الشيخ مرتضى الأنصاري(قدس سره)
(1214ﻫ ـ 1281ﻫ)
اسمه ونسبه
الشيخ مرتضى ابن الشيخ محمّد أمين ابن الشيخ مرتضى، وينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري(رضي الله عنه).
ولادته
ولد في الثامن عشر من ذي الحجّة 1214ﻫ بمدينة دزفول في إيران.
من أساتذته
الشيخ محمّد حسن النجفي المعروف بالشيخ الجواهري، الشيخ موسى والشيخ علي ابنا الشيخ جعفر كاشف الغطاء، الشيخ محمّد بن حسن المازندراني المعروف بشريف العلماء، الشيخ حسين الأنصاري الدزفولي، السيّد صدر الدين محمّد العاملي، الشيخ محمّد سعيد الدينوري، السيّد محمّد المجاهد، الشيخ أحمد النراقي.
من تلامذته
السيّد محمّد حسن الشيرازي المعروف بالشيرازي الكبير، الشيخ محمّد الإيرواني المعروف بالفاضل الإيرواني، الشيخ محمّد كاظم الخراساني المعروف بالآخوند، الشيخ محمّد طه نجف، الشيخ محمّد جواد الحولاوي ابن الشيخ مشكور، الشيخ حسين النوري الطبرسي، الشيخ محمّد حسن آل محبوبة، السيّد علي أصغر البروجردي، السيّد جمال الدين أسد آبادي، الشيخ محمّد حسن المامقاني، الشيخ حسين قلي الهمداني، السيّد حسين الكوهكمري، الشيخ حبيب الله الرشتي، الشيخ حسن الآشتياني، السيّد مهدي الحيدري، الشيخ جعفر التستري، السيّد جعفر القزويني، السيّد أحمد التفريشي، الشيخ باقر الكاظمي.
مرجعيته
لمّا مرض الشيخ صاحب الجواهر(قدس سره) عام 1266ﻫ مرض الموت، أمر بحضور جميع العلماء عنده، فحضر الجميع ما عدا الشيخ الأنصاري، لمّا بحثوا عنه وجدوه في حرم الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) يدعو لصاحب الجواهر بالشفاء، وعند انتهائه من الدعاء حضر عند صاحب الجواهر، فأجلسه عنده، وأخذ بيده ووضعها على قلبه وقال: «الآن طاب لي الموت».
ثمّ قال للحاضرين: «هذا المرجع من بعدي»، ثمّ قال للشيخ: «قلّل من احتياطاتك، فإنّ الشريعة سمحة سهلة»، وهذا العمل من صاحب الجواهر ليس إلّا لتعريف شخصية الشيخ الأنصاري وأعلميّته، وإلّا فالمرجعية غير قابلة للوصية، فاستلم الشيخ الأنصاري زعامة الشيعة ومرجعيتها عام 1266ﻫ إلى 1281ﻫ.
من أقوال العلماء فيه
1ـ قال أُستاذه الشيخ أحمد النراقي(قدس سره) في إجازته له: «وكان ممّن جدّ في الطلب، وبذل الجهد في هذا المطلب، وفاز بالحظ الأوفر الأسنى، وحظي بالنصيب المتكاثر الأهنى، من ذهن ثاقب وفهم صائب، وتدقيق وتحقيق ودرك عائر رشيق، والورع والتقوى، والتمسّك بتلك العروة الوثقى، العالم النبيل والمهذّب الأصيل، الفاضل الكامل والعالم العامل».
2ـ قال الشيخ حسين النوري الطبرسي(قدس سره): «ومن آثار إخلاص إيمانه وعلائم صدق ولائه ـ أي جابر بن عبد الله الأنصاري ـ أن تفضّل الله تعالى عليه وأخرج من صلبه مَن نصر الملّة والدين بالعلم والتحقيق والدقّة، والزهد والورع والعبادة والكياسة، بما لم يبلغه مَن تقدّم عليه، ولا يحوم حوله مَن تأخّر عنه، وقد عكف على كتبه ومؤلّفاته وتحقيقاته كلّ مَن نشأ بعده من العلماء الأعلام والفقهاء الكرام».
3ـ قال الشيخ عباس القمّي(قدس سره): «الشيخ الأجل الأعظم الأعلم العالم الزاهد، وواحد هذا الدهر وأيّ واحد، خاتم الفقهاء والمجتهدين، وأكمل الربّانيين من العلماء الراسخين، المتحلّي من درر أفكاره مدلهمّات غياهب الظلم من ليالي الجهالة، والمستضيء من ضياء شموس أنظاره خفايا زوايا طرق الرشد والدلالة، المنتهي إليه رئاسة الإمامية في العلم والورع والاجتهاد والتقى، العالم الربّاني، والمحقّق بلا ثاني».
وفاته
تُوفّي(قدس سره) في الثامن عشر من جمادى الثانية 1281ﻫ بالنجف الأشرف، وصلّى على جثمانه السيّد علي الشوشتري، ودُفن في الصحن الحيدري للإمام علي(عليه السلام) في الحجرة المتّصلة بباب القبلة في جوار قبر عديله الشيخ حسين نجف.
معارف الرجال/محمد حرز الدين
الشيخ مرتضى الأنصاري
1214ـ 1281
الشيخ مرتضى بن الشيخ محمّد أمين بن الشيخ مرتضى بن الشيخ شمس الدين بن أحمد بن نور الدين بن محمّد صادق الأنصاري التستري النجفي، ولد في دزفول سنة 1214هـ، كان فقيها أصوليا متبحراً في علم الأصول لم يسمح الدهر بمثله، صار رئيس الشيعة الإمامية وكان يضرب به المثل أهل زمانه، في زهده وتقواه وعبادته وقداسته، وقد أدركت زمانه وشاهدت طلعته ونظرت إلى مجلس بحثه، ورأيته يوما ورجل يمشي إلى جنبه وأتذكر أنه أبيض اللون نحيف الجسم خضب كريمته بالحناء يلبس لباس الفقراء وعليه عباءة صوف غليظة كدرة، وكان مدرساً بارعاً تتلمذ عليه عيون العلماء والأساتذة وحدثوا أنه كان متقنا للنحو والصرف والمنطق والمعاني والبيان وسمع أنه استطرق كتاب المطول للتفتازاني اربعين مرة ما بين بحث ودرس وتدريس، وله في التدريس طريق خاص. وأسلوب فقده معاصروه من طلاقة في القول وفصاحة في النطق وحسن تقريب آراء المحققين وبيان رأي المحتكر من المبتكر، وإبراز المآرب والاستدلال عليها بأحسن بيان وأقطع برهان، فربما خالف الجمهور واتبع الندور لوقوع نظره عليه وانتهاء فكره إليه، ولم يلتزم بنقل الأقوال إلاّ نادراً إن رآه محل الحاجة، وقد جمع بين الحفظ وسرعة الانتقال واستقامة الذهن وقوة الغلبة على من يحاوره حدث ذلك من كنا ملحوظين في زمانه ومنّ الله علينا بمشاهدة عنوانه، وترجمه الأستاذ الشيخ محمّد طه نجف وقال: إنه قرأ المقدمات في دزفول عند عمه الشيخ حسين ـ الذي كان عالماً فقيهاً ـ إلى أن صار ابن عشرين سنة ثم عزم مع والده على زيارة أئمة العراق عليهم السلام حتى وصلا كربلاء ويومئذ كانت الرئاسة العلمية فيها لرجلين السيد محمّد المجاهد صاحب المناهل المتوفى سنة 1242، وشريف العلماء المازندراني المتوفى سنة 1246، وفي ذات يوم زار المترجم له ووالده السيد المجاهد وكان مجلسه مشغولاً ببعض المسائل العلمية واشترك الشيخ المرتضى معهم فأعجب السيد المجاهد وقال السيد من هذا الشاب فأجابه والده الشيخ محمّد أمين هو ابني فقال له المجاهد امض لشأنك ـ بعدما تقضي وطراً من زيارتك ـ ودعه هنا يشتغل بطلب العلم فإن له مستقبلا باهراً لتفرسه فيه النبوغ، فامتثل أمر السيد وأبقاه في كربلاء ولم يزل يحضر عنده وشريف العلماء إلى أربع سنين حتى محاصرة أهل كربلاء من قبل داوود باشا العثماني سنة 1241هـ لإخضاعهم للسلطة التركية، فخرج العلماء وأهل العلم وجملة من المجاورين العزل إلى بلد الكاظمية ومعهم المترجم له، وبعد مضي أيام من وصوله إليها عاد إلى دزفول وأقام هناك ما يقرب من سنتين ثم رجع إلى العراق مهبط العلوم والحضارات لتكميل دروسه وأقام في كربلاء سنة يحضر على أستاذه شريف العلماء حيث أن المجاهد توفي، وبعد قليل هاجر إلى بلد العلم والاجتهاد النجف وحضر فيها على الفقيه الشيخ موسى بن الشيخ جعفر الغروي صاحب كشف الغطاء حدود السنتين، ثم سافر إلى خراسان لزيارة الإمام الرضا(ع) ، وجعل طريقه على بلدة كاشان في أيام رئاسة الملا أحمد النراقي صاحب المناهج ثم أقام بها حدود الثلاث سنين مشغولاً بالبحث والتصنيف وكان النراقي يحب المذاكرة معه لأنه وثيق بفضله الجم حتى حكى عن النراقي قدس سره أنه قال: لقيت في أسفاري إلى الأقطار ـ خصوصاً في سفري إلى مجاهدي بني الأصفر ـ خمسين عالماً مجتهداً لم يكن أحدهم مثل الشيخ المرتضى وكانت له مع النراقي صحبة ويروى أنه حضر عنده وحصل بينهما جدال في مسألة وطال النزاع بينهما وبالوقت كان يكرمه ويحترم مقامه، ثم سافر إلى خراسان وأقام بها أشهراً، ثم رجع إلى أصفهان وأقام بها خمسة وعشرين يوماً أيام رئاسة السيد محمّد باقر الرشتي صاحب مطالع الأنوار والشيخ محمّد إبراهيم الكلباسي صاحب الإشارات، وقيل إن الكلباسي ألح عليه بالمقام فأجابه بأن لي ضالة في عراق العرب فإن لم اظفر بها رجعت لبلدكم هذا، وضالته تحصيل الاجتهاد على علماء النجف، وحدث جماعة من الثقات المعاصرين أنه حضر على السيد محمّد باقر وطلب الإجازة منه وامتنع الرشتي لعدم إحاطته بعلم الرجال يومئذ، ثم خرج من أصفهان مدة، قيل وعاد إليها لذلك، ولم يذكر الراوي أنه أجازه بعد رجوعه انتهى ورجع إلى وطنه وبقي خمس سنين ثم عزم على الخروج منه مختفياً من أهله لئلا يمنعوه فقدم العراق سنة 1249هـ وأقام في النجف الأشرف، وكانت الرئاسة العلمية لرجلين الفقيه الشيخ علي نجل كاشف الغطاء وصاحب الجواهر وكان أولهما أشخصهما، وأخذ المترجم له يتردد إلى مدرستهم للحضور ثم ترك الحضور واستقل للتدريس والتأليف، وفي سنة 1253هـ توفي أولهما وأصبح للمترجم له ظهور علمي، وفي سنة 1266هـ توفي ثانيهما وانتهت إليه رئاسة الإمامية على الإطلاق وأطبقت الشيعة الإمامية على تقليده في شرق الأرض وغربها إلاّ نادراً، وكان عالي الهمة أبياً، ومن علو همته أنه كان يعيش عيشة الفقراء ويبسط البذل على الفقراء والمحتاجين سراً، وقال له بعض أصحابه إنك مبالغ في إيصال الحقوق إلى أهلها فأجابه ليس لي بذلك فخر ولا كرامة إذ من شأن كل عامي وسوقة أن يؤدي الأمانات إلى أهلها وهذه حقوق الفقراء أمانة عندي، وحدث أيضاً بعض تلاميذه أنه كان يأنف من التناول من حقوق الفقراء في شيء مع كونه مصداقاً، وكان أقل ما يجلب إليه من الحقوق في كل سنة عشرون ألف تومانا ـ في زمان قلة النقد ـ ومع هذا توفي فقيرا، وقام بنفقة عياله ومصرف فاتحته ستة أيام رجل نجفي من أهل المجد والشرف والدين، وحدثنا الأستاذ الميرزا حسين الخليلي عن تركته المنقولة وأنها بيعت في الصحن بسبعين قراناً ناصرية وفي بعض تعداد تركته المبيعة في وصيته قال (ره): القدر وقف والرقعة لنا، وحدث الأستاذ الشيخ ميرزا حبيب الله الرشتي تلميذه أنها خمسة وسبعون قرانا وآخر انها خمسة وعشرون والصواب الأول لعثورنا على القائمة.
تلامذته الأكابر:
تتلمذ عليه عيون أهل الفضل ومعظمهم صاروا مراجع تقليد ورؤساء منهم السيد ميرزا محمّد حسن الشيرازي، والسيد حسين الكوهكمري، والأساتذة الميرزا حبيب الله الجيلاني، والملا محمّد الإيرواني، والشيخ محمّد طه نجف، والشيخ محمّد الشرابياني، والشيخ حسن المامقاني، وحضر عليه السيد محمّد بن السيد هاشم الهندي، والشيخ محمّد بن الميرزا موسى اللايجي، والميرزا أبو القاسم الكيلاني، والشيخ محمّد تقي الكلبايكاني، والشيخ منصور الشميسي.
مؤلفاته:
* كتاب المكاسب .
* كتاب الطهارة .
* كتاب الصوم .
* كتاب الزكاة والخمس .
* كتاب الصلاة .
* كتاب الفرائد في علم الأصول .
* كتاب أصول الفقه .
* رسالة في الرضاع .
* رسالة في التقيّة .
* رسالة في القضاء عن الميت .
* رسالة في حجية الظن والقطع .
وفاته:
توفي في النجف بداره في محلة الحويش في منتصف ليلة السبت 18 جمادى الثانية سنة 1281هـ وغسل على ساحل بحر النجف غربي البلد.
نصبت له خيمة هناك وهي أول خيمة رأيناها نصبت في هذا الشأن، وهاج الناس بجميع طبقاتهم من كل جانب ومكان لتشييع جثمانه حتى اتصل السواد من سور النجف إلى ساحل البحر، ولم يكن له (قده) قرابة وجيه في البلد سوى تقاه وعلم الجم الذي كان يضيء. لمثل هذا فليعمل العاملون، وكان عقبه بنتين لا ولد له. ودفن يوم السبت في دكة الحجرة التي دفن بها الشيخ حسين نجف والشيخ محسن خنفر العفكاوي على يسار الداخل إلى الصحن من الباب القبلي المعروفة بباب السوق الصغير ورثته الشعراء وأهل الفضل، ورثاه وأرخ عام وفاته بعض من جاز مرتبتي الفضيلة والأدب بقوله:
رعاك الهدى أيها المرتضــى وقل بأني أقول رعـــــــــــــاك
أقمت على باب صنو النــبي وجبريل قد خط فيه ثــــــــراك
فأصبحت باباً لعلم الوصــــي وهل باب علم الوصي ســواك
كأنك موسى على طـــــوره تناجي به الله لما دعـــــــــاك
وليس كطورك طور الكليـــم ووادي طوى منه وادي طواك
طوى الشرع من يوم تاريخه (حوى الدين قبرك إذ قد حواك)
سنة 1281هـ
المصادر:
1. معارف الرجال ج2 ص399 ـ 404 .
2. الشيخ الأنصاري وتطوّر البحث الأصولي ص29 ـ 68 .
3. معجم رجال الفكر والأدب في النجف ج1 ص187 .
4. مقدمة المكاسب تحقيق السيِّد محمَّد كلانتر ج1 ص37 ـ 38 .
5. أعيان الشيعة ج10 ص118 .
6. معارف الرجال ج2 ص400 ـ 403 .