تجديد شباك أمير المؤمنين عليه السلام ووقائع أخرى
سنة 1262هـ ـ 1845م…. مجموعة وقائع.
تجديد شباك المرقد المطهّر
في هذه السنة كان تجديد الشباك الفضي لمرقد أمير المؤمنين عليه السلام، بأمر المعتمد وزير محمد شاه بن عباس مرزه بن فتح علي شاه.
انتشار الوباء ووفاة الشيخ كاشف الغطاء
وفيها ظهر الوباء في نواحي العراق حتى حلّ بالنجف في شهر رمضان، فنفر أكثر من في الغري إلى خارج البلد، لكنّهم لم يجوزوا الحمى ولم يتجاوزوا محل الترخّص، بل أقفلوا منه إليه، ولم يبق في البلد من العلماء أحد, فضربوا خيامهم على البحيرة المحيطة بالبلد ممّا يلي الجنوب وتنتهي بالغرب، حتى أن ماءها يصل سفح طور سيناء الجبل الذي عليه المرقد الحيدري، وكان عليها بعض البساتين الغير متصلة واحدة بالأخرى، ومن جملتها بستان للسيد صقر جريو النجفي، وكان محلها قريباً من مرسي السفن الواردة من ناحية الشرق، فدعى السيد صقر بن الشيخ حسن بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء للخروج من مدينة النجف إلى بستانه متنزهاً وفاراً من الوباء الذي حلّ بالنجف، فخرج الشيخ إلى البستان يوم الخميس الثاني عشر من شوال من تلك السنة بعياله وأسرته وأصحابه، وقال القائل:
ساروا وجدّوا بالمسير ضحىً والموت خلفهم يسري على الأثر
فبقي الشيخ في المتنزه فاراً من الوباء أربعة عشر يوماً، وتوفي هناك، وغسل في بحيرة النجف، وحمل على الأعناق إلى البلد، ودفن في مقبرتهم الشهيرة بمحلّة العمارة.
ترجم له شيخنا محمد حرز الدين، قال: فقيه العصر وفريد المصر، عالم مدقق مشهور بالفقاهة وحسن الاستنباط والنظر الصائب، وقد بالغ شيخنا الأستاذ الحاج ميرزا حسين الخليلي في فقاهته حتى أطنب في مديحه من حيث الدقة والغور في المسائل العلمية والأدب الواسع، وكان شاعراً أديباً سريع البديهية، وقد أقام في الحلة المزيدية سنين معدودة وله فيها دار ومكتبة. رجع إلى النجف سنة 1253هـ لمّا توفي أخوه الأكبر رئيس الإمامية في عصره، واجتمع أهل الفضل والعلم عليه، فكان الزعيم المطاع.
ألّف كتاب (أنوار الفقاهة) وهو كتاب متين كثير الفروع محيط للغاية، وغيره. تقدم له سنة 1259هـ قصة دفاعه عن سكنة النجف الأشرف ودفع طغيان الوالي نجيب باشا. وفي سنة 1260هـ مناظرته مع مفتي الديار المصرية، وعلماء بغداد.
تعيين متسلّم للنجف
وفي هذه السنة صدر الأمر عن محمد نجيب باشا والي بغداد العثماني بتعيين نوري بك قائمقاماً لكربلاء ومتسلّمية النجف، ويعلمه بوصاياه في هذا الأمر، وهذه صورته:
قدوة الأماجد والأكارم من متحيزي دائرتنا خوجكان ديوان همايون نوري بك زيدت مكارمه، وحضرة العلماء الكرام الكائنين بالنجف الأشرف وقصبة كربلاء زيدت علومهم، والنواب والمختارين والأهالي كافة. الباعث لتحرير البيورلدي [الأمر الإداري] هو أنه بورود قائمقام كربلاء قدوة الأماجد والأعيان سربوابين دركاه عالي محمد طلعت آغا إلى خدمتنا قد استعفى عن القائمقامية والانفصال عن تلك المأمورية، وبهذه الدفعة قد وجهنا قائمقامية كربلاء المعلاّ لعهدتك وأبقينا متسلّمية النجف الأشرف عليك على شرط يكون التزامات مقاطعة كربلاء والتزام نهرانها والتزامات مقاطعات النجف الأشرف بجملتها من طرف خزينة بغداد، لا يكون لذلك من غير طرف، فإذا صار معلومك ينبغي أن تعرف نفسك بأنك منصوبنا ومستقلاً بالقائمقامية والمتسلّميه من طرفنا، وتحسن السيرة والمعاشرة مع العلماء والسادات، وتعتني بتوطين السكنة والمجاورين وصيانة الزوّار وأهالي تلك الديار من التجاوز والتعديات في كل الأوقات، وتجري الدعاوي التي تصير فيما بينهم على موجب الشرع الشريف والقانون المنيف من دون محابات، والذين لهم رغبة ويريدون الالتزامات إن كان لمقاطعات قصبة كربلاء ونهرانها وإن كان لمقاطعات النجف جميعاً ترسلهم إلى طرف الخزينة ببغداد حتى يلتزموها من طرف الخزينة الجليلة بوجه المضبوطية سنة الاثنين والستين.
وأنتم أيها العلماء المومى إليهم والنوّاب والمختارين كافة، اعلموا بأن المومى إليه نوري بك أفندي من أخص المنتمين لطرفنا، ومنصوبنا الخاطر عندنا، وتقوية أموره مطلوبنا، فيكون تزيدون الاتفاق معه على كافة المصالح اللازمة. 21شوال 1262هـ.
(تاريخ النجف الأشرف- ج 2/محمد حرز الدين )
2013-03-04