أول إحصاء لسكان مدينة النجف / تجديد زخرف الروضة المطهرة …
سنة 1282هـ ـ 1865م….
أول إحصاء لسكان مدينة النجف
في السنة هذه أحصت الحكومة العثمانية سكان مدينة النجف الأشرف، وهي أوّل مرّة تحصى النفوس فيها، وكان هذا الإحصاء مقدمة للتجنيد الإجباري الذي نفّذ سنة 1286هـ، كما سيأتي بهذا التاريخ. وعلى إثر هذا الحديث الجديد ضبطت الحكومة محال مدينة النجف بأربع محلاّت سكنية.
تجديد زخرف الروضة المطهّرة
وفيها تمّ تجديد زخرف روضة مرقد أمير المؤمنين عليه السلام، على نفقة أحد التجار المؤمنين المدعو الحاج حمزة. وقد أرخ الشيخ أحمد بن الشيخ حسن قفطان هذا التجديد بقوله:
قبر الوصي أبي الأئمّة جنــــــة قد كوّنت إذ أزهرت أفنــائها
أفلا ترى الأملاك فيها أحدقــــت وعلى رتاجي بابها رضوانها
لله بقعته الشريفة إذ جــــــلت في كفّ حمزة عبده ألوانها
هي روضة نور الجلالة زانـــــها أرخت (أو قد زخرفوا ألوانها)
الرحّالة جون أشر يزور النجــف
وفيها زار النجف الرحالة الإنكليزي المستر جون أشر عضو الجمعية الجغرافية الملكية بلندن.
قدم النجف من كربلاء عن طريق طوريج (الهندية)، وركب سفينة في الفرات، مروراً بالكفل ثم الكوفة، فذكروا أنه لم يبق من معالم الكوفة سوى أكوام غير مهمّة من الأنقاض والخرائب تنتشر هنا وهناك، ولم يجد في موضع الكوفة إلاّ بعض الأكواخ القائمة على ضفة النهر. ومن هنا استأجر البغال التي أقلّته مع جماعته إلى مشهد علي الذي كان يشاهد من بعد ستة أو سبعة أميال على حدّ قوله.
وذكر أن النجف بلدة تقوم في سهل منبسط على ساحل بحيرة تتكون من مياه فرع الهندية الفائضة، وهي مربعة الشكل محوطة بأسوار عالية، لكنها تخلو من بساتين النخيل التي تحيط بكربلاء فتسبغ عليها منظراً جميلاً. ولذلك يجدها الزائر جرداء عارية تتألق في وسطها قبة الإمام حينما تتساقط عليها أشعة الشمس، وتعلو مآذنها فوق السطوح المحيطة بها.
وقد دخل المستر أشر إلى النجف من باب منهدمة في السور، وهناك لقي الباش بوزوغ الذي كان قد أنفذه قبله، فحمل له هذا الرجل رجاء مدير الناحية بالنزول في بيته. وبعد المرور في أزقة متعرجة وجدوا أنفسهم بعد قليل في مسكن المدير، وكان المدير رجلاً بديناً صغير الحجم قصير القامة.
ومما يذكر عن النجف في هذه الرحلة أن المستر أشر وجماعته ذهبوا راكبين للكشف على مغارة كبيرة تقع بالقرب من ساحل بحر النجف، على بعد سبعة أو ثمانية أميال من البلدة. ولم يجد ما يستحق الذكر عنها سوى إنها كانت منحوته في الحجر الرملي على ارتفاع خمسين قدماً عن مستوى السهل المحيط بها، وإن فتحتها يبلغ ارتفاعها خمسة أقدام فقط.
وبعد أن يصف ما رآه في الصحن الشريف من دار مجاورة، ويقارن ذلك بما رآه بالطريقة نفسها في كربلاء. وبعد أن يبدي إعجابه الكثير بالزينة والمقرنصات التي شاهدها فوق الباب الكبير الشرقي للصحن الشريف، يذكر شيئاً عن البلد نفسها. وأهم ما يذكره في هذا الشأن أنها بحالة خربة جداً مع كونها تضم ضريح الإمام علي عليه السلام وأن نفوسها لا تكاد تتجاوز الخمسة آلاف نسمة أي بمقدار عشر سكان كربلاء التي كانت على جانب أكبر من الازدهار والتقدم في نظره.
وقد غادر المستر أشر النجف في اليوم الرابع من كانون الثاني سنة 1865م متوجهاً إلى بغداد عن طريق الكفل.
تاريخ النجف الأشرف- ج 2/محمد حرز الدين
2013-03-04