موسى بن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء
اعيان الشيعة/ج10
الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء النجفي
توفي سنة 1244 في النجف ودفن إلى جنب أبيه في مقبرتهم المعروفة.
تخرج بوالده واجازه وأقر باجتهاده وخلفه في الرياسة والدرس والإفتاء ورجوع الناس إليه وكان شيخا كبيرا معروفا عند الملوك معظما عند وزرائهم مشى في الصلح بين محمد علي ميرزا ابن فتح علي شاة القاجاري وبين داود باشا والي بغداد الشهير سنة 1212 وخرج إلى إيران فعظموه واحتفوا به وفي نظم اللآل كان بمنزلة السلطان في العراق في مسموعية الكلمة عند الحكام مع عظم شانه في العلم والفضل اه تخرج به كثيرون من المشاهير منهم
اخوه الشيخ حسن وصاحب الجواهر والشيخ محسن خنفر والمير فتاح المراغي صاحب العناوين. ألف منية الراغب في شرح بغية الطالب لوالده في الفقه لم يخرج منها سوى الطهارة. رسالة في الدماء الثلاثة وقد عاقه عن التأليف مرضه وانصرافه إلى الاهتمام بالشئون العامة. ولشعراء عصره فيه أشياء كثيرة ومن جملة شعرائه السيد حسن الأصم البغدادي، والشيخ صالح التميمي له فيه قصائد ومنهم الشيخ إبراهيم بن يحيى العاملي. وكان
المترجم مقيما في الحلة سنة 1241 وفيها ثار الحليون ثورة كبرى على داود باشا والي العراق المشهور وقتلوا جنوده ونصبوا عليهم عميدا حليا منهم فجهز داود باشا عليهم جيشا كثيفا وتطوع معه بعض العرب لأخذ الحلة ومنهم أمير ربيعة درويش ففارق المترجم بلدة الحلة إلى مشهد الكاظمين فقال الشيخ صالح التميمي الشاعر العراقي المشهور في ذلك:
بمن تفخر الفيحاء والفخر دأبها * قديما وعنها سار موسى باهله
وخلفها من بعد عز ومنعة * تكابده كيد السامري وعجله
وتغلب جيش داود باشا على الحلة والتجا الحليون إلى آل جشعم فغدروا بهم غدرة تاريخية مشهورة على أن داود باشا عفا بعد ذلك عن أهل الحلة ونصب عليهم من قبله سليمان الأربلي فلما وصل إلى الحلة استدعى الشيخ صالح التميمي واستنشده البيتين السابقين فتخلص وارتجل لوقته هذين البيتين:
زهت بأبي داود حلة بابل * والبسها بالأمن حلة عدله
وكانت قديما قبل موسى وقبله * تكابد كيد السامري وعجله
ومن قول الشيخ صالح التميمي في المترجم بعد وفاته:
وهل يخضر عيش فتى ترامت * به أيدي النوى عن آل خضر
وددت لو انني من بعد موسى * أبيت موسدا بفناء قبر
ولم أك بعده حيا ولكن * برغمي زادت الاقدار عمري
قال سبطه في طبقات الشيعة: قرأ على أبيه وكان ينوب عنه بالتدريس إذا غاب وكان له درس مستقل في حياة أبيه يحضره جمع من الفضلاء ويؤثر عن أبيه أنه قال لا فقيه الا انا وولدي موسى والشهيد الأول وكان جماعة من المتأخرين كالشيخ محمد حسن آل ياسين والسيد علي الطباطبائي وغيرهما يفضلونه في المتانة والدقة على أبيه ولما زحف محمد علي ميرزا ابن فتح علي شاة بعسكره على العراق وقارب بغداد سفر المترجم بينه وبين والي بغداد يومئذ داود باشا وطلب من علي ميرزا الرجوع إلى قرميسين وكان واليا عليها وترك محاصرة بغداد فأطاع امره ورجع ومن ذلك اليوم ازدادت عظمته بانظار ولاة بغداد فكانوا لا يتعدون رأيه فيما يشير به فاخرج بنفسه جميع ما في خزانة مولانا أمير المؤمنين ع من الجواهر والذهب والفضة وقيدها وضبطها في دفتر ومهره برسمه وحملها إلى بغداد
وأبقاها هناك محفوظة مخافة نهب سعود الوهابي لها كما فعل في مكة المشرفة والمدينة المنورة وكربلا وبعد حصول الأمن وارتفاع المحذور ارجعها بنفسه وأودعها في محلها الأول ولما فتحت الخزانة من قبل الدولة العثمانية لناصر الدين القاجاري لما زار المشاهد بالعراق سنة 1288 رآها وشاهد رسم المترجم عليها. وكان كريما سخيا ذا همة عالية وعطاياه تغني الفقراء أقل عطاياه ألف شامي أو ألفا شامي حتى أنه لما سافر إلى إيران ووصل إلى
عاصمة السلطنة طهران أعطاه فتح علي شاة اثني عشر ألف تومان ففرقها في يوم واحد على فقراء تلك البلاد ولم يعط أصحابه منها شيئا فلما بلغ ذلك الشاة عظم في عينه وأعطاه مصحفا مع بعض العروض الثمينة فلما رجع إلى بغداد طالبه الوالي داود باشا بهدية فأعطاه ما أهداه إليه الشاة. وورد إلى كربلاء لبعض الفتن التي وقعت بالنجف وشرع في الدرس
وكذلك اخوه الشيخ علي فأكب عليهما الفضلاء من أهل العلم وكانت كربلاء يومئذ محط رجال أهل العلم فيها ألف فاضل من علماء إيران يحضرون درس شريف العلماء فحضر جماعة منهم درس الشيخين، وكانا يدرسان الفقه لا غير ولم يمكث الشيخ موسى الا ستة أشهر في كربلاء ورجع مع أخيه إلى النجف فلما انقضى محرم الحرام من تلك السنة توفي شريف
العلماء فورد من كربلاء إلى النجف ألف طالب من طلبة كربلاء وسكنوا النجف حبا بدرس الشيخ موسى والشيخ علي ثم توفي الشيخ موسى واستقل الشيخ علي بالتدريس ومنها صار النجف مرجعا لأهل العلم من إيران وقبلها كانت كربلاء ولم يكن في النجف طلبة من إيران.
معارف الرجال/محمد حرز الدين
الشيخ موسى كاشف الغطاء
1180ـ 1243
الشيخ موسى بن الشيخ الأكبر الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء النجفي ولد في النجف حدود سنة 1180هـ، كان عالماً حقاً وزعيماً روحياً محلقاً وفقيهاً أصولياً مدققاً، حدث بعض الأساتذة أن المترجم له كان من أساطين العلماء والمدرسين ووجها من وجوه الفقهاء والمؤسسين، من شهد بفضله وسمو منزلته العلمية والده الشيخ الأكبر لما سئل عن أفقه العلماء فأجاب قائلاً: أنا وولدي موسى والشهيد الأول انتهى ويعرف في العراق وإيران بالمصلح بين الدولتين المسلمتين، وكان وجيهاً عند الولاة العثمانيين وحكامهم، مدافعاً عن الشيعة في العراق من التعصب الطائفي البغيض، ويحكى أن الشيخ قصد زيارة الامامين الكاظم والجواد عليهما السلام في بغداد ومعه عياله وجملة من أصحابه، وقد صير طريقه على الحلة الفيحاء فاستقبله أهلها بها حدود الشهر وفي زمن إقامة الشيخ في الحلة صار أهلها في اطمئنان من جور حاكمهم التركي سليمان أغا الأربلي في عهد الوالي داود باشا، ولما غادر الشيخ الحلة سائراً إلى الكرخ خرج أهلها لتوديعه بحنين وعويل، وفي هذه المناسبة أنشأ الشيخ صالح بن الشيخ درويش التميمي المتوفى سنة 1271 المتقدم ذكره بيتين من الشعر قائلاً:
بمن تفخر الفيحاء والفخر دأبها قديما وعنها سار موسى بأهله
وغادرها من بعد عز ومنعة تحاذر كيد السامري وعجله
وحفظهما بعض الوشاة وألقاهما على الحاكم سليمان أغا فعندئذ أرسل خلف الشيخ صالح وأحضره في المجلس العام وكان حاشداً وقال له ما قلت يوم خروج الشيخ موسى من الحلة فأجابه قلت خيراً فقال أنشدنيه فعكس التميمي البيتين ارتجالا قائلاً:
زهب بأبي داود حلة بابل وألبسها بالامن بردة عدله
وكانت قديما قبل موسى وقبله تحاذر كيد السامري وعجله
فقال له أحسنت أزعجناك سامحنا انتهى. وكان المترجم له مهابا محترما عند حكومة إسطنبول وكثيرا ما أيد داود باشا حيث كان من الممتثلين لأوامر الشيخ، وداود هو الذي أقطع المترجم له الأرض الزراعية في قرية البصيرة من قرى الحلة المزيدية بعد وفاة والده كاشف الغطاء سنة 1227هـ، ويروى أنه يصير تحت منبره للتدريس حدود الألف رجل بين عالم وفاضل، وكان تلمذته في كتب المقدمات على الشيخ أسد الله التستري صاحب المقاييس وعمدة تخرجه على دروس والده.
مؤلفاته:
ألف كتاب الصلاة لم يتم، ومنية الراغب شرح رسالة والده (بغية الطالب) ورسالة في الدماء الثلاثة ولم نعثر على مؤلف له غير هذه.
وكان أديباً شاعراً له مراسلات مع أدباء عصره ومما يروى أن له مراسلة أدبية مع العالم الفاضل الميرزا محمّد تقي الكركاني نزيل طهران فكتب الميرزا رسالة إلى الشيخ مخاطباً له بالأخوة مشفوعة ببيتين من الشعر هما.
مولاي عبدك من هواك بحال فارحمه قبل شماتة العذال
نالته منك شدائد وأشدها أرجاف ظنك انه لك سال
ومن علو همته حفظه لخزانة الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف بأن سجل جميع ما في الخزانة من أحجار ثمينة بل عديمة النظير مع الذهب والعقود والدرة اليتيمة وضبطها بخطه في دفتر وختمها بخاتمه وحملها إلى بغداد في إحدى خزائن حكومة والي بغداد داود باشا خوفا عليها من غارات آل سعود الوهابيين حيث أكثروا غاراتهم على كربلاء ونهبوا ما في الخزانة ونفائس البلد وبعد مدة أخذ الأمن والاستقرار يسود في النجف، لأمور أهمها بناء السور الثاني لمدينة النجف سنة 1231هـ على يد الصدر الأعظم محمّد حسين خان الأصفهاني فعندئذ سافر إلى بغداد بنفسه سنة 1239هـ وأرجعها إلى النجف في خزانتها الأولى وذلك في عهد خازن الحرم العلوم الملا محمّد طاهر بن ملا محمود المقتول في الحرم سنة 1242هـ، وفي عصرنا زار السلطان ناصر الدين شاه النجف في سنة 1287هـ وطلب من حكومة الترك أن يفتحوا له خزانة حرم أمير المؤمنين عليه السلام لكي يشرف عليها ويتفقدها ففتحوا له الخزانة وأشرف عليها ونظر في دفترها فإذا هي كاملة ونظر إلى ختم الشيخ المترجم له في آخر الدفتر وأثنى عليه وترحم له.
حدثنا من حضر لجنة الإشراف على الخزانة مع الشاه الأعظم.
وفاته:
توفي في النجف سنة 1243هـ ودفن مع والده بمقبرتهم الشهيرة في النجف ورثته الشعراء.
2013-04-13