الخميس , 25 أبريل 2024
الرئيسية » تاريخ النجف الأشرف » الوقائع » سنة 1326هـ – 1908م.. مجموعة من الوقائع

سنة 1326هـ – 1908م.. مجموعة من الوقائع

سنة 1326هـ – 1908م

الانقلاب العثماني :

في هذه السنة أعلن الدستور العثماني إثر الانقلاب على السلطان عبد الحميد, وبهذه المناسبة أقيمت احتفالات كبيرة في مدينة النجف الأشرف, شارك فيها الشعراء والخطباء, منها حفل أقيم في دار الكروري الكبيرة في مجلس أعده السيد عبد الله بن السيد إسماعيل البهبهاني المتوفي سنة 1328هـ. ومما ألقي فيه قصيدة مشتركة بين الشيخ كاظم بن الشيخ طاهر السوداني المتوفي سنة 1380هـ, والشيخ حسن بن الشيخ علي الحلي النجفي المتوفي سنة 1337هـ, جاء فيها :

السيف من حقه أن يخدم القلـــــــــــــما                  يجري مدادا ويبكي السيف منه دمـــــــــا

الله لم يتخذ يوم الحساب لــــــــــــــــــه                   سيفا ولن أعد اللّوح والقلمــــــــــــــــــــــا

بالعلم قادوا ملوك الأرض قاطبـــــــــــــــة                   اليوم أصبح ملك الأرض للعلمـــــــــــــــــــا

لله أهل ( سلانيك ) فواحدهــــــــــــــــم                  لا يرهب الجمع إمامهم لو عزمــــــــــــــــــا

ولو تراهم على المخلوع يوم سطــــــوا                   في قصر ( يلدز ) حتى فر وانهزمــــــــــــــا

وأرخ الشيخ علي بن حسين الشهير بالبازي المتوفي سنة 1387هـ, هذه الحادثة بقوله:

قد نقم الشعب على نظامه        ذاك الذي عبد الحميد نظمــــــه

وشعبه على انقلاب حكمه        ثار عليه أرّخوا ( فأرغمــــــــــــه )

 

قادة حزبي المشروطة والاستبداد في النجف:

في العقد الأول من القرن العشرين الميلادي شبت في إيران ثورة سياسية حصل فيها انقسام رهيب جر إلى ويلات وكروب فكل صقع من إيران فيه حزبان:

حزب المشروطة الذي يريد الحكم مشروطا ومقيدا بدستور ومجلس شورى.

وحزب الاستبداد يقوده رجال الحكومة والمتنفذون الذين يريدون أن يكون الحكم سلطة مطلقة.وبما أن قادة الرأي العام الإيراني هم علماء النجف الأشرف زحفت الحركة إلى النجف وتسعرت بين الطلبة الدارسين الذين يؤلفون حزب المشروطة, وكانت زعامتهم معقودة للمرجع الشيخ ملا كاظم الخراساني والحاج ميرزا حسين الخليلي والشيخ عبد الله المازندراني وبقية الأعلام.

أما حزب الاستبداد فزعامتهم معقودة للإمام السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي, وكان الثقل في هذا الحزب الذي يريد إبقاء القديم على قدمه لأن السلطة عند هؤلاء مقدسة والسلطان ظل الله على الأرض.

وقامت في النجف حركات سياسية مهمة تكاد تكون علنية, تديرها هيئة من العلماء لتأييد الانقلاب في إيران بتنظيم الفتاوى والرسائل والعرائض والنشرات المتتابع إرسالها إلى إيران بأيدي  الرسل, وازدادت الحركات نشاطا عند إعلان الدستور العثماني في السنة نفسها وأصبحت علنية صارخة تتواصل بها المظاهرات فتعطل الأسواق والحلقات التدريسية, كما تنظم الاجتماعات العامة في جوامع النجف الأشرف ومدارسها الدينية فتلقى الخطب باللغات العربية والفارسية.

وقد عمل علماء إيران في النجف الأشرف لتوطيد دعائم الدستور الإيراني ( المشروطة ) أعمالا مهمة :

منها إرسال الفتاوي برقيا بتواقيعهم إلى السلطان عبد الحميد العثماني والى محمد علي شاه بوجوب التخلي عن عروشهم ونشرت صور تلك البرقيات في جريدة حبل المتين التي يصدرها السيد جلال الدين الحسيني الكاشاني في كلكتا باللغة الفارسية حينذاك.

ومنها : القيام بتشكيل جبهة تضم الهيئة العلمية وفرع حزب الاتحاد والترقي في النجف الأشرف وأخذت صورة لهذه الجبهة نشرت في مجلة الهلال في ذلك العهد.    

 

حزب الاتحاد والترقي.

في شهر شعبان او رجب من هذه السنة تم إنشاء كل من فرع بغداد وفرع النجف لحزب الاتحاد والترقي.

قال الشيخ الشبيبي: وقد عقب نبأ إعلان الدستور العثماني ورود المندوب العثماني ثريّا بك الى النجف الأشرف, وأنشأ فيها فرعا لجمعية الاتحاد والترقي, ثم انشأ الطلاب الفرس في النجف بعد قليل الهيئة العلمية الشهيرة في تلك السنة. ثم اجتمعت هاتان الجمعيتان في النجف وتحالفتا على الإخلاص في العمل والتعاون والتناصر وذلك في احتفال حافل اتفق في مدرسة الميرزا حسين الخليلي الكبيرة تلك الأيام, وحضره الضباط والمندوبون العثمانيون والعلماء والطلاب المتنورون وغيرهم, وأخذت صورتهم الشمسية على تلك الحال.

وللسيد مهدي الكرادي البغدادي النجفي – المعروف في النجف بالسيد مهدي أبو الطابو – قصيدة يهجو الاستبداد وأصحابه, ويمدح ثريّا رجل الدستور:

قل للذين استبدّوا في زمانهم           العدل جاءكم والموت سيّــــــــــــــــــــان

هذا ثريا وقد شقت كواكبــــــه            وهي الثواقب تردي كل شيـــــــــــطان

 

عام قحط وغلاء.

وكانت هذه السنة قحط وغلاء, ولهذا المعنى يشير الشيخ طالب بن الشيخ أسد شرع الإسلام المتوفى سنة 1346هـ في أبيات له, قال:

أبدت لنا مقاصد الدهــــــــــــــــــر           أمرا سها تنظف بالمكــــــــــــــــــــــــــــــــر

عاداتها الغدر فلا منكـــــــــــــــــر           لما أتته من سني الغــــــــــــــــــــــــــــــــدر

شابت بها شبان من غيّهـــــــــــا           وقد فنوا من شدة الجـــــــــــــــــــــــــــــــور

من أجلها صرنا على حالـــــــــــة           يوشك ان نهلك بالقهــــــــــــــــــــــــــــــــــر

لكن تأسينا بقوم هــــــــــــــــــم            أئمة العدل مدى الدهـــــــــــــــــــــــــــــــــر

أبوهم الكرّار مولــــــى الـــــورى            عليّ الموصـــــــــــــــــــــوف بالذكـــــــــــــر

أمير هندي يزور النجف.

وفي هذه السنة زار النجف الأمير الهندي مير فيض محمد خان تالبر أمير مقاطعة خير بور السند, وهو شيخ كبير ومعه كثير من وزراءه وعساكره, ونزل في دار السيد علي آل كمونة, وفرق الأموال على الخدم على حسب طبقاتهم.

افتتاح أول مدرسة أهلية في النجف.

وفي هذه السنة أسس أحد الدعاة الى المشروطة الشيخ عبد الرحيم الباد كوبي مدرسة في النجف الأشرف أسماها ( المدرسة الأهلية المرتضوية ) وكانت في دار حاكم النجف الملاّ يوسف الواقعة في محلة المشراق, وعطلت هذه المدرسة بعد نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914م.

 

عودة الزعيم عطية أبو كلل من كرمنشاه.Untitled-1

في اليوم الثامن والعشرين من ذي الحجة من هذه السنة عاد الزعيم عطية أبو كلل من كرمنشاه الى قصره بالحياضية, بعد فراره من حكومة الأتراك على إثر حادثة القصر الأولى التي قام بها ولده تركي وأصحاب أبيه, مثل سلمان أبو غنيم الذي أصيب بطلقة في رقبته, وجماعة من آلبو عامر, وقد قتل منهم رجلان بشظية قنبلة في قتالهم مع الجيش العثماني الذي قصدهم الى القصر, وبعض العشائر الفراتية أنصار بعض رؤساء الزقرت من أصحاب الدولة التركية الحاكمة, وانتصار تركي وأصحابه عليهم.

الرحالة لويس ماسنيون يزور النجف.

وفي هذه السنة ورد النجف الرحالة الانكليزي لويس ماسنيون وأقام فيها ووصف محلاتها بإيجاز, قال:

وللنجف خريطة متقنة وضعها ( نيبوهر ) فأفادتني كثيرا في أيام إقامتي بمدينة النجف من 11-17 مارس سنة 1908م, وإليك وصف محلاتها الأربع حسب ملاحظاتي حينذاك:

1 – محلة حقيرة تسكنها عشيرة الشمرت تسمى المشراق في الشمال بين باب البحر القديم واليوم يسمى ( باب الثلمة ) و ( الباب الصغير )[1] 

وثلاث محلات واسعة لعشيرة الزقرت , وهي :

2 – محلة العمارة وتشمل الجامع وسوق القاضي( سوق العمارة ) في الجنوب الغربي.[2]

3 – والحويش الصغير والكبير في الجنوب.

4 – والبراق مع السوق الكبير في الشرق.

ثم قال : وعند عودتي سنة 1934م وجدت النجف لم تتأثر كثيرا من جراء انقطاع الزوار الإيرانيين عنها منذ 1925م بخلاف كربلاء.

ويقول : وبالرغم من ان البلدة القديمة قذرة جدا , توجد هناك أنابيب تجلب إليها الماء من الفرات , بينما في سنة 1908م لم يكن هناك سوى الآبار ومجرى صغير من الماء الكدر ( جدول النجف ) وكانت أي النجف , عديمة الزرع والخضرة.

 


[1].. أما قوله : محلة المشراق في الشمال فصحيح, وأما أنها بين باب البحر القديم واليوم يسمى باب الثلمة وباب الصغير , فغير صحيح , فإن محلة المشراق من هذه الجهة لا يتجاوز حدها أكثر من نقطة الشمال. وهي الى الشرق أميل. وإن باب البحر القديم – باب الثلمة – في الغرب , في منتصف محلة العمارة من جهة بحر النجف , حيث ان العمارة تأخذ مقدارا من الشمال ثم الى الغرب وتتعدى الى الجنوب الغربي.

واام الباب الصغير – باب النهر – ويسمى أيضا باب اشتابية فهو يقع في الجنوب الغربي لمحلة العمارة , ولا يخفى أن مثل هذا الاشتباه فيما كتبه المستشرقون عن البلدان الغربية كثير لعدم معرفة الكاتب أو المترجم الأسماء العرفية للبقاع.

[2] .. ولا أعلم ماذا أراد بالجامع ؟ فإن كان يعني به الصحن الشريف فهو لا ينسب الى أية محلة , والمحلات الأربع عينت جهتها بالنسبة الى إليه, مع ان محلة العمارة وسوق القاضي ( سوق العمارة ) يقعان الى الغرب لا الجنوب الغربي , كما قال.

المصدر : (تاريخ النجف الأشرف- ج 3/محمد حرز الدين )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.