في الحجرة الثالثة من الصحن من الربع الجنوبي الغربي.
2013-03-17