السلطان مراد الرابع يدخل بغداد
سنة 1048هـ – 1638م ….
في هذه السنة قاد السلطان العثماني مراد الرابع جيشاً لاحتلال بغداد, وأبلى الجيش الإيراني بلاءً حسناً في تلك المعركة , وقتل الصدر الأعظم محمد باشا العثماني , وبالرغم مما بذله الجيش الإيراني من جهد كانت الغلبة للعثمانيين, وبعد انسحاب الجيش الإيراني أمر القائد العثماني بقتل القاصدين إلى زيارة النجف وكربلاء.
وكانت قبل ذلك قد حدثت وقايع واشتباكات كثيرة بين العثمانيين والإيرانيين , اشترك في بعضها الشاه عباس الصفوي , وأدت إلى فشل الحملة التركية في مهمتها , وكانت قد تخللت ذلك كله اتصالات عديدة بين الفريقين المتناحرين للوصول إلى حل نهائي للنزاع المرير, وكانت النجف من أهم مواضيع البحث والنقاش في هذه المفاوضات , ولمّا اقترح الشاه الدخول في مفاوضات نهائية , بعث حافظ أحمد رئيس مرافقيه وجماعة من الضباط الآخرين إلى المعسكر الإيراني , ثم عادوا مع سفير الشاه, فجدد الإيراني ادعاءه ببغداد , وفي جلسة متأخرة جلسوها قَبِلَ إبقاء بغداد على الترك إذا ما أعطى النجف في مكانها , فكان جواب الوزير العثماني:
( إن كل حجر من النجف يعادل عنده ألف إنسان , وما بغداد إلا حماها ) .
وهكذا أُبقيت بغداد والعتبات المقدسة بأيدي الإيرانيين حتى تسنى للسلطان مراد الرابع أن يفتحها بنفسه ويتقبل خضوعها في يوم عيد الميلاد من سنة 1638 م – 1048هـ .
وقد ورد أن الدولة العثمانية أرادت أن تقطع دابر الإيرانيين إذ ما علمت أن قد جاء أكثر من ثلاثمئة منهم من النجف إلى الكاظمية فأمر بقتلهم , وذلك قبل الفتح وإعطاء الأمان , وكذا قتل نحو ألف , ثم قتل نحو أربعمئة .
** وفي هذه السنة … السلطان مراد الرابع يزور النجف الأشرف , فلما رأى القبة المباركة من مسافة أربعة فراسخ ترجل عن فرسه, فسألوه أصحابه عن سبب نزوله, فقال :لما وقعت عيني على القبة المنورة ارتعشت أعضائي بحيث لم أستطع على الوقوف على ظهر الفرس , فأمشي راجلاً لذلك, فقالوا الطريق بعيد , وقال بعض الذين كانوا معه : إن كان هو خليفة فأنت أيضاً خليفة ووالٍ على المسلمين, واحترام الحي أشد وأولى من الميت!! فتردد السلطان, فقال: نتفاءل بكتاب الله, فلما فتحوا المصحف كان أول صفحة:
((فاخلع نعليكَ إنكَ بالوادِ المُقدسِ طُوى))
فترجل واحتفى , وأمر بضرب عنق ذلك الذي نهاه , وعند وصوله إلى الحضرة المقدسة أنشد هذين البيتين مشيراً إلى هذه الواقعة:
تزاحم تيجان الملوك ببابــه ويكثر عند الاستلام ازدحامها
إذا ما رأته من بعيد ترجلت وإن لم تفعل هي ترجّل هامها
( والبيتين هما للشيخ أبي الحسن علي بن محمد التهامي المقتول سنة 416هـ)
ولما رأى الموضع المعروف في الصندوق المطهر المشهور بموضع الإصبعين , سأل عن حكايته, فذكروا له القصة , فقال رجل : هذا من موضوعات الروافض ولا أصل له !! فسأل من الحضرة العلوية تبين صدق هذه الواقعة وكذبها, ولما كان اليوم الأخر أمر بقطع لسان الرجل المذكور , كذا ذكره الشيخ جعفر النقدي في كتابه ” الأنوار العلوية ”
تاريخ النجف الأشرف- ج 2/محمد حرز الدين
2013-03-05