الخميس , 21 نوفمبر 2024
الرئيسية » تاريخ النجف الأشرف » الوقائع » خلع السلطان عبد الحميد

خلع السلطان عبد الحميد

سنة 1327هـ – 1909هـ.

خلع السلطان عبد الحميد150px-Abdulhamit

في هذه السنة خلع السلطان عبد الحميد, وتوج السلطان محمد رشاد, فنظم شعراء النجف بهذه المناسبة وأرخوها, ومنهم:

عبد الحميد مذ هوى نجمه          ونال منه شــــعبه ما يريد

وجيء بالرشاد من بــــعده             وانقلب العهد لعهد جديد

أضداده قد ارتات أرخّـــــــوا            ( بأنه تخلع عبد الحميد )

وللشيخ عبد العزيز بن الشيخ عبد الحسين الجواهري, قصيدة عنوانها( ملك السجن ) نظمها بمناسية خلع السلطان عبد الحميد, منها:

بعيشك كم تحنّ الى السرير               وكم ترنو بطرفــــــك للقصور

هلاليا أراك نحلت جســــــــما              أما تشفيـــــــــك آفلة البدور

طوال الرعب قبل الموت ميتاً                وأحيتك المنى قبل النشور

رسالة حاكم الحجاز إلى الإمام اليزدي.

في هذه السنة كتب سعود الرشيد حاكم الحجاز كتابين الى الامام السيد محمد كاظم اليزدي حول طريق الحج على جبل حائل, الأول مؤرخ في التاسع عشر من شهر رجب, والثاني في الخامس عشر من شهر رمضان من هذه السنة

السماح بنقل الجنائز إلى النجف.

وفيها قررت وزارة الصحة في الاستانة بنقل الجنائز الى النجف الأشرف على مسؤوليتها الخاصة وذلك في 21 أيلول 1909م, ثم في الأول من آذار 1910م.

وأسفر هذا القرار عن ازدياد في عدد الجنائز المنقولة الى المدن المقدسة عبر ميناء البصرة, ويذكر ان حكومة الهند أصدرت قرارا بمنع نقل الموتى الى النجف الأشرف عندما تفشى الطاعون في الهند سنة 1314هـ-1896م, ولكن قرار المنع هذا فقد مفعوله بقرار الاستانة, وارتفع عدد الجنائز سنة 1908-1909م من الصفر الى 730, ثم الى 899, ثم الى 1552 في السنوات التالية.

امتحان طلبة النجف في بغداد.

وفي هذه السنة سافر الشيخ جعفر بن الشيخ عبد الحسن بن الشيخ راضي المتوفي سنة 1344هـ مع جمع من طلبة النجف الى بغداد لاداء الامتحان الذي فرضته الحكومة العثمانية كشرط لاعفائهم من الخدمة العسكرية. وكان الشيخ جعفر هو الزعيم لهم والقائم على الطلبة بواجباتهم والتكفل بكافة نفقاتهم, وبعد أداء الامتحان رجع بهم الى النجف وكان يوم رجوعه يوما مشهودا في النجف , وعقد في داره محفل للتهنئة والمدح, فأنشدت القصائد العامرة لكثير من الشعراء, وكان ذلك اليوم حلبة من حلبات الأدب النجفي الحي.

أول مطبعة في النجف.

في هذه السنة 1327هـ – 1909م أسست في النجف الأشرف أول مطبعة للكتب وهي مطبعة حبل المتين أرسلها من الهند السيد جلال الدين الحسيني الكاشاني الى أخيه في النجف السيد محمد علي حبل المتين حيث كانت قبل ذلك في كلكتا تطبع فيها جريدة حبل المتين. وفي النجف تولت طبع بعض الكتب العربية والفارسية, واستمرت في طباعة جريدة حبل المتين الفارسية التي كانت تطبع فيها عندما كانت في كلكتا. وقد توقف عملها عند الحرب العالمية الأولى, وانحلت وبيعت أدواتها.

مقاومة الزعيم عطية أبو كلل.

بعد أن جاء الزعيم عطية أبو كلل من كرمنشاه في 28 من ذي الحجة سنة 1326هـ, وحل في قصره بالحياضية اجتمع عليه اصحابه ومريدوه وأبدوا له ما هم عليه من حرب من سبب لهم النفي والتشريد, فمنعهم من ذلك ووبخّهم, فسبقوه قاصدين النجف وتبعهم مسرعا, ومكثوا ثلاثة أيام في النجف لم يسمح لهم بالهجوم على أعدائهم فبلغ السلطة المحلية بالنجف ذلك وطلبت من بغداد قوة فأرسلوا إليهم ثلاثة طوابير على الفور إضافة الى الجند المرابط في النجف.

وفي صباح السابع والعشرين من محرم سنة 1327هـ – 1909م وقعت الحرب بينهم, فأخذ أنصار الزعيم عطية مواقعهم في الدور المشرفة التي حول محلة العمارة وتحصنوا بها, ودامت الحرب من طلوع الشمس حتى الساعة الثالثة من الليل, فلا يسمع إلا دوي البنادق وأزيز الرصاص في مدينة النجف, وانجلت الحرب عن خمسة وعشرين قتيلا من عشيرة الشوافع الذين هم محل اعتماد الجهة المقابلة لأبي كلل – وهو السيد مهدي السيد سلمان وأنصاره – وعدة قتلى من الحكومة, وقتل من انصار عطية رجلين لا غير.

ثم أن الزعيم عطية خرج من النجف في تلك الليلة راجعا الى القصر, وكان عدد من يصحب عطيّة سبعين رجلا. ولما علمت الحكومة التركية بهذا لأمر تبعه الجيش في طلبه تعضده بعض العشائر أنصار بعض رؤساء الزكرت, واحاطوا بالقصر, فخرج الزعيم عطية وأنصاره من القصر مدافعين عن انفسهم, وقد انقسموا على الجيش الى جهات شتى وهم يحاربون حرب اليائس المستميت, ودامت الحرب يوما وليلة, وقد قتل فيها عبود طه – ابن أخ الزعيم عطية – ومحمود صبّي – شقيق فارس النجف كاظم صُبّي – وأصيب مطلب بن يوسف أبو كلل في فخذه, وقتل من الجيش والعشائر عدد قليل.

وقد اشترك في هذه الواقعة جماعة من النجفيين منهم, أصهار الزعيم عطية مثل الحاج حمد العامري واولاده وحسن حجي وثامر حجي من عشيرة الجبور, وبعض قرباه مثل أولاد جاسم السعد وهما حسين وعباس وحميد الصكر واخوه من عشيرة العكرات وحلفاؤه مثل كاظم صبي واخوه محمود صبي وجملة من حلفائه من العكايشيين وأخواله الشبانات وإخوته وبني عمومته من النجف الأشرف والسماوة وقصر الحياضية.

وبعد هذه الواقعة أخذ الجيش يتقدم الى القصر بأمر القائد العام حتى قرب منه على بعد حدود كيلومترا واحدا. هذا وقد نفذ عتاد أصحاب أبو كلل وعراهم العجز عن كل مقاومة اتجاه الجيش النظامي, ولا يمكنهم الفرار من القصر حيث أن الجيش قريب منهم يراهم ويرونه, ومن قبل كانوا قد حملوا قتلاهم وجرحاهم الى داخل القصر بما فيه النساء والأطفال والأغنام.

وقد فكر الزعيم عطية أبو كلل وأصحابه من تدبير أشياء من الممكن أن يحصل فيها بعض النجاة والفرار بأرواحهم وعيالاتهم.

منها:

إنهم جمعوا حبوبهم وأخشابهم وأثاثهم المنزلي في وسط القصر وأضرموا به النار فلما رأى الجيش النار سنامها اعتقد القائد بأن القوم مستعدون للهجوم عليهم , واضرام النار عند القبائل علامة لقتال , فسحب القائد جيوشه بانتظام وجمعهم في جبهة واحدة قبال باب القصر على بعد ميلين منه, هذا وقد دخل الليل عليهم.

ومنها:

إنهم أرادوا نقب (ثقب ) جدار القصر من الخلف غربا في تلك الليلة وخافوا من سماع الجيش ضرب المعاول والفؤوس فعالجوه بأن جماعة منهم يتولون الضرب على القدور والتنك بقوة فيصير لها صدى في الأفق عظيم فلا يسمع ضرب المعاول في الجدار حتى يتمكنوا من فتح باب لخروجهم من الخلف في سواد الليل, وكان ليل حالك بالغيوم وشديد البرد, فخرجوا كلهم بعيالاتهم وأطفالهم يمشون تاركين وراءهم أغنامهم في القصر وقتلاهم, وأما الجرحى فقد أركبوهم على خيولهم يجدّون السير ليلهم ونهارهم مدة ثلاثة أيام بلياليها, وسلموا من القتل.

ولما أصبحوا أطلق الجيش مدافعه على القصر فلم يجابهوا ولا بطلقة واحدة, وليس لهم جرأة على الهجوم, وبعد ساعات مضت أرسلوا من يكشف لهم قصة من في القصر فلم يجدوا في القصر أحد سوى الأغنام وبعض الأثاث والقتلى مطرحين على الأرض.

فعمد أحد النجفيين فاحتز رؤوسهم وحملها في مزودة, فاستنكر هذا الفعل الشنيع العلماء والوجوه بل مختلف الطبقات النجفية, ونقم العلماء بالأخص على مرتكب هذه الجريمة لأنها مثلة محرمة في الشريعة الاسلامية, وتولى نقل الجثث ودفنها بعد ارجاع كل رأس الى جسده في وادي السلام رجل اسمه مجيد بن حاج عبود شربة.

وبعد عودة الجيش الى النجف أخرجت السلطة الحاكمة العمال الى القصر لهدمه. والزعيم عطية مع أصحابه وعيالاتهم مختفون عند العشائر حتى خلع السلطان عبد الحميد.

المصدر: تاريخ النجف الأشرف ج3

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.