الأحد , 24 نوفمبر 2024
الرئيسية » تاريخ النجف الأشرف » لمحات من تاريخ الحركة الفنية في النجف – القسم الثاني

لمحات من تاريخ الحركة الفنية في النجف – القسم الثاني

لمحات من تاريخ الحركة الفنية في النجف – القسم الثاني

najef2

4. الخط:

الخط فن جميل جداً ويعتبر من أهم موروثاتنا من عز الحضارة العربية في القرون الوسطى، ولم تزل الأجيال تعتز به وتفاخر بما وصلت إليه يد الفنان في هذا الشأن وقد زخرفت نفائس الآثار الباقية القائمة في مراكز إشعاع الحضارة بدمشق وبغداد والأندلس والقاهرة وغيرها بنماذجه التي يشد إليها الرحال للنظر إليها وتصويرها والاعتزاز بها، وكذلك جلائل المخطوطات التي تحرص في الحفاظ عليها أهم مكتسبات الدنيا، لا فرق بين شرقها وغربها مادامت تراثاً إنسانياً وفناً عالمياً، ولعل المدن التي اشتهرت كمراكز دينية هي أكثر حفاظاً على هذا التراث الآن للعلاقة المتينة بين هذا الفن القائمة فيها وطبيعة الحياة التي يحياها أهلها.

والنجف واحة من مهمات الحواضر الإسلامية والمراكز الروحية في العالم بلا شك وتاريخها العلمي العريق الذي تخطى الألف عام يشهد لها بأهمية رسالتها الحضارية، والحديث عنها طويل وطويل، فلما كانت النجف حاضرة إسلامية ومدينة حضارية فعلاقتها بهذا الفن فن الخط إذن وثيقة جداً وليس أدل على صحة قولنا كشواهد ناطقة لا تقبل الرد إلا ما نجده الآن من معالم شاخصة تدل على عراقة فن الخط على جدران الصحن من الداخل بنماذجه الرائعة وعلى جدران سطح الكيشوانيتين المحاددتين للطارمة الكبيرة وحائط سطح الحرم وفي داخل الحرم الشريف وعلى المقدس من جوانبه الأربعة، لعينية ابن الحديد فهي آية ناطقة من آيات هذا الفن وتبقى نماذج حية للخط بقواعده الأصيلة وهي تثير انتباه الداخل إلى الصحن بلا استثناء وتلفت نظره إلى ما فيها من مهارة وتسر نفسه إلى ما فيها من إشراق، وهذه النماذج باقية ما بقي الدهر وما بقي القبر المقدس شامخاً يتحدى العصور والقرون.

ولما كانت النجف مدينة حضارية كما قلنا فقد زخرت بعدد من المدارس الدينية التي حملت مشعل العلم طيلة مئات السنين يشد إليها الرحال لطلب العلم من مختلف جهات الدنيا الإسلامية لتلقي مختلف صنوف المعرفة فيها (وقد تناولت تفصيل ذلك في مكان آخر من موسوعتنا: فصول من تاريخ النجف) وقد بنيت هذه المدارس بأجمل عمارة وهي مزخرفة بأروع الخطوط التي تعزز هذا الفن في عيون ناظريه ومن أمثلتها مدرسة السيد محمد كاظم اليزدي، والشيخ محمد كاظم الخرساني، وجامعة النجف الدينية وغيرها….

وفي النجف مقبرة عريقة في القدم وفيها شيدت الكثير من المقابر بعدد من أعلام العلم والحكم والسياسة والإدارة والثراء يمناً بمجاورة قبر أمير المؤمنين(ع) وبعض هذه المقابر أخبى عليها الدهر كمقبرة حسام السلطنة والمسقطى باشا، وبعضها الآخر لم يزل باقياً وهي بأبدع ريازة وقد نقشت جدرانها بنماذج من الخطوط وصخور قبورها بأروع النقوش من هذا الفن كمقبرة محمد خان، والصدر الأعظم محمد حسين خان، وآغا خان الأول والثاني وغيرهم.

والمساجد الكبيرة المبثوثة في حنايا المدينة، وقد طعمت جدرانها بالكاشاني المكتوب بالخطوط النفيسة كمسجد الشيخ الأنصاري (الترك)، ومسجد الهندي، ومسجد الطوسي، ومسجد الخضراء وغيرها.

ولما كان الكتاب ودور الكتب من مقتضيات الدراسة والاختصاص في العلم، فقد اشتهرت هذه الحضارة بشهرة متميزة في كثرة مكتباتها العامة في المدارس الدينية والعامة الأهلية والرسمية وغيرها، والخاصة في البيوت العلمية وغيرها، وما تحفل به أرففها من نفائس المخطوطات التي يعد بعضها من فرائد النسخ، وبعض هذه المخطوطات كتب بأقلام نجفية وهو مزخرف بأجمل النقوش وبمختلف الأحبار، وكان هذا ديدن الطلبة ورجال الفضل في كتابة هذه المخطوطات التي يحتاجونها للدراسة وبعضها تكتب بشكل خاص لتهدى إلى العظماء وأهل الثراء ومن يقدر العلم ويسعى إلى تكريم أهله ن رجال الحكم والسياسة، وبعضهم كان شغله الشاغل تكثير النسخ النادرة ذات الموضوعات المهمة والقيمة العلمية الجيدة وكان آخر من يقوم بهذا العلم من نعرف العالم الجليل الخالد الذكر الشيخ شير محمد.

وبدأ هذا العمل (كتابة الكتب) يتضاءل تدريجياً حتى انحسر وجوده الآن بسبب وجود المطابع الحديثة التي اختصرت الوقت والمال بشكل لا يحتاج إلى إطالة الحديث… وبدأ هذا في النجف حدود عام 1327هـ حيث دخلت أول مطبعة حجرية ومطبعة بالحروف، وأخذ العلماء ورجال الفكر يطبعون إنتاجهم في هذه المطابع.

وكانت الطباعة الحجرية تحتاج إلى فن الخط، فكان لابد من متخصصين فيه ليرسل إليه الكتاب المطلوب طبعه ليكتبه على هيئة صحائف الكتاب المطلوب حجمه بحبر خاص وعلى ورق الكرافت لأنه لماع ويتحمل الجهد وهو الورق الذي يصنع منه الآن الأكياس الورقية لاستعمال العطارين، ثم ترسل الصحائف إلى المطبعة، وهناك تكون الصخرة مهيئة للعمل بأن تكون ناعمة السطح ويكون تنعيمها بواسطة صخرة أخرى ثانية يوضع سطحها على سطح الأولى ويوضع بينهما رمل ناعم وتحرك الصخرة حركة رحوية حتى تزول كل النتوءات وتصبح صقيلة السطح بشكل تكون مستعدة لنقل كتابة الخطاط عليها، وهنا تحمى الصخرة بواسطة توجيه النار عليه، ثم تلصق عليها الصحائف المكتوبة وتوضع الصخرة داخل جهاز بخار يسمى (البريس) مع الصحائف ويضغط البريس الورقة المكتوبة لتنتقل الكتابة من الورق على الصخرة، وبعد ذلك يخرج العامل الصخرة ليجري عليها تحديد المصاحف بمساطر، ثم تكون الصخرة بعد ذلك جاهزة لتصبح وتوضع في الماكنة لتطبع عليها الصحائف وبعد طبع عدد من الأوراق وأثناء الطبع هنالك عامل خاص غير الطباع بيده قطعة قماش يبلل بها الصخرة لتكون مستعدة لأخذ الحبر بشكل أكثر.

وهنا أصبح لابد من محترفين يقومون بكتابة الصحائف المطلوبة فكان الإمداد لهؤلاء المحترفين عن طريق الكتاتيب الذين كانوا يقومون مقام المدارس التعليمية، وكانت المادة الرئيسية التي يشدد عليها الشيخ المكتب هي مادة الخط، وكانوا يستعملون سبورات من التنك يكتبون عليها بأقلام القصب الخاص والحبر الصيني الجيد… فكان الكتاتيب منتشرون في أكثر أنحاء المدينة ولهم القدح المعلى من التقدير والتقديس أحياناً لأنهم يتولون تبليغ رسالة الحياة والدين في آن واحد وإن كانت طرق التربية ليست بالشكل الجيد عندهم إلا إننا لا يمكن أن ننسى فضلهم في أيام انعدام وجود المدارس، وإن وجدت فبشكل لا يسد حاجة البلد ولا متطلبات العلم فكان هؤلاء الكتاتيب هم البديل وعليهم المعول بخصوص العلوم الإسلامية وفي مقدمتها الخط، وبذلك كان المتخرجون من هؤلاء الكتاتيب بشكل عام من ذوي الخطوط الجيدة وقد برز على أيديهم الكثير من الخطاطين الماهرين، ونضرب مثالين ظاهرين على أولئك المهرة أولهم الخطاط الشهير الشيخ أحمد الزنجاني وثانيهم الخطاط الماهر السيد نجومي أما الشيخ الزنجاني فقد كتب عشرات الكتب من مصاحف وأدعية وزيارات وفقه وأصول وغيرها مع مئات اللافتات وهو يتردد بين إيران والعراق، وأما السيد نجومي ففي مكتبة السيد الحكيم العامة نماذج من خطوطه تعد آية في فن الخط.

ثم برزت مجموعة من الخطاطين الشباب من ذوي الخطوط الجميلة التي تتجلى فيها المهارة والذوق الرفيع بأجلى مظاهرها ولعل بينهم من تبشر لوحاته بمستقبل زاهر على مستوى القطر، ونذكر من نعرف من هؤلاء: جاسم حمود حسين، جواد سبتي، عبد الرزاق محمد باقر، عبد الأمير حسين، صلاح الموسوي، حسن مسعود، مجيد حميد، هادي مواش… ثم ثاني مجموعة أخرى بعد هؤلاء نعرف منهم: علي الحلو، وجواد الخليلي، محسن قاسم وهو في الحقيقة رسام أكثر من خطاط، أما الخطاط علي الرميثي فقد طلق الخط الآن ولا نعرف سيعود به الشوق إلى ممارسة هذه الهواية أم لا؟ ولا ننسى الدورات التي أقيمت دعماً لهذا الفن في النجف وتوجيه أصحاب القابليات نحو أهميته، وكانت أولى الدورات التي أقيمت بإشراف السيد هادي مواش وكانت الدورة الثانية التي أقامتها نقابة المعلمين بإشراف السيد هادي مواش أيضاً عام 1975م ثم أقام الخطاط السيد عبد الأمير حسين دورة في اتحاد الشباب والفتوة والطلائع سنة 1976م.

وأول معرض تشهده النجف للخط هو الذي أقيم للخطاط السيد عبد الأمير حسين وهو طالب في الصف السادس الابتدائي بمدرسة النعمان ضمن جناح معرض المدرسة عام 1965م برعاية الأستاذ عبد الرزاق باقر، أما أول معرض يقام للخط بمستواه الجيد وقد روعيت فيه الأصول الصحيحة هو الذي أقيم عام 1974م للخطاطين مجيد السلطاني وعبد الأمير حسين (النجف و1950م) بإشراف ورعاية اتحاد نقابات عمال النجف قدمت فيه هدايا ثمينة للخطاطين المذكورين. وفي عام 1975م أقيم في مدرسة الخورنق معرض للخط اشترك فيه كل من جاسم حمود وعلي الحلو وعباس غالي.

ثم أقيم معرض لجمع من خطاطي النجف سنة 1976م وكان المشاركون فيه كل من عبد الأمير حسين، وعلي الحلو وعباس غالي برعاية دور الثقافة الجماهيرية قدمت فيه الهدايا لكل المشاركين على أساس التساوي.

وبعده أقيم معرض عام 1977م من قبل مديرية دور الثقافة الجماهيرية شارك فيه كل من جاسم حمود، وصلاح الموسوي، وعلي الحلو، وعباس غالي، وجواد سبتي، وعبد الجبار الزبيدي الوحيد من الكوفة، والناشئ نسيم، وكانت الهدايا قد قدمت للجميع على أساس التساوي كذلك.

كما أقيم معرض للخط من قبل الخطاطين عبد الأمير حسين ومجيد السلطاني عام 1978م ، وكانت الهدايا فيه قطعاً من القماش الثمين على أساس التساوي، وكان آخر معرض أقيم حتى الآن هو معرض الخطاط جاسم حمود 1978م في النجف بنادي الموظفين برعاية دور الثقافة الجماهيرية وحصل على هدايا كثيرة.

كما أقيم معرض للخط في السدس من كانون الثني 1979م اشترك فيه كل من جاسم حمود وعبد الأمير حسين والسيد مجيد السلطاني ببغداد بمناسبة عيد الجيش .

أما السيد صلاح الموسوي فقد أقام معرضين، كان الأول قد أقيم عام 1975م والثاني عام 1976م ببغداد برعاية وزير الإعلام، وقدمت له جوائز واشتريت بعض لوحاته وقد انتسب مؤخراً إلى جمعية الخطاطين نذكرهم تقييماً لفنهم وتقديراً لمشاركاتهم وهم كل من جاسم حمود وعبد الأمير حسن وصلاح الموسوي وعبد الرزاق محمد باقر وعباس غالي.

 

5. الزخرفة المعمارية في النحت:

كانت النجف ولم تزل من الحواضر العراقية المبكرة التي تأخذ بأسباب الحضارة ونتائج المدنية قبل غيرها من الحواضر الأخرى في كل مجال من مجالات الحياة ومنها العمران الذي يدل دلالة واضحة ما للمدنية من تأثير عليها لذلك نلاحظ أن ناحية العمران من النواحي المهمة التي تبحث في قضايا الحضارة الإنسانية بشكلها الواسع وما بلغ فيه من روعة الفن وسمو الذهنية الفنية التي رعته.

وهذا الجانب إذا طبقناه على هذه المدينة العريقة نجدها ـ كما قلنا – وإلى ذلك أشار الرحالة الشهير ابن بطوطة الذي قصد النجف عام 725هـ حيث قال: (… فنزلنا مشهد علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) بالنجف، وهي مدينة حسنة في أرض فسيحة صلبة من أحسن مدن العراق، وأكثرها ناساً وأتقنها بناء وبها أسواق حسنة نظيفة، دخلناها من باب الحضرة فاستقبلنا سوق البقالين أو الطباخين والخبازين، ثم سوق الفاكهة ثم سوق الخياطين، والقسارية، ثم سوق العطارين…) ثم (المدارس والزوايا والخوانق معمورة أحسن عمارة، وحيطانها بالقاشاني وهو شبه الزليج عندنا لكن لونه أشرق ونقشه أحسن…).

والنجف ـ كما بينا سابقاً ـ دار هجرة منذ دفن فيها الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام, إلا أنها تميزت بذلك من يوم قصدها الشيخ الطوسي أبو جعفر محمد بن الحسن عام 448 هجرية وجعلها محط رحاله ودار سكنه وقاعدة بحثه ومنطلق أفكاره وموضع قبره بعد وفاته عام 460هـ.

ومنذ ذلك العهد بدأت العمارة تشيد بشكل ملحوظ في هذه المدينة لسد احتياجات المجاورين من السكان حتى أصبحت بمرور الزمن حاضرة مهمة من حواضر العراق ومدينة معدودة من مدن بلاد الإسلام.

ومن خلال هذه الظاهرة برز أعلام في فن المعمارية ـ ونحن نتحدث عن الفترة المتأخرة فقط من تاريخ النجف ـ تشهد لهم آثارهم بالقابلية الجيدة، وبعضهم بالنبوغ وما أمام أعيننا من بقايا ما بقي من تلك الآثار كاف للتدليل على ما نقول.

وأن لا ننسى ونحن نتحدث عن الزخرفة المعمارية أثر الصفويين في هجرة هذا الفن من البلاد التي كانوا يحكمونها، وما كان باقياً من آثارهم الزخرفية عندنا يشبه إلى حد كبير النماذج التي توجد في بعض المساجد الإسلامية وقد استعملت الزخارف والنقوش المعمارية كافة، وبمختلف أنواعها: حصيري، مداخل، معقلي، جارلنكه، زهرة، موج، كوفي، وهي ما يطلق عليها مصطلح (خردكار) عند المعماريين.

ومن الذين يذكرون بحق عائلة ألبو شريف وعلى رأسهم عبد الحسين شريف الذي بقيت من فنونه زخارف الدور وفي مقدمتها دار آغا أحمد في محلة المشراق وفيها يبدو الفن الدقيق في زخرفته سقف الساحة التي بعد باب الدار مباشرة.

وولده شنشون الذي عرف بعد (أبو جوهر) ـ وهو ترخيم أبو جواهر ـ وهي تسمية أطلقها عليه العثمانيون نتيجة براعته في الزخارف الفنية البديعة التي عملها في الصحن الشريف عام 1323هجرية واستمر حتى عام 1329هـ في أيام السلطان عبد الحميد الثاني وعلى عهد الخازن المرحوم السيد جواد الرفيعي والتي لم تزل قائمة حتى الآن.

وحفيده محسن أبو جوهر (ت4/7/1963) الذي تلقى نحت الزخارف على والده واختص فيه وعد من أمهر الفنانين، ومن بقايا فنه مدخل باب العكل للصحن الشريف، وإيوان السيد محمد سعيد الحبوبي في الصحن الشريف كذلك ـ والذي كان سابقاً مغشى بأبدع النقوش الصفوية ـ وواجهات بعض دور النجفيين كدار الحاج مجيد المختار والسيد محمد رضا الرفيعي والحاج عبد المحسن شلاش وغيرهم.

ومن أعلام رواد هذا الفن النابغة العبقري المعمر المرحوم الحاج سعيد المعمار، كان مشهوراً مبرزاً في الهندسة المعمارية ولعل من أروع آثاره الشاخصة مدرسة السيد المرجع محمد كاظم اليزدي الكبرى ذات البناء العجيب والفن الغريب بالنسبة لترتيب الغرف والسراديب وطرق التهوية فيها بشكل لم يسبق إليه وكان هذا الرجل يجيد كل أنواع (المقرنص) من الزخارف المسماة (خردكار).

ومن أعلام الزخرفة أسطة يوسف المعمار وتلميذه أسطه رسول وجعفر الحاج حسين وأخوه.

ومن العوائل التي برز فيها أعلام لهذا الفن آل المعمار ومنهم مطلق المعمار، وآل شكر ومنهم الحاج كريم، وآل علي بيج ومنهم محمد علي، وغيرهم لا أتذكر أسماؤهم. والذي يلفت النظر ويدعو إلى الإعجاب في هؤلاء الذي وردت أسماؤهم والآخرين الذين غربت عن بالي أسماؤهم فلم ترد هنا أنهم حصلوا على هذه الخبرة لا عن دراسة أكاديمية أو تتلمذ في مدرسة معينة وإنما نتيجة ممارسة طويلة من عمرهم في هذا الميدان.

أما الصخور التي تنحت كشواهد للمقابر فإن لها عمالاً خاصين ماهرين، وكانت هذه الممارسة يتداولها أولئك العمال المهرة بشكل دوري وتسمى عندهم (النوبة) وقد توسعت في الأواخر نتيجة ظهور رغبات عند آخرين من الناس.

إلا أن الممارسين الأصليين تتميز نتاجاتهم بالفن الرفيع بسبب العناية الفائقة التي يوليها أولئك حماية للفن من التضعضع والتصدع والنقد.

والذي يقصد مقابر النجف الخاصة والعامة يجد أمامه الأمثلة الجيدة لهذا الفن.

وهناك عوائل عرفت بممارسته وعلى رأس تلك العوائل: آل أبو صيبع حيث كان المرحوم عباس أبو صيبع الأساس في اشتهار العائلة بهذا الفن الذي أورثه ولده خضير من بعده، وهذا بدوره أورثها أولاده وعلى رأسهم الآن الحاج إسماعيل أبو صيبع، وآل مال الله وكان رأس العائلة الحاج حمزة الذي أورث هذا الفن ولده حاج سعيد والذي أورث هو بدوره هذا الفن إلى أولاده كذلك.

ولا يفوتنا أن نذكر عدداً من شبابنا الذين زاولوا النحت على الصخر أو الحفر على الخشب من كتابة إلى زخارف ومنهم الأستاذ سعدي الكعبي والسيد وهاب المرعبي والسيد ذياب علام والسيد أحيمد النجار الذي اختص بالحفر على الخشب.

وبالإضافة إلى الحفر على الخشب الحفر على المعادن، ومن أعلام هؤلاء السيد محمد حسن وولده سليم.

ويجب أن لا ننسى ـ ونحن ندون هذه الأوليات ـ ما يقوم به العمال المصريون المهرة الآن في النجف من إنعاش عن الحفر على الخشب، وعلى نطاق واسع وبشكل لم يعهد له مثيل في تاريخها وقد يكون لهذا العمل تأثيره الكبير على أبناء هذه المدينة في المستقبل إذا تدربوا واتقنوه وتفننوا فيه وطوروه.

إلى هنا نكتفي بعرض هذه اللمحات السريعة من تاريخ وتطور الحركة الفنية في النجف على إنني سأواصل جمع ما تناثر من أسماء أعلام هذه الاتجاهات الفنية التي تقدم الحديث عنها لنكون بذلك حفظنا هذه الأسماء من الضياع تكريماً لها وتقديراً لفنها.

المصدر: مجلة أفاق نجفية العدد 14

الشهيد الأستاذ عبد الرحيم محمد علي

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.