عبد الحسين بن محمد علي بن حسين الأعسم
المعروف بـ(عبد الحسين الأعسم)
سيرة الشاعر:
ولد في مدينة النجف الأشرف عام (1151 هـ – 1738 م)، وفيها عاش ومات في وباء الطاعون سنة (1244هـ – 1828م).
نشأ على أبيه، وتتلمذ على محسن الكاظمي الأعرجي، ثم أكمل تحصيله الديني، قام بتدريس العلوم الدينية.
الإنتاج الشعري:
أثبت له كتاب «شعراء الغري» عددًا غير قليل من القصائد مرتبة على حروف المعجم، وله ديوان شعر مخطوط بدار المخطوطات في بغداد.
الأعمال الأخرى:
شرح أرجوزة والده في موضوعات فقهية – طبعت سنة 1349هـ/1930م، وله كتاب «ذرائع الأفهام في شرح شرائع الإسلام».
قال الشعر في المدح والرثاء والفخر بالنفس، وفي الغزل، وقد ساقه اعتبار حرف القافية إلى أن يقول على القوافي العصية كالثاء والشين والضاد والظاء، وقد أطال في هذا ليؤكد خبرته بالمعجم، أما معانيه وصوره وبناء القصيدة فقد ظل نمطيًا.
نموذج من شعره:
أيُرجى لقلبي راحة؟
دنا مكرهًا
ستسمع بي
سلبت الكرى
قصيدة: أيُرجى لقلبي راحة؟
أيرجى لقلبي راحةٌ من خفوقِهِ *** إذا شامَه ذِكْر الحمى وعقيقِهِ؟
خليليَّ هل تحنو الليالي تَعطُّفًا *** عليَّ فتُدني شائقًا من مَشوقه؟
وهل لي إلى ذاك الحبيب وسيلةٌ *** تعرِّفُني كيف اتِّباعُ طريقِه؟
أحنُّ اليه والمفاوِزُ بيننا *** حنينَ فصيلٍ فاقدٍ لِعلوقِه
يميل هواه بي كما مالتِ الصَّبا *** سُحَيرًا بميّاس القوامِ رشيقِه
له بين أضلاعي على القرب والنوى *** غرامٌ حريقُ النار دون غريقِه
ألا من لِصبٍّ أتبعَ الركبَ مهجةً *** تحنُّ وراء الركبِ حنَّةَ نوقِه
يرقُّ له قلب الخليِّ وربما *** بكتْ لأسيرِ الركْبِ عينُ طليقِه
يقلِّب في شكواه طرْفَ مُفارقٍ *** يرى الحتفَ أولَى من فراق رفيقِه
ولاحٍ دعا للصبر غيرَ مُجيبهِ *** وكلَّفَ بالسلوان غيرَ مُطيقه
وراءكَ عني لم تروِّعْكَ لوعةٌ *** بها ضاق صدري لا بُليتَ بضيقه
بنفسيَ محجوبًا عن العين حاضرًا *** بقلبي وإن لم يَطْفِ نارَ حريقه
بنفسيَ من ملَّكتُه القلبَ جاريًا *** هواه بها مجرى دمي في عُروقه
يذكِّرني بدرَ السماء جبينُه *** فترتادُه عينايَ عند شُروقِه
وتُحضرُه الذكرى إليّ فأشتكي *** له منه شكوى عاشقٍ لعشيقه
رعَى الله مَنْ يرعى حقوقًا أتتْ لنا *** إليه وإن لم تُرعَ بعضُ حقوقه
قصيدة: دنا مكرهًا
دنا مكرهًا يومَ الفراق يوادعُهْ *** تسابقُه قبل الوداع مدامعُهْ
وقد كاد أن يرفضَّ شجوًا فؤادُه *** عن الصدر لولا تحتويه أضالِعه
بنفسي حبيبًا لم يدعْ لي تجلُّدًا *** لتوديعِه لما اغتديتُ أوادعه
أعانقه والطرفُ يرعفُ خاشعًا *** وما الصَّبُّ إلا راعفُ الطرفِ خاشعه
وقد علقتْ كفّاي شوقًا بكفِّه *** كما ضمَّتِ الطفلَ الرضيعَ رواضِعُه
أعرِّضُ بالشكوى إليه ومُهجتي *** تُنازعُ من أشواقها ما تُنازعُه
فديتُكَ زَوِّدْ من تركتَ بنظرةٍ *** فليتَك لا جُرِّعْتَ ما هو جارِعُه
يهمُّ وأنَّى باللحاق لمغرمٍ *** أحاطت به من جانبَيْه موانعه
شديدُ خُفوق القلب حتى كأنه *** قوادِمُ طيرٍ حائمٍ أو ترائعه
ولما سمعت الركب حنَّتْ حُداته *** وَهَى جَلَدي من هول ما أنا سامعه
وقلت لشوقي: كيفما شئت فاحتكمْ *** لك الأمرُ فاصنع فيَّ ما أنت صانعه
ولاحٍ دعا للصبر مَنْ لا يجيبه *** وقاد إلى السلوان من لا يطاوِعُه
يكلِّفني صبرًا خلعتُ رداءَهُ *** وهيهات مني ليس ما أنا خالعه
فمَنْ لمشوقٍ لم يُخَطْ جفنُ عينهِ *** غِرارًا ولم تُفتَقْ بنصحٍ مسامعه
إذا رام أن يخُفي هواه وَشَتْ به *** مدامعُ تُبدي ما تجنُّ أضالعه
فوا لهفتي من بين خلٍّ موافقٍ *** يُراجعني في أمره وأراجعه
يواصل مَنْ واصلته غيرَ طامح *** لغيري ويغدو قاطعًا من أُقاطعه
ولا زال يوفيني وفاه ولم يكن *** ليعدوَ مِنهاج الوفا وهْو شارعه
سلوتُ به عن كل غادٍ ورائحٍ *** يُصانعني في ودِّه وأصانعه
تعقَّبُه شجوٌ تلظَّى شجونُه *** بأحشايَ حتى يجمعَ الشملَ جامعه
قصيدة: ستسمع بي
ستسمعُ بي إذا علقتْ بَناني ***معارفُهنَّ مطلقةَ العِنانِ
لتعلمَ أنَّ لي عزمًا بعيدًا *** عليك وإنَّ شَانك غيرُ شاني
أكلتُ دمًا إذا استبقيتُ نفسًا *** تفرُّ من الحِمامِ إلى الهَوان
سأمضي للتي إن طوَّحَتْ بي *** بلغتُ بها نهاياتِ الأماني
تمضمضُ مُقْلتي بغِرارِ نومٍ *** إذا امتلأتْ كرًى عينُ الجبان
نكلتُ عن العلا إن لم أُثِرْها *** على الأعداء ساطعةَ الدخان
تغصُّ بكل أغلبَ مُستشيطٍ *** يغضُّ على لواحظِ أفعُوان
أقام وعزمُه للمجد ساعٍ *** وغَضَّ وطرْفُه للفَ
قصيدة: سلبت الكرى
سلبتَ الكرى مني فهلا تُعيدُهُ *** وأمرضتَ جثماني فلِمْ لا تعودُهُ
رويدًا فقد أغريتَ بي لاعج الأسى *** وقد كنتَ عني ما استطعتَ تذوده
ولم يبقَ لي مني سوى نَفَسٍ له *** حريقُ اشتعالٍ ليس يُرجى خُموده
يحذّر بي عقبَ السلوّ نزوله *** ويغري فؤادي بالغرام صعوده
فلو شئت إسعادي سلبت بقيّتي *** فما كلّ موجودٍ يطيب وجوده
فهذي جفوني لا تجفّ دموعها *** وهذا فؤادي لا يبوخ وقوده
فماذا على ذي الهجر لو جاد بالكرى *** على مقلتي حتى جفاه رقوده؟
فإن رام بالهجر اشتفاءَ حسوده *** به فبدون الهجر يرضى حسوده
عمىً لعيون الشامتين فما أنا *** بأول ذي ودٍّ جفاه ودوده
تعلّقَ قلبي بالهوى فهْو قاتلي *** فإن متّ مما بي فإني شهيده
أردتُ من الأحباب ما لا أنا له *** ونلت من الأحباب ما لا أريده
المصادر:
1 – أغا بزرك الطهراني: الكرام البررة (ج 1) – المطبعة الحيدرية – النجف 1954م.
2 – جعفر باقر آل محبوبة: ماضي النجف وحاضرها (ج 2) – مطبعة النعمان – النجف 1957م.
3 – جواد شبر: أدب الطف – مؤسسة الأعلمي – بيروت 1980م.
4 – علي الخاقاني: شعراء الغري – (ج5) – المطبعة الحيدرية – النجف 1954م.
5 – كوركيس عواد: معجم المؤلفين العراقيين في القرنين التاسع والعشرين – مطبعة الإرشاد – بغداد 1969م.
6 – محمد السماوي: الطليعة من شعراء الشيعة (تحقيق كامل سلمان الجبوري) – دار المؤرخ العربي- بيروت 2001م.
2015-04-16