السيد محمد حسن المجدد الشيرازي
مع علماء النجف
السيد الميرزا محمد حسن بن الميرزا محمود الشيرازي النجفي أعظم علماء عصره وأشهرهم وأعلى مراجع الإمامية في سائر الأقطار الإسلامية بوقته
ولادته:
ولد في شيراز في اليوم الخامس عشر من شهر جمادى الأول عام 1230هـ
دراسته:
أخذ المقدمات فيها ثم انتقل إلى أصفهان في 17 صفر 1238هـ ودرس على الشيخ محمد تقي مؤلف حاشية المعالم وغيره من الأعلام حتى أصبح من مدرسي أصفهان الأفاضل ثم هاجر إلى العراق في 1259هـ ودرس على صاحب الجواهر والشيخ حسن آل كاشف الغطاء صاحب أنوار الفقاهة وعلى الشيخ الأنصاري ثم لازم الأخير في الفقه والأصول إلى آخر حياته وكان مرموقاً ومعظماً لدى الشيخ الأنصاري حيث نقل عنه بأنه كان يكرر القول: إني أباحث لثلاثة الميرزا محمد حسن الشيرازي (المترجم له) والشيخ حبيب الله الرشتي وآغا حسن الطهراني.
ولما قضى الشيخ نحبه عام 1281هـ أجمع زملائه من وجوه تلاميذ الشيخ الأنصاري على تقديمه وأصبح بعد ذلك المرجع الوحيد للإمامية ووقف ضد ناصر الدين شاه عند وقع اتفاقية اقتصادية حول التبغ مع شركة بريطانية وأفتى بحرمة التدخين فخسرت الشركة وفاز الدين الإسلامي في معركته مع الاستعمار البريطاني.
قال تلميذه السيد حسن الصدر في التكملة أستاذنا وسنادنا وعمادنا سيدنا الإمام رئيس الإسلام نائب الإمام مجدد الأحكام أستاذ حجج الإسلام آية الله على الأنام كهف الإسلام محيي الشريعة سيد الأنام… ويقال أن هجرته إلى سامراء كانت للابتعاد عن الزعامة والرياسة وطلباً للانزواء والعزلة.
وفاته:
توفي أول ليلة الأربعاء 24 شعبان 1312هـ في سامراء وحمل على الأكتاف من سامراء إلى النجف ودفن في مقبرته التي هي على جنب باب الطوسي من الصحن الشريف العلوي.
من مؤلفاته:
له: تلخيص إفادات أستاذه الأنصاري. حاشية نجاة العباد. حاشية النخبة. رسالة في اجتماع الأمر والنهي. رسالة في الرضاع. كتاب الطهارة. كتاب في الفقه.
معارف الرجال/محمد حرز الدين
الميرزا محمّد حسن الشيرازي
1230ـ 1312
السيد ميرزا محمّد حسن بن السيد ميرزا محمود بن السيد إسماعيل بن مير فتح الله بن عائد لطف الله بن مير محمّد مؤمن الشيرازي ولد في شيراز في النصف من جمادى الأولى سنة 1230هـ ونشأ فيها. ثم هاجر إلى أصفهان وأكمل مقدماته بها وقرأ الحكمة والفلسفة وعلم النجوم والعلوم العقلية أيضاً في أصفهان. وهاجر إلى العراق وأقام في النجف الأشرف يحضر على مدرسيها الأعلام وتتلمذ على الشيخ المرتضى الأنصاري كثيراً حتى توفي سنة 1281هـ ثم استقل حيث اكتفى عن الحضور على المدرسين لنبوغه وتوفر الملكات المودعة فيه وفتح باب التدريس على مصراعيه في النجف واتسع أمره في التدريس وحضر بحثه العلماء وأهل الفضيلة هذا ورجع اليه في التقليد في النجف وأخذت مرجعيته تتسع يوماً فيوماً وأصبح له ظهور في المرجعية بالرغم من أن النجف يومذاك فيه أقطاب العلماء والمراجع.
هجرته:
هاجر إلى سر من رأى حدود سنة 1293هـ وحط رحله بها وبركبه الجم الغفير من العلماء والمدرسين والطلبة وفتح أبواب التدريس فيها ثم أخذت الوفود العلمية والبعثات من سائر الأقطار الإسلامية تترى عليه، وهناك نال الزعامة وأذعن لفضله وعلمه الجمهور، وتسلم بيده زمام المسلمين ومقاليد الأمور، من انتهت إليه رئاسة أكثر الإمامية من سائر الأمصار، وكان فكوراً متطلعاً على الأنباء البعيدة والقريبة وكانت البلدان بل الأقطار الإسلامية وزعمائها ملحوظة بنظره لا يغفل عنها وما حل فيها، وقد نصب له في كل بلد ممثلاً عنه أميناً ثقة لقبض الحقوق وتدفع إليه في كل شهر وتوزع على مستحقيها كذلك، وكان الميرزا يباشر مهام أموره بنفسه من أجوبة المسائل والكتب ولا يدع أحداً يطلع على أسرار المراجعين مهما أمكن. وكان زمام أموره الداخلية والخارجية بيده عدا الوقايع العرفية العامة والسياسية فإنه يعقد لها مجلساً يحضره وجوه تلمذته الأعلام وأهل التدبير، ومن حسن أخلاقه أنه كان يرحب بالوفد ويكرم القريب والبعيد، ويحترم أهل العلم كل بحسب رتبته العلمية، ووفد عليه بعض معارف النجف ولم ينحله ما كان يأمله فكتب إليه كتاباً فيه من الكلام الغليظ الشيء الكثير وختم كتابه بقول القائل..
أمر له بألفي درهم فارسي عدا ما وصل إليه من قبل، ولما وصل النجف زاره الناس ودخلت عليه بداره فسمعته يثني على السيد ثناءاً بالغاً، وكان (قده) يغضبه أن يتوسط أحد في مطلب آخر ويعجبه أن يتصل صاحب الحاجة به، وصار آخر أيامه لا يأذن للناس إذناً عاماً إلاّ في أوقات مخصوصة لسعة مرجعيته وكثيراً ما يخلو بنفسه فلا يدخل عليه احد إلاّ صاحب حاجة، ومن سخائه كان يعطي فيفضل. وينيل فيجزل، عميم النفع انتفعت به الفقراء والأغنياء وكان يجمع للفقراء وأهل القرى والبوادي ما يحتاجون إليه من ألبسة وأطعمة في السنة مرتين.
وحدثت في أيامه فتنتان ـ عظيمتان مصدرهما الساسة الأجانب ـ الأولى أن حكومة السلطان ناصر الدين شاه باعت بعض المعادن والتنباك في إيران على بعض ساسة الانكليز بتسويل بعض أرباب مملكته برشى تقدمت إليهم، ومن وراء ذلك حاول الساسة التصرف بمقدرات إيران وسياسته الداخلية كما سبق له في (الهند) ولما أطلع السيد الشيرازي على هذه المحاولة حرم شرب التتن على ساكني إيران وأنذر السلطان بالخطر، فعندئذ امتنع المسلمون في إيران عن التدخين ووقفت حركته التجارية وقال لهم السلطان خذوا رضاء رئيس الشيعة (الإمامية) الميرزا الشيرازي في العراق، وقدموا على السيد الشيرازي وبذلوا له الأموال الطائلة وكالوا له من الأمنيات الشيء الكثير وآخر كلام له مع الوفد الانكليزي (لو تملؤا لي الدنيا ذهباً وفضة لم يكن الأمر) ونزل الانكليز عن ضمانهم.
والفتنة الثانية ولدت في بلد سامراء ومصدرها أيضاً الساسة الأجانب وحدثنا بعض الوجوه من أصحابه بأن الميرزا قال يوماً في حق بعض تلاميذه تفرساً منه أنه: يكون هلاك أمة جده على يده فإن صح ما نقل عن الميرزا فهي فراسة صائبة ولقد جدّ هذا الرجل واجتهد من سنة 1322هـ حتى توفي بعدما أفتى…
تلامذته:
تخرج عليه في النجف وسامراء جمع كبير من العلماء يعسر إحصاؤهم ونكتفي ببعض الوجوه منهم السيد إسماعيل الصدر، والميرزا محمّد تقي الشيرازي والسيد محمّد الأصفهاني، والسيد ميرزا إسماعيل الشيرازي ابن عمه، والشيخ محمّد باقر الاصطهباناتي، والشيخ ملا كاظم الخراساني، والميرزا فضل الله الفيروز آبادي، والميرزا حبيب الله، والشيخ عبد الجبار الجهرمي، والميرزا إبراهيم بن محمّد علي المحلاتي، وأخوه الميرزا محسن، والشيخ عبد النبي، والميرزا أبو الفضل، والشيخ حسن علي الطهراني، والشيخ فضل الله النوري والميرزا حسين النوري والشيخ هادي المازندراني الكربلائي، والسيد حسين القمي، والشيخ إسماعيل المحلاتي النجفي، والشيخ عبد المجيد الكروصي، والسيد محمّد الشرموطي، والسيد محمّد الهندي، وملا علي الرشتي، والشيخ باقر حيدر، والشيخ عباس بن الشيخ علي، والشيخ عباس بن الشيخ حسن والشيخ موسى، والشيخ علي آل كاشف الغطاء، والشيخ شريف الجواهر، والشيخ ملا فتحعلي السلطان آبادي، والسيد أحمد بن السيد صادق، وأخوه السيد محمّد، والشيخ محمّد حسن بن علي الطهراني.
وكان مجلس بحثه مزدحماً بالعلماء والمدرسين وتأتيه الاستفتاءات من سائر الأقطار الإسلامية ويحرر المسائل المهمة منها ويجعلها عنواناً يدرس به تلامذته، وكان ينصت لكل تلميذ له قابلية النقاش في الدرس. ليستفيد بآرائهم حتى يصفو له الوجه في المسألة، كل ذلك تورعاً ووثوقاً بإصدار الفتوى، وكان كثير الاحتياط والتأمل حتى في الامور العرفية. فلا يدخل في مطلب يمكن الناقدين والحاقدين منه.
وفاته:
توفي في سامراء بداء الغشيان حدود الشهرين وقبض بعد الغروب بأربع ساعات من ليلة 24 شعبان سنة 1312هـ وحمل على الرؤوس من سامراء إلى النجف والقبائل العربية تستقبل جثمانه وتحمله إلى منتهى حد القبيلة الثانية وكذا المدن والقرى وأقبر بجوار جده أمير المؤمنين عليه السلام بمقبرته الشهيرة بباب الطوسي وخلف ولده العالم الفاضل السيد ميرزا علي وقد ترجمناه، واستمرت الفواتح لروحه (قده) في القبائل والمدن العراقية حدود السنة ورثته الشعراء من كل صقع عربي وإسلامي.
2013-04-16