(18) ذي الحجة.. عيد الغدير الأغر

eid_ghadeer_s

(18 ذي الحجة)
عيد الغدير الأغر (بيعة غدير خم):

في هذا اليوم (18 ذي الحجة) سنة (10هـ)، عقد رسول الله (ص) لمولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) العهد بالإمامة في رقاب الأمة كافة، وذلك بغدير خم، عند مرجعه من حجة الوداع، حين جمع الناس فخطبهم ووعظهم، ونعى إليهم نفسه(ع)، ثم قررهم على فرض طاعته حسب ما نزل به القرآن، وقال لهم أثر ذلك: (فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)، ثم نزل فأمر الكافة بالتسليم عليه بإمرة المؤمنين تهنئة له بالمقام، وكان أول من هنأه بذلك عمر بن الخطاب فقال له: بخ بخ يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.

وقال في ذلك اليوم حسان بن ثابت شعراً:

يناديهم يوم الغدير نبيهم           بخم فأسمع بالرسول مناديا
يقول علي مولاكم ووليكم       فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا
إلهك مولانا وأنت نبينا               ولم تر منا في الولاية عاصيا
فقال له قم يا علي فإنني      رضيتك من بعدي إماماً وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه        فكونوا له أنصار صدق مواليا
هناك دعا اللهم وال وليه          وكن للذي عادى علياً معاديا

 وأنزل على النبي(ص) عند خاتمه كلامه في الحال الآية الكريمة: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً).

وهو يوم عيد عظيم بما أظهره الله تعالى من حجته وأبانه من خلافة وصي نبيه وأوجبه من العهد في رقاب بريته، ويستحب صيامه شكراً لله تعالى على جليل النعمة فيه.

وقال المفيد: لما قضى رسول الله(ص) نسكه أشرك علياً (ع) في هديه، وقفل إلى المدينة وهو معه والمسلمون حتى انتهى إلى الموضع المعروف بـ (غدير خم)، وليس بموضع إذ ذاك للنزول لعدم الماء فيه والمرعى، فنزل(ص) في الموضع ونزل المسلمون معه.

وكان سبب نزوله في هذا المكان نزول القرآن عليه بنصبه أمير المؤمنين (ع) خليفة في الأمة بعده، وقد كان تقدم الوحي إليه في ذلك من غير توقيت له، فأخره لحضور وقت يأمن فيه الاختلاف منهم عليه، وعلم سبحانه أنه إن تجاوز غدير خم انفصل عنه كثير من الناس إلى بلادهم وأماكنهم وبواديهم، فأراد الله تعالى أن يجمعهم لسماع النص على أمير المؤمنين (ع) تأكيداً للحجة عليهم فيه، فأنزل جلت عظمته عليه: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك)، يعني استخلاف علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (ع) والنص بالإمامة عليه (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس)…

فنزل رسول الله (ص) المكان (غدير خم) ونزل المسلمون حوله، وكان يوماً قائظاً شديد الحر، فأمر (ع) بدوحات هناك فقم ما تحتها، وأمر بجمع الرحال في ذلك المكان ووضع بعضها على بعض، ثم أمر مناديه فنادى في الناس بالصلاة.

فاجتمعوا من رحالهم إليه، وإن أكثرهم ليلف رداءه على قدميه من شدة الرمضاء، فلما اجتمعوا صعد عليه وآله السلام على تلك الرحال حتى صار في ذروتها، ودعا أمير المؤمنين (ع) فرقي معه حتى قام عن يمينه، ثم خطب الناس فمحمد الله وأثنى عليه، ووعظ فأبلغ في الموعظة، ونعى إلى الأمة نفسه، فقال عليه وآله السلام: (إني قد دعيت ويوشك أن أجيب…وإني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض).

ثم نادى بأعلى صوته: (ألست أولى بكم منكم بأنفسكم)؟ فقالوا: اللهم بلى، فقال لهم على النسق، وقد أخذ بضبعي أمير المؤمنين(ع) فرفعهما حتى رئي بياض أبطيهما وقال: (فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه…).
ثم نزل(ص) ـ وكانت وقت الظهيرة ـ فصلى ركعتين، ثم زالت الشمس، فأذن مؤذنه لصلاة الفرض، فصلى بهم الظهر، وجلس(ص) في خيمته، وأمر علياً أن يجلس في خيمة له بإزائه، ثم أمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً ويسلموا عليه بإمرة المؤمنين، ففعل الناس ذلك كلهم، ثم أمر أزواجه وجميع نساء المؤمنين معه أن يدخلن عليه ويسلمن عليه بإمرة المؤمنين ففعلن.

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *