الخميس , 25 أبريل 2024
الرئيسية » شخصيات نجفية » علماء » الشيخ نوح القرشي

الشيخ نوح القرشي

معارف الرجال/محمد حرز الدين

 1213ـ 1300

الشيخ نوح بن الشيخ قاسم بن الشيخ محمّد بن مسعود بن عمارة بن نصار بن ماجد بن نصار بن زهير بن فلاح بن سماح بن شهاب بن جعفر بن كلاب الجعفري  القرشي النجفي، ولد في أوائل القرن الثالث عشر الهجري حدود سنة 1213هـ، وكان عالما عاملا محققا فقيها زاهدا متعبدا ثقة عدلا بل لم يختلف اثنان في وثاقته وعدالته وممن يشار اليه بالصلاح والتقوى في النجف، وكان نقش خاتمه (نوح الجعفري)، له حلقة من الطلاب الأفاضل غير يسيرة يدرسها الفقه والأصول، وكان مرغوبا في التدريس لحسن أسلوبه الدراسي وأكثر حضار بحثه المهاجرون الإيرانيون من العجم والترك وله مزيد اختصاص بالعلوم العربية، وبعض من قرؤوا عليه صاروا مراجع تقليد في عصره.

وفي سنة 1260هـ سافر الشيخ إلى إيران لزيارة الامام الرضا عليه السلام وهناك عرج على مدينة أصفهان للاتصال بالرئيس المطاع السيد محمّد باقر حجة الإسلام حيث كان الشيخ صاحبهم وأستاذ نجله الحجة السيد أسد الله المتوفى سنة 1290هـ وفي سنة سفر المترجم له إلى إيران عاد السيد أسد الله إلى أصفهان وتوفي السيد والده بها، وهناك نال الشيخ الكرامة والتبجيل والاحترام، وكان إمام جماعة يقيمها في رواق مشهد الامام علي أمير المؤمنين عليه السلام وفي الصحن الغروي الأقدس في جهة القبلة ليلا تأتم به جماهير النجفيين لوثوقهم به والكسبة تقصد الائتمام به من بعيد.

وحدثنا الثقة الفاضل الشيخ محمّد طاهر بن الشيخ محمّد بن الشيخ قاسم القرشي ان جده الشيخ قاسم كان يقرأ القرآن ويعلم الأحكام الشرعية لعرب الجعافرة القاطنين في كوت الإمارة وكان ذا ثروة، وفي بعض السنين مر به الشيخ حسن نجل كاشف الغطاء صاحب كتاب أنوار الفقاهة في بعض أسفاره لتلك الناحية ونزل عنده ضيفا وأمره الشيخ بالحج إلى بيت الله وحسن له الهجرة بباقي أولاده إلى النجف فاشترى دارهم المعروفة في النجف في محلة المسيل ـ العمارة، ولما عاد من الحج نزل بها انتهى أقول: والحاج ناصر بن الشيخ قاسم هو أخو الشيخ نوح. وكان ممن يكتسب بالنيابة إلى الحج من العراق وهو رجل جسيم قوي البدن صالح للأسفار الشاقة، والمعروف بين المعاصرين انه معتمد عند علماء النجف ثقة، وأعقب الحاج ناصر هذا الشيخ راضي وكان عالما فاضلا وأظهر بيت القرشي في العلم والوجاهة والشأن ثم أخاه الشيخ مهدي بالعلم والفضل وقد سلف، ومنهم الشيخ حسن المتوفى سنة 1313 بن الشيخ عبد علي بن الشيخ علي بن الشيخ محمّد بن مسعود وكان فاضلا ثقة واعظا قصاصا راوية لسير الأوائل متعبدا مقلدا إمام جماعة في الصحن الغروي، هو والد الحجة العالم المعاصر الشيخ جعفر المتوفى سنة 1355هـ والفاضلين الشيخ محمّد علي المتوفى سنة 1352هـ والشيخ عبد الله، والشيخ موسى وإبراهيم.

 أساتذته:

تتلمذ على الشيخ علي والشيخ حسن أنجال كاشف الغطاء النجفي، وعلى الشيخ محمّد حسن باقر صاحب الجواهر وشهد باجتهاده، كما أطرى عليه بالعدالة والوثاقة ونفوذ الحكم وجواز الرجوع إليه في التقليد وأجازه أن يروي عنه بجميع طرق روايته، وأجازه أيضا أستاذه الشيخ حسن هذا.

 مؤلفاته:

حدثنا الثقة الخبير بترجمته أنه ألف شرحا مبسوطا استدلاليا على كتاب الشرايع في الفقه في عدة مجلدات إلى نهاية المواريث خرج بعضها إلى البياض ولم أطلع عليها مباشرة، وسمعت أنه استعارها الأستاذ الشيخ محمّد طه نجف وقرضها بأبيات كتبها بخطه مادحا له، قبل أن يكف بصر الأستاذ ويقلد ويشتهر، وألف كتابا في الامامة سنة 1293هـ.

 تلامذته:

تتلمذ عليه الكثير من الوجوه العلمية وأفاضل الطلبة وممن تتلمذ عليه في أوائل أمره العالم الفقيه الشيخ مهدي بن أستاذه الشيخ علي حفيد كاشف الغطاء والأستاذ الحاج ميرزا حسين الخليلي في مقدماته العلوم العربية، وممن حضر عليه البحث الخارجي السيد أسد الله الأصفهاني المتوفى سنة 1290، والسيد ميرزا إبراهيم السبزواري، والسيد جعفر المازندراني، والسيد عبد الصمد التستري المتوفى سنة 1337 وأجازه أن يروي عنه كما أجاز السيد مرتضى الكشميري، والسيد موسى بن السيد جعفر الطالقاني المتوفى سنة 1298هـ.

 وفاته:

توفي سنة 1300  في طريق الحج إلى بيت الله الحرام عند عودته من أداء فريضة الحج في جبل حائل في إمارة آل رشيد، وتوفي صاحبه العالم الجليل السيد مهدي القزويني بعده بأيام ونقلوا جثمانيهما إلى النجف وقد تقدم في ترجمة السيد مهدي ما يتعلق بهما من الحوادث التاريخية فانظره، وأقبر الشيخ في داره خلف سوق الصاغة بالقرب من خان دار الشفاء والصحن الغروي في الجهة الشرقية.

وأعقب الفاضل الشيخ محمّد حسن، والشيخ مصطفى ورثته الشعراء وصار الراثي يرثيه ويرثي صاحبه السيد القزويني في قصيدة واحدة وممن رثاه عالم الشعراء السيد محمّد سعيد الحبوبي النجفي بقصيدة حائية وعزى بها فضيلة الميرزا صالح نجل السيد القزويني مطلعها:

هل بعد أن شحط الخليط نزوحا    أذرى البكا وأرى النصيح نصيحا

إن بارحتني غدوة أجمالهم    تالله لست أبارح التبريحا

من لازم التسبيح حتى شيعت    أعواده الأملاك والتسبيحا

صاح النعي به فقلت له اتئذ    أتراك تعرف كنهه فتصيحا

صرحت في نعي الشريعة والهدى     لما هتفت بنعيه تصريحا

وتركت قلب الدين يخفق واجبا    حزنا وجفن المكرمات قريحا

لو أن غير الأرض حفرة ميت    شقوا له كبد الضراح ضريحا

فسقى ضريحك كل أو طف صيب    من كف (صالح) استهل سفوحا

يا أيها المولى الذي ريضت له    فرس العلا ولقد تكون جموحا

(فبنوح) عزيناك إلا أننا    بولائه لكم نهني نوحا

العروة الوثقى لمعتصم بها    أنتم كما نطق الكتاب صريحا

وأرى عميد الحي من عمرو العلى    أحرى وأكرم من يزاد مديحا

ما شح أن سئل النوال وربما    تلقاه أن سئل الهوان شحيحا

ويروح ركب الوفد حتى يغتدي    بفناء ساحة ربعه فيريحا

تسمو لطلعته العيون كأنه    برق سما للممحلين لموحا

أحيى المدارس والدروس كأنها    موتى ألم بها فكان مسيحا

لو قيس فيك إذا نطقت محدثا    قس الفصاحة لا يعد فصيحا

قد كان أعطى كل معنى لفظة     أم كان أعطى كل جسم روحا

يجلى عويصة مشكل فيريكها    مصباح غرته سنا ووضوحا

عن فطنة تذكو فتوقد مندلا    فظ اللطيمة تأرج لتفوحا

كتم الزمان العلم ثم أهاجه    لدروس غامض سره ليبوحا

فكأنما نهجان للعلم اقتضى    درس يدرسه ووحي يوحى

لا زال ربعك للبرية معقلا    أبدا وغريد المديح صدوحا

غادين زموا عيسهم وتجلدي    وطووا ضلوعي والوهاد الفيحا

طاحت حشاي ولم تكن لولا الأولى   قد طوح الحادي بهم لتطيحا

ولقد تطلع كاهلي بهواهم    فمتى ترى عبأ الهوى مطروحا

ما عرضوا لك بالفراق وعارضت    أضعافهم لترى الفراق صريحا

شوك القتادة أوطنوك وربما     بلغوا رضاك فانشقوك الشيحا

قد أحزنوك بحزن يعقوب فهل     من ريح يوسف أنشقوك الريحا

صبغوا غداة البين شمس صبيحتي    كدراء تجنح للغروب جنوحا

الشاربين دم الدموع سوافحاً    والذكر حرمه دما مسفوحا

لولا الذين تحملت أنضائهم     فحسبتهن لدى الطلوح طلوحا

ما كان مشبوب الجوى متلهبا    كلا ولا مطر الدموع سفوحا

ينهل محمراً على عرصاتهم    فتخال آماق العيون جروحا

تركوا ضنا لم يبق مضنى بعدهم    وقروح قلب لم تدع مقروحا

أترى يعود كما تقضى عهدهم    لو عاد منكسر الزجاج صحيحا

فلأزفرن على رياض ديارهم    حتى يصوح نبتها تصويحا

ولأبكين على مواطن عيسهم    حتى تعود جداولا فتسيحا

فتخال أن البحر كان بمقلتي    أو أن شؤبوب الغمام دلوحا

أو أن أجفاني وأجفان العلى    يبكين في طوفان نوح (نوحا)

العيلم العلم المقيم على التقى    أودى فحل جنادلا وصفيحا

ما زال يجهد في العبادة نفسه    حتى ألم به الردى وأتيحا

ولفقده اسودّ الفضا فكأنما    قد كان نوح في البسيطة يوحا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.