الجمعة , 22 نوفمبر 2024
الرئيسية » تاريخ النجف الأشرف » الوقائع » الرحالة لوفتس يزور النجف

الرحالة لوفتس يزور النجف

سنة 1270هـ ـ 1853م …… الرحالة لوفتس يزور النجف

في السنة هذه زار النجف الأشرف الرحّالة الانكليزي لوفتس، وهو عضو من أعضاء لجنة الحدود العراقية الإيرانية التي عملت على تثبيتها سنة 1849م. وقد جاء إلى النجف في صيف السنة المذكورة من الحلة، وفي معيّته درويش باشا متصرف لواء الحلة، وطاهر بك الحاكم العسكري فيها، مع ثلة من الجنود الأتراك.

وهو يقول في هذا الشأن: إنه من النادر أن تسنح لأي مسيحي الفرصة للدخول إلى أماكن عبادة المسلمين، ولاسيما في مكان مقدس مثل مشهد الإمام علي.

وحينما أبدى فكرة الدخول إلى طاهر بك وجدت تشجيعاً منه على ذلك. ولما مرت جماعتهم بالسوق المؤذي إلى الصحن، كان الناس على عاداتهم الشرقية ينهضون للتحية، فيردونها الدرويش وطاهر، لكنهم كانوا ينظرون شزراً إلى الإفرنج. وقد تجمع حشد من الناس وراءهم، وحينما قاربوا باب الصحن كانت النظرات التهديدية والهمسات الخافتة تدلّ على أنهم كانوا أناساً غير مرغوب  فيهم. لكن الجند اصطف في مدخل الصحن فاجتازوا من بينهم دون تردد.

وأخذ لوفتس يصف الصحن وشكله من داخله والضريح المطهر الموجود في وسط مشيراً إلى زينة القاشاني المحتوية على الرسوم المتناسقة. ثم يذكر أن هناك ثلاث مآذن، كسيت الاثنين الأماميتان مها بالآجر المغلف بالذهب. وهذه مع القبة كانت تؤلف منظراً فخماً يعجز عنه الوصف. وكانت القبة الكبرى المكسوة بالذهب وهي تتوهج في نور الشمس تبدوا للرائي من بعيد وكأنها تلٌّ من الذهب يقوم من البراري الممتدة من حوله.

ويذكر لوفتس أن الصحن كانت تباع فيه أشياء وحاجات كثيرة فيقارن ذلك بالمعبد في بيت المقدس الذي دخل إليه المسيح قبل ثمانية عشر قرناً فوجد الناس يبيعون فيه الثيران والأغنام، والصرّافين يتاجرون بالعملة، وقد لفت نظره على الأخص طيور الحمام الكثيرة في الصحن.

ولقدسية النجف هذه كان يقصدها الزوار الشيعة مكن جميع الأنحاء على حدّ قوله، وعلى هؤلاء كانت تعيش البلدة بأجمعها، وكان يقدّر معدّل الزوار الذين يفدون عليها في كل سنة بمقدار (80,000) شخص، كما يقدر عدد الجنائز التي كان يؤتى بها للدفن بشيء يتراوح بين (5,000) و(8,000) جنازة في السنة.

ثم يذكر الرحّالة لوفتس أن توارد الزوار على النجف بكثرة قد أغناها غناءً غير يسير في تلك الأيام، كما يستدل من التوسع الذي طرأ عليها في تلك السنين والسور الجديد الذي أنشيء لها. وكذلك يشير إلى أنه وجد أن نهراً كان يحفر لإيصال الماء إلى البلدة من الفرات وحل مشكلته، وإلى فضول أهالي النجف وتجمعهم حول الأجانب القادمين من الخارج إلى حد أن البعض كان يأتي بأهله ونسائه للتفرج عليهم.

      (تاريخ النجف الأشرف- ج 2/محمد حرز الدين )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.