كانت المواصلات القديمة في العراق تعتمد على ظهور الحيوانات، والوسائل المائية. والنجف البلدة الواقعة على حافة الهضبة (تربطها بمدن العراق والحجاز وجبل حائل … الخيل والبغال والإبل والحمير. شأن غيرها من المدن. ويوم كانت بحيرة النجف الواقعة غربها، كانت السفن الشراعية ترسو على ضفتها الشرقية قادمة من البصره([1]).
وتستفيد النجف من نهر الفرات المار بمدينة الكوفة، والذي يبعد عن النجف قرابة 10 كيلومترات تسير فيه السفن الشراعية والزوارق، ثم المراكب ذوات المحركات. تحمل الناس والبضائع.
(وأنشأت شركة الترامواي ــ وهي سكة الحديد والعربات التي تجرها الخيول على السكة ــ وكان ذلك عام 1913م ــ 1331هــ. في أواخر العهد العثماني في النجف. واستمرت سمكة الحديد حتى عام 1949م ــ 1368هــ حيث رفعت آخر عربة مع السكة بعد انتهاء الامتياز.
وكان لسكة الحديد هذه الفضل الأكبر في ربط النجف بالحواضر العراقية ربطاً وثيقاً عن طريق الماء (نهر الفرات) حتى أن الشركة جلبت بعض المكائن البخارية لسحب عدد من العربات، وكانت أشبه بالقطار الآن، وسميت في حينه (طرزينة) ولم تدم طويلاً، حيث أنها استهلكت، ولم يكرر أعضاء الشركة شراء مكائن جديدة.
وكان السفر إلى كربلاء عن طريق الشركة التي أسسها المرحوم محمد حسن كميني، وكانت العربات التي تجرها الخيول هي الوسيلة للذهاب والإياب، مع استراحة في خان المصلى، وخان النصف، وخان النخيلة، وتبديل الخيول أيضاً وكان للحاج رضا الصراف خط مواصلات بين النجف وكربلاء بواسطة العربات التي تجرها الخيول، وفي غاية العناية والرعاية. وانتهى مفعول هذا الخط باستعمال السيارات بين المدينتين([2]).
وكان للحاج حسين علي البهبهاني خط عربات بين النجف وكربلاء تجرها الخيول([3]).
(وفي عام 1911 ــ 1329هــ دخلت النجف أول سيارة وكانت أعجوبة العوام)([4]) والسيارة الثانية كانت للوالي خليل باشا. ثم أخذت بعدها تتقاطر سيارات الجيش الانكليزي المحتل([5]).
وجدير بالإشارة أن الطرق التي تربط مدينة النجف بالمدن المحيطة بها كانت جميعها غير معبدة، وعبدت أخيراً. فارتبطت النجف بمدينة الكوفة وكربلاء، وأبي صخير بطرق معبدة.
أما طريق الحج البري، فهو قديم، فمنذ العهد العباسي، والجهود التي تلته لم تسر قوافل الحجاج من جهة البر إلا عن النجف([6]).
وقد حدثت فيه بعض المخاطر أدت إلى تحريم السير فيه بفتوى من علماء النجف عام 1902ــ 1320هــ، وبقي الطريق مهملاً حتى عام 1932 ــ 1350هــ، عندما شكلت الحكومة العراقية الملكية لجنة لكشف الطريق.
وفي سنة 1935ــ 1354هــ صودق على اتفاقية عراقية سعودية وكانت هذه السنة أو سنة يسافر بها الحجاج إلى مكة المكرمة رسمياً.
ولم يستمر فتح الطريق سوى سنتين، ثم تعطل بعدها الحج عن هذا الطريق([7]). وأعيد فتحه عام 1961ــ 1380هــ ولم يدم السير فيه بل أغلق بعد بضعة سنين أيضاً.
ويمتد هذا الطريق ابتداءاً من مدينة النجف عبر المنخفض (بحر النجف) باتجاه الرحبة. ومنها إلى آبار زبيدة، وبركة حمد، ومغيتة والشبكة، وأشراف، وواكصة، وعيدها، والجميمة. حيث يدخل بعدها الأراضي السعودية متوجهاً إلى حائل([8]).
[1] السيد مجيد الموسوي/ الحاج عطية أبو كلل الطائي ص6.
[2] عبد الرحيم محمد علي/ فصول من تاريخ النجف الأشرف/ مخطوط ص31.
[3] عن الأستاذ صالح شمسة (وذكر الأستاذ عبد الرحيم محمد علي وجود خط للحاج كاظم أبو التمن والعربات تجرها البغال.
[4] حسن الأسدي/ ثورة النجف، ص86.
[5] عبد الرحيم محمد علي/ فصول من تاريخ النجف الأشرف/ مخطوط، ص31.
[6] جعفر محبوبة/ ماضي النجف وحاضرها 1: 405.
[7] عبد الرحيم محمد علي/ فصول من تاريخ النجف الأشرف/ مخطوط، ص31.
[8] عدنان رشيد أبو الريحة/ الاستيطان القبلي في منطقة منخفض النجف/ رسالة ماجستير مطبوعة على الآلة الكاتبة ص100.
المصدر: النجف عاداتها وتقاليدها ( طالب علي الشرقي )