الشيخ مهدي بن الشيخ علي بن الشيخ كاشف الغطاء الكبير
اعيان الشيعة/ج 10
الشيخ مهدي ابن الشيخ علي ابن الشيخ جعفر صاحب كشف العطاء.
توفي في 14 صفر سنة 1289 العالم الأديب أحد أعيان فقهاء عصره ورؤسائه من فقهاء العرب المعدودين في عصره. قال في طبقات الشيعة: كان عالما فاضلا فقهيا أصوليا مجتهدا شاعرا أديبا انتهت إليه رئاسة الطائفة الجعفرية وقام مقام آبائه أحسن قيام وكان قوي الحافظة فيما يطالعه ليلا يقرؤه نهارا في الدرس عن ظهر القلب ويهده هذا اخذ أوائل امره عن الشيخ احمد الدجيلي ثم عن والده الشيخ علي وعمه الشيخ حسن وأخيه الشيخ محمد وتصدى بعده للتدريس والتقليد وكان أوجه نظرائه واقرانه عند أئمة عصره وأعيانه مثل
الشيخ مرتضى الأنصاري لمكانة أسلافه وفوض إليه تقسيم قسم من الأموال الهندية المعروفة بفلوس الهند. ومن معاصريه الشيخ راضي النجفي والشيخ محمد حسين الترك الحاج ملا علي ابن ميرزا خليل والشيخ جواد نجف وقد اشتهر امره ونشر تلاميذه الدعوة إلى تقليده في إيران والقوقاس فقلد فيها وفي أطراف العراق وحملت إليه الأموال ومن آثاره مدرستان كبيرتان إحداهما في النجف والأخرى في كربلاء تعرفان بمدرستي الشيخ مهدي بناهما من أموال حملت إليه من قره طاع. اخذ عنه جماعة من المشاهير بعده مثل الشيخ حسن المامقاني والشيخ عبد الله المازندراني والسيد إسماعيل الصدر والشيخ فضل الله النوري والشيخ جواد الرشتي والسيد محمد كاظم اليزدي وأمثالهم. له كتاب في الخيارات وآخر في البيع ورسالة لعمل المقلدين. ومن شعره ما كتبه إلى الشيخ احمد قفطان وكان وعده بشئ فتأخر:
ابشر ببر وافر * يأتيك مني عجلا
ان من غيري بالعطاء * فإنه مني بلا
وله لما ورد عبد الباقي العمري البغدادي إلى النجف ونزل على أخيه الشيخ محمد:
قل لمن ينظم القريض مجيدا * أنت عبد لعبد عبد الباقي
انه أشعر الامام جميعا * في نواحي الشئام أو في العراق
وكان عمه الشيخ حسن قد استجد قباء وكان رجل يسمى الشيخ عبد الحميد من خواص المترجم أراد قباء الشيخ حسن العتيق فكتب المترجم إلى عمه هذين البيتين عن لسان الشيخ عبد الحميد:
عبد الحميد اتاك يرجو كسوة * ولكم كسوت سواه مولى عاريا
والفرد أحوط في امتثال أوامري * فانزع قميصك لا تكن متوانيا
خلف من الأولاد الشيخ صالح والشيخ امين والشيخ مولى لام
والشيخ موسى من أم أخرى ورثته الشعراء بعدة مرات فمن قصيدة الشيخ جواد محيي الدين:
علاء م بنو العليا تطأطئ هامها * أهل فقدت بالرغم منها امامها
نعم غالها صرف المنون بفادح * عراها فأشجى شيخها وغلامها
لقد هدمت كف الردى كهف عزها * وأوهت مبانيها وهدت دعامها
وجذت لها الويلات عرنين مجدها * برغم معاليها وجبت سنامها
ومن قصيدة الشيخ احمد قفطان:
سهم رمى كبد الهدى فأصابا * مذ قيل مهدي الخليقة غابا
نبا به صك النعي مسامعي * غاصمها حيث النعي اهابا
مذ غيبوه به عيانا قلت في * تاريخه المهدي صدقا غابا
السيد مهدي ابن السيد علي ابن السيد محمد الأمين عم المؤلف
كان فاضلا كاملا بارا تقيا زاهدا عابدا قرأ في كفرة على الفقيه الشيخ
محمد علي عز الدين. ومن شعره قوله مراسلا الشيخ حسن السبيتي:
قد زاد شوقي وتذكاري واشجاني * لبلدة لم يطلها قصر غمدان
فقد حوت معشرا قد فاق فضلهم * كل البرية من انس ومن جان
هم هم لست ابغي عنهم بدلا * ولا أميل إلى صحب وخلان
لا سيما حسن الأخلاق ذا الشيم الغراء * مولى سما في الفضل والشأن
شهم تعلق قلبي في مودته * حتى هجرت له أهلي وأوطاني
واسلم ودم يا أخا العلياء في نعم * من بارئ الخلق ماكر الجديدان
فاجابه الشيخ حسن السبيتي قائلا:
هي الدار ما شوقي إليها ببارح * ولا ارتضي في غيرها جر أرادني
ففيها أناس طهر الله قدرهم * وبيعتهم عمت على الإنس والجان
ولا سشيما المهدي ذو الفضل والحجى * ومن عجزت عن فضله الشفتان
وله:
يا صاحب المجد الأثيل * وخير أرباب المفاخر
يا كنز أهل الفضل * والعليا ويا بدر العشائر
يا من غدا ونواله * في الناس مثل البحر زاخر
وغدوت مأوى للضعيف * وأنت للمظلوم ناصر
معارف الرجال/محمد حرز الدين
الشيخ مهدي آل كاشف الغطاء
1226ـ 1289
الشيخ مهدي بن الشيخ علي بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء النجفي، ولد في النجف سنة 1226هـ، كان مقدم العلماء ورئيس الفقهاء الذي أذعنت له جل الوجوه من أهل الحل والعقد، بعد فاة الشيخ المرتضى سنة 1281هـ وكان الأنصاري قدس سره يعظمه ويقدمه في كثير من الأمور الشرعية والعرفية التي تعود إلى فضلاء العرب، وصار المدرس الأوحد في الفقه والأصول، عاصر فطاحل العلماء وله الأظهرية في الرئاسة على معاصريه، كفقيه العراق الشيخ راضي، والأستاذ الشيخ محمّد حسين الكاظمي، والشيخ ملا علي الخليلي، والسيد حسين الكوهكمري ونظرائهم، وقد رجع إليه المسلمون في التقليد في قفقازية وأهم مدن غيران مثل طهران وأصفهان وتبريز وبعض مدن العراق كما رجع إليه جملة من سواد العراق، جلس للفتيا وقطع الخصومات على العادة المألوفة لهذه الطائفة الجعفرية في النجف حتى تغلب على غيرهم على هذا المنصب الجليل، ولما حلق نجمه وطار صيته أخذت الحقوق الشرعية تجبى إليه من إيران، ووسع في العطاء على الطلبة المهاجرين وأعرض عن طلبة العرب القاطنين في النجف ويومئذ اجتمع وجوه طلبة العرب المهاجرين وغيرهم واتصلوا بالحاج محمّد صالح كبة البغدادي وعين لطلبة العرب عشرين ألف شامي مرتباً وتمام الحكاية ذكرناها في ترجمة الشيخ راضي بن الشيخ محمّد في الجزء الأول، وقبض شطراً وافراً من خيرية إودة الهندية وتولى توزيعها في النجف واجتمع عليه جماعة من أهل الفضل في النجف يرون تقدمه بفقهه وأدبه وقابلياته لمدار الرئاسة والزعامة.
وكان أديباً شاعراً بليغاً منطقياً جهوري الصوت عاصرناه، له مداعبات شعرية مع الشاعر الأديب عبد الباقي العمري ورفقائه في دارهم بالنجف.
أساتذته:
تتلمذ على والده الشيخ علي صاحب الخيارات، وعلى عمه الشيخ حسن صاحب أنوار الفقاهة، وأخيه الشيخ محمّد، وأجازه والده وعمه أن يروي عنهما عن أبيهما الشيخ الأكبر، قيل وحضر اول أمره على الشيخ أحمد بن الشيخ عبد الله الدجيلي المتوفى سنة 1265هـ.
تلامذته:
تتلمذ عليه الكثير ومن عيون تلمذته الأستاذ الشيخ حسن المامقاني، والسيد إسماعيل الصدر، والشيخ فضل الله النوري شهيد الدستور الإيراني، والشيخ عبد الله المازندراني، والشيخ جواد الرشتي، والسيد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي، والشيخ إسماعيل التنكابني المتوفى حدود سنة 1291هـ المترجم لرسالة أستاذه ـ الموسومة اللئالئ النجفية ـ إلى الفارسية لعمل مقلديه في إيران والقوقاز.
من يروون عنه:
يروي عنه بالاجازة الشيخ علي العلياري التبريزي المتوفى في شهر رجب سنة 1327هـ، والميرزا بهاء الدين بن نظام الدولة، والسيد محمّد رضا بن مير محمّد علي الكاشاني، والسيد محمّد هاشم الجهارسوقي، والشيخ ملا علي القره داغي، والسيد محمّد رضا بن مير علي الكاشاني.
مؤلفاته:
ألف كتاب الخيارات في شرح خيارات كتاب الشرائع، وكتاب البيع ورسالة في الصوم. والمكاسب المحرمة، ورسالة في العبادات لعمل مقلديه تقدمت.
آثاره:
الخيرية الباقية وهي مدرسة لطلاب العلوم الدينية في النجف قبال مرقد شيخ الطائفة الطوسي وتعرف بمدرسة الشيخ مهدي، ومدرسة في كربلاء مثلها تقع شمال الصحن الحسيني وأوقف لهما خاناً في كربلاء يصرف ريعه على المدرستين فاستولت عليه أحفاده اليوم واستملكوه، ومن آثاره تعميره مقبرة جده كاشف الغطاء وقبور أعمامه ووالده وبنى عليهم قباباً .
وفاته:
توفي في النجف ليلة الثلاثاء 24 شهر صفر سنة 1289هـ ودفن في مقبرتهم وأعقب أولاداً أكبرهم الشيخ صالح المتوفى سنة 1317 وقد ذكرناه في الجزء الأول، والفاضل الأديب الشيخ أمين المتوفى سنة 1323، والشهم الغيور الشيخ عبد المولى، والشيخ موسى.
ورثته جملة من الشعراء منهم العالم الرجالي الأديب السيد محمّد الهندي قال راثياً مؤرخاً عام وفاته بقصيدة بائية مطلعها:
أفي كل يوم للشريعة كوكب يغيب ويهوى للحنيفي أخشب
وتظفر أظفار المنية بالذي تنشب عنه في الحوادث مخلب
إلى قوله:
وخمس حواس قد أبينت مؤرخا (لمهديهم جنات عدت ترحب)
وأرخ عام وفاته العالم الأديب المعاصر الشيخ ميرزا محمّد بن الميرزا عبد الوهاب الهمداني المتوفى سنة 1303هـ بقوله:
ولما قضى المهدي من آل جعفر وفرق فيما بيننا البين بالجهد
قضينا ومن آماقنا اعتصر الأسى على رغمنا قد رضعناه في المهدي
فقد زال أقصى الأنس واستوطن الشجا بنا أرخو قد غاب صاحبنا المهدي
ورثاه الشاعر الجليل جناب السيد حيدر بن سليمان الحلي بقصيدة ميمية في 42 بيتاً وعزى بها العالم السيد مهدي القزويني المتوفى سنة 1300 وأخاه الشيخ جعفر المتوفى سنة 1290، مطلع قصيدته:
ملأت مكارمك البسيطة أنعما فلذالك انعقدت لرزئك مأتما
ولئن غدا فذّا مصابك في الورى فالغيث كان لها وجودك توئما
بالأمس قد رضعت بنانك درها واليوم تحلبه محاجرها دما
ما غمضت أجفان عينك عن ردى إلاّ وجفن الدهر غمض عن عمى
حلب الحمام أبا الأمين بك الجوى شطرين صابا في الزمان وعلقما
فاغص في شطر فماً من هاشم واغص في شطر لجعفرها فما
* * *
ومنها:
رفعوك والبركات عن ظهر الثرى وطووط واللمعات عن وجه السما
دفنوك وانقلبوا بأعظم حيرة فكأنما دفنوا الكتاب المحكما
لولاك يا (مهدي) آل محمّد ظلوا بمجهلها الطريق الأقوما
2013-04-13